معرض باريس الجوي.. مزور: 150 شركة طيران تتوفر على وحدة إنتاج واحدة على الأقل بالمغرب    تداولات بالأحمر في بورصة البيضاء    التوصية بتسريع التقنين وتيسيير التمويل تتوج "مناظرة الاقتصاد التضامني"    لقجع: المغرب ملتزم بجعل كأس العالم 2030 نموذجا للاندماج والاستدامة البيئية    تفكيك شبكة دولية لتهريب السيارات المسروقة نحو المغرب عبر ميناء طنجة المتوسط    لوديي يستقبل بالرباط وزير الدفاع بجمهورية رواندا    سفير بريطانيا: الحكم الذاتي يحل نزاع الصحراء .. والشراكة مع المغرب حقيقية    مشاكل تقنية منعت شبابا من إيداع عريضة ضد إقصائهم من مباراة التعليم بتسقيف سن الترشيح في 30 سنة    برادة يستعرض مقتضيات مشروع قانون تطوير منظومة التعليم المدرسي    ثلاثة مغاربة ضمن قائمة أغلى عشرة لاعبين عرب بمونديال الأندية    مونديال الأندية.. الوداد يكشف عن التشكيلة الرسمية لمواجهة مانشستر سيتي    المغرب يحقق رقما قياسيا جديدًا في عدد السياح    السعودية تُعلن فتح باب التقديم لتأشيرات العمرة لموسم 2025 بشروط جديدة وتسهيلات موسعة    السيّد يُهندس مسلسل شارع الأعشى في كتاب    وهبي: آن الأوان للاعتراف القانوني بمساهمة المرأة في تنمية الثروة الأسرية    نشرة إنذارية..طقس حار وزخات رعدية مصحوبة بتساقط للبرد وبهبات رياح مرتقبة بعدد من مناطق المملكة    طقس حار وزخات رعدية مرتقبة بعدد من مناطق المملكة    الدرك الملكي يحجز 8 أطنان من الشيرا    إيران: سيطرنا على أجواء الأرض المحتلة اليوم وبداية نهاية أسطورة الدفاع للجيش الصهيوني    أفلام قصيرة تتبارى على ثلاث جوائز بالمهرجان الدولي للسينما الإفريقية بخريبكة    السعودية تدعو إلى ارتداء الكمامة في أداء العمرة    خامنئي: إيران "لن تستسلم أبدا" للضغوط    التصعيد الاسرائيلي – الإيراني.. تأكيد خليجي على ضرورة وقف إطلاق النار ودعم جهود السلام في المنطقة    انتخاب المغرب نائبا لرئيس المجلس العلمي لاتفاقية اليونيسكو حول حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه    فجيج بين ازيزا النادرة والتربية العزيزة.. حكاية واحة لا تموت    دورة تكوينية وورشات فنية لفائدة الأطفال والشباب بالمركز الثقافي لمدينة طانطان    مسرح رياض السلطان يحتضن أمسيات شعرية موسيقية من الضفتين وقراءة ممسرحة لرواية طنجيرينا وأغاني عربية بإيقاعات الفلامينغو والجاز والروك    جلالة الملك يهنئ رئيس السيشل بمناسبة العيد الوطني لبلاده    وهبي: آن الأوان للإقرار التشريعي بمساهمة المرأة في تنمية الثروة الأسرية    لقجع: الدعم الاجتماعي المباشر حلقة جديدة ضمن المبادرات الملكية الهادفة إلى صون كرامة المواطن    اعمارة: أنماط التشغيل الجديدة تواجه تحديات غياب التأطير القانوني والحرمان من الحماية الاجتماعية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    أردوغان: "نتنياهو تجاوز هتلر في جرائم الإبادة"        المغرب ‬خامس ‬قوة ‬اقتصادية ‬في ‬إفريقيا: ‬مسار ‬تحول ‬ونموذج ‬إقليمي ‬صاعد    بعد أزمة القطيع.. مطالب لمجلس الحسابات بافتحاص أموال وبرامج جمعية مربي الأغنام والماعز    الرباط.. المحكمة الإدارية تنظر في طلب افتحاص صندوق