حصاد 2025 | الأمن الوطني يرفع الكفاءة الأمنية ويعزز الرقمنة ويحقق نتائج قياسية في مكافحة الجريمة    مخطط "مكافحة البرد" يشمل 243 جماعة .. تفاصيل التدخلات الميدانية    بنسعيد : الأخبار الزائفة تهدد الذاكرة الجماعية والثقة المجتمعية    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها بأداء إيجابي    الحوض المائي اللوكوس .. الأمطار الأخيرة عززت المخزون المائي بالسدود بأكثر من 26 مليون متر مكعب    مونديال 2026.. "فيفا" سيوزع 727 مليون دولار على المنتخبات المشاركة    سلامي: الأردن بحاجة للفوز بلقب كأس العرب أكثر من المغرب    الوكالة المغربية للأدوية تخطط لتعزيز الرقابة الاستباقية والتدقيق الداخلي لضمان استقرار السوق    كأس العرب (قطر 2025)..المنتخب المغربي على مرمى حجر من معانقة لقبه الثاني عند مواجهة نظيره الأردني    مقاييس التساقطات الثلجية المسجلة بالمملكة    بتعاون أمني مغربي.. إسبانيا تُفكك شبكة لتهريب الحشيش وتوقيف 5 أشخاص بألميريا    أمطار رعدية وثلوج وطقس بارد من الأربعاء إلى السبت بعدد من مناطق المغرب    ترامب يعلن رسمياً تصنيف نوع من المخدرات "سلاح دمار شامل"    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    الصين تسجل رقماً قياسياً في رحلات السكك الحديدية خلال 11 شهراً من 2025    انتخاب الاستاذ بدر الدين الإدريسي نائبا لرئيس الاتحاد العربي للصحافة الرياضية    فرحات مهني يكتب: الحق في تقرير مصير شعب القبائل    لماذا تراهن بكين على أبوظبي؟ الإمارات شريك الثقة في شرق أوسط يعاد تشكيله    ماجد شرقي يفوز بجائزة نوابغ العرب    حريق يسلب حياة الفنانة نيفين مندور        البنك الألماني للتنمية يقرض المغرب 450 مليون أورو لدعم مشاريع المناخ    هولندا.. توقيف شخص للاشتباه في التحضير لتنفيذ عمل إرهابي    الملك محمد السادس يبارك عيد بوتان    مطالب بتدخل أخنوش لإنقاذ حياة معطلين مضربين عن الطعام منذ شهر ونصف    لأجل الوطن والأمل    تشابي ألونسو يحذر من مفاجآت الكأس أمام تالافيرا    الحكم السويدي غلين المثير للجدل يدير نهائي كأس العرب بين المغرب والأردن    أكادير تحتضن الدورة العشرين لمهرجان تيميتار الدولي بمشاركة فنانين مغاربة وأجانب    وفاة الفنانة المصرية نيفين مندور عن 53 عاما إثر حريق داخل منزلها بالإسكندرية    مديرية التجهيز تتدخل لفتح عدد من المحاور الطرقية التي أغلقتها التساقطات الثلجية    "ترامواي الرباط سلا" يصلح الأعطاب    هجومان للمتمردين يقتلان 4 أمنيين كولومبيين    في حفل فني بالرباط.. السفيرة الكرواتية تشيد بالتعايش الديني بالمغرب    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالرباط تدين عملية الهدم في حي المحيط والتهجير "القسري" للمهاجرين    التنسيق النقابي بقطاع الصحة يعلن مقاطعة انتخابات ممثلي المهنيين في مجموعة صحية جهوية    توقعات أحوال الطقس لليوم الأربعاء    واشنطن توسّع حظر السفر ليشمل عددا من الدول بينها سوريا وفلسطين    تمارين في التخلي (1)    الفدرالية المغربية لمقاولات الخدمات