توقفت زكية الدريوش، كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري، عند ملف تسوية وضعية أصحاب قوارب الصيد التقليدي، مستحضرة تجربة سنوات سابقة، خاصة ما عرفته مدينة الداخلة في مطلع الألفية من اختلالات نتيجة ارتفاع مجهود الصيد وضعف المراقبة. وأكد الدريوش في جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين المنعقدة يوم الثلاثاء 23 دجنبر الجاري، أن الدروس المستخلصة من تلك المرحلة ساهمت في بلورة مقاربة جديدة قوامها التهيئة المستدامة للمصايد.
وقالت في هذا السياق إن "الحكومة، ومن خلال استراتيجية أليوتيس التي أطلقها جلالة الملك سنة 2009، اعتمدت البحث العلمي لتحديد مجهود الصيد وضمان التوازن بين المخزون السمكي والنشاط المهني"، مضيفة أن الهدف الأساسي هو "الحفاظ على استثمارات البحارة وضمان عيش كريم لهم، مع محاربة القوارب غير القانونية وعدم منح رخص الصيد إلا بناء على دراسات علمية دقيقة". وفي إطار حديثها عن آفاق تطوير القطاع، أكدت كاتبة الدولة أن خريطة الطريق 2025-2027 تشكل امتداداً لاستراتيجية أليوتيس، وتهدف إلى تعزيز المكتسبات وضمان الاستدامة. وأوضحت أن هذه الخريطة ترتكز على تأهيل المصايد باعتبارها أولوية استراتيجية، وتطوير البحث العلمي، وتعزيز منظومة المراقبة البحرية والبرية، إلى جانب تنمية تربية الأحياء المائية البحرية باعتبارها رهاناً مستقبلياً للأمن الغذائي. وفيما يخص حصيلة القطاع، أبرزت الدريوش أن الصيد البحري حقق نتائج إيجابية خلال سنة 2024، حيث بلغ الإنتاج الوطني من المنتجات السمكية حوالي 1.1 مليون طن بقيمة مالية تناهز 3.8 مليار درهم، كما ساهم القطاع في توفير نحو 260 ألف منصب شغل مباشر. واعتبرت أن هذه الأرقام تعكس "أهمية القطاع كرافعة للاقتصاد الوطني وضامن للأمن الغذائي"، مع الإقرار بوجود تحديات تتطلب مواصلة الإصلاح، خاصة ما يتعلق بضبط الأسعار ومحاربة المضاربة وتحسين سلاسل التسويق. وفي جوابها عن سؤال يتعلق بحماية الشعاب المرجانية، شددت كاتبة الدولة على أن "تطور قطاع الصيد البحري يظل رهيناً بحماية النظم البيئية البحرية والساحلية"، مؤكدة أن الشعاب المرجانية، ولا سيما المرجان الأحمر، تشكل ثروة بحرية نادرة ذات قيمة اقتصادية عالية وتتميز بصعوبة تجددها. وأبرزت أن المغرب منخرط بقوة في الجهود الدولية لحماية التنوع البيولوجي البحري، من خلال المصادقة على عدد من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، واتخاذ تدابير وطنية عملية، من بينها تنظيم استغلال المرجان بمرسوم منذ سنة 2005، وتحديد مناطق الاستغلال الحصري والكميات القصوى المسموح بها، إضافة إلى إغلاق بعض المناطق أمام هذا النشاط للتخفيف من الضغط البيئي، مع الاعتماد على البحث العلمي في تقييم وضعية الشعاب المرجانية. وشهدت الجلسة تعقيبات لعدد من المستشارين البرلمانيين، ركزت في مجملها على التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه مهنيي الصيد التقليدي، خاصة أوضاع البحارة بقرى الصيد وضرورة تحسين شروط العيش والعمل، وضمان الولوج العادل والمنظم إلى الثروة البحرية. كما دعا المستشارون إلى تسريع وتيرة محاربة الصيد غير المشروع وغير المصرح به، واحترام فترات الراحة البيولوجية، وتعزيز التنسيق مع الجماعات المحلية والمهنيين، بما يضمن حماية الموارد البحرية وتحقيق تنمية مستدامة حقيقية.