سجلت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أن العيد الأممي لفاتح ماي 2023، يحل على الطبقة العاملة في ظل أجواء تتسم بتردي أوضاع حقوق الإنسان على جميع المستويات، السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية. وأكدت أكبر جمعية حقوقية بالمغرب في تصريح بمناسبة عيد الشغل أن الأوضاع ما انفكت تتفاقم وتزداد تدهورا، سنة بعد أخرى؛ بفعل سوء أحول الغالبية العظمى من المواطنين والمواطنات، وتعاظم الظلم، وتراجع الحق في الحرية والمساواة والعيش الكريم، واستفحال الفساد في وسط الإدارات ودواليب المؤسسات. كما أبرزت الجمعية توالي الهجمات على الحقوق الشغلية وعلى الحريات النقابية وعلى المكتسبات الاجتماعية الأساسية لمختلف الفئات؛ في استغلال فج للظرفية الوطنية والدولية، وما تسببت فيه من كوارث، بيئية وصحية، وأزمات اقتصادية وحروب مشتعلة؛ وذلك لمواصلة سياسة القمع والترهيب، والتضييق على الحق في التعبير والتنظيم والتظاهر السلمي، ضدا على التزامات الدولة. واعتبرت أن الحكومة لم تتورع عن اتخاذ، فترة الحجر الصحي وانعكاسات الحرب الدائرة فوق الأراضي الأوكرانية، مبررا وذريعة لإطلاق العنان للتضخم المفتعل،والتسبب في موجة الغلاء التي تجتاح المغرب حاليا،والتي تتزامن مع انخفاض القدرة الشرائية. كما أكدت الجمعية ارتفاع معدل البطالة، ونبهت إلى البؤس الذي تعيش فيه الطبقة العاملة وسائر المأجورين والمستخدمين وعائلاتهم والمترتب عن غلاء المعيشة وتدني القدرة الشرائية، بسبب ارتفاع الأثمان وتجميد الأجور، وإغلاقا العديد من المؤسسات والوحدات الإنتاجية، وتعطيل العمل في الأوراش بمختلف أصنافها. واستنكر حقوقيو الجمعية صمت الحكومة، وانحياز السلطات المحلية والقضاء إلى جانب المشغلين، الذين يمارسون انتهاكات صارخة لمقتضيات المدونة، مع ما ينتج عنها من تدهور كبير للأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للعمال، ودعت إلى ملاءمة مدونة الشغل وباقي التشريعات الاجتماعية مع المعايير الدولية للشغل. كما طالبت بضمان الحريات والحقوق النقابية، في ظل استمرار وتصاعد الخروقات السافرة في هذا المجال، و غياب تفاوض جماعي في أغلب المقاولات والقطاعات، كون الحوار الاجتماعي ظل شكليا وعقيما، كما أن الحد الأدنى للأجور علاوة على تعدد مستوياته، فهو لا يضمن بتاتا الحياة الكريمة ناهيك عن عدم تطبيقه بالنسبة لأغلبية المؤسسات واعتبرت أن الزيادة المعلنة في الأجور، تبقى قاصرة عن تحقيق العيش الكريم للأجراء ولعائلاتهم، وتأسف لكون الاتفاقات المعلنة تتضمن تراجعات عن التزام الحكومة بتوحيد الحد الأدنى للأجور في القطاعين الصناعي و الفلاحي، و تتضاعف المعاناة بسبب الزيادات المتتالية في أثمان المواد والخدمات الأساسية. وإلى جانب ما سبق، سجل التصريح غياب شروط الصحة والسلامة في أماكن العمل وتنامي حوادث السير المميتة، مطالبة بفتح تحقيق شامل، بمشاركة ممثلي العمال، في مثل هذه الحوادث ومتابعة المسؤولين عنها، وإلزام المشغلين بتوفير وسائل نقل تستجيب للمقاييس والمعايير المعمول بها في المجال. ولا تزال كل الحقوق الشغلية، حسب الجمعية، تعرف انتهاكات متعددة من طرف المشغلين والدولة، مع استمرار عدم تكافؤ أجر العاملات في بعض القطاعات مع أجور العمال، ناهيك على تعرضهن للاستغلال في شروط لا إنسانية، و استمرار تشغيل الأطفال في سن مبكر. واستنكرت الجمعية الأوضاع المزرية للعمال بسبب حرمانهم من الضمان الاجتماعي، وكذا تقاعس الدولة إزاء المسؤولين عن سوء التسيير ونهب الأموال وتبديدها بمؤسسات الأعمال الاجتماعية عموما، رافضة رفع سن التقاعد، والزيادة في الاقتطاع من الراتب لأجل التقاعد والنقص في المعاش، رغم أن الدولة تتحمل المسؤولية الكبرى فيما آلت إليه وضعية هذه الصناديق. وجددت الجمعية مطالبتها للسلطات وللمشغلين بالعمل الجاد على إقرار حقوق العمال المتعارف عليها كونيا، كما عبرت عن تضامنها مع العمال المهاجرين وكل الأجراء بالمغرب وعبر العالم، الذين يناهضون مختلف أشكال التمييز والاستغلال. وخلصت الجمعية في تصريحها إلى المطالبة بالإفراج الفوري عن معتقلي الحراك الشعبي في الريف، وغيرهم من معتقلي الرأي والصحافة والمعتقلين السياسيين، وإسقاط المتابعات وإلغاء المحاكمات الجارية في حق النشطاء بمواقع التواصل الاجتماعي، وبالحركة الحقوقية والاجتماعية، وكل الذين اعتقلوا جراء ذلك.