الصحية.. انتخاب رشدي طالب رئيسا ورضوان السملالي نائبا له    محكمة تلزم باريس سان جيرمان بدفع أكثر من 60 مليون يورو لمبابي    منفذ "اعتداء بونداي" يتهم بالإرهاب    خلف "الأبواب المغلقة" .. ترامب يتهم نتنياهو بإفشال السلام في غزة    "بنك المغرب" يراجع فوائد القروض ويحضّر لتغيير طريقة التحكم في الأسعار ابتداء من 2026    إسبانيا تعتمد مسيّرة بحرية متطورة لتعزيز مراقبة مضيق جبل طارق    الدوزي ينسحب من أغنية كأس إفريقيا    تماثل للشفاء    مركب نباتي يفتح آفاق علاج "الأكزيما العصبية"    التحكم في السكر يقلل خطر الوفاة القلبية    استمرار إغلاق مسجد الحسن الثاني بالجديدة بقرار من المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية وسط دعوات الساكنة عامل الإقليم للتدخل    سلالة إنفلونزا جديدة تثير القلق عالميا والمغرب يرفع درجة اليقظة    المغرب: خبير صحي يحدّر من موسم قاسٍ للإنفلونزا مع انتشار متحوّر جديد عالمياً    "الأنفلونزا الخارقة".. سلالة جديدة تنتشر بسرعة في المغرب بأعراض أشد وتحذيرات صحية    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القضاء والاعلام: من أجل تجاوز سوء الفهم
نشر في لكم يوم 30 - 01 - 2022

غالبا ما كانت العلاقة بين القضاء الذي يمثل إحدى السلطات الثلاث والاعلام الذي يوصف دوما بالسلطة الرابعة، تتميز أحيانا سوء الفهم المتبادل وبأحيانا أخرى بنوع من التشنج والتوتر وهذه خاصية تسم بها غالبية المجتمعات بعض النظر عن مستوى تطورها، وذلك يعود على ما يبدو إلى التوجس القائم بين سلطة القضاء ووسائل الإعلام .
ليس الغرض تشخيص الوضعية الراهنة لمستوى العلاقات القائمة بين الطرفين، أو البحث عن من يتحمل المسؤولية والمسببات الكامنة وراء هذا التوتر المزمن، لكن الهدف محاولة تلمس السبل الكفيلة بتوطيد علاقات صحية وسليمة بين سلطتين، أناط بهما دستور 2011 مهام جسيمة.
بيد أن إعداد أول مخطط استراتيجي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية برسم 2021 -2026 قد تضمن عدة إجراءات مهمة في مجال الاعلام والتواصل منها الالتزام بالانفتاح على وسائل الاعلام والرأي العام الوطني واعتبار أن الإعلام يلعب دورا كبيرا في نقل المعلومة ونشرها وتنوير الرأي العام. وبصفة عامة يشكل المخطط خارطة طريق وبرنامج عمل يحدد أولويات الإشتغال وكيفيات وطرق التنفيذ، وذلك في اطار اضطلاع القضاء بدوره في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والاقتصادية للبلاد والقيام بمهامه الأخرى خاصة منها حماية الحقوق والحريات، وترسيخ الديمقراطية والحكامة الجيدة .
وعلى الرغم من كون أية استراتيجية تظل مرتبطة بمدى قناعة ودينامية وكفاءة الجماعة أو الفرد من الذين يسهرون على تنفيذها، فإن مبادرة اطلاق البرنامج المعلوماتي المتعلق بنشر الاجتهاد القضائي لمحكمة النقض على الموقع الإلكتروني بمناسبة افتتاح السنة القضائية الجديدة 2022 في السادس والعشرين من يناير الجاري، تعد خطوة متقدمة في مجال توفير المعلومات والتواصل ليس فقط مع المرتفقين ووسائل الإعلام ولكن مع الرأي العام.
