الملف المعقد يهدد بنسف التقارب الإسباني المغربي    بهدف المس بالمغرب .. ممثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين يدعم البوليساريو من الجزائر    ولي العهد يترأس حفل تخرج فوجين بالكلية العسكرية بالقنيطرة    العقبة التي تعرقل انتقال نجم المنتخب المغربي إلى الأهلي المصري    "الكاف" يعلن إقامة نهائيات كأس إفريقيا شتاء سنة 2026    دراسة: ارتفاع حرارة الأرض الناجمة عن النشاط البشري إلى "مستوى غير مسبوق"    الأمن يوقف الشاب الذي أقدم على قتل والده بمدينة مراكش    "طاكسي بيض 2".. الخياري ينبش عالم المخدرات في عمل كوميدي مليئ ب "الأكشن"    الملك محمد السادس يهنئ "شينباوم"    المغرب وفلسطين يوقعان مذكرتي تفاهم تتعلقان بالتعاون الصناعي والتجاري والتقني (فيديو)    هزة ارضية تضرب اليابسة بإقليم الحسيمة    العرائش: توقيف ثلاثة أشخاص للاشتباه في ارتكابهم أفعال إجرامية    طقس الخميس.. أجواء حارة وقطرات مطرية بهذه المناطق من المملكة    ارتفاع حصيلة قتلى حريق فاس إلى أربعة    المنتخب المغربي يتوجه إلى أكادير استعدادًا لمباراة زامبيا    رصيف الصحافة: شبهة "اغتصاب تلميذة" تلقي بأستاذ وراء القضبان    مونديال أقل من 20 سنة.. القرعة تضع لبؤات الأطلس في المجوعة الثالثة    ارتفاع عدد ضحايا "الكحول المغشوشة"    صديقي: 12% من الأسر "ما عيداتش" السنة الماضية والأسواق الأسبوعية تتصدر وجهات المغاربة    "التسمين" وراء نفوق عشرات الخرفان المعدة لعيد الأضحى بإقليم برشيد    "اللغات المتخصصة: قضايا البناء ومداخل التحليل".. إصدار جديد للدكتور زكرياء أرسلان    طبيب مغربي يبتكر "لعبة الفتح" لتخليص الأطفال من إدمان الشاشات    الحسيمة .. انطلاق الامتحان الجهوي للسنة الأولى بكالوريا بمختلف راكز الإجراء بالإقليم    الأمثال العامية بتطوان... (617)    حماس تحسم موقفها من المقترح الأمريكي الذي يدعمه المغرب    علاج جيني في الصين يوفّر أملا للأطفال الصمّ    هل يحد قانون العقوبات البديلة من اكتظاظ السجون؟    بورصة البيضاء تنهي التداولات على وقع الأحمر    انطلاق فعاليات المهرجان الدولي للفيلم بالداخلة    نصف نهائي كأس العرش يومي 21 و23 يونيو بأكادير    حكومة الاحتلال واعتبار (الأونروا) منظمة إرهابية    ترقب في القدس لمسيرة الأعلام الإسرائيلية وبن غفير يهدد بدخول باحات المسجد الأقصى    عن إجرام النظام العسكري في حق الشعب الجزائري    المخرج عزيز السالمي يترأس لجنة تحكيم مسابقة الأفلام القصيرة بمهرجان الرباط كوميدي    تسلل الغش إلى أوزان البوطاغاز!    زيادة سعر غاز البوتان: من يدفع الثمن؟    يونس البحاري كاتبا إقليميا بتازة    الاتحاد السعودي يوافق على رحيل لاعبه المغربي حمد الله    مناهضو التطبيع يواصلون الاحتجاج ضد المجازر في غزة ويستنكرون التضييق وقمع المسيرات    إطلاق نار يستهدف سفارة أمريكا في بيروت    قوافل الحجاج المغاربة تغادر المدينة المنورة    ماركا تُرشح دياز للفوز بالكرة الذهبية الإفريقية    أنتونيو كونتي مدربا جديدا لنابولي الإيطالي    دراسة…حرارة المياه الجوفية ستجعلها غير قابلة للاستهلاك بحلول نهاية القرن    مبادرة بوزان تحتفي بزي "الحايك" الأصيل    تقصي الحقائق: ماذا يحدث على حدود رفح بين مصر وغزة؟    أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الدرهم ليوم الأربعاء    ارتفاع أسعار الذهب بدعم من ضعف الدولار    علماء أمريكيون يقتربون من تطوير لقاح مركب ضد جميع فيروسات الإنفلونزا    مجلس النواب الأميركي يصوّت على معاقبة مسؤولي "المحكمة الجنائية الدولية"    مهرجان سيدي قاسم للفيلم المغربي القصير يفتح باب المشاركة في دورته الجديدة    لطيفة رأفت: القفطان المغربي رحلة طويلة عبر الزمن    خبراء: حساسية الطعام من أكثر الحالات الصحية شيوعا وخطورة في زمن تنوع الاطعمة    فرق محترفة تقدم توصيات مسرحية    كيف ذاب جليد التطبيع بين إسرائيل والمغرب؟    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (15)    السعودية تحذر من درجات حرارة "أعلى من المعدل الطبيعي" خلال موسم الحج    المغرب..بلد عريق لا يبالي بالاستفزازات الرخيصة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من ‬ينقذ ‬المجاهد ‬أحمد ‬مهساس ‬من ‬التهميش؟
في ‬دعوة ‬وجّهها ‬الدكتور ‬مصطفى ‬نويصر ‬إلى ‬كلّ ‬القوميين ‬في ‬الجزائر ‬وخارجها

وجّه الدكتور مصطفى نويصر، أستاذ التاريخ بجامعة الجزائر، دعوة إلى من أسماهم .."القوميين في بلادنا.." إلى الاهتمام بالمناضل الكبير الدكتور أحمد مهساس وفكره العروبي، وأكّد بأنّ هذه الدعوة بدأت تجد صدى.
