مقاربة جديدة للتاريخ المنسي لأمانوز بسوس العرائش أنفو أصدر الأديب والفنان المغربي محمد بوفتاس عملاً روائياً جديداً بعنوان (حين سقط القمر)، يضيفه إلى رصيده الأدبي الغني الذي يشمل القصة القصيرة والشعر وكتابة السيناريو. في هذا العمل يواصل بوفتاس شغفه بفتح نوافذ على التاريخ الاجتماعي المغربي، فيمزج بخفة بين وقائع الماضي وفضاء التخيل، ليقدّم نصاً روائياً يلتقط روح زمن مضطرب ويعيد صياغته في قالب سردي آسر. تدور أحداث الرواية في عمق الجنوب المغربي، داخل قرية إزربي التابعة لقبيلة أمانوز في منطقة تافراوت الأمازيغية، حيث يشتعل صراع محموم على النفوذ بين القايد البشير والقايد حمو، وتتشابك التحالفات العائلية والقبلية في مشهد يعكس توترات السلطة في زمن لم يحدده الكاتب بدقة تاركاً للقارئ حرية التخييل. وسط هذه الأجواء تتقدم شخصيات نابضة بالحياة، أبرزها عابد بن الطاهر وابنه بوبكر الذي ينخرط في صفوف جيش التحرير بالصحراء المغربية حاملاً حلم الانعتاق الوطني، بينما تقود أخته حورية حركة نسائية مقاومة لسطوة القواد ولتقاليد تحاول تهميش المرأة، فتصبح رمزاً لصوت نسائي جريء يطالب بالكرامة والعدالة. وعلى إيقاع هذا الصراع ينسج بوفتاس حكاية تتأمل تحولات المجتمع، إذ ينتهي سباق القايدين إلى السقوط فيما ينهض جيل جديد من أبناء أمانوز ليبني جسور السلام والمصالحة، في إشارة فكرية عميقة إلى قدرة المجتمعات على تجاوز جراح الماضي وابتكار مستقبل أكثر إنسانية. بلغة رشيقة وأسلوب يجمع بين المتعة السردية والتأمل الفكري، تجعل «حين سقط القمر» القارئ شريكاً في استكشاف الذاكرة واستعادة أسئلة الحاضر من خلال صور الماضي، لتغدو الرواية إضافة متميزة إلى المشهد الأدبي المغربي المعاصر.