جرى اليوم الخميس بالرباط، إطلاق النسخة الخامسة من الحملة الوطنية للوقاية من العنف الرقمي والتحرش الإلكتروني، والتي تتواصل إلى غاية 30 دجنبر الجاري تحت شعار "نحو فضاء رقمي دامج وأكثر رفاها للجميع". وتهدف هذه الحملة، التي تم إطلاقها بمبادرة من المركز المغربي للأبحاث المتعددة التقنيات والابتكار وبشراكة مع وزارة العدل ومجلس أوروبا، إلى التحسيس بمخاطر العنف الرقمي القائم على النوع الاجتماعي، وتقوية قدرات الأسر والمربين والمهنيين، إلى جانب تعزيز ثقافة الاستخدام المسؤول والآمن للفضاء الرقمي.
وفي هذا الصدد، أبرزت رئيسة قسم المرصد الوطني للإجرام بوزارة العدل، صوفنة بن يحيى، خلال ندوة صحفية بمناسبة إطلاق هذه الحملة، أنه "في ظل تنامي التحديات المرتبطة بالفضاء الرقمي وما أفرزه من أنماط مستجدة للجريمة، تضطلع وزارة العدل بدور محوري في مكافحة العنف الرقمي والتحرش الإلكتروني، عبر تحديث الترسانة القانونية، وتعزيز التدابير الزجرية، ورفع قدرات المتدخلين في منظومة العدالة وتنسيق الجهود الوطنية والدولية لضمان حماية فعالة للأطفال والنساء والفتيات في البيئة الرقمية". وأضافت أن مشاركة الوزارة في هذا الحدث الهام تأتي تأكيدا لالتزامها الثابت بترسيخ مقومات العدالة الرقمية الآمنة، ودعم الجهود المبذولة لحماية المواطنين، وفي طليعتهم الأطفال والنساء والفتيات، من المخاطر المتزايدة للاستعمالات غير الآمنة للفضاء الرقمي، وما يرتبط بها من تحديات ذات أبعاد قانونية ونفسية واجتماعية. كما شددت المسؤولة على ضرورة مواصلة تطوير الإطار القانوني الوطني وتعزيز المقاربة الوقائية، بما يواكب التطور السريع للتقنيات الرقمية والذكاء الاصطناعي، ويضمن حماية فعالة لحقوق الإنسان في العصر الرقمي. وعلى مستوى الرصد والتحليل ، أوضحت أن المرصد الوطني للإجرام بوزارة العدل يضطلع بدور محوري في إنتاج المعطيات والدراسات العلمية، مشيرة في هذا الإطار، إلى أن المرصد ي عد حاليا دراسة معمقة حول المخاطر الجنائية ل "الميتافيرس" والألعاب الإلكترونية على القاصرين، ست قدم نتائجها في التاسع من دجنبر الجاري. من جانبها، سجلت رئيسة مكتب مجلس أوروبا بالمغرب، كارمن مورتي غوميز، أن النساء الشابات والفتيات هن الأكثر تأثرا من هذه الظاهرة "على مستوى مسارهن الدراسي والمهني وعلاقاتهن الاجتماعية"، مشيرة إلى أن العديد منهن يعانين في صمت، خوفا من نظرة المجتمع أو الوصم الاجتماعي. وأكدت مورتي غوميز، في كلمة ألقيت بالنيابة عنها، أنه فضلا عن الجوانب القانونية والتقنية، لابد من الاعتراف بالتأثير النفسي العميق للعنف الرقمي والمتمثل أساسا في الشعور بالقلق، وفقدان الثقة بالنفس، والتوتر المزمن، واضطرابات الاكتئاب، معتبرة أن تعزيز آليات الاستماع، وتوفير المواكبة النفسية الملائمة، وتكوين المهنيين المتخصصين في تشخيص هذه المعاناة، تشكل خطوات أساسية لتمكين الضحايا من استعادة عافيتهن وإعادة بناء حياتهن. من جهته، قال رئيس المركز المغربي للأبحاث المتعددة التقنيات والابتكار، يوسف بن طالب، إن الدورة الخامسة لهذه الحملة تركز على الرفاه الرقمي والصحة العقلية، وتتمحور على الخصوص حول تعزيز قدرات المهنيين والفاعلين في هذا المجال، من خلال تنظيم دورات تكوينية جهوية لفائدة خلايا التكفل بالنساء والأطفال ضحايا العنف، وكذا جمعيات المجتمع المدني ومراكز الاستماع. وأشار إلى أن المركز المغربي للأبحاث المتعددة التقنيات والابتكار سيواصل جهوده التحسيسية من خلال مبادرات مبتكرة منبثقة عن "المسابقة الوطنية حول أفضل المبادرات الإبداعية للوقاية من العنف الرقمي ضد النساء والفتيات" التي تم إطلاقها بشراكة مع مجلس أوروبا، والتي تهدف إلى تشجيع الإبداع في مجال الوقاية من العنف والتحرش الإلكتروني. كما أعلن بن طالب عن إطلاق أول روبوت دردشة للمساعدة والتوجيه التقني والقانوني والنفسي الخاص بفضاء مغرب الثقة السيبرانية، الذي تم تطويره بالاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، موضحا أن هذا الروبوت "يقدم معلومات موثوقة، ونصائح عملية، ومواكبة أولية أسرع قبل التدخل الفعلي لفرقنا البشرية، وهو متاح للجميع، لا سيما فئة الشباب، الذين يمنحون ثقتهم بشكل متزايد لأدوات الذكاء الاصطناعي". وبمناسبة إطلاق هذه الحملة الوطنية، بدعم من سفارة سويسرا بالمغرب ، جرى توقيع اتفاقية شراكة في مجال التوعية ودعم القدرات للتكفل بالنساء والفتيات ضحايا العنف الرقمي، بين المركز المغربي للأبحاث المتعددة التقنيات والابتكار واتحاد العمل النسائي-فرع طنجة ومنظمة عايدة. كما تم خلال هذا الحدث، الذي يأتي تزامنا مع الحملة الدولية ل 16 يوما من الأنشطة لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات، تقديم عرض حول الأبعاد النفسية للعنف الرقمي والتحرش الإلكتروني، وآخر حول العالم الرقمي ومواقع التواصل الاجتماعي من وجهة نظر الشباب، وما تنطوي عليه من فرص ومخاطر وتطلعات، إضافة إلى الإعلان عن الفائزات بالمباراة الوطنية حول أفضل المبادرات الإبداعية للوقاية من العنف الرقمي ضد النساء والفتيات، وتقديم دليل مرجعي للتكفل بالأطفال والنساء ضحايا العنف الرقمي بالمغرب.