أكد نشطاء حقوقيون اليوم الأربعاء وجود توجه لدى الدولة من أجل التضييق الممنهج على الهيئات والأصوات المخالفة ومحاصرتها، وإن بطرق غير قانونية كحرمانها من الحق في التنظيم والتجمع السلمي. السلطة لا تحترم القانون وقال أحمد الهايج الرئيس الأسبق للجمعية المغربية لحقوق الإنسان إن الدولة باتت نرجسية في سلوكها، لا تقبل إلا أن ترى وجهها في الآخر، وترفض رفضا باتا من يخالفها. وأضاف الهايج خلال ندوة نظمتها التنسيقية الوطنية للدفاع عن الحق في التنظيم والتجمع السلمي أن السلطة تريد أن تسيطر على المجتمع في مختلف المستويات، في ظل إفراغ المؤسسات. وسجل الناشط الحقوقي وجود توجه نحو المنع والحصار والقمع، عكس ما يتم التصوير له بكون الأوضاع الحقوقية مصانة وأن الانتهاكات ظرفية وليست ممارسة ثابتة وممنهجة، فالدولة تعتبر نفسها فوق القانون. ونبه إلى أن القانون يغدو لا قيمة له حينما تتصرف السلطة دون قيود ولا تحترم الدستور الذي ينص على كون القانون أسمى تعبير عن إرادة الأمة وعلى الجميع احترامه، وهو ما يعكسه الحجم الكبير للأحكام الصادرة ضد الدولة. الحق في التنظيم عرضة للانتهاك من جهته قال عبد الإله بنعبد السلام، منسق الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان إن الحق في التنظيم والتجمع ظل على امتداد التاريخ الحديث للمغرب عرضة للحصار والانتهاك. وسجل بمنسق الائتلاف الحقوقي أن القائمين على شؤون البلاد ظلوا يتربصون بالفاعلين الذين يختلفون مع السلطات في مقاربة السياسات العمومية، وينحازون لبناء دولة الحق والقانون. وأبرز بنعبد السلام أن الحصار اشتد بعد خطاب وزير الداخلية محمد حصاد في البرلمان سنة 2014، وبات من الصعب الحصول على وصول الإيداع واستعمال الفضاءات العامة والخاصة، ما يضع صعوبات أمام الهيئات للاشتغال بشروط جيدة. وتوقف الناشط الحقوقي في مداخلته على الكم الكبير من الجمعيات والهيئات التي تعاني من حرمانها من وصول الإيداع، ومنها عدد كبير من فروع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والنهج الديمقراطي وجماعة العدل والإحسان والهيئة المغربية لحقوق الإنسان وغيرها. وأوضح المتحدث أن مجرد وجود عضو من الجمعيات الحية والنشيطة التي تمارس أدوارها باستقلالية عن السلطة يتم التضييق على الهيئة والنشاط. وبعدما كان القضاء الإداري، يضيف منسق الائتلاف الحقوقي، ينصف الهيئات في حقها في التنظيم والتجمع، بات اليوم يتعرض لضغوطات، ويعتبر الخروقات إجراءات سليمة. مراسلة الحكومة والمؤسسات ومن جانبه أكد عبد الرزاق بوغنبور الرئيس السابق للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان وجود تضييق كبير على الجمعيات والهيئات في الجانب المرتبط بالتنظيم، في ظل حرمانها من وصولات الإيداع، وهو ما كان سببا وراء ميلاد التنسيقية الوطنية للدفاع عن الحق في التنظيم والتجمع السلمي. وأكد بوغنبور أن التنسيقية ستستمر في عملها، إذ "نتوقع مزيدا من التضييق على المنظمات الحقوقية وعلى الأحزاب والإطارات النقابية، حسب ما تشير إليه المعطيات". وقال بوغنبور إن التنسيقية ستباشر من الغد مراسلة كل من وزارة الداخلية ورئيس الحكومة والمجلس الوطني لحقوق الإنسان والمندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان من أجل الحصول على أجوبة تبرر هذا المنع. كما أعلن المتحدث أنه ستتم مراسلة الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري "الهاكا" بسبب المنع الذي تتعرض له الأصوات المخالفة، والذي يحرمها من حقها في الإعلام العمومي، ويدفعها نحو نافذة الإعلام الأجنبي، لتجد نفسها متهمة بالتخوين. انتهاك حق أصيل حسن بناجح، العضو بالتنسيقية، والقيادي في جماعة العدل والإحسان، عبر عن حسرته من الاضطرار إلى تنظيم تنسيقية هدفها الدفاع عن حق أصيل وهو الحق في التنظيم والتجمع السلمي. وأضاف بناجح خلال كلمته أن الدولة تبذل مجهودا كبيرا في نفي وجود خروقات، في حين أن هناك خروقات لحقوق أصيلة كالحق في التنظيم. وتوقف بناجح على حالات المنع التي تتعرض لها مختلف الهيئات، ومنها حزب النهج الديمقراطي المحروم من تنظيم مؤتمره الخامس دون وجود قرار منع صريح، معتبرا ذلك من أبشع وجوه السلطوية. وانتقد بشدة المزاجية والإغلاق في السلطوية الذي يتعامل به المسؤولون مع الهيئات المخالفة، مؤكدا أنه تصرف ممنهج وليس حالات فردية، وهو ما يعكسه المنع من الفضاءات العامة والزحف حتى على الفضاءات الخاصة. وأكد المتحدث أن الحرية في المجتمع تقاس بمدى منحها للأصوات المخالفة، وليس للموالين كما نعيشه اليوم في المغرب مع جمعيات تستفيد من الامتيازات والدعم من طرف الدولة. واعتبر عضو "الجماعة" أن التضييق الممارس اليوم على الهيئات النشيطة في مختلف المجالات هو صورة من صور ذبح الحرية، مشددا على ضرورة الخروج من الميزاجية في التعامل مع الهيئات، وإعطائها حقوقها، بما في ذلك السماح لحزب النهج الديمقراطي باستكمال الإعداد لمؤتمره الوطني بشكل عادي.