مصرع 8 أشخاص في انقلاب حافلة للمسافرين    مقاييس التساقطات المطرية المسجلة خلال ال 24 ساعة الماضية    قاضي التحقيق بمراكش يأمر بسجن أستاذ جامعي بتهمة الاتجار في الدبلومات    مركز يجود صيانة مواقع الفوسفاط    جديد رخص استكشاف الغاز بالمغرب    ترامب: سوريا "أبدت استعداداً" للتطبيع    اللواء الخفيف للأمن يحتفي بالجيش    "النباوي" يجري مباحثات مع النائب العام رئيس المجلس الأعلى للنيابة العامة بجمهورية الرأس الأخضر    المغرب يقترب من فرض رقابة قانونية على منصات التواصل الاجتماعي لحماية المجتمع    استنفار الدرك الملكي بعد العثور على 20 كيلو من الكوكايين على شاطئ    صرخة فنانة ريفية.. اعتزال "مازيليا" بسبب الوسخ والاستغلال في كواليس الفن    المغرب يظفر بتنظيم المؤتمر العالمي لطب الأطفال لعام 2029: تتويج لمكانة الطب المغربي في الساحة الدولية    اتحاد طنجة سيتوصل بمنحة مالية تصل ل140 مليون سنتيم    تقرير رسمي: الفلاحة الصغيرة استفادت من 14 مليار درهم كدعم مقابل 100 مليار درهم للفلاحين الكبار    "ترانسافيا" تطلق 14 خطا جويا جديدا بين المغرب وفرنسا لتوفير 130 ألف مقعد إضافي سنويا    الذهب ينخفض مع انحسار المخاوف بشأن الأزمة التجارية    لجنة العدل والتشريع بالنواب تصادق على مشروع قانون المسطرة الجنائية    وزارة التربية الوطنية تفرض عقودا مكتوبة لتنظيم العلاقة بين التعليم الخصوصي والأسر    مجلس فاس يقر عقدا مؤقتا للنقل الحضري ويستعد لاستلام 261 حافلة جديدة    رحيل "أفقر رئيس في العالم".. موخيكا الماركسي الذي زرع قيم العدالة وكسب حب الملايين    بنسعيد: لم يسبق لي أن تابعت أي صحافي قضائيا.. والنقاش حول شرعية اللجنة المؤقتة شأن داخلي    جامعيون وخبراء مغاربة وأجانب يلتقون في المحمدية لاستجلاء الفكر الإصلاحي عند العلامة علال الفاسي وإبراز مختلف أبعاده التنويرية    المغرب يستضيف مؤتمر وزراء الشباب والرياضة للدول الفرنكوفونية    "كورفا سود" تهاجم تسيير الرجاء : "موسم للنسيان.. ويجب الإسراع في عقد جمع استثنائي"    توتر أمني في طرابلس يجمد مباريات الدوري الليبي.. والهلع والارتباك يُخيمان على اللاعبين المغاربة    دياز في قلب مشروع المدرب الجديد لريال مدريد    باناثينايكوس يتردد في صفقة أوناحي    طقس الأربعاء.. أمطار مرتقبة في الريف والأطلس والشرق مع احتمال صواعق رعدية    جماهير الجيش الملكي تحتج على تأجيل مباريات كأس العرش    المخرج روبرت بينتون يفارق الحياة عن 92 عاما    ردا على طرد موظفين فرنسين من الجزائر.. باريس تستدعي القائم بالأعمال الجزائري وتتوعد بالرد بالمثل    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    رُهاب الجزائر من التاريخ    الاتحاد الأوروبي يفرض حزمة