السبّاح الصيني تشن سووي يعبر مضيق جبل طارق بين طريفة وطنجة في إنجاز فريد بعمر 57 عامًا    مجد من المغرب يشارك في سباق قوارب التنين في نانتشانغ: تجربة مشوقة في قلب تقاليد مهرجان القوارب التنينية    تفكيك شبكة متورطة في تزوير معطيات تقنية ولوحات ترقيم السيارات بوجدة    أكثر من مليون مسلم يبدأون مناسك الحج تحت شمس حارقة في مكة المكرمة    احتجاج نقابي أمام المجلس الوطني للصحافة للمطالبة بإنصاف مناضلتين مطرودتين    توقعات الأرصاد الجوية لطقس اليوم الأربعاء بالمملكة    تشييع جثمان الراحل عبد الحق المريني بحضور صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد    غياب دياز عن وديتي تونس وبنين والزلزولي يثير الشكوك    نائب رئيس جماعة الجديدة يُشرف على فتح أظرفة مشاريع تهيئة البنيات التحتية للمدينة    لقاء المغرب وتونس بشبابيك مغلقة    أجواء حماسية بتداريب أسود الأطلس    الوداد يعسكر في "مدرسة لاندون"    فيديو الاعتداء على سيارة نقل العمال بطنجة يقود إلى توقيف المتورط الرئيسي    قنينة غاز تتسبب في حريق داخل منزل بالمدينة القديمة لطنجة    لقاء دبلوماسي رفيع بين سفيري باكستان والصين في الرباط يؤكد على التعاون الاستراتيجي وتحذير بشأن اتفاقية المياه    ODT تقود وقفة الكرامة بالإذاعات الجهوية: وحدة الصف المهني في مواجهة التحديات    800 سنة من الصداقة .. المغرب وبريطانيا يرسمان ملامح شراكة مستقبلية واعدة    السبّاح الصيني تشن سووي يعبر مضيق جبل طارق بين طريفة وطنجة في إنجاز فريد بعمر 57 عامًا    تزامنا واقتراب عيد الأضحى.. الدجاج يصل ل40 درهماً بأسواق الناظور            البرلمان البيروفي يحتفي برئيس مجلس المستشارين ويجدد دعمه لمغربية الصحراء    البرلمان البيروفي يوجه صفعة دبلوماسية للبوليساريو ويدعو إلى تصنيفها منظمة إرهابية    من المغرب إلى المشاعر المقدسة.. "طريق مكة" ترسم رحلة الطمأنينة للحجاج المغاربة    جهة طنجة تحتل المرتبة الثانية وطنياً في إحداث المقاولات خلال الربع الأول من 2025    دبي تحتضن أول مستشفى لأكديطال    تورك: استهداف المدنيين "جريمة حرب"    "النفايات أسقطت حكومات".. وزيرة تحذّر من تعثر مشاريع للأزبال المنزلية    ألمانيا .. السجن مدى الحياة لسوري قاتل دعما لحكم الأسد    يوميات حاج (4): السعي .. درب الخوف واليقين بين الصفا والمروة    عطلة استثنائية للبنوك بمناسبة عيد الأضحى    خروف يتسبب في سحب رخصة الثقة من سائق طاكسي    دعوات للاحتجاج ليلة عيد الأضحى بطنجة تضامنا مع الشعب الفلسطيني بغزة    الناظور.. نفاد حقنة تحمي الرضع من أمراض الرئة    السكن.. التمويل التشاركي يصل إلى 26.2 مليار درهم في نهاية شهر أبريل (بنك المغرب)    شريف شادي يطرح قريبا: واش راك لاباس، بين يدي جمهوره    قطارات بلا تكييف ومشروع جديد في سيدي البرنوصي يلوح في الأفق    الدكتورة إمان اضادي منسقة ومنظمة المؤتمر الدولي للغة العربية وتراثها المخطوط بفاس للاتحاد الاشتراكي    وداعا سميحة أيوب .. سيدة المسرح العربي ترحل واقفة    جامعة محمد الأول تنفي "الفضيحة البيداغوجية": مزاعم باطلة و"الحركية الدولية" خيار مشروع    توقيف ثلاثة قاصرين بسبب السياقة المتهورة بسلا    انسحاب حزب فيلدرز بسبب خلاف حول الهجرة يهدد استقرار الحكومة الهولندية بعد 11 شهراً على تشكيلها    الفنانة سميحة أيوب تغادر بعد مسيرة فنية استثنائية    مهرجان "أرواح غيوانية" يواصل فعالياته ببنسليمان بمشاركة أبرز رموز الأغنية الغيوانية    