الأسود يدخلون المونديال بخيبة 1998 وفخر 2022 وطموح 2026    14 قتيلا في انقلاب حافلة بالجزائر    طقس الأحد.. انخفاض في درجات الحرارة ورياح قوية مع غبار بالمناطق الجنوبية    عودة مهرجان مواهب الدار البيضاء في دورته الثانية... فضاء يفتح الأبواب أمام الطاقات الشابة    عشرات القتلى في هجوم للدعم السريع    الدكالي: مفهوم الحكم الذاتي قابل للتأويل.. والمغرب انتقل إلى "الجهاد الأكبر"    حملة لتحرير الملك العمومي داخل ''مارشي للازهرة'' تقودها الملحقة الإدارية الخامسة    تجديد مكتب هيئة المهندسين التجمعيين بالجديدة وانتخاب قيادة جديدة للمرحلة المقبلة    المنتخب المصري يتعادل مع الإمارات    بوصوف يناقش تنزيل الحكم الذاتي    مئات التونسيين يتظاهرون ضد السلطة تحت شعار "المعارضة ليست جريمة"    ارتفاع حصيلة ضحايا "حادثة الفنيدق"    "حقوق المؤلف" يوضح "تغريم مقهى"    النجمة الذهبية تزين "سماء بلا أرض" في المهرجان الدولي للفيلم بمراكش    ميسي يقود إنتر ميامي لحصد الدوري الأمريكي    أخنوش من الرشيدية: "الأحرار حزب الإنصات والقرب... ومهمتنا خدمة كل جهة بالوتيرة نفسها"        سبتة المحتلة .. متابعة إسبانية في قضية اعتداء جنسي على قاصرين مغاربة    وزارة بنسعيد تغرم المقاهي بسبب الموسيقى    طنجة.. توقيف سائق الشاحنة المتورط في دهس عاملة نظافة وفراره بالعوامة    المنتخب العراقي يعبر إلى دور الربع    حزب الحركة الشعبية يعقد الدورة السادسة لمجلسه الوطني بالحسيمة (صور)    11 قتيلا في هجوم مسلح داخل فندق بجنوب إفريقيا    بايتاس يهاجم صنّاع الفرجة السياسية ويستعرض حصيلة الحكومة    فتاح تؤكد البعد الاستراتيجي للشراكة الاقتصادية المغربية-الإسبانية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد        الوالي التازي يضع طنجة على درب المدن الذكية استعداداً لمونديال 2030    جمال السلامي: الأهم هو أننا تفادينا مواجهة المغرب في كأس العالم    توقيع ثلاث اتفاقيات لتطوير البنيات التحتية اللوجستية والتجارية بجهة الداخلة–وادي الذهب    جمعيات حماية المستهلك تثمن تحرك مجلس المنافسة ضد التلاعب بالأعلاف    لقجع يستقبل دياغنا نداي بالمعمورة        ستون صورة ومغرب واحد نابض بالعاطفة.. افتتاح استثنائي يكرّس المغرب في ذاكرة الصورة    ريتشارد يحتفي بإطلاق نيالا ويستعد لتمثيل سوريا في الدوحة    لجنة تحكيم ثلاثية دولية لاختيار أفضل عرض سيرك لسنة 2025 بالدورة 7 للمهرجان الدولي لفنون السيرك بخريبكة    الجزائر تستعمل لغة غير لائقة في مراسلاتها الدولية وتكشف تدهور خطابها السياسي    أخنوش من الرشيدية: من يروج أننا لا ننصت للناس لا يبحث إلا عن السلطة    الركراكي: حكيمي يبذل جهداً كبيراً للحاق بالمباراة الأولى في "كان 2025"    المكتب الشريف للفوسفاط يستثمر 13 مليار دولار في برنامجه الطاقي الأخضر ويفتتح مزرعته الشمسية بخريبكة    وزير الصحة يجدد في طوكيو التزام المغرب بالتغطية الصحية الشاملة    ملاحقات في إيران إثر مشاركة نساء بلا حجاب في ماراثون    سطات .. انطلاق فعاليات الدورة 