وتساءل الدكتور مصطفى نويصر في بداية دعوته "..ألا يستحقُّ اهتماماً أكبر من أنصار التيار القومي العربي في الجزائر والوطن العربي.؟ لقد همّشه النظام وخصومه في التيارات المعادية للعروبة في الجزائر والمغرب العربي على مدى عقود طويلة، ولقد بقي الرجل وفيًّا لأفكاره المغاربية والعربية منذ نعومة أظفاره. وللعلم فقد نشر مهساس في مطلع السبعينات (1973) كتابا بالفرنسية في منفاه الباريسي بعنوان "تأملات في حركة الوحدة العربية"..، لهذا أدعو كلّ القوميين في بلادنا إلى الاهتمام بهذا المناضل وفكره العروبي الواضح، خصوصا وأنّه أحد ‬الثلاثة ‬الكبار ‬الذين ‬هندسوا ‬الثورة ‬التحريرية ‬الكبرى ‬في ‬المكان ‬المسمى ‬‮"‬مون ‬روج‮"‬ ‬بباريس ‬سنة ‬1953‮"‬..‬
رسالة ‬في ‬الذكرى ‬التسعين
تأتي رسالة الدكتور مصطفى نويصر، التي تدعو إلى الاهتمام بفكر ونضالات الدكتور أحمد مهساس، والرجل يُطفأ الشمعة التسعين لميلاده بتاريخ 17 نوفمبر، ومع أنّ "السي مهساس" من أوائل المناضلين الجزائريين، مثلما أشار إلى ذلك الدكتور مصطفى نويصر في دعوته المشار إليها سلفا، فإنّ مهساس كان أحد الثلاثة الذين هندسوا للثورة التحريرية، وهم أحمد مهساس، أحمد بن بلة ومحمد بوضياف، ومع ذلك أقول، فإنّ الرجل تمّ تهميشه على مدى عشريات من الزمن، وهو اليوم يعيش معزولا محروما حتى من زيارات ما بقي على قيد الحياة من رفاق النضال.
المناضل الكبير أحمد مهساس لم يكن من طينة المناضلين القُطريين، أي الذين اقتصروا في نضالاتهم على أقطارهم وحسب، بل كان مناضلا عابرا للقُطرية، فآمن بوحدة المغرب العربي الكبير كنواة لتحقيق وحدة أكبر وأشمل هي الوحدة العربية، وفي هذا الخصوص يؤكد الدكتور مصطفى نويصر، أنّ ذلك جرّ على هذا المناضل الكبير مشاكل مع جماعة مؤتمر الصومام، يقول نويصر في اتصال هاتفي به "منذ الأربعينيات نادى المناضل أحمد مهساس بوحدة المغرب العربي، وهذا ما جرّ له مشاكل مع جماعة مؤتمر الصومام.."، ومثلما آمن بهذه القضايا آمن بالقضية الفلسطينية، أمّ ‬القضايا ‬العادلة ‬التي ‬على ‬العرب ‬التضحية ‬من ‬أجلها. ‬
ويضيف نويصر بأنّ دعوته موجّهة إلى كلّ المناضلين العروبيين للاهتمام بهذا المناضل الفذ، وعلى رأس الهيئات المدعوّة إلى ذلك مركز الوحدة العربية. وللدلالة على التهميش الذي طال مناضلا بحجم أحمد مهساس، يقول الدكتور مصطفى نويصر "مهساس عاش التهميش إلى درجة أنّنا نحن كمؤرخين لا نعرف عنه الكثير..، قلت مرة في التلفزيون إنّه يجب المصالحة مع التاريخ، وهذا لن يكون إلا بالمصالحة مع كبار رجالاته أمثال الرئيس الأسبق المرحوم أحمد بن بلة، وكذا المرحوم محمد بوضياف، إضافة إلى أحمد مهساس، ومن بين الوسائل التي بالإمكان أن تكون أداة قاطرة لهذه المصالحة التاريخية، التركيز على تدريس هذه الشخصيات التاريخية، وإدراجها في المقررات الدراسية لتعريف الأجيال بها وبما قدّمته من نضالات من أجل الجزائر". غير أنّ الدكتور مصطفى نويصر، لا يُخفي في هذا الشأن بأنّ "اللعبة السياسية مغشوشة في الجزائر"، ولهذا ‬ربما ‬تبقى ‬هذه ‬الشخصيات ‬التاريخية ‬المعروفة، ‬مهمّشة ‬إلى ‬إشعار ‬آخر، ‬ويبدو ‬أنّ ‬غبار ‬النسيان ‬لن ‬يُنفض ‬عنها ‬في ‬الأفق ‬المنظور.‬