نشر الاجتهاد القضائي وانفتاح على الاعلام
وأوضح محمد عبد النبوي الرئيس الأول لمحكمة النقض الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية في مقدمة هذا المخطط، أن هذا الإجراء يهدف إلى توفير الاجتهاد القضائي للجميع وبالمجان، باعتباره إطاراً لتحقيق الأمن القضائي وتعميم اتجاهات محكمة النقض مع نشر قرارات المجلس الأعلى للسلطة القضائية في المادة التأديبية عبر الإطار الرقمي المخصص للقضاة بموقع المجلس، بهدف المساهمة في تأطير سلوك القضاة والتزامهم بالأخلاقيات المهنية وتنبيههم إلى الإخلالات المهنية .
ولأهمية المعلومة في المجال القضائي بالنسبة للرأي العام، تعتمد استراتيجية المجلس على الانفتاح على وسائل الاعلام الوطنية والدولية لضمان نقل ونشر المعلومة الصحيحة وتنوير الرأي العام بكل شفافية وصدق ووضوح، وهو ما سيتم عبر اجرائين إثنين تتمثلان في بناء علاقة منظمة مع وسائل الإعلام تهدف إلى دعم الحق في المعلومة للرأي العام في القضايا التي تستأثر باهتمام وتكوين ناطقين رسمين باسم المحاكم لتوفير الحق في المعلومة للرأي العام بشكل مقبول.
كما ترتكز استراتيجية المجلس على دعم تخليق القضاء وتقوية مناعته الداخلية لحفاظ على استقلاله وحياد أعضائه وتجردهم والتزامهم بمبادئ العدالة وأخلاق القضاء المنصوص عليها في مدونة الأخلاقيات القضائية والمتعارف عليها كذلك كأعراف وتقاليد.
نحو إرساء المزيد الثقة
وعلى الرغم مما يسجل من محاولات من قبل القضاء والاعلام لتجسير العلاقات بينهما وما يسجل مؤخرا من حضور ملحوظ لفعاليات قضائية في وسائل الاعلام، فإن الأمر يتطلب مع ذلك الارتقاء بذلك الى درجة أفضل في قادم الأيام، وذلك من خلال البحث عن السبل الكفيلة بإرساء المزيد الثقة والتعاون بين السلطتين وفي مقدمتها إزالة "سوء الفهم الكبير" بين الطرفين.
وفي هذا السياق يظل فتح نقاش عمومي حول العلاقة بين القضاء والإعلام يكتسى أهمية كبرى باعتبارهما سلطتين حيويتين تقاسمان عددا من المبادئ المشتركة، كالاستقلالية والحياد والتجرد والتقصى والبحث من أجل الكشف عن الحقيقة مع اشتغالهما معا في ظل سياق يتميز بتحولات متسارعة فاقمتها الثورة الرقمية التي حولت الإعلام من سلطة رابعة الى سلطة أولى، وإن كان بوظائف جديدة، تفوق السلطات التقليدية الثلاث في كثير من الأحيان .
وإن كان ما يروج في وسائل الإعلام والاتصال على الأداء القضائي وسير العدالة، من المؤكد يكون له من انعكاس ليس فقط على تكوين قناعة القضاة لدى النظر في القضايا والتي يبت فيها، ولكن أيضا بتشكيل رؤيته وموقفه القانوني لدور الصحافة والصحافيين، على الرغم من أن هذا الأمر يختلف من قاض إلى آخر، وكذلك من صحافي إلى آخر لعدة اعتبارات منها، شخصية كل القاضي والصحافي ومستوى تكوينهما وثقافتهما وتجردهما ونزاهتهما واستقلاليتهما كذلك.