18 للملتقى الوطني للفنون التشكيلية نوافذ    تزنيت : دار إيليغ تستعد لاحتضان ندوة علمية حول موضوع " إسمكان إيليغ بين الامتداد الإفريقي وتشكل الهوية المحلية "    سوس ماسة تطلق برنامجاً ب10 ملايين درهم لدعم الإيواء القروي بمنح تصل إلى 400 ألف درهم لكل منشأة    تحذير من "أجهزة للسكري" بالمغرب    الكلاب الضالة تهدد المواطنين .. أكثر من 100 ألف إصابة و33 وفاة بالسعار        قبل انطلاق كان 2025 .. الصحة تعتمد آلية وطنية لتعزيز التغطية الصحية    الاجتماع رفيع المستوى المغرب–إسبانيا.. تجسيد جديد لمتانة الشراكة الثنائية (منتدى)    "أمريكا أولا"… ترامب يعلن استراتيجية تركز على تعزيز الهيمنة في أمريكا اللاتينية وتحول عن التركيز عن آسيا    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    مونديال 2026.. أنظار العالم تتجه نحو واشنطن لمتابعة عملية سحب القرعة    دراسة: الرياضة تخفف أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    الأوقاف تكشف عن آجال التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وجهة نظر: تحديات تفعيل الميثاق الوطني لإصلاح منظومة العدالة بالمغرب
نشر في لكم يوم 03 - 10 - 2013

لا يجادل أحد أن منظومة العدالة بالمغرب تشكو من عدة أعطاب على مستوى الرأس والجسد والقلب، أمراض حسية وأمراض معنوية، فهي جسد منخور ومنهوك إنها تشبه الفاكهة التي نخرها الدود.
ولا يمكن أن نغض الطرف عن واقع العدالة ومحيطها ذلك الواقع الفاسد بشهادة مسؤولين كبار في الدولة، وتقرير المجلس الأعلى للقضاء الأخير شاهد على ذلك مع بعض التحفظ، إذ آلة العقاب لم تمس الكثير من المفسدين داخل القطاع وهي آلة بطيئة لا تتحرك إلا بخلفيات سياسية ومرة مرة.
وأول الملاحظات التي يمكن تسجيلها في تحديد العقبات والعراقيل والتحديات التي قد تقف أمام تفعيل الميثاق الوطني لإصلاح منظومة العدالة، هي أنه أولا وقبل كل شيء، لم يتم الإعلان عنه في وقته ذلك أن السيد وزير العدل صرح بتاريخ 11/01/2013 أنه سيعلن عنه رسميا قبل متم مارس، غير أنه لم يتم الإعلان عنه إلا بتاريخ 12 شتنبر 2013، حيث قاربت مدة تأخير الإعلان ستة أشهر.
وفي نظرنا أنه من الناحية المنهجية والعلمية، يمكن تقسيم تحديات التفعيل إلى ذاتية وموضوعية :
حول التحديات الذاتية :
أولا تحدي يكمن في نص الميثاق في حد ذاته، حيث أثير حوله جدل كبير بعد الإعلان عنه، حول طبيعته القانونية وطبيعته السياسية، فهو ذو طبيعة سياسية أكبر من أن تكون له طبيعة قانونية ملزمة.
ومن هنا يمكن القول أن طبيعة الوثيقة الغير الملزمة للأطراف السياسية المعارضة، وحتى المهنية التي لم تشارك بما فيها جمعية هيآت المحامين التي أصدرت بيان مراكش بتاريخ 28/09/2013، أعلنت فيه رفضها للميثاق ودعت إلى وقفة احتجاجية أمام وزارة العدل بتاريخ 01/10/2013، في أفق عقد مناظرة وطنية حول قانون المهنة وهذا أمر إيجابي إذا بدأنا نشعر أن جسم المحاماة بدأ يتحرك نحو الدفاع عن مصالحه وما يخدم مهنته، على عكس ما يفهم من البيان الذي أصدرته وزارة العدل ردا على الوقفة الاحتجاجية.
