قال عبد الإله بنعبد السلام، المكلف بملف التعذيب داخل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إن التعذيب لم يتوقف يوما في المغرب منذ الاستقلال، وحتى خلال مرحلة اشتغال هيئة الإنصاف والمصالحة استمر التعذيب والاختطاف والمحاكمات غير العادلة، وهذا مناقض للفلسفة التي قامت عليها الهيئة وهي عدم التكرار. وتوقف بنعبدالسلام، خلال مداخلته بندوة بثتها صفحة "حراك بريس" عند حملات الاختطاف الكبيرة التي شملت المئات عقب أحداث 16 ماي 2003، والتي كانت مصحوبة بالتعذيب، بما فيه التعذيب المؤدي إلى الموت، كما هو الحال مع "مول السباط" في فاس، إضافة إلى محاكمات ما يسمى السلفية الجهادية، وهي محاكمات غير عادلة صدرت بصددها تقارير منظمات مغربية ودولية تؤكد انتفاء الحق في المحاكمة العادلة. وأضاف أن المغرب معروف بمعتقلاته، سواء تلك التي كانت في الستينيات والسبعينيات، أو التي جاءت من بعد، مثل معتقل تمارة. ومنذ انتهاء مسلسل هيئة الإنصاف والمصالحة إلى الآن، يضيف بنعبدالسلام، ضيعت الدولة الوعد الذي قدمته للمجتمع بإنصاف الضحايا والتصالح مع المجتمع، من خلال بناء مجتمع ديمقراطي يضمن العيش الكريم للمواطنين، إذ يلاحظ اليوم استمرار اللاديمقراطية في المغرب، وتضييع العديد من الفرص. كما أشار المتحدث إلى أن ادريس اليزمي الرئيس السابق للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، قدم تقريرا أمام البرلمان وتعرض فيه لحالة وفاة كمال العماري إثر تدخل القوات العمومية في آسفي سنة 2011، وأقر باستعمال القوة المفرطة التي نجمت عنها وفاة العماري، كما هو الشأن بالنسبة لإحراق 5 شباب بالحسيمة، وهو الحادث الذي رفضت الدولة التحقيق فيه. وأكد أنه كلما ابتعدنا عن المركز، إلا وزاد التعذيب، مسجلا في ذات السياق أن المعاهدة الدولية بهذا الخصوص لم تتحدث عن التعذيب فقط، بل وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وهو ما يندرج فيه ما يمارس على المحتجين في الشوارع، أو ما يمارس في مراكز التوقيف والاعتقال. كما أبرز الحقوقي أن التعذيب بدا جليا في ملف حراك الريف، والمجلس الوطني كلف لجنة طبية لتقوم بإنجاز خبرة طبية، وقد تسرب التقرير ونشر، وهو الملف الذي رفضت النيابة العامة إدراجه في وثائق محاكمة المعتقلين، واعتبرته غير ذي موضوع، مشيرا في ذات الصدد إلى التشهير بناصر الزفزافي وتصويره شبه عار. ولفت إلى أن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بناء على ما رصدته من معطيات حول التعذيب أو المعاملات المهينة، تقدمت بدعوى قضائية لدى رئيس النيابة العامة حول ما تعرض له معتقلو الريف من تعذيب وممارسات مهينة، باعتبار الأشخاص الذين مارسوا التعذيب يتمتعون بالامتياز القضائي، وقد أحال رئيس النيابة العامة الشكاية على الوكيل العام بالدار البيضاء ولحدود الآن لا جديد في الملف، وهو ما يوضح أن الحديث عن احترام القانون وإعماله لا أساس له من الصحة. كما تطرق الحقوقي إلى طلبة مراكش الذين تعرضوا للتعذيب، وتحدثوا عن الممارسات التعذيبية التي مورست عليهم، وعن الأشخاص المتورطين في تعذيبهم، دون أن تتم معاقبة أي أحد، وهو ما يوضح سياسة الدولة في تشجيع الإفلات من العقاب. واعتبر بنعبد السلام أن مندوبية السجون تظل تنتهك حقوق السجناء، وعندما يشتكي أحد أو تخرج عائلات السجناء ببيان، تصدر المندوبية ببيانات تكذيبية أو تنتقم من السجناء إذا كانوا متابعين في قضايا حق عام، بطرق معروفة. وخلص إلى التأكيد على ضرورة رفع الاحتقان بانفراج سياسي، من خلال إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين، بما فيهم الصحافيين والمدونين وغيرهم كإجراء استعجالي.