عقوبات جديدة على روسيا    العدالة ترفض السراح لمتهم في قضايا عقارية بالحسيمة    الإمارات تُجدد حضورها في موسم طانطان الثقافي بالمغرب: تظاهرة تراثية تجسّد عمق الروابط الأخوية    صفقة القرن الدفاعية: الولايات المتحدة والسعودية توقعان أكبر اتفاقية تسليح في التاريخ بقيمة 142 مليار دولار    المغرب يحقق المعادلة الصعبة: تكلفة إنتاج السيارات الأقل عالميًا ب106 دولارات فقط للعامل الواحد    رفع كسوة الكعبة استعدادا لموسم الحج    المغرب في تصنيف التنمية البشرية لعام 2023: نقطة جيدة وانتظارات قوية    الأمم المتحدة تدعو مجلس الأمن إلى التحرك "لمنع وقوع إبادة" في غزة    كسوة الكعبة المشرفة ترفع 3 أمتار    عندما تتحول القرارات السياسية من حسابات باردة إلى مشاعر مُلتهبة    السكوري: الحكومة تتطلع إلى مواصلة تحسين مؤشرات التشغيل لخفض البطالة إلى مستويات معقولة خلال السنة الجارية    مَأْزِقُ الإِسْلاَمِ السِّيَاسِي    المجلس الوزاري: حول الأسماء والأشياء!    حكم جديد.. 3 ملايين ونصف تعويضاً لسيدة عضها كلب    أزمة دواء اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه في المغرب.. يفاقم معاناة الأسر في صمت    دراسة من هارفارد: شرب الماء الكافي يعزز التركيز الذهني ويقلل التعب والإرهاق    غزة تحاصر كان.. 380 فنانًا يتهمون إسرائيل بالإبادة    المجنونة المتحرِّشة بالنساء الحوامل    لتضيء نضالات الأمس دروب الغد    مشكلة الوعي الزائف وشروط امكان الوعي الحقيقي    الأغذية فائقة المعالجة تهدد بأعراض "باركنسون" المبكرة    ماذا نعرف عن أسباب وأعراض متلازمة مخرج الصدر؟    عامل إقليم الدريوش يترأس حفل توديع حجاج وحاجات الإقليم الميامين    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كشف الأقنعة ..

أستغرب كيف تمكن بعض الكتاب ممن يَصِفُونَ أنفُسهم بالروائيين خلال الأيام الأولى من بداية ما يسمى بالجائحة من كتابة رواية عن "حقيقة" الوباء وتعالقاته المختلفة؛ وإحراجاته الصحية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية. وكيف تمكن هؤلاء من كتابة وطبع عمل روائي؛ والإدعاء بنفاذ طبعته الأولى في ظل الحجر الصحي وعوائق الطبع والتوزيع، بل وحتى النشر الرقمي والقراءة والتلقي النقدي. علمني أستاذي المرحوم الدكتور محمد أنقار؛ أن استسهال الكتابة في الأجناس الأدبية والتعبيرية، مرده غياب وعي أصيل بطبيعة الجنس التعبيري ومرجعياته وممكناته. الكتابة الشبيهة بلعبة المرايا بمنظور خورخي لويس بورخيص Jorge Luis Borges تتطلب مكابدة ومجاهدة وطاقة استتنائية، لكونها تفكيك للإنسان وعالمه الثقافي ( ينظر كتاب د. عبد الرزاق الدواي الموسوم ب:" موت الانسان" الصادر عن دار الطليعة بيروت الطبعة الأولى 1992).
