قدم عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، بعض التفاصيل الجديدة حول مسار إعداد ومناقشة مشروع القانون رقم 16-20 المتعلق بتنظيم مهنة العدول، مؤكداً أن هذا النص التشريعي جاء ثمرة مسار طويل من التشاور المؤسساتي والحوار المتعدد الأطراف، وليس نتيجة تفاوض ظرفي أو أحادي. وخلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين المنعقدة يوم الثلاثاء 23 دجنبر، شدد الوزير على أن وزارة العدل لم تفاوض "الأشخاص أو أي جهة خارج الإطار القانوني"، بل اشتغلت حصراً مع المؤسسات التي ينص عليها القانون، وعلى رأسها الهيئة الوطنية للعدول باعتبارها مؤسسة رسمية مخوّل لها قانوناً التمثيل المهني.
وأوضح وهبي أن الوزارة عقدت مع الهيئة الوطنية للعدول ما مجموعه 19 اجتماعاً، منها اجتماعات سبقت وضع مشروع القانون وأخرى تلته، مشيراً إلى أن هذه اللقاءات همّت مناقشة الملاحظات المرتبطة بالقانون القديم، ثم الملاحظات الجديدة التي أُثيرت بخصوص مشروع القانون الحالي. وأضاف أن مسار النقاش انتقل بعد ذلك إلى الأمانة العامة للحكومة، حيث عُقدت 14 اجتماعاً إضافياً بمشاركة مختلف الهيئات المعنية، وتم خلالها التطرق بتفصيل إلى قانون العدول في شموليته، بما في ذلك وضعية المرأة العادلة، ووضعية الحقوق، والإشكالات المرتبطة بممارسة المهنة وتنظيمها. وأكد وزير العدل أن المشاورات لم تقتصر على الهيئة المهنية والأمانة العامة للحكومة، بل شملت أيضاً قطاعات حكومية أخرى، حيث تم عقد حوالي تسعة اجتماعات إضافية، ليصل مجموع اللقاءات إلى رقم يعكس، بحسب تعبيره، "حجماً غير مسبوق من الحوار المؤسساتي". وتوقف الوزير عند ما وصفه بآخر نقطة خلافية لا تزال عالقة، وتتعلق بمسألة المبالغ المالية المرتبطة ببعض الإجراءات، موضحاً أن هذا الموضوع طُرح للنقاش مع وزارات أخرى من بينها وزارة المالية ووزارة الداخلية. وأبرز وهبي أن هناك اعتراضات مبدئية تتعلق بمبدأ المجانية، مؤكداً أنه "لا يمكن منح مبالغ مالية عن بعض الإجراءات، لأن ذلك يطرح إشكالاً مبدئياً يتعلق بالمساواة مع هيئات مهنية أخرى، كالمحامين والموثقين". وشدد على أن الأموال العمومية لا يمكن صرفها خارج إطار مؤسساتي واضح، ولا يمكن أن تُمنح مباشرة لفئات بعينها، معتبراً أن هذا التوجه "قرار حكومي ومؤسساتي لا رجعة فيه". وفي تعقيبه على مداخلات المستشارين، أكد وزير العدل أن الإصلاحات التي يشهدها قطاع العدالة تندرج في إطار رؤية شمولية تهدف إلى تعزيز الأمن التعاقدي وحماية الحقوق، مبرزاً أن مهنة العدول تضطلع بدور محوري في هذا المجال. وقال وهبي إن إدماج المرأة في مهنة العدول، كما نص عليه مشروع القانون، يشكل تحولاً تاريخياً واستجابة للتوجيهات الملكية السامية، ويعكس تطور البنية المجتمعية والمؤسساتية بالمغرب. وأضاف أن هذا الاختيار "ليس إجراءً شكلياً أو ظرفياً، بل هو قرار مبدئي ينسجم مع مشروع إصلاح منظومة العدالة ككل".