رضوان الأحمدي الشرفة الأطلسية من حيث المنظور أنثروبولوجي تعتبر جزء من المدينة الوظيفية التي بناها الإسبان، مستنسخة من بنايات لها نفس التصميم في المدن الإسبانية و المدن المستعمرة التابعة لها ، نجد نفس التصميم في فنزويلا و مدن اخرى. و التصاميم مستوحاة من الذاكرة الجماعية الإسبانية – الرومانية الكاثوليكية ، تعرج بنا الى رمز القوة و المتانة و العظمة مع درجة ااستعلاء متفاوتة كثقافة مهيمنة الروافد و الإستنتاج . تلك المرافق كانت موجهة أساسا و اذا صح التعبير الى الزبون الأروبي ، حاجياته الفسيولوجية كانت مشبعة و مستفيد من الريع الكولونيالي ، فكان يتطلع الى ماهو ارقى فإرتأى الى حاجيات اخرى بديلة و ذات طابع تكاملي ، يعني الرغبة في توطيد العلاقات مع مثيله و تدبير الفضاء تأهيلا لرمزية الأشياء، الإسبان في تلك الحقبة كانوا في حاجة الى تلك الرموز حتى تسهل ا. عليهم تلك مرحلة العبور من بيئة مستأنين بها الى بيئة مغايرة (période transistoire) بنيت الثكنات و من بعدها مباشرة مقاهي، ملهى، كازينو و الشرفة الأطلسية بالتعاقب . الشرفة الأطلسية فرضت نفسها كحاجة ملحة لأ ن العائلا ت بدأت تتوافد لخصوبة فرص للإستيطان وتحسين المعيش المدينة بدأت تكبر و أصبح من الملح بناء فضاءات للترفيه العائلي. اما العرائشي في تلك المرحلة، في ظل الانكماش الإقتصادي كان همه الوحيد هو كيف يتدبر قوته اليومي و كان يعتبر كل ما هو خارج المدينة العتيقة لا يعنيه ، يسوده الإحساس ان ما يقبع خارج الأسوار ليس بمدينته . صديق عزيز، و قال لي "نحن ندافع عن موروثنا، و ان الشرفة الأطلسية تنتمي الى المدينة العتيقة، قلت له ليس بذلك، المدينة التي بناها الإسبان ليست بعتيقة، بل راعت الجانب الوظيفي اكثر من أشياء اخرى، محدثة طفرة نوعية في كيفية تدبير الفضاء العمومي . نجد المرافق قريبة من بعضها،عملت لتسهيل الحياة الإجتماعية للإسبان و في حالة تجنيدهم كراي عام ستجدهم طيعين و حاملي لمعرفة يتقاسمونها عن طريق التداول اليومي من اخبار حول الأوضاع وموقعها من الأحداث التي كانت تدور في فلك ضيق بار موري الكازينو …. قولي هذا لا ينكر اننا يجب ان نحتفظ بما هو جميل، رأيت التصميم التي تريد الجماعة تفعيله او أجرأته ، فيه اشياء يمكن توظيفها و اشياء يجب تصويبها. هناك سؤال هل تستهويكم الشرفة الأطلسية في شكلها ،القديم؟ اعتبرها سيئة التوزيع مشحونة جدا منغلقة Claustrophobic ، و الانغلاق من صفة المجتمعات الشمولية في اسبانيا ، تناسب مرحلة الديكتاتوريات المتتالية . نحن في حاجة الى فضاء، منفتح و الى دمقرطته ، حاويا للحاجيات المتعددة و التيارات المتضاربة، سياقها، سياق آخر، حتى مفهوم الجمال تغير و اصبح عابر لحدودية التنميط المحلي. اصبحنا نود الجمال المدثر بالإنسانية، و تخفق قلوبنا بكل ما يحافظ على كرامة الإنسان. ويجب اخد هذا المؤشر محمل الجد : المدينة كائن حي يجب ان نتعامل معه و كأنها رفيق يكمل هويتنا و نحن له ملازمين ، نحمل ثقل المدينة على مستوى الفردي و الجماعي و ننأى بها عن كل بهرجة خطابية المعلبة بصوابية اللغة تسيء اليها اكثر من ان تنفعها. ،المدينة مربط العمليات التفاعلية وترابط المؤسسات. تُعرف بمرونتها وبنيتها المنتشرة و المنفتحة ، والإنتاج اللامركزي يحذوها .