اتفاقية رقمنة تصدير منتجات الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي بالمغرب    أشرف حكيمي يقود سان جرمان للنهائي ويتوج بأفضل لاعب في مواجهته ارسنال    مسؤول بالوقاية المدنية: إحداث منصات المخزون والاحتياطات الأولية يهدف إلى تعزيز الأمن الاستراتيجي للمملكة    الرئيس الشرع يؤكد إجراء "مفاوضات غير مباشرة" بين سوريا وإسرائيل    غزة تُباد.. استشهاد 102 فلسطينيا في سلسلة مجازر إسرائيلية وإصابة 193 خلال 24 ساعة    التجسس على "واتساب": القضاء الأمريكي يغرم "إنزو" الإسرائيلية بمبلغ 168 مليون دولار لصالح "ميتا"    عبد اللطيف حموشي في زيارة عمل إلى فيينا ويلتقي مسؤولي أجهزة استخبارات من قطر وتركيا والسعودية والإمارات وباكستان    باريس تزيح أرسنال من دوري الأبطال    وهبي: "أشبال الأطلس" مستعدون لمواجهة أي منتخب في الدور القادم    بلقشور يكشف عن موعد إجراء مباراتي السد ويؤكد تواجد تقنية "الڤار"    متابعة ناشطين من حراك فجيج بينهما "موفو" في حالة اعتقال وأولى جلسات محاكمتهما يوم الخميس    استهلك المخدرات داخل سيارتك ولن تُعاقبك الشرطة.. قرار رسمي يشعل الجدل في إسبانيا    رئيس جامعة عبد المالك السعدي يوقع اتفاقيتين مع جامعتين مجريتين لتعزيز الشراكات الدولية    باكو.. الأميرة للا حسناء تزور المؤسسة التعليمية "المجمع التربوي 132–134"    تصعيد خطير في جنوب آسيا: سلاح الجو الهندي يتكبد خسائر بمئات الملايين بعد هجوم باكستاني دقيق    لمواجهة الكوارث.. الملك يعطي انطلاقة إحداث منصة للمخزون والاحتياطات الأولية    المصطفى الرميد: لا تعارض بين الانحياز لقضايا المغرب ونصرة غزة    مجلس أوربا: قانون العقوبات البديلة "منعطف تاريخي" في المنظومة القضائية المغربية    رئيس الحكومة الإسبانية يثني على مساهمة المغرب في تجاوز أزمة انقطاع التيار الكهربائي    الأخضر ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    العصبة تكشف برنامج الجولة الأخيرة من البطولة الاحترافية    تُهرّب الحشيش من شمال المغرب.. إسبانيا تُطيح بشبكة إجرامية في الجنوب    الجزائر تواصل مطاردة المثقفين.. فرنسا تتلقى مذكرتي توقيف دوليتين ضد كمال داود    صحيفة أجنبية: المغرب يعد الوجهة السياحية الأولى في إفريقيا    الأطرالصحية ونقابة الجامعة الوطنية للصحة بعمالة المضيق الفنيدق تضع يدها على ملف ساخن وتستنكر تعطيل خدمات تقويم البصر بمصحة النهاري بمرتيل    تعليمات جديدة من لفتيت للأمن والولاة: لا تساهل مع السياقة الاستعراضية والدراجات المعدلة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    ملاحظة نقدية من طرف ألفونس ويلهانز حول جان بول سارتر والعقل الجدلي    ذاكرة النص الأول بعيون متجددة    أبو الأسود الدؤلي    توقيف مواطنين فرنسيين من أصول مغربية يشتبه تورطهما في قضية تتعلق بالسكر العلني وارتكاب حادثة سير بدنية مع جنحة الفرار    دراسة علمية تكشف قدرة التين المغربي على الوقاية من السرطان وأمراض القلب    الخطوط الملكية المغربية و"المبنى رقم 1 الجديد" في مطار JFK بنيويورك يبرمان شراكة استراتيجية لتعزيز تجربة المسافرين    ديزي