المدرسة ليست مجرد جدران وفصول دراسية، بل هي حاضنة للأجيال وصانعة لمستقبل الأمة. هنا، بين الممرات والساحات، تُبنى الشخصيات وتُصاغ الأحلام. لكن للأسف، تحولت بعض هذه الفضاءات المقدسة إلى ساحات للانحراف والجريمة، حيث تنتشر السلوكيات الهدامة كالسرقة وتناول المخدرات وحتى التحرش، مما يهدد سلامة الطلاب والعملية التعليمية برمتها. في الآونة الأخيرة، شهدت المغرب -مثل العديد من الدول- تصاعداً مقلقاً في العنف والجرائم حول المدارس. هذه ليست مجرد إحصاءات، بل قصص مؤلمة تمس أبناءنا وبناتنا. فكيف يمكن أن نترك هذه الأماكن التي من المفترض أن تكون واحات للأمان، تتحول إلى بؤر للخوف؟ المدرسة هي قلب التنمية المستدامة، حيث تُصنع الثروة الحقيقية لأي بلد: الثروة البشرية. فالمغرب الذي نحلم به لن يُبنى إلا بأيدي وعقول أبنائه المتعلمين. لكن كيف نضمن ذلك إذا كان الطلاب يخشون حتى الاقتراب من سور المدرسة؟ في ثانوية الطبري بحي بلاد الهواري في القصر الكبير، أصبح يوم الجمعة بعد الزوال مشهداً مأساوياً يتكرر أسبوعياً. حيث يتحول السور الخلفي للمدرسة إلى ما يشبه "منطقة محرمة"، يمارس فيها بعض القاصرين والبالغين أفعالاً تتنافى مع قيمنا الدينية والاجتماعية، من تعاطي المخدرات إلى سلوكيات جنسية منحرفة، كل ذلك تحت أنظار الجميع دون رادع. إدراكاً لخطورة الوضع، بذلت المديرية العامة للأمن الوطني جهوداً كبيرة لتعزيز الأمن المدرسي. من خلال دوريات منتظمة وبرامج توعوية، حاولت إعادة الأمان إلى هذه الفضاءات. لكن التحديات لا تزال قائمة، خاصة مع تطور أساليب المروجين وتنوع مخاطر المحيط المدرسي. التصدي لهذه الظاهرة نحتاج إلى: 1تضافر الجهود بين الأمن والمدرسة والأسر والجمعيات. 2. برامج توعوية مستمرة للطلاب حول مخاطر المخدرات والانحراف. 3إشراك الشباب في أنشطة رياضية وثقافية بديلة تشغل وقتهم بشكل إيجابي. 4تعزيز المراقبة حول المدارس، خاصة في يوم الجمعة بعد الزوال. حماية مدارسنا ليست مهمة الشرطة وحدها، بل هي مسؤولية كل فرد في المجتمع. من الأب الذي يراقب أبناءه، إلى الجار الذي يبلغ عن السلوك المشبوه، إلى المدرس الذي لا يقتصر دوره على التدريس بل أيضاً على التربية والتوجيه. القصر الكبير، مثل كل مدن المغرب، تستحق أن تكون مدارسها أماكن للإشعاع الفكري والأخلاقي. فلنعمل معاً لتحقيق هذه الغاية، لأن مستقبل بلدنا يُبنى بين مقاعد الدراسة.