سبل تجاوز سوء الفهم
إلا أنه على الرغم من حالات التوتر بين القضاء والإعلام خلال بعض الفترات، فإنه في ظل المتغيرات الجارية أصبحت الحاجة ماسة لتحقيق التكامل والتعاون بين السلطتين، عبر البحث عن السبل الكفيلة بالانتقال من مرحلة "سوء الفهم الكبير"، الى فتح أفق جديد قوامه الأساس التكامل، وخلق فضاءات للتواصل وتبادل الرأي ووجهات النظر وتقريبها، في ظل الاستقلالية والاحترام المتبادل. فهذا من شأنه المساهمة بطريقة أو أخرى في بناء مزيد من الثقة بين سلطة القضاء وسلطة الإعلام، كما سيمكن ذلك من تعزيز صدقية الأحكام القضائية من جهة وتطوير مواكبة الصحافة للشأن القضائي بصورة مهنية وبالتزام بأخلاقيات الصحافة.
بيد أن ذلك يقتضى مراعاة الاختلاف القائم بين طبيعة كل من القضاء والإعلام، إذ أن القضاء وإن كان من مهامه الإلتزام بقواعد السرية والتحفظ، فإن من وظائف الإعلام تعميم الأخبار ونشر المعطيات والعمومية والحرية الرئة التي تتنفس بها الصحافة باعتبارها سلطة رقابة مجتمعية.
وإذا كان القضاء يخضع لعدد من القواعد منها التكتم لحماية سرية الأبحاث والتحقيقات، احتراما لقرينة البراءة، وحتى يتمكن القاضي من تكوين قناعته، بغض النظر عن عامل الوقت للبت في قضايا المعروضة عليه، في المقابل يشتغل الإعلام وفق مقاربات مغايرة في مقدمتها السرعة تحقيقا للسبق الصحفي، الذى يعد من بين أبرز شروط ممارسة الصحافة والإعلام.
الارتقاء بمستوى الثقافة الإعلامية والقضائية
وهكذا سيكون من المفيد إدراج مادة الصحافة والإعلام في المقررات الدراسية للمعهد العالي للقضاء وفي المقابل الارتقاء بمستوى التكوين الصحفي في ميدان قضايا المحاكم والشؤون القضائية بالمعهد العالي للإعلام والاتصال وتشجيع البحث العلمي وتوسيع دائرة الغرف المتخصصة بالمحاكم حول قضايا الإعلام مع البحث في الآليات الكفيلة بتوفير المعلومات القانونية، وذلك تجنبا للأخبار والمعلومات الزائفة.
كما يتطلب الأمر المساهمة تحديث التشريعات لتواكب مستجدات العصر وملاءمتها مع الالتزامات الدولية للمغرب خاصة ما يتعلق منها ذات الصلة بالديمقراطية وحقوق الإنسان فضلا عن تطوير العدالة الجنائية لجعلها تحقق الملاءمة المثلى بين واجب صيانة الحقوق والحريات وبين هاجس الحفاظ على قيم وركائز المجتمع مع تطوير الإدارة القضائية والارتقاء بمستوى المعرفة والثقافة الإعلامية لضمان تواصل قضائي فعال.
وتجدر الإشارة إلى أن المخطط الإستراتيجي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية يرمى بالخصوص إلى تحديد الدور الذي يتعين أن يقوم به المجلس في مجال مساهمة القضاء في برامج اصلاح منظومة العدالة خلال الفترة القادمة سواء فيما يتعلق بتدبير وضعية القضاء أو تدبير الشأن القضائي أو في باقي مجالات منظومة العدالة. ويتبني المجلس في هذا الصدد مقاربة تشاركية مندمجة تسعى الى تخليق القضاء والرفع من قدرات القضاة والزيادة من منسوب نجاعة أدائهم وتقوية الملكات القانونية والحقوقية لديهم علاوة على تأطير سلوكهم وفقا لمقتضيات الدستور وأخلاقيات المهنة ومبادئ العدالة ودعم نزاهتهم واستقلالهم. وحيادهم وتجردهم. وتقوية مناعتهم للتمسك بهذه القيم، وهو ما سيسهم في زيادة ثقة المواطنين بالقضاء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.