دروس يكتسح "الطوندونس" المغربي بآخر أعماله الفنية    من إنتاج شركة "Monafrique": المخرجة فاطمة بوبكدي تحصد جائزة وطنية عن مسلسل "إيليس ن ووشن"    إسبانيا تمول محطة تحلية عملاقة بالمغرب ب340 مليون يورو    "قانون بنعيسى" يُقصي الصحافيين من تغطية دورة جماعة أصيلة ويثير الجدل    لأول مرة في مليلية.. فيلم ناطق بالريفية يُعرض في مهرجان سينمائي رسمي    بركة: نعيش سنة الحسم النهائي للوحدة الترابية للمملكة    من هي النقابة التي اتهمها وزير العدل بالكذب وقرر عدم استقبالها؟    من المليار إلى المليون .. لمجرد يتراجع    "التقدم والاشتراكية": الحكومة فشلت على كافة المستويات.. وخطابها "مستفز" ومخالف للواقع    الزمالك المصري يقيل المدرب بيسيرو    اختتام الدورة الأولى للمنتدى الدولي للصناعة والخدمات بجهة أكادير    تشتت الانتباه لدى الأطفال…يستوجب وعيا وتشخيصا مبكرا    بركة: إحداث 52 ألف فرصة شغل بقطاع البناء والأشغال العمومية    "كوكا كولا" تغيّر ملصقات عبواتها بعد اتهامها بتضليل المستهلكين    فليك يتهم الحكم بإقصاء برشلونة ويُخاطب لاعبيه قبل الكلاسيكو    دافيد فراتيزي: اقتربت من فقدان الوعي بعد هدفي في شباك برشلونة    المغرب يستقبل 5.7 ملايين سائح خلال 4 أشهر    السياحة الريفية في الصين... هروب من صخب المدن نحو سحر القرى الهادئة    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    تحذير من تناول الحليب الخام .. بكتيريات خطيرة تهدد الصحة!    استقبال أعضاء البعثة الصحية لموسم الحج    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دمشق في القلب
نشر في لكم يوم 11 - 08 - 2011

تحدث السيد ادريس هاني، وهو مغربي يعتنق المذهب الشيعي الجعفري، عن الثورة في سوريا. اصدر موقفا من ثورة سوريا مجمله رفض هبة السوريين ووسمهم بعملاء تحركهم ايادي اجنبية وتحركهم ايديولوجية تكفيرية. نريد في هذا المقال التفاعل مع طرح السيد هاني الذي عبر عنه في مقال في الموقع الإلكتروني هسبريس وهو مقال ظهر واختفى سريعا.
سوريا نظام الممانعة:
حينما انطلقت الثورة السورية، انطلقت بمطالب بسيطة وعادية وغير مكلفة للنظام السياسي. اشتعلت شرارات الغضب لما عمد الامن السوري في مدينة درعة الى اعتقال اطفال صغار بتهمة الصاق مناشير معادية على الجدران. هكذا بدأت القصة ويعرف الجميع كل الفصول اللاحقة التي كتبها النظام بحبر دموي قاني. لم يكتفي السيد هاني بكتابة مقال عن سوريا واحداث سوريا دون معاينة ميدانية، كما نفعل نحن الذين لا نملك الترف والقدرة المالية واللوجيستيكية على ذلك بل ربما لن نتمتع بالتصريح الذي يسمح لنا بالاطلاع على حقيقة العصابات التي تعتدي على الجيش العربي السوري، أقول لم يكتفي السيد ادريس بذلك فقط بل بل تجشم عناء السفر، وقام برحلة الى سوريا، لينقل الخبر اليقين. وهي رحلة تزامنت مع تصريح مهم للأمين العام لحزب الله كله دفاع عن نظام بشار ومناشدة للشعب السوري لإنهاء ثورته وتنبيه للثوار الى المخاطر التي قد تأتي من باب هذه المواجهة مع نظام الممانعة. افرغ هاني مشاهداته ورؤاه في مقال ظهر، كما قلنا أعلاه، ثم اختفى بسرعة في موقع هسبريس.