تقاعد المحامين بمراكش    "واتساب" ينفي نقل بيانات مستخدمين إلى إسرائيل    مجازر الاحتلال تتواصل.. إسرائيل تقتل 32 فلسطينيا بغزة بينهم 11 من منتظري المساعدات    كأس العالم للأندية 2025.. تعادل فلومننزي البرازيلي وبوروسيا دورتموند الألماني دون أهداف    مسؤولو حسنية أكادير يفشلون في الحفاظ على الركائز بعد رحيل الشماخ    ارتفاع أسعار النفط في التعاملات الآسيوية    فياريال الإسباني يتعاقد مع لاعب الوسط موليرو لخمس سنوات    تحول "OpenAI" إلى الربحية يشعل الخلاف مع "مايكروسوفت"    مشروع سكني بالغرب يجلب انتقادات    كأس العالم للأندية .. قمة إنجليزية مغربية وصدام إسباني سعودي    تأجيل محاكمة محمد بودريقة إلى الأسبوع المقبل بطلب نافيا "أكل الشيك"    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    ورزازات تحدث تحولا نوعيا في التعامل مع الكلاب الضالة بمقاربة إنسانية رائدة    برنامج "مدارات" يسلط الضوء على مسيرة المؤرخ والأديب الراحل عبد الحق المريني    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    الصويرة ترحب بزوار مهرجان كناوة    خبير يعرف بالتأثير الغذائي على الوضع النفسي    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج    نصائح ذهبية لحماية المسنين من ارتفاع الحرارة    برلماني يطالب بالتحقيق في صفقات "غير شفافة في مستشفى ابن سينا الجديد        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مي الجريبي ل«الشرق الأوسط»: المسار الحالي سيوصل تونس إلى انتخابات حرة ونزيهة
أمينة «التقدمي الديمقراطي» التونسي تحمل الأطراف الأخرى مسؤولية إجهاض التجربة في حال سقطت الحكومة الحالية
نشر في مغارب كم يوم 28 - 01 - 2011

"الشرق الاوسط" تونس: حاتم البطيوي
أكدت مي الجريبي، الأمينة العامة للحزب التقدمي الديمقراطي التونسي، المشارك في الحكومة الانتقالية بحقيبة واحدة هي التنمية الجهوية، التي يشغلها زعيم الحزب التاريخي محمد نجيب الشابي، أنها ستمضي في دعم المسار الحالي الذي تعرفه البلاد «بكل ما أوتيت من قوة سياسية وتعبوية». واعتبرت أن هذا المسار هو الصيغة التي ستوصل البلاد «إلى الانتخابات الحرة والنزيهة، وهي صيغة دستورية».
وذكرت الجريبي، في حديث خصت به «الشرق الأوسط» قبيل الإعلان عن الحكومة الجديدة، أن هذه الحكومة إذا سقطت فإن المسؤولية التاريخية لن يتحملها الحزب الديمقراطي التقدمي، «ذلك أن التاريخ سيشهد أن الحزب دافع عن هذا الخيار إلى آخر مدى». وأشارت إلى أن الأطراف الأخرى ستتحمل مسؤولية تداعيات إجهاض هذه التجربة.
وتحدثت الجريبي عن معارضة الحكومة الحالية، وقالت إن هذه «المعارضة في حقيقة الأمر هي معارضات وليس معارضة واحدة»، مشيرة إلى أنها في تواصل مع البعض من المعتصمين، وفي تشاور مع الأطراف السياسية التي تعارض هذه الحكومة. وأضافت أن هناك من يعارضها، ويطالب بحلها وإسقاطها وتشكيل حكومة تحظى بثقة الشعب. وأوضحت الجريبي أن حزبها يتفهم هذا المطلب «رغم أننا نعتقد أن المسار الحالي لو تم العمل به لكان أكثر نجاعة، لأن المسألة ليست في الوجوه وإنما في المهمة الملقاة على عاتق هذه الحكومة».
وفي ما يلي نص الحوار..
