الحسيمة : 14-12-2025 يأتي تنظيم الملتقى الجهوي الثاني حول الإعلام والتراث في سياق وطني وجهوي يتسم بتنامي الاهتمام بقضايا صون التراث المادي واللامادي، وبالدور المتزايد الذي يضطلع به الإعلام في التعريف به وتثمينه وربطه بمسارات التنمية الثقافية والسياحية. وفي ظل التحولات التي يعرفها المشهد الإعلامي، وما تفرضه الوسائط الرقمية من تحديات وفرص، أصبح من الضروري فتح نقاش جاد ومسؤول حول علاقة الإعلام بالتراث، وآفاق تطوير هذه العلاقة بما يخدم الذاكرة الجماعية ويعزز الوعي الثقافي لدى مختلف فئات المجتمع، خاصة فئة الشباب. في هذا الإطار، احتضنت مدينة الحسيمة، خلال الفترة الممتدة من 12 إلى 14 دجنبر 2025،، فعاليات الملتقى الجهوي الثاني للإعلام والتراث، بمشاركة نخبة من الإعلاميين والأكاديميين والباحثين والفاعلين الثقافيين والسياحيين، إلى جانب حضور وازن للمهتمين بالشأن الثقافي والإعلامي. وقد شكل هذا الملتقى فضاء للنقاش وتبادل التجارب حول الإشكالات المرتبطة بالإعلام والتراث، وسبل تثمين الموروث الثقافي في ظل المتغيرات الراهنة. انطلقت فعاليات الملتقى مساء يوم الجمعة 12 دجنبر 2025 بجلسة افتتاحية تميزت بتكريم شخصيتين بارزتين، تقديرا لمسارهما المهني وإسهاماتهما في خدمة الإعلام والثقافة والعمل الجمعوي، ويتعلق الأمر بالكاتب والصحفي عبد الصمد بنشريف، والفاعل الجمعوي والسياحي أحمد المرابطي. وقد عكس هذا التكريم حرص الجهة المنظمة على تقدير الكفاءات المتميزة والإعتراف بالطاقات التي أسهمت في التعريف بالتراث المحلي والدفاع عنه. تواصلت أشغال اليوم الأول بندوة علمية تناولت موضوع الإعلام والتراث من زوايا متعددة، حيث قدمت مداخلة أولى حول دور الإعلام في التعريف بالتراث، ألقاها الدكتور مصطفى الشيخي، مدير الإذاعة الجهوية بالحسيمة، ركز فيها على مسؤولية الإعلام العمومي في نقل التراث وتقريبه من الجمهور. كما تناول الدكتور علي الإدريسي، كاتب ومؤرخ، في مداخلته علاقة التراث بالمتغيرات الثقافية، مسلطا الضوء على إشكالية التوفيق بين الحفاظ على الخصوصيات التراثية والانفتاح على التحولات الثقافية المعاصرة. وفي السياق ذاته، قدم عبد العالي الرحماني، المندوب الإقليمي للسياحة بالحسيمة، مداخلة حول التثمين السياحي للموروث الثقافي والتاريخي باعتباره رافعة للتنمية المحلية، مبرزا أهمية الاستثمار العقلاني للتراث في تنشيط السياحة الثقافية ودعم الاقتصاد المحلي. من جهته، تطرق الدكتور عبد الصمد المجوقي إلى موضوع الإعلام الجديد والصناعة الثقافية الأمازيغية، مشيرا إلى الدور الذي تلعبه المنصات الرقمية في التعريف بالثقافة الأمازيغية وتوسيع دائرة انتشارها. وقد أدار أشغال هذه الندوة الدكتور عبد الإله أوفلاح، القيّم على فضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بالحسيمة، حيث ساهم في تنظيم النقاش وتسير فقرات الندوة. وتلت المداخلات جلسة مناقشة عامة عرفت تفاعلا إيجابيا من طرف الحضور، تم خلالها طرح مجموعة من الأسئلة والملاحظات المرتبطة بإكراهات الإعلام الثقافي وآفاق تطويره. وفي ختام اليوم الأول، تم توزيع شواهد تقديرية على المشاركين، قبل الإعلان عن اختتام أنشطته. أما اليوم