قالت ترانسبرانسي المغرب إنها تضم صوتها إلى كافة القوى الحية في البلاد للتنديد بالانحراف السياسي والقضائي الخطير الذي يتضمنه مشروع قانون المسطرة الجنائية، داعية إلى التعبئة من أجل إسقاط هذا التطاول على الحقوق الأساسية. وأضافت "ترانسبرانسي المغرب" في بيان حول المشروع أنها تشارك كافة منظمات المجتمع المدني القلق العميق إزاء الضرر الجسيم الذي يلحقه هذا المشروع بسير العدالة وبالحكامة العمومية، وهو ضرر تعلن عنه الحكومة بعد ثلاث سنوات من تصريحها الحكومي، الذي يعد بجعل محاربة الفساد من أولوياتها، عبر "تعزيز وسائل محاربة الفساد والمحسوبية والزبونية".
وأشارت الجمعية إلى أن من بين التدابير العديدة التي يمكن ملاحظتها والتي تظهر في هذا النص؛ القيود التي يفرضها الفصل 3 على مباشرة الدعوى العمومية في مسائل الجرائم التي تمس الممتلكات العمومية وتلك التي يمنع الفصل 7 بموجبها اللجوء إلى العدالة من طرف الحركة الجمعوية. فبموجب المادة الثالثة، يضيف البيان، لا يجوز مباشرة أي تحقيق أو رفع دعوى عامة إلا بأمر صريح من النائب العام لدى محكمة النقض صادر بعد الإحالة عن مجلس المحاسبة، أو بناء على طلب الجهات الإدارية المخولة أو من هيئة النزاهة والوقاية ومكافحة الفساد. وبذلك تفقد النيابة العامة على كافة مستوياتها المبادرة في مباشرة التحقيقات والملاحقات القضائية ضد مرتكبي الجرائم ضد الممتلكات العمومية، وأبرزت "ترانسبرانسي" أن المشروع يحرم الضحايا ذوي الصلة من إمكانية رفع دعوى مدنية، مضيفة أن عمل الإدانة المواطنة، مثل الالتزام الذي تفرضه المادة 42 من قانون المسطرة الجنائية على الموظفين العموميين بالإبلاغ عن الجرائم التي يلاحظونها أثناء ممارسة وظائفهم، كلها أمور تصبح غير فعالة. وما لم تكن جريمة تلبس، فإن هذا الإجراء يمنح لمرتكبي هذه الجرائم حصانة قضائية لا يمكن رفعها إلا بإرادة السلطات العمومية المعينة بشكل تقييدي. وزاد البيان أنه وفقا للأحكام الجاري بها العمل، لا يجوز إلا للجمعيات ذات المنفعة العامة أن تصبح طرفاً مدنيا في الإجراءات المتعلقة بهدفها الاجتماعي، حيث إن أقل من خمس جمعيات، القليلة العدد أصلا، والتي تتمتع بهذا الاعتراف، تستخدم هذا المسار. كما أنه من المألوف أن يتم حفظ الدعوى بقرار المدعي العام، معترضا عمليا على تنصبها كطرف مدني. ونبه ذات المصدر إلى أن المادة 7 من مشروع قانون المسطرة تضيف قيودا إضافية على هامش العمل المحدود المعترف به للمجتمع المدني، من خلال اشتراط الحصول على ترخيص من وزير العدل، مشيرا إلى أن الجرائم المالية ليست وحدها التي تتأثر بهذا الإجراء، بل جميع الجرائم والمخالفات التي ينهض المجتمع المدني ضدها. كل هذا، تضيف ترانسبرانسي المغرب، يجعل العدالة تنغلق أمام مكافحة الفساد وأمام تحركات المواطنين ضد الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، في الوقت الذي تستدعي الالتزامات الدولية للمغرب، ومن ضمنها اتفاقية الأممالمتحدة ضد الفساد، والإنجازات الدستورية للبلاد، اتخاذ تدابير فعالة ضد الإثراء غير المشروع، وتضارب المصالح، والوصول إلى عدالة مستقلة وعادلة، لكن هذه التدابير تعمق الإفلات من العقاب.