* هناك تأخر في الإعلان عن التعديل الحكومي الذي كان منتظرا الأربعاء.. برأيك إلى أين المسير، وما هو الحل للخروج من الأزمة الحالية؟
- القول إن هناك معارضة لهذه الحكومة هو أمر واقع، وهذه المعارضة نحترمها ونحترم حقها في التعبير عن ذاتها، ذلك أننا في حزبنا نعتقد أن تلك المسألة ليست على الإطلاق موضع جدل أو محل لبس، خصوصا في ما يتعلق بالحزب الديمقراطي التقدمي، الذي كان دائما في مقدمة الدفاع عن الحريات. فهذا شيء لا نجادله، إلا أن هذه المعارضة في حقيقة الأمر هي معارضات وليس معارضة واحدة. إنني في تواصل مع المعتصمين أو بالأحرى مع البعض من المعتصمين، وفي تشاور مع الأطراف السياسية التي تعارض هذه الحكومة. فهناك من يعارضها أصلا، ويطالب بحلها وإسقاطها، وتشكيل حكومة تحظى بثقة الشعب. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: كيف تنال هذه الحكومة ثقة الشعب والشعب لم ينتخبها، ولم يدع إلى صناديق الاقتراع؟ وهناك من يقبل بهذه الحكومة، بمعنى أنه لا يطالب بإيقافها لكنه يطلب إدخال تعديل عليها، ونحن نتفهم هذا المطلب رغم أننا نعتقد أن المسار الحالي لو تم العمل به لكان أكثر نجاعة، لأن المسألة ليست في الوجوه وإنما في المهمة الملقاة على عاتق هذه الحكومة.
وعلى كل نحن نتفهم هذا الطرح نظرا لبعض الضغوط التي تشير وتحيل الأمر بقوة إلى نظام زين العابدين بن علي، وهناك أيضا، وهذا يجب أن يسجل، من بين المعتصمين والمتظاهرين أطراف سواء من تونس العاصمة، وهي من الفئات المحرومة والضعيفة، أو من الجهات التي انطلقت منها شرارة التحركات، وأعني بها سيدي بوزيد والقصرين، جاءوا إلى هناك حاملين رسالة إلى هذه الحكومة يطلبون فيها منها أن تلتفت إليهم، وأن تحد من التجاذب السياسي، وتهتم أكثر بالقضايا الاجتماعية. صحيح أن أحمد نجيب الشابي، وزير التنمية الجهوية، أعلن قبل يومين عن إجراءات بخصوص تقديم مساعدات عاجلة لعائلات الضحايا والشهداء وللعائلات الفقيرة وأيضا للمعطلين، لكن لم توضع بعد الآلية التي ستتولى تطبيق ذلك، لكن التونسيين والمواطنين المحرومين لا ينتظرون، فبالنسبة إليهم عندما يعلن هذا الأمر يجب أن يطبق مباشرة. فما إن أعلن عن هذه القرارات حتى توجه الشباب العاطلون خاصة إلى المحافظات والمؤسسات الحكومية يطالبون بالإعانات، فلم يجد إجابة عن سؤالهم، فوقع شيء من الاحتقان بحيث يوجد من بينهم من هو معتصم الآن في حي القصبة حيث مقر رئاسة الحكومة. فما أردت أن أقوله هنا هو أن هناك معارضة دوافعها مختلفة، وهناك معارضة أيضا سياسية، بمعنى أن هناك أطرافا سياسية لا تقبل بالصيغة الحكومية الحالية.
* من هي هذه الأطراف؟
- أقصد الحزب العمالي الاجتماعي التونسي، وحركة النهضة، وأيضا أطراف أخرى يسارية.
* وماذا عن الموقف الغامض للاتحاد العام التونسي للشغل؟
- الملاحظ أن الكثير من الكوادر النقابية تطرح مسألة قيادة الاتحاد سواء في موقفها السياسي، حيث إنها كانت من الأطراف الداعمة لنظام بن علي، ولابن علي بصفة خاصة، أو على مستوى الإدارة والشفافية والحكامة الرشيدة. لكن الآن قيادة الاتحاد كانت منخرطة في المسار الديمقراطي، وأنا لدي وثيقة موقعة من طرف عبد السلام جراد، الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، يؤكد فيها دعمه لحكومة الوحدة الوطنية، ويعلن أن ممثلي الاتحاد في هذه الحكومة هم الأعضاء الثلاثة الذين انسحبوا في ما بعد، وبالتالي فإن مواقف الاتحاد بين شد وجذب.
