ريمي ريو: الوكالة الفرنسية للتنمية تعتزم تمويل استثمارات بقيمة 150 مليون أورو بالأقاليم الجنوبية المغربية    ارتفاع ملحوظ للدرهم المغربي أمام الدولار وتراجع طفيف أمام اليورو    إسرائيل تستعيد رفات جندي قتل في لبنان خلال اجتياح العام 1982    ميسي يتلقى أسوأ هزيمة له في مسيرته الأميركية    عيد الأضحى.. مجازر الدار البيضاء تكشف برنامجها لاستقبال وذبح الأضاحي    طلبة الإجازة في التربية يصعدون ضد الوزارة ويعلنون إضرابا وطنيا    موعد الحسم.. هذا توقيت مباراة المغرب وسيراليون في ربع نهائي كأس إفريقيا    شاهد.. سائحات يطلبن من لامين يامال أن يلتقط لهن صورة دون أن يعرفن من يكون    "الاتحاد" يتمسك بتلاوة ملتمس الرقابة لسحب الثقة من الحكومة    مزور: الكفاءات المغربية عماد السيادة الصناعية ومستقبل واعد للصناعة الوطنية    رفع تسعيرة استغلال الملك العام من 280 إلى 2400 درهم للمتر يغضب المقاهي ويدفعها للإضراب    إسبانيا تفشل عملية تهريب شحنة قرقوبي ضخمة نحو المغرب    كلاسيكو الأرض.. برشلونة يسعى لحسم الليغا وريال مدريد يبحث عن إحياء الأمل    الهند وباكستان تتبادلان الاتهامات بانتهاك اتفاق لوقف إطلاق النار    زيلينسكي: روسيا تدرس إنهاء الحرب    سحابة سامة تُجبر آلاف السكان على إغلاق منازلهم جنوب غرب برشلونة    القاهرة.. تتويج المغرب بلقب "أفضل بلد في إفريقا" في كرة المضرب للسنة السابعة على التوالي    تحريك السراب بأيادي بعض العرب    غ.زة تعيش الأمل والفلسطينيون يحبسون أنفاسهم    بوتين يقترح إجراء محادثات مباشرة مع أوكرانيا في إسطنبول انطلاقا من 15 ماي    الصحراء المغربية.. الوكالة الفرنسية للتنمية تعتزم تمويل استثمارات بقيمة 150 مليون أورو    أجواء احتفالية تختتم "أسبوع القفطان"    سلا تحتضن الدورة الأولى من مهرجان فن الشارع " حيطان"    طقس الأحد: زخات رعدية بعدد من المناطق    زلزال بقوة 4,7 درجات يضرب جنوب البيرو    في بهاء الوطن… الأمن يزهر    موريتانيا ترغب في الاستفادة من تجربة المغرب في التكوين المهني (وزير)    بعد فراره لساعات.. سائق سيارة نقل العمال المتسبب في مقتل سيدة مسنة يسلم نفسه لأمن طنجة    الوكالة الفرنسية للتنمية تعلن تمويل استثمارات بقيمة 150 مليار بالصحراء المغربية    جناح الصناعة التقليدية المغربية يفوز بجائزة أفضل رواق في معرض باريس    الأشبال: الهدف التأهل إلى المونديال    المغرب – السعودية .. افتتاح النسخة الثانية من معرض "جسور" بمراكش    ريال مدريد يعلن قائمته للكلاسيكو بحضور دياز ولخديم    التعاون الفلاحي يتصدر إعلان نواكشوط    الأسهم تحفز تداولات بورصة البيضاء    البيضاء تحدد مواعيد استثنائية للمجازر الكبرى بالتزامن مع عيد الأضحى    زيارة استثنائية وإنسانية للزفزافي تنعش آمال الحل في ملف حراك الريف    الناظور غائبة.. المدن المغربية الكبرى تشارك في منتدى "حوار المدن العربية الأوروبية" بالرياض    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    من الرباط إلى طنجة.. جولة كلاسيكية تحتفي بعبقرية موزارت    مهرجان "كان" يبرز مأساة غزة ويبعث برسائل احتجاجية    ديستانكت ومراد يرويان خيبة الحب بثلاث لغات    الموت يفجع الفنان المغربي رشيد الوالي    مهرجان مغربي يضيء سماء طاراغونا بمناسبة مرور 15 سنة على تأسيس قنصلية المملكة    بينالي البندقية.. جلالة الملك بوأ الثقافة والفنون المكانة التي تليق بهما في مغرب حديث (مهدي قطبي)    الفيفا يرفع عدد منتخبات كأس العالم للسيدات إلى 48 بدءاً من 2031    المغرب يدفع بصغار التجار نحو الرقمنة لتقليص الاقتصاد غير المهيكل    تطور دينامية سوق الشغل في المغرب .. المكتسبات لا تخفي التفاوتات    افتتاح فعاليات المعرض الدولي السابع والعشرون للتكنولوجيا المتقدمة في بكين    إنذار صحي في الأندلس بسبب بوحمرون.. وحالات واردة من المغرب تثير القلق    عامل إقليم الدريوش يترأس حفل توديع حجاج وحاجات الإقليم الميامين    لقاح ثوري للأنفلونزا من علماء الصين: حماية شاملة بدون إبر    الصين توقف استيراد الدواجن من المغرب بعد رصد تفشي مرض نيوكاسل    لهذا السبب .. الأقراص الفوّارة غير مناسبة لمرضى ارتفاع ضغط الدم    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المغرب وفرنسا ونقاش التبعية
نشر في لكم يوم 04 - 10 - 2022

ترافق الأزمة الشائكة والصامتة بين الرباط وباريس، نقاشات في الجانب المغربي بشأن ضرورة التخلص من النموذج الفرنسي في التنمية، الذي يعتمده المغرب، وضرورة التخلص من التبعية لهذا البلد الأوروبي. ويذهب النقاش في اتجاه غير موفق بالتركيز على نقاط ضعف فرنسا، وضرورة قتل «اللغة الفرنسية».