تدور رؤية هاني للأحداث في سوريا حول فكرة تقول ان الثورة السورية هي من فعل تحريض خارجي هدفه اسقاط خيار الممانعة الذي ترفع لواءه سوريا الاسد. ويضيف هاني أن اداة الهجوم على سوريا هي ما اسماه بأنصار الامارات الاسلامية والمخربين. كما يعتبر ان هذه الهجمة على سوريا تنتظم في إطار استراتيجية إخوانية تريد ان تسلم الثورات في المنطقة ككل الى تركيا.
إذا فككنا هذه الاطروحة واستخرجنا المسكوت عنه، فإننا سننجد أنفسنا أمام أطروحة طائفية لا علاقة لها بالتحليل الموضوعي.
قد نتفق على ان سوريا مع حافظ الاسد قد مارست سياسة وطنية فيما يخص الصراع مع اسرائيل. رفع الاسد شعار " لا حرب مباشرة مع اسرائيل دون تحقيق التوازن الاستراتيجي". لسنا من المغفلين الذين يعاتبون نظام حافظ على عدم اشعال الحرب في الجولان. ان الدول تخوض الحروب بالوسائل الممكنة. فالصين بقوتها لم تستطع الى الان ضم التايوان او الصين الوطنية الى ترابها، وذلك لان الحرب على التايوان ستكون لها عواقب على كل البرنامج التنموي الصيني وعلى كل ما تخطط له الصين مستقبلا. مقابل تهدئة الجبهة مع التايوان فالصين فرضت على العالم الا يكون للتايوان تمثيل في الامم المتحدة فهناك صين واحدة هي الصين الشعبية.
نفس الاسلوب يتكرر في حالة سوريا. فاذا كانت سوريا غير قادرة على مواجهة إسرائيل مباشرة فان اسرائيل عاجزة على ان تفرض على سوريا عقد معاهدة سلام استسلامي كما حدث لمصر والاردن رسميا ولباقي الدول العربية بطريقة غير رسمية. سوريا تواجه اسرائيل والمشروع الصهيوني بالحروب الإقليمي والجهوية ( لبنان – غزة-ايران-العراق بعد صدام). وقد استطاعت سوريا ان توقف الكثير من المصائب السياسية من خلال هذه الحرب غير المباشرة التي تدعم فيها حلفاء تلتقي مصلحتهم مع مصلحة سوريا الوطنية. نقول هذا وإن كان لنا الكثير من التحفظ على هذه الاستراتيجية، لكن يكفي ان هذه الاستراتيجية تعرقل بعضا من خطط اسرائيل. حالة سوريا وموقفها من الصراع العربي الاسرائيلي تلخصه العبارة التي تقول " لا حرب دون مصر ولا سلام دون سوريا"، وهذا ليس بالقليل.
لكن هل الممانعة هي شيك ابيض يجيز للنظام السوري ان يحرم شعبه من حقوقه العادلة والطبيعية ومن حقه في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية؟
الحرية سبيل التحرر:
لقد تشكلت في سوريا فلسفة في الحكم، نجدها لدى كل الانظمة العسكرتارية في المنطقة منذ الخمسينات، أساسها شعار "لا صوت يعلو فقو صوت المعركة" . بموجب هذا الشعار تعتبر هذه الانظمة، إن أحسنا النية بها، ان اي انفتاح سياسي هو تهديد للجبهة الداخلية المقاومة. وهذا خطأ كبير، إذ لا تحرر دون حرية. فوحدها الشعوب الحرة تقاوم الاستعمار. وحالة صدام خير تعبير عن ذلك. فلم يكن دخول امريكا العراق في ابريل 2003 بتلك السهولة إلا لأن شعب العراق في مجمله لم يكن يعتبر ان تلك المعركة معركته. لكن بعدما سقط نظام صدام وظهر ان امريكا جاءت لتبقى أصبح الكلام غير الكلام.