35 ألف متفرج و520 كاميرا مراقبة.. مركب فاس جاهز لاستضافة المباريات الدولية    وفاة الفنانة سميحة أيوب "سيدة المسرح العربي" عن عمر 93 عاماً    مروان سنادي: حققت حلمي بارتداء القميص الوطني وعندما سمعت اسمي ضمن اللائحة شعرت بفرح كبير    تصريحات نارية للاعبين والطاقم التقني للمنتخب التونسي قبل مواجهة المغرب        بوانو: الحكومة صرفت 61 مليارا على القطيع دون نتيجة وينبغي محاسبتها على حرمان المغاربة من الأضحية    السينما المغربية تتألق في مهرجان روتردام    مقتل 3 جنود إسرائيليين في قطاع غزة    محمد الأمين الإسماعيلي في ذمة الله    السعودية: إخراج أكثر من 205 آلاف شخص من مكة حاولوا الحج بدون تصريح    السجائر الإلكترونية المستخدمة لمرة واحدة تهدد الصحة والبيئة!    معهد للسلامة يوصي بتدابير مفيدة لمواجهة حرارة الصيف في العمل    البرازيل تحقق في 12 إصابة جديدة مشتبه بها بإنفلونزا الطيور    مخترع حبوب الإجهاض الطبي يغادر دنيا الناس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وجهة نظر: قراءة سريعة في رسالة عبد الله الشيباني إلى عبد الإله بنكيران
نشر في لكم يوم 06 - 11 - 2012

أول ملاحظة: هل هي رسالة الشيباني وحده أم رسالة جماعة العدل والإحسان؟ رغم أن كاتب الرسالة يحاول إعطاءها صفة المبادرة الشخصية من واجب النصح، بحيث لا تعبرعن موقف رسمي للجماعة، فإنها تعبر على الأقل عن مزاجها في الوقت الحالي.
أول ملاحظة: هل هي رسالة الشيباني وحده أم رسالة جماعة العدل والإحسان؟ رغم أن كاتب الرسالة يحاول إعطاءها صفة المبادرة الشخصية من واجب النصح، بحيث لا تعبرعن موقف رسمي للجماعة، فإنها تعبر على الأقل عن مزاجها في الوقت الحالي.
سنحاول في بضعة سطور، رصد بعض نقطها الإيجابية من جهة وتسجيل ملاحظات أو مؤاخذات من جهة أخرى، وطرح أسئلة لامستها الرسالة أو أغفلتها، دون الزعم بإلمام شامل بأسباب النزول ودون الإغراق في التأويل.
الرسالة طويلة، وخاصة في النصف الأول الذي يتضمن العودة لمحطات من تطور ما يسمى الحركة الإسلامية في المغرب، حسب منظور كاتبها.
إن التوضيح الذي أتت به الرسالة كتذكير بموقف الجماعة من المشاركة السياسية في ظل المؤسسات الرسمية وبالخصوص من تجربة دخول حزب العدالة والتنمية للحكومة، كان ضروريا ومفيدا، خاصة لرفع اللبس بعد زيارة التهنئة التي قامت بها الجماعة لرئيس الحكومة على إثر انتخابه مرة أخرى أمينا عاما لحزبه، فجاءت الرسالة لتؤكد أن الزيارة زيارة مجاملة فقط ولا تمهد لشيئ. لكن ماذا بعد؟ هل هناك جديد يذكر في استراتيجية الجماعة ؟ الرسالة لا تفصح عن ذلك.
أعادت الرسالة التذكير بأمر بالغ الأهمية وهو الفرق بين التدين الفردي وواجب تحمل المسؤولية على أحسن وجه، لأن الأول لا يقوم مقام الثاني، ولا ينفع الناس في شيئ، بل يصبح في كثير من الأحيان واجهة يتستر بها صاحب المسؤولية للتغطية على عجزه أمام قوى الفساد التي وعد الناس بمقاومتها عندما كان يقوم بحملته الانتخابية. إن الوزير الذي لا يختلس المال مباشرة ولكنه يتستر عن الفساد بكل أنواعه يعتبر مع ذلك حليفا لجريمة الفساد، والجملة المتداولة "على الأقل فلان لا يسرق" ما هي إلا خدعة لاستمالة البسطاء. إنها أحدى تجليات الشعبوية التي أغرقت البلاد والتي يعتبر بنكيران أحد أبطالها، غير أن خطاب الرسالة لم يسلم من الشعبوية أيضا، سنأتي على بعض الأمثلة لاحقا.
من ناحية أخرى،ذكرت الرسالة كلمة الحرية ولكنها مع الأسف لم تتضمن كلمة الديمقراطية، وطغى عليها القاموس التقليدي.
