قال عبد اللطيف الجواهري والي بنك المغرب إن البنوك التشاركية بالمغرب لا تمثل سوى %2 من مجموع أصول القطاع البنكي، إلا أن بنك المغرب باعتباره السلطة الإشرافية على القطاع البنكي، انخرط منذ 2015 بمعية باقي الفاعلين على تأسيس بيئة ملائمة للمالية التشاركية إدراكا منه لأهميتها، وسعيا منه لتسريع استكمال تنزيل أركانه من أجل الاستجابة لتطلعات المجتمع المغربي. وجاء كلام الجواهري في مداخلة له اليوم الخميس، ضمن المنتدى 23 لاستقرار المالية الإسلامية المنظم في الرباط. وأشار أن هذه الجهود أسفرت عن إرساء إطار مؤسساتي وقانوني وتنظيمي وجبائي خاص بالمالية التشاركية وفق خارطة طريق محكمة، وهو الأمر الذي لم يكن ليتأتى لوال التعبئة الشاملة والانخراط الكلي لكافة المتدخلين وعلى رأسهم المجلس العلمي الأعلى.
وأكد الجواهري أن نظام التمويل الإسلامي يحتل مكانة مرموقة وأصبح مترابطا ومندمجا بشكل ملحوظ في المنظومة المالية الدولية، وبالتالي يتوجب علينا الاستمرار على هذا النهج، وذلك بفضل المجلس العلمي الأعلى الذي استطاع أن يتعامل بشكل ناجع مع العديد من التحديات، بغض النظر عن أسبابها، سواء كانت سياسية أو مناخية أو مالية بحتة. وتحدث عن انعدام اليقين الذي يتِسم به الوضع العالمي نتيجة عدم استقرار الأوضاع بالشرق الأوسط وتداعيات الحرب بين إسرائيل وإيران، والحرب الروسية الأوكرانية، والحروب التجارية، خاصة أن منطقة الشرق الأوسط تتوفر على حصة مهمة من الأصول المالية الإسلامية المتداولة على المستوى العالمي، وبالتالي فإن كل تطور سلبي أو إيجابي في هذه المنطقة سيكون له بدون شك انعكاس بشكل مباشر على قطاع الصناعة المالية الإسلامية. وأبرز أن المغرب اعتمد مركزية الفتوى لتحصين القطاع المالي الإسلامي من مخاطر السمعة وتضارب الآراء، وذلك من خلال الرجوع إلى المجلس العلمي الأعلى كهيئة تختص وحدها دون غيرها بإصدار الفتاوى ذات الطابع العام، وقد ترجم ذلك على أرض الواقع من خلال التأشير على التنظيمات المتعلقة بالمالية الإسلامية والعقود النمطية للمنتجات لتحقيق المطابقة الشرعية. وسجل الجواهري أن مسألة المطابقة الشرعية هي تحدي أولي ومنطلق أساسي في نموذج الأعمال، فهي ليست فقط مسألة تعزيز لمتانة القطاع المالي، بل هي أيضا ضرورة من أجل استمرارية المالية الإسلامية، ونقطة حاسمة لتحقيق هدف توحيد الممارسات. وأوضح أن البنوك الإسلامية تواجه عدة تحديات منها تحدي هيكلي مرتبط تدبير السيولة، حيث أن الأدوات والأصول السائلة المتاحة محدودة بسبب التحديات المرتبطة بندرتها، وقابلية تداولها، أو نضج السوق الثانوية، وضعف المعاملات عبر الحدود. ولفت إلى أن التمويل الإسلامي يجب أن يعزز من استعمال الحلول التكنولوجية المالية من أجل تطوير عرضه، رغم أن الأرقام تشير عموما إلى تزايد رقمنة التمويل الإسلامي بنسبة %44 كما جاء في تقرير الاستقرار المالي لمجلس الخدمات المالية لسنة 2025.