في جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب المنعقدة يوم الاثنين 22 دجنبر الجاري، قدّم عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، مداخلة استعرض فيها مختلف التدابير والإجراءات التي اتخذتها وزارته، بتنسيق مع باقي القطاعات والمؤسسات، لمواجهة آثار موجة البرد والتقلبات المناخية التي تعرفها عدة مناطق من المملكة، خاصة بالعالم القروي والمناطق الجبلية. وأكد وزير الداخلية في مستهل مداخلته أن هذه التعبئة تندرج في إطار "التعليمات الملكية السامية الرامية إلى الرفع من درجات اليقظة والتعبئة قصد حماية المواطنين والحفاظ على أمنهم وسلامتهم في مواجهة المخاطر الطبيعية، خاصة في ظل التقلبات الجوية التي تعرفها بلادنا خلال الموسم الشتوي"، مشيراً إلى أن القوات المسلحة الملكية، بأمر من جلالة الملك، قامت بإقامة ثلاثة مستشفيات عسكرية ميدانية بكل من جماعة تنفيذ بإقليم ميدلت، وجماعة إمي نولاون بإقليم الحوز، وجماعة آيت محمد بإقليم أزيلال، حيث شرعت هذه الوحدات في تقديم خدماتها الطبية لفائدة الساكنة المستهدفة.
وأوضح لفتيت أن مؤسسة محمد الخامس للتضامن، وبتوجيهات ملكية سامية، تواصل تقديم مساعداتها الإنسانية العاجلة لفائدة الساكنة المهددة، حيث همّت هذه العمليات إلى حدود الآن أزيد من 859 دواراً على مستوى 100 جماعة ترابية تابعة ل16 إقليماً، مع استمرار الجهود من أجل تعميم الدعم على جميع المناطق المعنية. وفي السياق نفسه، شدد الوزير على أن وزارة الداخلية تباشر مع بداية كل موسم شتوي حزمة من الإجراءات الوقائية والتدابير الاحترازية الرامية إلى مواجهة الآثار السلبية لموجات البرد وتساقط الثلوج، خصوصاً بالمناطق القروية والجبلية. وأبرز وزير الداخلية أن تدبير هذه المخاطر يتم وفق "استراتيجية جديدة تقوم على المقاربة المجالية والمقاربة الاستباقية"، من خلال تفعيل المخطط الوطني للتخفيف من آثار موجة البرد، الذي يتم إعداده وتحيينه سنوياً بناءً على معطيات ميدانية واقعية وفي إطار مقاربة تشاركية مع مختلف القطاعات الوزارية المعنية، بما يضمن الالتقائية والنجاعة في الأداء. وبيّن أن المخطط الوطني للموسم الشتوي الحالي يشمل 2018 دواراً تابعاً ل231 جماعة ترابية موزعة على 128 قيادة، ويستهدف ساكنة إجمالية تُقدّر بحوالي 833 ألف نسمة. وفي هذا الإطار، أوضح لفتيت أن الوزارة اعتمدت تصنيفاً دقيقاً للمناطق المعنية حسب درجة الخطر إلى ثلاثة مستويات: المستوى الأحمر الذي يشمل 382 دواراً ويهم ساكنة تُقدّر بحوالي 137 ألف نسمة، والمستوى البرتقالي الذي يضم 1253 دواراً ويستهدف حوالي 470 ألف نسمة، ثم المستوى الأصفر الذي يشمل 383 دواراً ويهم ساكنة تُقدّر بنحو 225 ألف نسمة. ولفت إلى أن هذا التصنيف يهدف إلى ضمان الاستهداف الدقيق والفعال للساكنة الأكثر عرضة لمخاطر موجة البرد. كما أشار وزير الداخلية إلى أنه على المستوى المركزي، انعقد بتاريخ 13 نونبر اجتماع اللجنة الوطنية البين-وزارية المكلفة بالتخفيف من آثار موجة البرد، للوقوف على مختلف الإجراءات الاستباقية المسطرة، مع تفعيل لجان اليقظة على مستوى العمالات والأقاليم، ورفع درجة التعبئة والتتبع اليومي للوضعية الميدانية، واتخاذ التدخلات الضرورية لحماية الساكنة من كل التداعيات المحتملة. وأكد أن مقاربة الوزارة في تدبير هذا المخطط ذات طابع اجتماعي بالأساس، وتشمل ضمان الولوج إلى الخدمات الصحية عبر تنظيم قوافل طبية وتعبئة وحدات طبية متنقلة، خصوصاً لفائدة الفئات الهشة كالنساء الحوامل، والأشخاص بدون مأوى، والمسنين، والمصابين بأمراض مزمنة. وفيما يتعلق بالدعم اللوجستيكي والغذائي، أوضح لفتيت أنه تم توزيع حصص من المواد الغذائية والأغطية لفائدة ساكنة المناطق الجبلية والنائية، حيث جرى توفير ما يقارب 10 آلاف حصة غذائية مرفوقة بالأغطية، إضافة إلى 10 آلاف وحدة إضافية من الأغطية وُجّهت بشكل استعجالي إلى أقاليم أزيلال، شفشاون، ميدلت، تنغير، ورزازات وتارودانت. كما تم توزيع حوالي 4540 طناً من مواد التدفئة، وتوفير 10 آلاف فرن محسّن لفائدة الساكنة المعنية، فضلاً عن المؤسسات التعليمية والمراكز الصحية الواقعة بالمناطق المتأثرة. وأكد وزير الداخلية أيضاً تعبئة 1240 آلية لإزاحة الثلوج، موزعة ترابياً بشكل يضمن التوازن والسرعة والفعالية في التدخل، من أجل فتح المحاور الطرقية المهددة بالانقطاع، وفك العزلة عن الدواوير المحاصرة، وتأمين الولوج إلى الخدمات الأساسية. كما أشار إلى إعداد منصات خاصة لتسهيل نزول المروحيات التابعة للدرك الملكي ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية، قصد إنقاذ الحالات الصحية الحرجة أو إيصال المساعدات الغذائية إلى المناطق المعزولة. وشدد على أن مصالح الوزارة تقوم بتتبع مستمر لنشرات مديرية الأرصاد الجوية، مع تحسيس الساكنة المحلية بمستوى خطورة الوضع واتخاذ الاحتياطات اللازمة، والالتزام بتوجيهات السلطات المحلية المختصة. وختم لفتيت مداخلته بالتأكيد على أن وزارة الداخلية "ستظل، في إطار مقاربتها الاستباقية لتدبير المخاطر، مجندة إلى جانب كافة المتدخلين والفاعلين المعنيين لتقديم كل أشكال الدعم والمساعدة للمواطنين، مع تعبئة جميع الموارد والوسائل اللازمة، ضماناً لأمنهم وسلامتهم من مختلف المخاطر الطبيعية أو البشرية، وذلك تنفيذاً للتوجيهات الملكية السامية".