إذا كنا نسلم أن نظام الاسد الاب قبل الابن كان نظام مواجهة وممانعة حسب القدرات الممكنة، فإننا لا نقبل القول بان ثورة الشعب انما هي تدبير مدبر.، بل انها ثورة ذات اسباب داخلية بالتمام والكمال. وإن كان هناك من عامل خارجي فلا يعدو ان يكون عامل العدوى الايجابية التي اطلقتها ثورتا تونس ومصر.
لقد بنى حافظ الاسد نظاما مستبدا يتسم بالشمولية، ويرتكز على حكم دائرة ضيقة من العائلة، لكن الوصول الى هذه الدرجة من الانغلاق العائلي لم يحصل مرة واحدة بل كان وليد مسار سياسي طويل مر من أربع مراحل.
1- مرحلة حزب البعث:
في سنة 1961 حصل الانفصال بين سوريا ومصر، وانتهت دولة الوحدة بين الاقليمين العربيين. وقد رأى اكرم حوراني احد مثقفي حزب البعث واحد قادته السياسيين ان العمل من خلال المؤسسات السياسية لم يؤتي اكله في الصراع ضد الاقطاع ووكلاء الاستعمار، فنبه إلى ضرورة التفكير في التغيير العسكري. قام الحوراني باستعمال ضباط شباب من الطائفة النصيرية. وتشكلت لجنة عسكرية باركها وزكاها ميشيل عفلق، كان على راسها قيادة من ثلاث ضباط من بينهم حافظ الاسد. في عام 1963 سيقوم البعث بانقلاب عسكري سيستولي بموجبه على السلطة، لتبدأ مرحلة من حكم البعث لم تنتهي الى الان.
2- مرحلة الطائفة:
بعد نجاح الانقلاب واستلام البعث للسلطة سيظهر خلاف بين الجناح السياسي والجناح العسكري للحزب سينتهي بانتصار الجناح العسكري الذي سيقود انقلابا سنة 1966 بقيادة صلاح جديد وحافظ الاسد. وقد غلب على الجيش منذ انقلاب 1963 سيطرة أبناء الطائفة النصيرية خصوصا على مستوى القيادة، إلا من بعض الضباط القلائل الذين ينتمون للسنة. ومن المعلوم أن الطائفة النصيرية لا تتعدى نسبة 12 في المائة من مجموع سكان سوريا. لهذا اظهر الضباط وفاء كبيرا وارتباط شديدا بالنظام وبالطائفة. ولان الجيش كان مكونا في قيادته من الضباط النصيريين فقد كان انقلاب 1966 بداية سيطرة الطائفة على مقاليد الحكم بسوريا.
3 – مرحلة الجيش:
لم تدم المودة السياسية بين صلاح جديد والاسد طويلا. وقد كان جديد منهمكا بالعمل الحزبي ومشاكل الحزب، في حين ركز الاسد اهتمامه بالجيش.
لهذا كان من السهل على الاسد ان يقود انقلابا عسكريا عام 1970 تحت مسمى الحركة التصحيحية. وقد كان هذ الانقلاب من اسهل الانقلابات، إذ لم يحتج الاسد فيه الى الجيش بل قامت الشرطة باعتقال صلاح جديد. وقد دخل الاسد مباشرة بعد الانقلاب في عملية تطهير للحزب من العناصر ذات الميول الماركسية والعناصر الراديكالية وهي في أغلبها عناصر سياسية مدنية، محتفظا بالحزب كغطاء شرعي لنظامه. إن تصفية الجناح السياسي للحزب سيفتح مرحلة سيطرة الجيش على مقاليد الحكم بدل الحزب.