وتمر العلاقات الثنائية منذ صيف السنة الماضية بأزمة هي الأسوأ خلال الثلاثة عقود الأخيرة، متجاوزة حدة أزمة 2014، ولعل تجميد الزيارات بين وزراء البلدين منذ بداية صيف السنة الماضية، يعد العنوان المعبر عن عمق هذه الأزمة. واعتاد جزء من النخبة المغربية طرح مسألة التبعية لفرنسا، وضعف هذا البلد وبأنه لا يشكل النموذج إبان الأزمات، ولكن ما أن تمر الأزمات حتى يعم الصمت، ويتم تجميد هذه المطالب. والواقع أن هذا الجزء من النخبة يسقط في التناقض في أعمق معانيه، عندما يطالب بضرورة التخلص من التبعية لفرنسا، لأنه هو التيار الذي يردد من دون ملل ولا كلل رواية «الاستثناء المغربي»، بمعنى انفراد المغرب في طريقة تسيير وتدبير أموره بمعزل عن الخضوع لأي نموذج مستورد. إذن، كيف يمكن التخلص من التبعية لفرنسا، بينما المغرب ينفرد «بالاستثناء». إن منطلقات هذا النقاش الذي يتم اختزاله في ضعف فرنسا من جهة، وضرورة التخلص من النموذج الفرنسي، من جهة أخرى هي منطلقات تفتقد لرؤية الواقع، وإن كانت مقبولة بشكل نسبي:
في المقام الأول، فرنسا مثل باقي الدول الأوروبية فقدت القدرة على المشاركة، بفعالية أكبر عكس ما كان يحدث في الماضي، في صناعة القرار الدولي، نظرا لظهور قوى إقليمية تنافسها في البحر الأبيض المتوسط مثل تركيا، وظهور قوى على المستوى العالمي مثل الصين. وهي في هذا شأنها شأن بريطانيا، لكن فرنسا ستستمر ضمن الدول الأكثر تقدما في مختلف الصناعات ومنها، الصناعة العسكرية والنووية والسيارات، وقوة كبيرة في مجال الزراعة، شأنها شأن بريطانيا وألمانيا. ويتم أحيانا الترحيب ببعض المعطيات، لكن من دون التأمل بعمق في حقيقتها. وخلال الشهر الماضي مثلا، تناولت وسائل الإعلام العالمية خبر تحول الهند إلى القوة الاقتصادية الخامسة في العالم على حساب بريطانيا ومن قبلها فرنسا. هذا المعطى يبقى نسبيا للغاية: الدخل الفردي في الهند بالكاد يصل الى 1900 دولار سنويا بينما في بريطانيا يتجاوز 40 ألفا، وفي فرنسا 37 ألفا سنويا. في الوقت ذاته، مستوى العيش في هذين البلدين والبنيات التحتية يبقى أعلى بكثير مقارنة بالهند؛ كما أن استثمارات البلدين في العالم يتفوق بسنوات ضوئية على الاستثمارات الهندية.