وما أصدرته بعض الهيآت قبل ذلك مثل هيئة المحامين بالدار البيضاء التي أصدرت بيانا بتاريخ 24/09/2013، سجلت فيه أن بعض المقترحات من شأنها أن تمس باستقلال المحاماة، وأن الميثاق في حد ذاته لم يستجب لطموحات وتطلعات المحامين بالمغرب، و أكثر من ذلك اعتبرته مخيبا للآمال وغير منسجم مع شعار الإصلاح العميق والشامل لمنظومة العدالة.
وكان لنادي القضاة أيضا موقف سلبي، وحيث إن ما جاء به في حق القضاة هو تحصيل حاصل حسب رأي الأستاذ ياسين مخلي.
وفي نظرنا غياب الإجماع حول هذه الوثيقة ذات الطبيعة السياسية، من شأنه لا محالة تعطيل تفعيل الميثاق على أرض الواقع لغياب الإجماع حول الوثيقة التي ضمت أهم المحاور الكبرى للإصلاح، والتي هي التخليق والتحديث والتأهيل. أضف إلى ذلك أن جلسات الحوار صاحبتها عدة تشنجات مع بعض القطاعات المهنية والنقابات التي قاطعت الحوار، وهيئات أخرى ربما تم تهميشها بطريقة أو أخرى ومشكلات عويصة صاحبت الحوار أيضا، مثل قضية المساعدة القضائية والخلاف الحاد الذي حصل بين السيد الوزير وبعض النقباء والمحامين، دفع في اتجاه غياب الإجماع وعدم الرضى عن الوثيقة بعد الإعلان عنها.
كل هذا سيجعل الوثيقة محل معارضة حادة مستقبلا، ومناقشة قانونية لنص الوثيقة ومدى انسجام الوثيقة مع تطلعات المحامين وآمالهم وطموحاتهم العريضة.حيث أن أبسطها أمر سكت عنه الميثاق وهو البعد الاجتماعي لمهنة المحاماة.
لذلك يمكن القول ان الميثاق صاحبته عيوب في الممارسة لكون القائمين عليه. لم يوفقوا على الأقل في جمع شتات ولملمة جسم العدالة وترميم محيطها حول النص في إطار مقاربة تشاركية حقيقية، كما أن عيوبا مست نص الميثاق نفسه وذلك لما ضمه من مقترحات مثل حضور النيابة العامة النيابة العامة في تأديب المحامي، الشيء الذي أثار غضبا واسعا وسط أصحاب البذلة السوداء التي ينتمي إلى قبيلتها المهنية السيد وزير العدل.
كما أن المبادئ المجردة وكذا المقتضيات المتعلقة بالمحاور الكبرى للإصلاح المشار إليها في الميثاق، قد تجد صعوبة موضوعية بالإضافة إلى الصعوبة الذاتية التي أشرنا إليها.
ومن الصعوبات الموضوعية :
غياب إرادة سياسية حقيقية، تتجلى في طبيعة النظام السياسي في المغرب وإشكالية الديمقراطية ومدى احترام حقوق الإنسان ودولة الحق والقانون. فالإرادة السياسية ليست أفكارا توضع على الورق بل هي فعل يتحرك في الواقع ، هو تحريك نصوص قانونية جامدة وتفسيرها، وإصدار أخرى حديثة تساير التطور الحاصل في مجال القضاء والقانون والمهن القضائية والقانونية. والصعوبة التقنية في نظرنا متجلية في عدم تفكيك جسم العدالة والمهن القضائية والقانونية المرتبطة وكان يمكن تجاوزها هذه الصعوبة التقنية التي تسببت في طول مدة الحوار.حيث كان يجب أن يهتم الجميع بنظافة بيته وترميمه من قضاة ومحاماة وعدول وموثقين...، ويعقد كل قطاع ندوة وطنية واحدة ويشرك فيها كافة المقربين وأبناء الطائفة المهنية الواحدة، وبعد ذلك تكون ندوة وطنية جامعة يعلن فيها عن ميثاق الإصلاح، حيث يتم تجميع كافة المقترحات في مناظرة وطنية جامعة، و تطبيق المقاربة التشاركية في الموضوع ربحا للوقت واقتصادا للمال العام.
كما أن العقبة والعرقلة الصعبة هي أن جدار الفساد سميك في جهاز العدالة، وأن الفساد في قطاع العدالة ومحيطه بنيوي يشبه الأخطبوط ويشكل جماعة للضغط قوية في المغرب.