* وما هي في نظرك الأسباب التي جعلت وزراء الاتحاد ينسحبون من الحكومة رغم أن أمين عام الاتحاد وقع على وثيقة يدعم فيها الحكومة؟
- ربما هناك تجاذبات داخلية.
* لكن أنباء أشارت إلى أن الاتحاد لم يبلغ بالتركيبة الكاملة للحكومة قبل الإعلان عنها؟
- أنا أشرت إلى الوثيقة وتحدثت عنها للإجابة عن هذه الحجة التي قدموها. فأن يتوجه مسؤول أول بصفة رسمية في منظمة عريقة بإمضائه وخطه، ويقول إنه موافق على الحكومة ويحدد أسماء الوزراء المحسوبين على منظمته، فلا أعتقد أنه يأتي بعد ذلك ليقول إنه لم يعلم، فإن كان لم يعلم فليطالب بالإبلاغ والإعلام، ولا يوقع على هذه الوثيقة. لذا أعتقد أن التجاذبات الداخلية وعناصر وعوامل أخرى، لا أريد أن أتكهن بها، تحرك قيادة الاتحاد، لكن الواضح الآن أن هذه القيادة تعطل هذا المسار، ويمكن أن نتناقش بشأن تعديلات أو هذا الرمز أو ذاك، ومدى فائدة ذلك على المسار الحالي، وأنا شخصيا أدفع نحو مزيد من التعديل، ومزيد من الانفتاح حتى على الأطراف المستقلة الديمقراطية المعروفة بنظافتها، لكن أن نطعن في هذا، والطعن ليس أخلاقيا، فأتساءل لفائدة من هذا الطعن؟ وفي هذا السياق، تم الحديث عن مجلس تأسيسي. وأنا أتساءل أيضا من ينتخب هذا المجلس التأسيسي؟ يتحدثون أيضا عن حكومة شعبية منبثقة من الشعب، لكن على أي أساس ستقوم هذه الحكومة؟ بل إن بعض الشخصيات طالبت رئيس الدولة بالنيابة بأن يعلن في مرسوم عن هيئة عليا للمحافظة على الانتفاضة، تكون لها صلاحيات إدارة العملية السياسية ومراجعة القوانين، لكن من أين تستمد هذه الهيئة شرعيتها؟ يقولون أيضا إن هذه الهيئة يجب أن تضم ممثلين عن أحزاب ومنظمات وممثلين عن الجهات (المناطق) فكيف يتم اختيار هؤلاء الممثلين؟ فهذه حالة رهيبة من الغموض. وأنا بكل وضوح أقول: لم يعرض علي مقترح متكامل، من ألفه إلى يائه، يمكن البلاد من السير إلى حل ديمقراطي مؤسساتي.
* هل لكم وصفة معينة في حزبكم للخروج بالبلاد من هذا المأزق الذي تعيشه؟
- وصفتنا هي التمسك بهذا المسار لأنه واضح، ولأنه دستوري أيضا، إضافة إلى كونه ينطلق من القاعدة، ويبني عليها، ويجب أن أذكر أن هذه الحكومة ليست حكومة ثورية، ولم تنبثق عن انتفاضة. هل رأيتم في العالم أجمع انتفاضة يبدأ مسارها بفرض حالة طوارئ؟ إنها ليست انتفاضة، إنها انتفاضة شعبية تاريخية بطولية أسقطت طاغية ووضعتنا في موضع انتقالي، وهو موضع، في تقديري كسياسية، يطالبنا بأن نبني على القاعدة، وأحيلكم إلى التجارب في البرتغال، وفي تشيلي، وفي إسبانيا، وهي تجارب دموية أكثر من تونس بنيت على القاعدة لتفتح أفقا سياسيا، وعلي أن أسجل هنا أنه إذا كانت الصيغة الحالية لم تقطع مع الماضي من حيث بعض الرموز، فإنها سياسيا ونظرا لطبيعة المهمة الملقاة على عاتقها، قطعت قطعا تاما مع الماضي، ذلك أن الحكومة الحالية اتخذت في ظرف أسبوع قرارات ثورية على مستوى الحريات، وعلى مستوى شرعية الأحزاب، والعفو التشريعي العام، وإقامة لجنة للنظر في قضايا الفساد التي أعلنت الحكومة أنها لا خطوط حمراء أمامها، بمعنى أنه حتى الوزراء المشاركون في الحكومة الانتقالية يمكن أن يمروا على محكها، وبالتالي أعتقد أن الوصفة هي ما سميته «المعبر»، أي معبر ديمقراطي يمكن من الانتقال من مرحلة انتصار الانتفاضة إلى حالة مؤسساتية يختار فيها الشعب من يحكمه ومن يمثله بكل حرية، آنذاك يمكن أن نتحدث عن حكومة شعبية، وعن رئيس منتخب، وعن برلمان ممثل للشعب، وقبل ذلك لا أحد له الحق في أن يتحدث باسم الشعب، والملاحظ الآن أن جميع الأطراف السياسية تتحدث باسمه.