في المقام الثاني، التنمية في فرنسا تقوم على تشجيع البحث العلمي، وعلى الشفافية في التسيير، وربط المسؤولية بالمحاسبة، ثم التناوب في تسيير مؤسسات الدولة. وعليه، هل يمتلك رئيس فرنسا الحالي، أو من قبله، قصورا وإقامات وحسابات في دولة أجنبية ومنها في العالم العربي، ونخص هنا بالذكر المغرب؟ هل يتساهل القضاء الفرنسي مع المسؤولين الفرنسيين المتورطين في قضايا الفساد؟ هل تتردد الدولة الفرنسية في تشجيع البحث العلمي؟ لا يوجد رئيس فرنسي واحد يمتلك إقامة خارج حدود بلاده، أو يملك حسابا بنكيا في الخارج. لا يمكن لأي مسؤول فرنسي الإفلات من العقاب مهما كان شأنه؛ ولعل مشاكل الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي مع القضاء مثال في هذا الشأن. لا يمكن لأي مسؤول ولو كان «سوبرمان» البقاء في منصبه السياسي والاقتصادي والعسكري والأمني أكثر من ولايتين. ونطرح الأسئلة بصيغة مختلفة: كم من مسؤول مغربي، وضد القانون، لديه حسابات وممتلكات عقارية في الخارج، وبالضبط في فرنسا، من دون أن يتحرك القضاء المغربي لفتح تحقيق؟ كم من مسؤول مغربي يحتل كرسي مؤسسة ما، وكأنه إرث عائلي لا يمكن التخلي عنه، رغم أن تسييره كارثي؟ كم تخصص الدولة المغربية للبحث الجامعي؟ لا شيء تقريبا.
لقد اعتاد عدد من المثقفين المغاربة اختزال تأخر المغرب، في اللغة الفرنسية ويطالبون باللغة الإنكليزية. تخلف المغرب لا يعود إلى اللغة، بل إلى أسباب بنيوية – تاريخية، أبرزها تأخر دخول المطبعة، ما حال دون نشر المعرفة، ثم تأخر تشييد الجامعات، علاوة على الفساد وعدم محاسبة المسؤولين عن هذا الفساد. عدد من الدول تقدمت من دون الاعتماد على اللغة الإنكليزية مثل تركيا وكوريا الجنوبية وتشيلي، لأنها اهتمت بالجامعة وشجعت البحث العلمي وحاربت الفساد السياسي والإداري. ودول من الكومنويلث تتحدث الإنكليزية وهي في أسفل سلم التنمية عالميا. تفيد التقارير الدولية بأن مستوى اللغة الإنكليزية في تركيا تقريبا هو نفسه في المغرب، لكن تركيا تقدمت في مختلف القطاعات، خاصة الصناعية بينما المغرب ما زال لم يجد طريقه. منذ أكثر من ثلاثة عقود، والدولة المغربية وجزء من نخبها تهدد بالتحول الى الإنكليزية، لكن الواقع شيء آخر، عدد من مسؤولي البلاد الذين كانوا يرددون هذه الشعارات، استثمروا في مدارس وجامعات خاصة في المغرب تقوم بالتدريس باللغة الفرنسية. مشكلة علاقة المغرب بفرنسا يجب طرحه على مستوى آخر، وهو: لماذا توجد دول ونخب في افريقيا تحث على فتح ملف جرائم فرنسا الاستعمارية، بينما الدولة المغربية ونخبها صامتة على هذا الملف؟ وفي تساؤل آخر، من الذي قدم تسهيلات سخية وكريمة، تصل إلى مستوى العطاء، للشركات الفرنسية مقابل الاستثمار وتدبير بعض القطاعات في المغرب إلى مستوى اعتقدت باريس أن المغرب هو حديقتها الخلفية؟ وفي تساؤل آخر، من الذي يمنع القضاء من فتح ملف توفر مسؤولين مغاربة سابقين وحاليين على حسابات بنكية وعقارات في فرنسا نفسها؟ ومن المفارقات الكبيرة في الحديث عن التخلي عما يفترض النموذج الفرنسي في التنمية، تولى وزير التعليم الحالي شكيب بنموسى إعداد نموذج جديد للتنمية البشرية في المغرب. وحدث أن ناقش وعرض النموذج التنموي مع السفيرة الفرنسية في الرباط قبل عرضه على المؤسسات المغربية، الأمر الذي أثار وقتها سخرية واحتجاجا. ومنطقيا، كيف يمكن عرض تقرير يناهض فرنسا على ممثلة فرنسا في الرباط؟ كل نموذج تنموي يبدأ بمحاربة الفساد وبنهج الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة وبطرق نشر المعرفة ومنها، استراتيجية الترجمة والرفع من التعليم، ثم تولي أبناء الوطن تسطير استراتيجية تنمية تكون واقعية وتساير إيقاع الوطن وإمكانياته وليس استيرادها جاهزة من مكاتب الدراسات الاستراتيجية الأجنبية وكأنها: Prêt-à-porter. بينما دور اللغات ومنها الإنكليزية تكون مكملة، وبدأت تصبح ثانوية أمام الترجمة التي توفرها برامج الذكاء الاصطناعي التي تتطور باستمرار إلى مستوى مدهش وتتفوق تدريجيا حتى على أعتى المترجمين.
المصدر «القدس العربي»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.