وليس المراد من هذا القول أن الكتابة السردية هي الكتابة وفق سنن ومعهود الكتابة على شاكلة كتاب مثل إرنست ميلر همينغواي Ernest Miller Hemingway ، أو مارغريت دوراس Marguerite Duras أو صنع الله ابراهيم، أو غيرهم من الكتاب الأصلاء، بل الإحاطة بداية بفن الرواية كفن سردي مخصوص، وامتلاك رؤية عميقة للعالم ولمتخيل الكتابة والقدرة على تشكيل عوالم مكتملة تتسم بالثراء. والدهشة الجمالية، وخصوبة الإبدالات الدلالية. فكيف السبيل إلى رواية ترصد مختلف الاختلالات، وتنافس سطوة الصورة التي تقدم العالم جاهزا دون عناء القراءة أو التفكير، وكيف تستطيع الرواية نقل، أو تخييل هذا القدر الكبير من الألم الذي يكشفه معهود الحياة اليومية، وكيف يمكن كتابة رواية عن هذا الجيل الذي عاش هذا الوباء ما بعده، وكيف يمكن تجنب الاستنساخ المهيمن في الوسائط الرقمية، والكتابات السطحية ل" الكاتب" الأجوف الذي تمجده دور النشر الهجينة؟ وكيف يمكن للرواية مقاومة العماء الذي يتربص بنا؟
تعلمني مختلف المدارس الأدبية مثل "جماعة 47 الأدبية الألمانية Gruppe 47 " (كانت تضم أدباء مثل ألفرد أنْدِرش Alfred Andersch، كونتر غراس Günther Grass)، أن الرواية التي تفتقد للجوهر الإنساني، وللمساءلة العميقة، لا يمكن وصفها بالرواية، بل مجرد فسحة سردية. هذه السطحية هي ما يحقق لها شهرتها وسطوتها ( أشير هنا على سبيل الذكر إلى رواية باولو كويلو Paulo Coelho الموسومة ب:" حاج كومبوستيلا O Diário de um mago. الرواية تمنح الإنسان القدرة على التجدد والإحساس بالعالم، ورصد مختلف تحولاته والخروج من الحياة النسقية؛ والبحث عن العالم المركب والقدرة على تلمس الوجه الجديد للعالم. وعلاقة الكاتب بالعالم ليست خطية ولا أحادية أو طبقية، ففي الوقت الذي كان هوميروس Homeros يتغنى سرديا بالبطولة الارستقراطية كان هِسْيُود Hesiod يمتدح الفلاحين البسطاء. الرواية وفق هذا المنظور هي تجميع التفاصيل وتفجيرها من الداخل والابتعاد على التطابق والحوارية والتفاعل الخلاق والاحتفال بالصدفوي. وقد تكون استعادة واقعية أو متخيلة للطفولة، أو دفاعا عن مشروعية الحب بين الرجل الشيخ والفتاة العشرينية في رواية " رجل عاشق" للكاتب الألماني مارتن فالزر Martin . بيد أن الكتابة السردية "المعتقلة" في سجل الواقعية الحرفية، هي تصحيف، وإعادة إنتاج المحكي الواقعي (الوباء وما شاكله)، وهي بذلك تلغي أهم خاصية في الكتابة السردية وهي التخييل بوصفه ضرورة جوهرية ؛ إذ ليست الإمكانية العقلية وحدها البعد الوحيد لوجودنا بتعبير جورج بطاي، وليست الكتابة السردية مجرد استراتيجيات لوغوسية، بل هي إعادة أمكنه العالم عبر التوسطات الرمزية( ينظر كتاب الدكتور عبد الرحيم جيران المعنون ب" سراب النظرية، دار الكتاب الجديد المتحدة، بيروت لبنان، الطبعة الأولى 2013).
يمكن كتابة رواية عظيمة بكلمات بسيطة كما نجد لدى يوكيو ميشيما Yukio Mishima، ويمكن للأحاسيس المرهفة أن تصنع أدبا رفيعا كما نجد لدى الأديبة الأفغانية "فوزية رهكرز. ولا تعني الكتابة السردية – في تقديري- التخلص النهائي من السجل الواقعي، بل قد تكون استثمارا له ورصدا لتحولات الإنسان في العمر ولعلاقاته الشخصية كما نجد في رواية" الجريمة الكاملة Le crime parfait" ل:بيتر جميس Peter James التي ترصد الحياة الزوجية للفاتنة جوان سمايلي، وفيكتور الذي أصيب بالسكري وأصبح أصلع. و بعد عشرين عامًا من الزواج، لم يعد بإمكانهما تحمل بعضهما البعض. فقرر كل منهما القضاء على الآخر. اختار فيكتور التسمم ب"السيانيد(HCN)" الموجود في بعض اللوحات بأبخرة قاتلة، وأرادت جوان جعل زوجها يتناول جرعة زائدة من السكر ، لكنها أجبرت على تغيير الخطط في اللحظة الأخيرة وحطمت رأس فيكتور بمطرقة وما سيأتي بعد هذه الحادثة هو الأهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.