* إلى أي مدى أدت مشاركة حزبكم في الحكومة إلى خدش صورته المعارضة؟
- كثير من المراقبين المحايدين غير المنخرطين في حزبنا، الذين تابعوا تدخلاته الأخيرة في وسائل الإعلام، قالوا لي إن حزبنا بعد مشاركته في الحكومة ظل يتبنى نفس الخطاب الذي عرف به أيام المعارضة. وعموما نحن لنا أهداف، وبوصلتنا هي تونس والمواطنون التونسيون، فهؤلاء المواطنون خرجوا إلى الشوارع وأعطوا دماءهم وضحوا بأنفسهم من أجل الشغل والتنمية الجهوية، ومن أجل مقاومة الفساد، وهي نقطة كانت في غاية الأهمية، ومن أجل الديمقراطية أيضا، حيث نادوا برحيل بن علي، ورفعوا صوتهم عاليا ضد سنة 2014 (في إشارة إلى الانتخابات الرئاسية). فنحن لدينا مهام ولدينا أهداف، وكل ما يخدم الشعب التونسي نحن معه، لذلك لا يحرجنا مطلقا أن نكون في الحكم، فذلك ليس عيبا، وشيء طبيعي أن يطمح كل حزب ليكون في الحكم لتنفيذ برامجه وشعاراته.
* قلت إن ما وقع هو انتفاضة وليس انتفاضة، بدليل أن الثورات لا تبدأ عهدها بإعلان حالة طوارئ.هل نفهم من ذلك أنك غير متحمسة لإطلاق اسم «انتفاضة الياسمين» على الانتفاضة التونسية؟
- أنا فقط وددت التأكيد على المفاهيم حتى أؤكد على هذه الطبيعة، ونفهم معا نوعية المسار الذي نحن فيه. لقد قيل الكثير عن هذه الانتفاضة، عن أنها انتفاضة شباب وانتفاضة ياسمين، بمعنى أنها كانت مسالمة، وأذكر أنني كنت في مسيرة يوم 14 يناير (كانون الثاني) الحالي أمام وزارة الداخلية لما بدأوا يرسلون لنا الإشارات بأنهم سيطلقون النار، آنذاك أعد عدد من الشباب لافتة كبيرة كتبوا عليها باللغة الإنجليزية «لا تقتلونا نحن مسالمون»، وكانت رسالة جميلة إلى من يهمهم الأمر. إن ما وقع في تونس شكل أهم حدث في العالم، ذلك أنه كان انتفاضة بصدور عارية تسلحت بشيء واحد هو الإرادة القوية، ولم يكن هناك أي تدخل خارجي، وحتى حالة أوروبا الشرقية عرفت مدى التجاذب والتدخل الخارجي، وتونس تقريبا هي الحالة الأوروبية الشرقية دون تدخل خارجي، وبالتالي هناك كثير من الخصوصيات التي يمكن أن تشكل نموذجا جديدا يبعث على التفكير حتى بالنسبة للأطراف الخارجية، التي كانت تعتبر أنه لا يمكن تأمين استقرار تونس إلا بمساندة الديكتاتورية. الآن بدا للجميع أن تونس يمكن أن تسير في مسار الاستقرار، لكن عبر مسار ديمقراطي، فكانت رسالة للجميع باعتبار أن ما حدث في تونس هو حالة تاريخية تتطلب دراسة عميقة للتاريخ السياسي وعلم الاجتماع السياسي.