يطرح الشيباني على مخاطبه، من باب التعجيز ربما، هذا السؤال:" هل الملك الوراثي من الإسلام؟ " هذه الصيغة في طرح السؤال تظهر أن اجتهاد الجماعة لم يستوعب أنه من الناحية النظرية على الأقل، في إطار نظام الملكية البرلمانية الرمزية حيث يسود الملك ولا يحكم، وهو نظام قائم في بلدان ديمقراطية جدا، المُلك وحده وراثي ولكن الحُكم ليس وراثيا، ومن يرث الملك لا يرث الحكم، وهذا لم يكن معروفا في الماضي قبل أن تتنوع أنماط الحكم عبر العالم.
ومن هنا فإن السؤال المطروح وبهذه الصيغة الشمولية المبسطة يفقد كثيرا من جدواه ويقفز على كون المقاصد أكثر أهمية من الأشكال. إن استيعاب التجارب البشرية وقراءة الحاضر بأدوات الحاضر ليس تنكرا للموروث الإسلامي الذي يتوخى العدل والإنصاف أولا وقبل كل شيئ.
في نفس السياق، استعمال مصطلح دولة القرآن لا يزيد الأمور إلا غموضا، لأنه قد يعطي الانطباع بأنه من لم ينخرط تحت مظلته فهو يستحق الإقصاء. ما هي دولة القرآن أصلا ؟ أليس المنطق الاحتكاري للمفاهيم الكبرى هو نفسه الذي كان حاضرا عندما نشأت حركة أطلقت على نفسها اسم "حركة لكل الديمقراطيين" ؟ تلك حكاية أخرى...
طبعا لكل أحد الحرية كفرد أو في إطار التنظيمات والمؤسسات أن تكون له قناعاته، بل إن الملكيات البرلمانية الأوربية كلها تستوعب دون غضاضة أحزابا جمهورية تتواجد في الحقل السياسي لا يمنعها مانع بل يحميها القانون كما يحمي غيرها، كما أن الأنظمة الجمهورية الأوربية مثلا لا تمانع في تواجد تيارات لا زالت تحن إلى النظام الملكي وأمجاده.
هذه القراءة الإيديولوجية تقابلها في نفس الرسالة قراءة واقعية جدا تعبر عن قناعة صاحبها بكون النظام غير قابل للإصلاح، ومن ثم يأتي نصحه لبنكيران بتقديم استقالته بعد أن قبِل أن يصبح مُحاطا بطبقات سميكة من الخطوط الحمراء وضعها القصر من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وشماله، وأضاف له جرعات من الإهانة يسقيه إياها بانتظام منذ أن أسْرِي به فجرًا إلى ميدلت ليتولى زمام رئاسة الحكومة بدل أن تأتيه طيِّعة مُستحقة إلى عاصمة الحكم.
وهنا لا بد للإشارة إلى أن ردود الفعل التي صدرت في الأيام الأولى بعد نشر الرسالة على صفحات المواقع الرقمية وخاصة تلك الصادرة عن مناصري بنكيران، تناولت كل شيء وعابت على كاتب الرسالة كل شيء ولكنها لم تتناول الجوهر وهو الفساد ثم الفساد، الذي سردت الرسالة بعضا من تجلياته، فلم تجب تلك الردود عن مهزلة صلاة البيعة وطقوسها المذلة، ولم تجب عن مضمون كتاب الملك المفترس، الذي لو افترضنا أن مضمونه صحيح بنسبة 10 في المائة فقط لقامت الدنيا ولم تقعد إن كانت هناك حقا إرادة للإصلاح، فما بالك ولم يصدر ولو تكذيب واحد لما تناوله من فضائح، و لم يُفتح أي تحقيق ولو لأجل التمويه، كما لم يصدر تكذيب واحد لما نشره موقع ويكيلكس عن استفحال الفساد تحت الرعاية السامية.