الثاني، السبت 13 دجنبر 2025، فقد خصص للأنشطة الموازية ذات الطابع التربوي والتواصلي، حيث احتضنت ثانوية بني بوفراح بإقليم الحسيمة لقاء تواصليا وماستر كلاس مع الإعلامي عبد الصمد بنشريف لفائدة تلاميذ المؤسسة. وقد شكل هذا اللقاء مناسبة لتقاسم التجربة المهنية في مجال الإعلام، وتسليط الضوء على دور الإعلام في التعريف بالتراث والحفاظ على الذاكرة الثقافية، من خلال نقاش مفتوح وتفاعل مباشر مع التلاميذ. كما تضمن برنامج اليوم الثاني تنظيم زيارة ميدانية إلى قلعة طوريس، بمشاركة تلاميذ ثانوية بني بوفراح وتلامذة ثانوية مولاي علي الشريف بالحسيمة، وذلك بهدف ربط المعارف النظرية بالمعاينة الميدانية، وتعريف المشاركين بالمؤهلات التاريخية والتراثية التي تزخر بها المنطقة. وتندرج هذه المبادرة في إطار تعزيز الوعي بأهمية التراث لدى الناشئة، وتحفيزهم على الاهتمام به والمحافظة عليه. كما عرف نفس اليوم وبمقر جماعة سنادة تقديم كتاب الدكتور عمر اشهبار التراث الثقافي والطبيعي وافاق التنمية السياحية بإقليم الحسيمة من طرف الدكتور علي الادريسي بحضور عدد من المهتمين والباحثين . وفي إطار اختتام فعاليات الملتقى، نظم لقاء مفتوح مع الإعلامي عبد الصمد بنشريف حول موضوع دور النخب في التنمية والتغيير والبناء الديمقراطي، بتنسيق مع جمعية ميرامار للثقافة والتنمية المستدامة. واختُتمت أشغال الملتقى بفقرة فنية موسيقية، ساهمت في إبراز البعد الثقافي والفني للحدث، بمشاركة مجموعة من الفنانين. ويتخلص هذا الملتقى إلى التأكيد على أهمية تعزيز التنسيق بين الفاعلين في مجالات الإعلام والثقافة والتراث، وضرورة تطوير آليات إعلامية أكثر نجاعة في التعريف بالموروث الثقافي وحمايته وتثمينه، بما يخدم التنمية المحلية ويُسهم في ترسيخ الهوية الثقافية لدى مختلف فئات المجتمع. ويجدر التوضيح أن تنظيم الملتقى جاء بدعم جهة طنجة- تطوان- الحسيمة وبشراكة مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل – قطاع التواصل. وقد شهد الملتقى حضور عدد من الشخصيات البارزة في مجالات الإعلام والثقافة والدبلوماسية، من بينهم عبد الوهاب البلوقي، رئيس النادي الدبلوماسي بالمغرب، وعلي الإدريسي، دبلوماسي سابق، الأمر الذي ساهم في إثراء الملتقى بخبرات وتجارب عملية متنوعّة لدى المشاركين. كما تميز الملتقى بمتابعة إعلامية واسعة، نظرا لما شكله من منصة نقاش مهمة حول قضايا ظلت تتجاذبها رؤى تنحصر بين المحافظة/ التحافة وبين التجديد قبل أن يتوسع النقاش اليوم ليشمل صلة التراث بالتنمية المحلية، وأهمية تشجيع المبادرات الثقافية، وتعزيز دور الإعلام كرافعة للتنمية الشاملة، وقد اكتسب الملتقى في ظل هذا السياق بعدا استراتيجيا وجعل منه فضاء متكاملا لتبادل الأفكار ووضع التصورات المستقبلية. وتعتبر هذه الدورة تتويجا للمجهودات التي بذلتها الجمعية وشركائها وزرارة الشباب والثقافة والتواصل قطاع التواصل ، جهة طنجةتطوانالحسيمة ، اضافة الى فعاليات وجمعيات مدنية مؤسسات تربوية وفضاءات ثقافية ساهموا وقدموا الدعم اللوجستيكي والادبي للتظاهرة ، تعبيرا من هذه الجهات عن اقتناعها بأهمية وتصور التظاهرة ومساهمتها في ملامسة قضايا المجتمع والتنمية الثقافية .