* شكلت إطلالة قائد أركان الجيش التونسي قبل أيام حدثا لافتا للانتباه، وهي إطلالة حملت في طياتها عدة رسائل لمن يهمهم الأمر في المشهد السياسي التونسي، بالنسبة لحزبكم ما هي الإشارات التي قرأتموها في ذلك، ومن ثم ألا تتخوفون من تدخل مباشر للجيش الذي عرف عنه دائما التزامه الحياد وأنه ينأى بنفسه الدخول في صراع سياسي؟
- المؤسسة العسكرية في تونس كانت دائما، كما تفضل رئيس أركان الجيش الجنرال رشيد عمار بالقول، تحمي البلاد والعباد، ولا أحيلك فقط إلى هذا الشهر من الانتفاضة، أحيلك إلى خمسة عقود من الحكم المدني في تونس حينما كان الجيش دائما على الحياد، على موقع الحماية، وعلى موقع المحافظة على قيم الجمهورية وأركانها. فأملي وسعيي كسياسية هو أن ألتقط من هذه الإطلالة خطاب الطمأنة على السير دائما في هذا المنحى، أي حماية المسار الديمقراطي وحماية المنحى المدني. وعلى كل حال أعتقد أن هذا المسار الذي يدافع عنه الحزب الديمقراطي التقدمي هو مسار مؤسساتي ديمقراطي أتمنى وأسعى أن يكون محصنا ضد كل الأوضاع التي فيها فوضى، وتنفتح على المجهول، وبالتالي تؤدي إلى تسليم الحكم للمؤسسة العسكرية. نحن نكن كل الاحترام للمؤسسة العسكرية ولما قامت به طيلة خمسة عقود، لكن أيضا نناضل من أجل أن يكون في تونس حكم مدني، وأن ندافع عن مقومات الجمهورية التي أصبح التونسيون أكثر تمسكا بها.
* إلى أي حد يمكن لبعض المواقف المتطرفة أن تؤدي إلى تدخل الجيش؟
- تحدثنا مع إخواننا في حزب العمال الشيوعي، وكان لنا لقاء مطول مع إخواننا في قيادة حركة النهضة، وكان الحوار واضحا وصريحا، من جانبنا وجانبهم، وأكدنا من ناحيتنا على أن ما يسعون إليه من تأكيد على رفض المسار الحالي من شأنه أن يؤجج حالة شعبية يمكن أن تفتح مسار الأمور على المجهول.
* وماذا كان رد حركة النهضة؟
- لقد عبروا في حركة النهضة عن وعيهم الكامل وقناعتهم بأن مساعيهم يجب ألا تصب في مصب الفراغ، وأكدوا لنا أنهم متفقون معنا على أنهم لا يجب دفع البلاد نحو المجهول، وأنه يجب علينا أن نتعاون على دفع المسار الديمقراطي والمؤسساتي إلى الأمام.
* ما العمل الآن؟
- إنني أمضي في دعم هذا المسار وهذه الصيغة التي ستوصلنا إلى الانتخابات الحرة والنزيهة، وهي صيغة دستورية، بكل ما أوتيت من قوة سياسية وتعبوية. إن سقطت هذه الحكومة فإن المسؤولية التاريخية لن يتحملها الحزب الديمقراطي التقدمي، ذلك أن التاريخ سيشهد أن حزبنا دافع عن هذا الخيار إلى آخر مدى، وستتحمل الأطراف الأخرى مسؤولية تداعيات إجهاض هذه التجربة.
* بعد انتخابك أمينة عامة للحزب التقدمي الديمقراطي، هل سبق لك أن التقيت الرئيس السابق؟
- لم يسبق لي أن التقيت به. فرغم أن حزبنا حزب قانوني، فإنهم كانوا غير معترفين به. بيد أن إصرارنا ومثابرتنا وإيماننا، أوجدت لنا حالة من التعاطف الشعبي. فنحن قمنا بشق طريقنا في ظروف صعبة جدا، لكن لم يكن لنا أي تواصل مع المؤسسات الرسمية لأنها لم تكن تعترف بنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.