بعبارة أخرى، ولكي نستعمل نفس المنظومة اللغوية التي يتقنها كاتب الرسالة ومخاطَبه على السواء، لقد ذكّرت الرسالة أن الفساد بأشكاله وألوانه في المغرب متفق عليه أكثر من صحيح البخارى، وكون الفساد له حماية من القصر الملكي أمر متفق عليه أكثر من صحيح مسلم. ألم يكتب حامي الدين نفسه عن التزوير والتحريف الذي مس الوثيقة الدستورية نفسها في مقال بعنوان دستور الإرادة الشعبية ودستور المطبعة الرسمية؟ ألم يصرخ بنكيران متحدثا عن أعمدة القصر،الماجيدي والهمة – أي قارون و هامان العصر الحالي -: إنهم مفسدون يا جلالة الملك ؟ ألا يعلم بنكيران كما يعلم الجميع أن الملك هو الذي يمنح أكثر مأذونيات النقل التي يفتخر بنكيران بفضحها لأنها تجسد الريع أي الفساد ؟ ألم يصرح الريسوني، الرئيس السابق لحركة التوحيد والإصلاح أن المذهب المالكي يُذبح في المغرب ؟ ومن يذبحه طبعا هو وزير الأوقاف والمنظومة العلمائية الرسمية التابعة للقصر ؟ ألم يذكر رجل الأعمال كريم التازي أمام شبيبة العدالة والتنمية بطنجة الفضائح الجسيمة التي واكبت عمليتي الإدراج في البورصة المتعلقة بشركتي الضحى من جهة والشركة العامة العقارية CGI من جهة أخرى، التابعة لصندوق الإيداع والتدبير، تلك الفضائح التي تمت تحت إشراف الماجيدي ؟
لقد ذكرت الرسالة أن رئيس الحكومة الذي لا قدرة له على مواجهة هذا الفساد المقدس، أقل ما يطلب منه أن يستقيل بدل الاستمرار في خداع نفسه وخداع المواطنين.
إن هذا الفساد المقدس يتمثل أصلا في الجمع بين السلطة والمال، وهو ما كان وزراء العدالة والتنمية يطالبون بإنهائه أو على الأقل أربعة منهم – السادة العثماني والرميد والشوباني وبوليف- وضعوا توقيعهم شهر مارس 2011 على بيان يجعل من الفصل بين السلطة والمال ليس فقط من المطالب بل المطالب الاستعجالية قبل أن يتنكروا اليوم لما طالبوا به بالأمس القريب، ولله في خلقه شؤون.
لقد أشارت الرسالة من جهة إلى ميزانية القصر الضخمة ومن جهة أخرى إلى هيمنة الملك على قطاعات كبيرة من الاقتصاد الوطني.
إلا أن الاقتراحات التي تضمنتها الرسالة غلب عليها شيء من التسرع والشعبوية كما ذكرنا من قبل، وخاصة في التعامل مع الأرقام: إن اقتراح تخفيض ميزانية القصر بالنصف لا ينسجم مع اقتراح التخلي عن أغلبية القصور والإقامات الملكية وتحويلها لإقامات للطلبة المغاربة، لأن هذا الاقتراح الأخير ينجم عنه تقليص الميزانية بأكثر من النصف.
من جهة أخرى، فإن رقم أرباح المجموعة الاقتصادية الملكية الذي حددته الرسالة في 3 مليار درهم سنويا، واقترحَت توزيعه على الفقراء والمعوزين لمحاربة الفقر، لا يكفي في الحقيقة إلا لمجموع 100.000 أسرة فقيرة (بمعدل 30.000 درهم سنويا أو 2400 درهم شهريا). من جهة أخرى فالإقامة الملكية الضخمة في ناحية باريس توجد على بعد 60 كيلومترا من باريس المدينة ولذلك من الصعب تحويلها إقامة للطلبة المغاربة كما ورد في الرسالة.
هل هذا التعامل المتسرع مع الأرقام معناه أن الجماعة كفاعل سياسي، لا تتوفر على دراسات اقتصادية كافية وتصورات وبدائل ودراسات جدوى؟ أم أن الرسالة شخصية فقط وكاتبها على غرار العديد من السياسيين في المغرب لا يتعبون أنفسهم بالأرقام ويكتفون بالعموميات خشية أن يصادفهم الشيطان الذي يسكن في التفاصيل؟
على سبيل الختم، نذكر أنه غداة الإعلان عن انسحاب جماعة العدل والإحسان يوم 18 دجنبر 2011 من حركة 20 فبراير، أي أسبوعين قبل الإعلان عن تشكيل حكومة بنكيران، استضافت قناة الجزيرة المحامي الأستاذ محمد أغناج، ليتحدث باسم الجماعة عن هذا القرار المفاجئ آنذاك، وكان من بين ما ذكره أن هذه الأخيرة سوف تبحث عن أشكال نضالية لا تلتزم بأي سقف، في إشارة لكونها ضاقت ذرعا بسقف الملكية البرلمانية الذي تشبثت به مكونات أخرى من حركة 20 فبراير.
اليوم وبعد مرور ما يقارب السنة، أين وصل هذا البحث عن الأشكال النضالية الأخرى؟
هذا السؤال لم تجب عنه رسالة الشيباني.
هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.