وحيث أن الإصلاح له ارتباط بالموارد البشرية وتكوينها ومستوى أخلاقها وارتفاع منسوب درجة المواطنة لديها.
وكل ذلك مرتبط بمكانة الديمقراطية ونظام الحكم الذي كان السيد وزير العدل قبل هذه الحكومة ينادي به وهو الملكية البرلمانية، وهذا هو النقاش الحقيقي الذي أعرض عنه كثير من المناضلين بعد انخراطهم في هذه الحكومة وخرست ألسنتهم عن ذلك، وأصابهم الخرس، ولم يعودوا يتقبلوا النقاش حول هذا الموضوع.
وأنه بالإضافة إلى غياب الديمقراطية وغياب موارد بشرية مؤهلة لتفعيل الميثاق، فإنه قبل هذا وذاك يجب إصلاح منظومة التعليم في بلادنا، فكل شعب تقاس درجة الوعي لديه بجودة التعليم من عدمه.
وواقع التعليم ببلادنا مزري، المدرسة العمومية تخاصم محيطها والجامعة في نزاع وصراع مع سوق الشغل، وميزانية البحث العلمي من أضعف الميزانيات.
وحيث إن عدد المعطلين شاهد على النزاع الحاصل بين الجامعة ومحيطها، وخريجي كلية الحقوق المعطلين وتصدير البطالة إلى قطاع العدالة ومحيطها وبالضبط قطاع المحامين سلوك لازال مستمرا إلى الآن.
إذن الإصلاح الحقيقي سيبدأ من التعليم والديمقراطية والمواطنة، من الأعلى إلى الأسفل، ومن الأسفل إلى الأعلى، كل ذلك هو الطريق الصحيح إلى إصلاح العدالة ومحيطها.
أما إصدار الوثائق تلو الأخرى، وتطبيق النظريات تلو الأخرى، إنما يدخل في إطار الاستهلاك السياسي مع تغيير الحكومات وصعود وزير للعدل جديد في ظل حكومة جديدة، بحيث يكفي الرجوع إلى رفوف وأرشيف الحكومة، سنضطلع وسنكتشف عدة برامج ونظريات ومناهج ووثائق لإصلاح العدالة.
و الميثاق سيطبق طبعا المقتضيات التي ستصدر عبر قوانين على أرض الواقع، في المحكمة وفي مكاتب مهني القطاع وداخل المجتمع.وسيتم تشريحه في البرلمان، حيث سنكون أمام جلسات مراطونية في البرلمان لإصدار قوانين الإصلاح، وإلغاء قوانين الاستعمار التي تعرقل الإصلاح مثل ظهير 24 ماي 1955 وغيره.وإصدار بعض المدونات الجديدة.
والتحدي الأكبر هو غياب التأهيل مثلا على مستوى البنية التحتية، حيث لازالت بعض محاكم المملكة لا تليق بمقام السادة القضاة والسادة المشاركين للقضاة في صناعة العدالة. من محامين وغيرهم، مثال المحكمة الابتدائية باليوسفية التي قدر لي أن أرتادها بحكم مهنتي، وغيرها من المحاكم التي لازالت تشكو النسيان والإهمال وقلة الموارد البشرية من طرف وزارة العدل، والقطاعات الحكومية المرتبطة من مالية وغيرها.
وعموما فإن إشكالية إصلاح قطاع العدالة المغربية إشكالية عميقة أكبر من وزارة العدل، وأكبر من الحكومة، هي إشكالية لها علاقة بدولة الحق التي تطبق الديمقراطية والقانون. هي إشكالية المجتمع بجميع أطيافه السياسية والمدنية، وتحتاج إلى المزيد من النضال العميق والمستميت والشرس ضد الفساد والمفسدين بالبلد.
كما أنها تحتاج إلى حنكة سياسية وإجماع وطني حول الموضوع، في إطار مقاربة تشاركية حقيقية وغير مزيفة.
نتمنى للميثاق المساهمة المتميزة في إصلاح العدالة، بعد تجاوزه للعقبات المذكورة أعلاه.
*المحامي بهيئة الدار البيضاء


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.