4 – مرحلة العائلة:
تميز الاسد الاب بخاصية اساسية هي الحذر. ومن شدة حذره أنه وضع على راس اجهزة المخابرات الاربع (المخابرات العسكرية والجوية والسياسية والعامة) ضباطا ليسوا فقط من الطائفة بل من العائلة، إلى درجة أن اهم مسؤول عسكري كان هو اخوه رفعت الاسد الذي اشتهر بحرق حماة عام 1982. ويستمر اعتماد المقربين وابناء العائلة الى اليوم مع بشار الاسد. فاخوه ماهر الاسد يترأس القوة الضاربة في الجيش ممثلة في الفرقة الرابعة، في حين يسيطر اقرباؤه ومن بينهم رامي مخلوف على قطاع الاعمال والتجارة. بل يذهب البعض الى ان بشار الاسد اصبح رهينة بيد العائلة التي ولغت في المال والسلطة ، فما العمل وهي الان قد ولغت في الدم السوري الطاهر.
انتقلت هيمنة ال بشار على السلطة بسوريا من مراحل اربع. كانت الاولى سيطرة البعث ثم الطائفة النصيرية فالجيش واخيرا العائلة والمقربين.
ان هذا الاستفراد بالسلطة لكاف وحده لكي ينتفض ابناء سوريا دون الحاجة الى تحريض خارجي. ويمكن التذكير بأسباب اخرى من بينها ان دستور سوريا ينص على ان حزب البعث هو قائد الدولة والمجتمع، مما يجعلنا نقول ان ما يسمى بالجبهة الوطنية التقدمية ليست الا غطاء للتعمية وللديكور التعددي. كما نفس ينص الدستور على ان الانتماء إلى جماعة الاخوان المسلمين جريمة يعاقب عليها بالإعدام. ولا يجب في هذا الإطار ان ننسى ما اعترف به السيد هاني وهو التضخم الامني؟ إن شعار " لا صوت يعلو فوق صوت المعركة"( بغض النظر عن صدقية حامليه) لا يمنح لأي كان شرعية الحق في حرمان الشعوب من حقها في الحرية. لا سلامة ولا وحدة للوطن دون كرامة المواطن. فالشعوب الحرة وحدها القادرة على حماية الاوطان. إن الطريق إلى التحرر هو الحرية. الحرية قبل التحرر.
ثورات لن تأكل ابنائها:
نلمس في حجاج هاني تكالبا صامتا ومخفيا على كل ما هو سني، ونلمس منافحة عن كل ما شيعي.
ففي أجواء الرعب الذي يتربص بكل من عارض البعث والعائلة المصونة عائلة جلالة بشار، الذي ورث الحكم الجمهوري عن ابيه، يسمح هاني لنفسه بان يدعي ان الثورة في سوريا ( ويضيف مصر) من تدبير الاخوان الذين يريدون ان يسلموا الجمل بما حمل لتركيا. تنبعث هنا هنا التركيوفوبيا التي ظهرت عند "حكيم" أوربا فاليري جيسكار ديستان حينما طلب الاتراك الانضمام الى السوق الاوربية المشتركة، وها هي تظهر عند شيعة المنطقة الذين، يرون عن خطأ، ان حضور تركيا هو بالضرورة منافس لإيران. لماذا إحياء الصراع الصفوي العثماني الان. إن هذا الصراع لا يدخل في اهتمام طلاب الحرية في سوريا وغيرها؟ إن السيد هاني يبدو في مقاله بهسبريس كما لو انه يستكثر على الشعوب العربية والمغاربية ان تنجز الثورة. ربما يريد الثورة ماركة شيعية مسجلة. والسبب مفهوم. إن إنجاز هذه الشعوب لثوراتها، وبالطريقة الديمقراطية التي لا ترفع المشانق لرفاق الدرب مثل ما وقع لحزب تودة في ايران ، يمنح في التصور الشيعي المريض افضلية للسنة، علما ان هذه الثورات ليست دينية كي تكون سنية، ويعطي للسنة مثالا ربما سيصرفهم عن النموذج التضحوي الشيعي الذي مثله حزب الله مدة من الزمن وبدأ يفقد بريقه مع الموقف غير المبدئي للحزب من الام المستضعفين وصرخات الثائرين في سوريا.
