كشف تقرير جديد صادر عن البنك الإفريقي للاستيراد والتصدير "أفريكسيم بنك"، أن المغرب احتل المرتبة الرابعة في قائمة الدول الإفريقية الأكثر مديونية خارجية خلال عام 2023، بإجمالي ديون بلغ نحو 45,65 مليار دولار أمريكي. التقرير الذي حمل عنوان "واقع عبء الدين في إفريقيا ومنطقة الكاريبي"، قال إن ديون المغرب الخارجية شكلت ما نسبته 5.9 بالمائة من إجمالي الدين الخارجي الإفريقي، خلف كل من جنوب إفريقيا التي بلغت نسبة دينها الخارجي 13.1 بالمائة من أجمالي ديون القارة، تليها مصر بنسبة 12 بالمائة، ثم نيجيريا بنسبة 8.4 بالمائة.
ويعود هذا الترتيب المتقدم للمغرب في سُلم المديونية إلى عدة عوامل، من أبرزها حجم الاستثمارات في البنية التحتية، وتمويل المشاريع الكبرى، بالإضافة إلى الاستجابة للتقلبات الاقتصادية والجيوسياسية العالمية. ومع ذلك، يتميز المغرب بتاريخ في إدارة دينه بطريقة محافظة، يحافظ على التوازن عبر تنويع الشركاء الدوليين (فرنسا، ألمانيا، اليابان) واستخدام أدوات تمويل ميسرة من بنوك دولية كالبنك الدولي والبنك الأوروبي للاستثمار. كما أن الدين العام الداخلي للمملكة يشكل نسبة أقل من الناتج المحلي، مقارنة بمستويات القارة (متوسط 71.7 بالمائة للديون الخارجية 2023)، ويُتوقع أن ينخفض تدريجيا بنسبة تتراوح بين 0.4 و1.0 نقطة مئوية محققة استقرارا نسبيا بحلول 2029. ويدعو تقرير "أفريكسيم بنك" الدول الإفريقية، من بينها المغرب، إلى تقليص اعتمادها على التمويل الخارجي، والتركيز بدلا من ذلك على تعبئة الموارد الداخلية، وتبني أدوات تمويل جديدة، إلى جانب ضبط الإنفاق العام وتعزيز الانضباط المالي. بالنسبة للمغرب، يتطلب الأمر توجها أكثر فاعلية نحو دعم الاستثمار الخاص، وتحديث النظام الجبائي، وتحسين كفاءة الإنفاق العمومي، بهدف ضمان استدامة الدين، دون التخلي عن أهداف النمو الاقتصادي الشامل. وفي الوقت ذاته، زادت المخصصات لدفع فوائد الدين العام إلى مستويات قياسية، إذ بلغت نحو 27.5 بالمائة من الإيرادات العامة عام 2024، مقابل 6.8 بالمائة عام 2008، وهو ما يشير لضغط ملموس على المالية العمومية في ظل ارتفاع أسعار الفائدة العالمية. في خضم هذه المعادلة، يواجه المغرب رهانا مزدوجا؛ فهو من جهة، يستثمر الدين في مشاريع استراتيجية لتعجيل التحول الهيكلي، ومن جهة أخرى، يتصدى لضمان عدم تضييق الخناق على الاستثمار الاجتماعي وتوازن الموازنة. وقد بدا ذلك جليا في خفض العجز من 5.2 بالمائة عام 2022 إلى نحو 4.7 بالمائة عام 2023، مع تحسن تدريجي في أجواء السوق واستقرار نسبي في أسعار الفائدة المحلية.