في محاولة لإخماد جذوة الاحتجاجات المتزايدة في مختلف الأقاليم، تنديدا بتردي الوضع الصحي، مرت وزارة الداخلية للسرعة القصوى من أجل سد الباب أمام المواطنين والحيلولة دون اتساع رقعة الاحتجاج أكثر، وذلك بإصدار قرارات بمنع تنظيم مختلف الأشكال الاحتجاجية. وعمدت وزارة الداخلية إلى التفاعل بشكل سريع مع دعوات الاحتجاح التي صدرت، وتناقلتها مواقع التواصل الاجتماعي، كما شرعت القوات العمومية في اللجوء إلى القوة لفض هذه الاحتجاجات، كما وقع يومه الأحد أمام المستشفى الإقليمي بالصويرة.
وأصدر مسؤولو وزارة الداخلية، العديد من قرارات منع الاحتجاجات التي كان من المزمع تنظيمها أمام المستشفيات، كما هو الشأن في أكادير وطاطا وبني ملال وتزنيتوسيدي إفني وأمزميز وغيرها. وأصدر باشا إقليمسيدي إفني قرارا لمنع وقفة اليوم أمام المستشفى الإقليمي، لعدم تقديم التصريح المسبق وبسبب المساس بالأمن والنظام العامين. وعلى ذات المنوال أصدر الباشا رئيس المنطقة الحضرية أكادير المحيط قرارا يمنع فيه التظاهر أمام المستشفى الجهوي، بعد الوقفة التي جرى تنظيمها الأسبوع الماضي، والتي حركت وزير الداخلية في زيارة أسفرت عن إعفاءات، وتلتها زيارات لمستشفيات مدن أخرى. وغير بعيد، قرر باشا تزنيت منع أي احتجاج (وقفة أو مسيرة أو اعتصام) بعد الدعوة لذلك أمام المستشفى الإقليمي الحسن الأول، بعلة غياب التصريح القبلي، وعدم توفر الشروط، ولكون هذا الاحتجاج من شأنه المساس بالأمن والنظام العامين. وفي طاطا، رد باشا المدينة على نشطائها الذين دعوا للاحتجاج أملم المستشفى الإقليمي بقرار منع آخر، محملا الداعين للاحتجاج مسؤولية العواقب في حال عدم الامتثال، وهو نفس الأمر الذي تكرر في مدن أخرى كبني ملال. وقد خلفت قرارات المنع هذه استنكارا واسعا، خاصة وأن الاحتجاجات سلمية، وتروم المطالبة بواحد من الحقوق الدستورية الأساسية، وهو الحق في الصحة، إلى جانب التنديد بما وصلت إليه المستشفيات من أوضاع كارثية، تهدد حياة المرضى وسلامتهم. ومن جملة المنددين بالمنع، فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بطاطا الذي استنكر قرار الباشا بمنع وقفة تطالب برفع الحيف والتهميش الذي تعانيه ساكنة الإقليم، والتنديد بالوضع الصحي الكارثي الذي أدى إلى وفيات جراء الإهمال والاستهتار بصحة الساكنة، فضلا عن النقص الحاد في الأطر والمعدات الطبية، وغياب الأطباء، وتعطل بعض المصالح الطبية والتقنية، ورفض تحويل المستشفى الإقليمي إلى مجرد محطة طرقية تُوجّه من خلالها الحالات الحرجة نحو مستشفى الحسن الثاني الجهوي بأڭادير الذي أصبح يُعرف "بمقبرة الموت"، مما يعمّق معاناة الساكنة في ظل التدبير الفاشل لقطاع الصحة. وقال حقوقيو الجمعية إن القرار التعسفي بمنع الوقفة، ليس مجرد إجراء إداري، بل هو انتهاك صارخ للحقوق والحريات الأساسية التي تكفلها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، والدستور.