لقد تميز المغاربة من بين كل شعوب المنطقة بتأييد كبير لحزب الله لما رفع البندقية في وجه العنجهية الصهيونية، ولم يلتفت، درءا للنقاشات الثانوية، الى الطابع المغلق للمقاومة التي بدأت وطنية بداية الثمانينات، واصبحت حكرا على حزب الله مع دخول الحرس الثوري للبقاع وتحييد حركة امل، و بعدما أخرجت اسرائيل والعرب المتواطؤون المقاومة الفلسطينية من لبنان. المغاربة ايدوا المقاومة اللبنانية لكنهم لم يقبلوا تواطؤ الشيعة في العراق مع الاحتلال وخيانتهم لشعار "هيهات منا الذلة". واليوم المغاربة لا يقبلون تحت اي مسمى موقف حزب الله مما يقع في سوريا. والثورات التي انطلقت في هذه البلدان، ستكون نموذجا جديدا للتغيير الذي يسعى نحو الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية للجميع وليس للطائفة الناجية او الحزب القائد او اتباع الامام المعصوم، وبالتالي فهي بإذن ربها وارادة شبابها ثورات لن تأكل ابنائها. ونجاحها هو تشجيع للإصلاح في الدول المنغلقة التي كانت ثورية في بدايتها ثم صارت دينية وانتقلت طائفية وها هي الان تصبح صراعات اجنحة داخل الخلص لخط الامام.
قرأنا ونحن صغار رواية غادة كربلاء. بكينا وبكينا ونحن نتألم للمصير الذي لقيه سبط الرسول (صلعم) الحسين بن علي رضي الله عنهما. وعلى قدر بكائنا كان تقديرنا واكبارنا لسليل الدوحة النبوية الذي قال "هيهات منا الذلة هيهات منا الذلة" هكذا تلقينا هذه القمة السامية في الايمان وفي التضحية. ونحن على مشارف المراهقة باغتتنا ثورة في غفلة من شغبنا العاطفي والفكري جاءت من ايران، وقيل وقتها انهم من ذلك السبط. اه كم هي جميلة تلك الهيهات منا الذلة حينما تكون من أجل المستضعفين. قال الامام من منفاه الفرنسي في نوفل لو شاطو ثم في طهران هذه الثورة للملايين من المستضعفين في كل الارض. لكن سرعان ما سيخيب الامل حينما ستعلن الثورة بعد ان اكلت جزءا كبيرا من ابنائها، ان إيران دولة اسلامية مذهبها هو المذهب الجعفري. هكذا بدأ الانحياز الى الطائفة بدل ان تكون ثورة لكل الايرانيين. و هكذا بدل ان تصدر ايران التغيير بدأت تصدر المذهب لتعيدنا الى زمان الكوفة وقلعة "ألموت " وتخريج الدعاة.
شيعة أم شبيحة ؟
إن الدفاع عن نظام الدبابات في سوريا ليس من شيم ال البيت في شيء. فأغرودة ال البيت الحزينة تعزف لحنا واحدا خالدا هو لحن الحرية . قالها الحسين بن علي رضي الله عنهما، حينما خرج ثائرا على التوريث لفاسق بني امية، وقالها قبله والده الامام علي بن ابي طالب كرم الله وجهه حينما قبل ان يقف امام القاضي لينظر في شكاية يهودي تظلم من الامام. هذه هي مدرسة ال البيت قبل ظهور المذاهب، وقبل ان يتم تهريب مدرسة ال البيت تحت عباءة القومية الشعوبية.
