قال وزير العدل الأسبق مصطفى الرميد إن القانون لم يكن موفقا في استثناء جرائم الارهاب من تطبيق العقوبات البديلة، لأنه مسثتنى بحكم طبيعة عقوباته الجنائية، باستثناء الفصل 218.2 الذي يتعلق بالاشادة بالأفعال الارهابية، ويقتصر على عقوبة الحبس من سنتين إلى ست سنوات. واعتبر الرميد في مقال على صفحته الرسمية بفايسبوك، أنه يمكن أن تقف غرفة الجنايات المختصة بالإرهاب بمحكمة الاستئناف بالرباط على إشادة لا تكتسي خطورة من حيث نتائجها، وقد تتعلق بتهور لفظي، فتحكم على المتهم بالحبس بأقل من خمس سنوات، يمكن أن تستبدل بذم الارهاب، بأشكال مختلفة، وذلك سيكون أفضل للمجتمع من الحبس، خاصة في حالة إبداء الندم وإعلان الاعتذار.
وأضاف "ومثل ذلك بالنسبة لجرائم الغدر الواردة في الفصل243 ومايليه من القانون الجنائي، وكذلك ما ورد بشان جريمتي التبديد و الاختلاس ،المنصوص عليهما في الفصل 241 من القانون الجنائي، ومعلوم أنه في حالة كون الأشياء المبددة أو المحتجزة أو المخفاة تقل عن مائة ألف درهم، فإن الجاني يعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات، وكان يمكن أن تكون عقوبة هاتين الجريمتين، كما هو الحال بالنسبة لجريمة الغدر، محل استبدال بعقوبة مالية مضاعفة، مرات عديدة". وتابع "الحكم مثلا على شخص بسنتين حبسا نافدا ، إذا تم استبداله بعقوبة الغرامة اليومية ب500 درهم، عن كل يوم ، فستكون القيمة الواجب أداؤها 365 ألف درهم، أما إذا كانت الغرامة اليومية بمقدار 1000درهم عن كل يوم، فستكون القيمة بمقدار:730 الف درهم، وهكذا دواليك.، فما بالك إذا كانت العقوبة أربع سنوات حبسا نافدا، حيث ستكون المبالغ مضاعفة". وانتقد الرميد إخضاع جرائم الاتجار في المخدرات لمقتضيات العقوبات البديلة على عكس الاتجار الدولي، حيث كان ينبغي استثناؤه أيضا، مثل الاتجار في المؤثرات العقلية، نظرا لخطورة هذه الجريمة. وأكد أنه لاشيء يبرر عدم إيراد جريمة الاتجار في المخدرات ضمن الجرائم المستثناة، اذ أنها خطيرة جدا على أمن المجتمع، وصحة الأفراد، مع العلم أن جريمة استهلاك المخدرات التي تعج السجون بمرتكبيها ستخضع بدورها للعقوبات البديلة. وشدد الرميد على أن تحقيق الغايات السامية من تشريع قانون العقوبات البديلة الذي يدخل حيز التنفيذ اليوم الجمعة 22 غشت 2025، تتوقف على حسن تنفيذه من المؤسسات المعنية به، وهي أولا، قضاء الحكم الذي ينبغي أن يتحلى بما يجب من استيعاب جيد لمقاصد هذا القانون، ومعه النيابة العامة التي يتعين أن لا تطعن في الحكم الصادر بهذه العقوبة إلا لأسباب استثنائية جدا، وذلك لكون أي طعن من جانبها يؤدي لامحالة إلى تأجيل تنفيذ الحكم القاضي بالعقوبة البديلة إلى غاية صيرورة المقرر القضائي الصادر بها حائزا لقوة الشيء المقضي به، وهو ما لا يتلاءم مع طبيعة هذه العقوبة، خاصة إذا تعلق الأمر بمعتقل. ولفت أنه يضاف إلى هاتين المؤسستين مؤسسة قاضي تنفيد العقوبة، الذي ستصبح له أدوار حاسمة في الإشراف على تنفيذ مقتضيات هذا القانون، فضلا عن إدارة السجون، التي ستجسد رأس الرمح في تنفيذه مباشرة أو بالتفويض لمؤسسة عمومية أو خاصة. وأبرز الرميد أن القوانين مهما كانت جيدة، فإن جودتها تتبخر إذا لم تجد مواردا بشرية مؤهلة ومحفزة ونزيهة، تسهر على التنفيذ الصارم لمقتضيات هذا القانون، بحيث لا يكون وسيلة للتهرب من العقاب، خاصة فيما يهم عقوبة العمل للمنفعة العامة، إذ قد تقع تواطؤات بيروقراطية، تجعل من هذه العقوبة مجرد حبر على ورق، كما يقع بالنسبة لتوقيع المحاضر من بعض الموظفين، نيابة عن الغائبين منهم. وسجل أن التنفيذ الجيد لقانون العقوبات البديلة سيبقى رهينا بالإمكانات المادية والبشرية التي ستكون رهن إشارة المؤسسات المعنية، وبالأخص منها قاضي تنفيذ العقوبة، والإدارة المكلفة بالسجون وإعادة الادماج. وأوضح الرميد أن القاضي سيكون أمام امتحانات متعددة، فهو من جهة، ينبغي بعد البت في مدى ثبوت الجريمة من عدمه، الحكم إما بعقوبة حبسية نافذة دون عقوبة بديلة، أو عقوبة حبسية ومعها عقوبة بديلة، أو عقوبة حبسية موقوفة، متسائلا أليس في هذا إثقالا على القضاء، وتحميله مسؤوليات مضاعفة، من شأنها أن تثير في مواجهته ردود فعل متباينة، خاصة وأن نصف الناس أعداء للقاضي، هذا إن عدل؟. ودعا إلى التفكير جيدا في مدى جدوى الإبقاء على عقوبة الحبس الموقوف، خاصة وأن هذه العقوبة، أصبحت مجردة عن الماهية الملموسة، فقد أضحت مجرد عقوبة معنوية،حيث تم تجريدها من معناها الأصلي، والذي يجعل منها عقوبة نافذة في حالة ارتكاب الجريمة داخل أجل 5 سنوات، وستكون مرحلة التنفيذ جديرة بإتاحة الفرصة لنقاش موضوعي مفيد للجواب على هذا السؤال وغيره. وخلص الرميد إلى أن قانون العقوبات البديلة يتضمن الكثير من التفاصيل، ويثير العديد من التساؤلات، لكنه في النهاية قانون مهم في مسار استكمال إصلاح المنظومة الجنائية، التي ما زالت في حاجة إلى مراجعة عميقة، خاصة على صعيد القانون الجنائي، الذي تم للأسف، سحب مشروع تعديله وتتميمه، دون وجه حق، من قبل الحكومة الحالية.