المدينة تتكيف مع أذواق السوق، ، تعيد نفسها تدويرا و كأنها هجينة الصياغة _ فضاؤها يستعمل كمسرح لتمثلات الرمزية ، تحوي التنوع كمسلك متشكل الأبعاد تقمصا المدينة كمكان للتلاقي والحرية والتنوع مرايا تعكس الحياة الإجتماعية و طقوسها من تمايز وتخصص. من نمط الارتكاز، والاستجابات الوجدانية، من عمليات البناء والتفكيك، والتبسيط والتصحر الروحي للفضاء اذا استفحل الأمر . المدينة لا تدبر نفسها الا بتقويم زمني حضري تستعمله كأداة لتوفر لأعضائها دقة زمنية فيما يتعلق بتلك الظروف و المعطيات المهمة من حيث البقاء ككائنات حضرية . التقويم الحضري في بعض الحالات يمجد و يقدس الفضاءات الراكدة و هنا ويكمن الإشكال ،فيتحول الدفاع عن موروث المدينة الى دغمائية فنتورط في تضخيم التراث الإنساني دون الأخذ بعين الاعتبار التغيرات والتطور الوجداني المرتبط بهذا التراث، مع العلم ان التراث من وجهة نظر أنثروبولوجية ينطوي على التحدي والمرونة بقصد إعادة تقييم الهوية المحلية وتحريك الرموز باستمرار، و كأننا وليدي اللحظة و الدهر يسبقنا ثقافة المدينة هي ثقافة خالقة للمواطن ، تدعم الفضائل و القيم هي منظومة ذهنية يعبر فيها المواطن القاطن في رحابها عن رأيه فيصبح على إثرها منتجا و رافعا لأسهم التعددية و الإختلاف الخلاق مسايرة ،فلنكن كذلك المدن كيف ما كان نوعها و طبيعة مآلها الرمزي تتغير ،تتمطط ،تنكمش ،تشيخ وفي بعض الحالات تتشبب لتلبي طلب غواية لحنين داهمه الاصرا ر في بتر حاضر اتخد مسارا يعاند ماض مريض بانتفاخ سرمدي و بإسقاطات عنيفة الإستهداف ، فيتحول كل تغيير في الرؤية الى محكمة تفتيش استعادة لهيبة الذاكرة الجماعية عرفانا، فتطهر من كل رنة تعتبر نشز ،و لكن هذا لا يمنع ان يطفو الى سطح كل ما هو رخو العقل الخافي الذي كبتت سطوته فيعود ينادي أين نحن ؟لماذا نقيس الأشياء بدل ان نحيا ؟ لماذا نتدمر عوض ان نكمن في تاريخ ذاتي فيه اعصار و امل ، محل ان نسجن إجترارا في سرديات صنعنا محتواها لنتميز عن ما يخالفنا استعلاء و للقطيع برهانا . عندما نثقل من حجم الذاكرة نصبح نساهم في ارساء ثقافة الضحية ,وهو أخطر عرض يمكن ان ينتابنا و نحن في عز الهذيان السردي بإمتياز ، نلتجأ الى آليات دفاعية نضخم امتدادات و استيطانها الأزلي ، ينفلت منا حبل الاتزان السليم ، فنقزم ما يعارض ما نحمله من تقديس لرموز وجدت في تكويرها لتلبي وظيفة معينة . الشرفة الأطلسية كانت قبل اصلاحها تحتوي على رموز كولونيالية تحيلنا الى حقبة كان التمايز الطبقي واضحا و التعالي حسب وهم البعض كسلوك حضاري يقابله حيوانية سلوك الطبقة المنعدمة تأصيلا لفارق اجتماعي اراد بعضهم ان يكون تابثا. نحن مع دمقرطة الفضاء بانتهاج ان صح التعبير ( هونيرغ ) و هي طريقة صينية قديمة تهتم بتوزيع الفضاء باعتماد الانسجام مع المحيط مع اعطاء اهمية لتدفق الطاقات في مجرى يعطي للإنسان حيوية و سمو الشرفة الأطلسية، منها تشرئب الأعناق لمعانقة الافق و كل واحد منا له حلم مضمر وقوده حنين ان لا يمس الشرفة سوء او نسيان. خلاصة، و نحن نفكر في الإقتراحات، يجب ان يكون هناك اجماع حول كيفية دمقرطة الفضاء و وجوب اقصاء اللامبالاة من قاموسنا اليومي كإلتزام أخلاقي يسد رمقنا من حيث الإنجاز و التدبير الحسن..