في عز جدبة المخزن للترويج " لدستور العبيد" تناقلت بعص المواقع الإلكترونية موقفا لهيئة تسمي نفسها هيئة شيعة طنجة يعلن ان الهيئة ستصوت لفائدة الدستور، ضدا على ما اسمته الهيئة بمحاولة السلفية التنصيص على المذهب المالكي في الدستور. وفضلا عن ان هذا الامر لم يحصل ولم يدع اليه احد، فان الهيئة مدعوة للإجابة عن تنصيص دستور ايران على المذهب الجعفري.
من جهته لم يترك السيد ادريس هاني الفرصة تفوته دون ان يعلن، بشكل محتشم، دعمه للدستور المقترح الذي سمته حركة 20 فبراير بدستور العبيد، وذلك في مقال خطه بيده في اسبوعية اوطن المتخصصة في تشويه حركة 20 فبراير من مدخل فزاعة تحالف النهج والعدل. وقد خص السيد هاني هذا المقال للتساؤل عن حقيقة انتقال العدل والاحسان من دولة الخلافة الى الدولة المدنية.
لماذا هذا الهجوم من طرف السيد هاني على العدل والاحسان؟ إن الامر فيه هدفان. الاول هو التقرب الى المخزن، وربما البحث عن مهمة " ثقافية" لمواجهة الجماعة. لكن ما يجب ان يعلمه السيد هاني هو ان المخزن لديه الان احتياطي لاهوتي يسمح بالاختيار. فهناك الكتيبة الطرقية وهناك كتائب السلفية العلمية. أما الهدف الثاني وهو الاعمق والاهم، فهو ان العدل والاحسان، ورغم انها حركة سنية فان السحنة الصوفية لديها تجعلها بمنطق الممكن النظري، وإذا استحضرنا المنحى العام واغفلنا التفاصيل والتصريحات الواعية، قريبة من "العرفان" الشيعي، وقاب قوسين او ادنى من مدرسة الائمة، كيف لا والجماعة تلح وهنا بوعي واصرار على حب ال البيت شانها في ذلك شان كل المغاربة. إن هذه الوضعية الاعتبارية لجماعة العدل والاحسان تحرك نوعا من الغيرة المذهبية لدى من يعتبر نفسه ممثل الامام او صاحب الدعوة في هذا الاقليم. لهذا على داعية الاقليم ان يزيح هذا المنافس الذي ربما قد تلتجئ اليه المرجعية والتي هي، كما هو معروف عن العقل الفارسي، عقلية براغماتية. وحينها لن يصبح الداعية ذا فائدة. قد يكون سبب الهجوم هو أن البضاعة الصوفية الروحية قد تشكل عرضا مذهبيا يشوش او يزيح العرض العرفاني الجعفري الخالص الذي يحمله داعية الاقليم، والذي سيدخل لامحالة في حالة سباق حول بورصة القلوب التي تضرر فيها التاجر الجعفري بفعل مواقف الشيعة من نظام الدبابات في سوريا ودفاعه عن جرائم هذا النظام. لكن السيد هاني نفسه قد دخل في هذه الجوقة المنافحة عن نظام الدبابات بسوريا. فالسيد رجع لتوه من الشام واتحفنا بذلكم المقال الذي ظهر وغبر سريعا في هسبريس، وكان لاحقا بمدة وجيزة لكلمة امين عام حزب الله حول نظام الممانعة. لقد كتب السيد هاني، معلقا على رؤيته لما اصاب سيدة سورية من اعتداء وحشي قام به الثوار (كذا)، أنه حينما عاين كل تلك الوحشية " تمنيت لو كنت حينها شبيحة." إن مدرسة ال البيت لبريئة من هذا الكلام براءة الاسلاميين من تفجير كنيسة الاسكندرية بمصر. لقد كان الاجدر بمن يدعي الانتماء إلى هذه المدرسة الطاهرة المطهرة، ان يتمنى اعتقال الجاني ومحاكمته ، مع تمتيعه طبعا بشروط المحاكمة العادلة، كي ينال جزاء فعله. لكن ما العمل في هذا الزمان الذي تشابه البقر فيه علينا فلم نعد نميز بين الشيعة والشبيحة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.