في الوقت الذي يعيش مناضل كبير بقامة أحمد مهساس، التهميش القاتل، لا تتردّد الجزائر في التوسُّل على أبواب "الإيليزيه"، من أجل الظفر باعتراف بخصوص الجرائم الفرنسية في الجزائر، والتي لها أول وليس لها آخر، وأيضا يعلم القاصي قبل الداني، بأنّها جرائم يندى لها الجبين، ولو كان القانون الدولي لا يصنعه الأقوياء، لتوبعت فرنسا الاستعمارية بدعوى جرائم ضد الإنسانية ارتكبتها في حق الجزائريين العزّل. وهنا يمكن أن نطرح سؤالا أليس الأَولى أن نتصالح مع تاريخنا، قبل أن نُطالب مستعمر الأمس بالاعتذار لطيّ صفحة الماضي، ثم أليس من الأولى ‬أيضا ‬أن ‬نستمع ‬إلى ‬هؤلاء ‬المناضلين ‬الكبار ‬من ‬أمثال ‬مهساس ‬لمعرفة ‬آرائهم ‬بخصوص ‬مثل ‬هذه ‬القضايا ‬الاستراتيجية ‬بالنسبة ‬للجزائر ‬دولة ‬وشعبا؟
المناضل ‬الذي ‬لا ‬يُطأطئ ‬رأسه ‬للريح
أحمد مهساس من المناضلين القلائل الذين لا يُتاجرون بالقضايا والقناعات الراسخة، ولهذا السبب ربما يعيش أواخر سنوات عمره مهمّشاً. فما رأي مهساس في قضية الاعتراف، هذا الملف الذي شغل المجتمع السياسي عندنا، إلى درجة نسيَ معه ملفات أخرى ربما أهمُّ وأثقل وأولى؟
يرى أحمد مهساس في ملف العلاقات الجزائرية الفرنسية، وهذا في حوار سابق أجريته معه، بالحرف الواحد "..يجب أن نكون واقعيين، الفرنسيون قاموا بحرب نجحوا فيها من كل النواحي، نتيجة انحطاط العرب والمسلمين، وهم يستعملون وسائلهم حسب الظروف وحسب العدو. المشكلة تكمن في أنّ بعض الجزائريين يرون بأنّ صلتنا بفرنسا يجب أن تبقى دائما. نحن لا نحتاج إلى اعتراف الفرنسيين بنا، يجب علينا أن نترك دائما مسافة فاصلة بيننا وبين عدو الأمس الذي يطمح إلى إعادتنا تحت عباءته في إطار ما يُسمّى بالاستعمار الجديد. إتمام مسيرة الاستقلال ليست في رفع العلم فقط، لكن يجب أن ننجز بعض الأمور الأدبية والحضارية..". ويُقدّم مهساس لتعزيز وجهة نظره هذه أدلة منطقية على رأسها أنّ العلاقات الدولية السوية، يجب أن تكون على أساس الندية بين الدول التي تحكمها المصالح المتبادلة، وليس الاستغلال الذي غالبا ما تزال الدول الاستعمارية الكبرى تحتكم إليه في تعاملها مع مستعمراتها السابقة. وهنا يرى أحمد مهساس، المناضل الوفي لمبادئه والعارف بخلفيات السياسات الفرنسية، عكس ما تراه نخبة من الساسة الجزائريين الذين علّقوا آمالا واسعة على صعود الاشتراكيين إلى سدة الحكم، بأنّ تربُّع الرئيس الاشتراكي فرانسوا هولاند على عرش الإيليزيه لن يُغيّر شيئا، ولم يُخف مهساس بأنّه يتعامل دائما مع الاشتراكيين بحذر "..فرانسوا هولاند اشتراكي، ونحن دائما لدينا حذر من الاشتراكيين، لأنّهم هم من حاربونا، وهم أيضا من زوّروا الانتخابات في 1948".
وفي الخلاصة، أليس من واجبنا المصالحة مع تاريخنا أولا وثانيا وعاشرا، من خلال إعادة الاعتبار لرموزنا، وكتابة تاريخنا بإنصاف كلّ أولئك الذين ساهموا في تسطيره، من دون إقصاء أو احتكار، قبل أن نتوجّه إلى عدو الأمس من أجل إعادة النظر في تاريخ، يعلم الجميع من مارس ‬فيه ‬دور ‬الضحية ‬ومن ‬لعب ‬فيه ‬دور ‬الجلاّد؟.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.