بسبب خريطة المملكة المغربية.. احتجاز بعثة نهضة بركان في المطار بالجزائر    محاكمة طبيب التجميل التازي ومن معه.. النيابة العامة تؤكد ارتكاب جريمة "الاتجار في البشر"    وفاة الفنان المصري صلاح السعدني    ردّا على المسرحية الإيرانية.. إسرائيل تطلق صواريخ بعيدة المدى على مدينة أصفهان    مجلس النواب يعقد جلسة عمومية لاستكمال هياكله    ميراوي: أسبوع يفصل عن إعلان سنة بيضاء وبرلمانيون يناشدونه التراجع عن القرارات تأديب طلب الطب    نشرة إنذارية: زخات مطرية قوية وهبات رياح مرتقبة غدا السبت بعدد من مناطق المملكة    طنجة.. توقيف ثلاثة أشخاص يشتبه ارتباطهم بشبكة إجرامية للاتجار في المخدرات والمؤثرات العقلية    نشرة إنذارية : زخات مطرية قوية وهبات رياح قوية مرتقبة غدا السبت بعدد من مناطق المملكة    طنجة .. توقيف ثلاثة أشخاص لإرتباطهم بشبكة إجرامية تنشط في المخدرات    طغى عليه الغياب واستحواذ الأغلبية على مقاعد الأمناء والمحاسبين : انتخاب مكتب مجلس النواب    في تقليد إعلامي جميل مدير «الثقافية» يوجه رسالة شكر وعرفان إلى العاملين في القناة    جمال الغيواني يهدي قطعة «إلى ضاق الحال» إلى الفنان عمر السيد    الطريق نحو المؤتمر ال18..الاستقلال يفتح باب الترشح لعضوية اللجنة التنفيذية    الهجمات على إيران "تشعل" أسعار النفط    فيتو أميركي يٌجهض قرار منح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة    مكناس: تعبئة شاملة لاستقبال ضيوف المعرض الدولي للفلاحة بالمغرب 2024    صورة تجمع بين "ديزي دروس" وطوطو"..هل هي بداية تعاون فني بينهما    منظمة الصحة تعتمد لقاحا فمويا جديدا ضد الكوليرا    مذكرة إخبارية للمندوبية السامية للتخطيط نتائج بحث الظرفية لدى الأسر الفصل الأول من سنة 2024    "لارام" وشركة "سافران" تعززان شراكتهما بمجال صيانة محركات الطائرات    "أحرضان" القنصل المغربي بهولندا يغادر إلى دار البقاء    باستثناء الزيادة.. نقابي يستبعد توصل رجال ونساء التعليم بمستحقاتهم نهاية أبريل    وزيرة : ليبيريا تتطلع إلى الاستفادة من التجربة المغربية في مجال التكوين المهني    السودان..تسجيل 391 حالة وفاة بسبب الاصابة بمرضي الكوليرا وحمى الضنك    المدير العام لمنظمة "FAO" يشيد بتجربة المغرب في قطاعات الفلاحة والصيد البحري والغابات    العصبة الاحترافية تتجه لمعاقبة الوداد بسبب أحداث مباراة الجيش    التراث المغربي بين النص القانوني والواقع    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    أخْطر المُسَيَّرات من البشر !    سوريا تؤكد تعرضها لهجوم إسرائيلي    ورشة في تقنيات الكتابة القصصية بثانوية الشريف الرضي الإعدادية بجماعة عرباوة    مهرجان خريبكة الدولي يسائل الجمالية في السينما الإفريقية    لوسيور كريسطال تكشف عن هويتها البصرية الجديدة    "قتلوا النازحين وحاصروا المدارس" – شهود عيان يروون لبي بي سي ماذا حدث في بيت حانون قبل انسحاب الجيش الإسرائيلي    الدكيك وأسود الفوتسال واجدين للمنتخب الليبي وعينهم فالرباح والفينال    ضربات تستهدف إيران وإسرائيل تلتزم الصمت    تفاصيل هروب ولية عهد هولندا إلى إسبانيا بعد تهديدات من أشهر بارون مخدرات مغربي    بعد نشر سائحة فيديو تتعرض فيه للابتزاز.. الأمن يعتقل مرشد سياحي مزور    مليلية تستعد لاستقبال 21 سفينة سياحية كبيرة    تقرير يُظهر: المغرب من بين الوجهات الرخيصة الأفضل للعائلات وهذه هي تكلفة الإقامة لأسبوع    واش اسرائيل ردات على ايران؟. مسؤولوها اكدو هاد الشي لصحف امريكية واعلام الملالي هدر على تصدي الهجوم ولكن لا تأكيد رسمي    المغاربة محيحين فأوروبا: حارث وأوناحي تأهلو لدومي فينال اليوروبا ليگ مع أمين عدلي وأكدو التألق المغربي لحكيمي ودياز ومزراوي فالشومبيونزليك    "الكاف" يحسم في موعد كأس إفريقيا 2025 بالمغرب    خطة مانشستر للتخلص من المغربي أمرابط    بيضا: أرشيف المغرب يتقدم ببطء شديد .. والتطوير يحتاج إرادة سياسية    نصف نهائي "الفوتسال" بشبابيك مغلقة    الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم يطالب بفرض عقوبات على الأندية الإسرائيلية    "قط مسعور" يثير الرعب بأحد أحياء أيت ملول (فيديو)    الانتقاد يطال "نستله" بسبب إضافة السكر إلى أغذية الأطفال    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (6)    الأمثال العامية بتطوان... (575)    وزارة الصحة تخلد اليوم العالمي للهيموفيليا    هاشم البسطاوي يعلق على انهيار "ولد الشينوية" خلال أداء العمرة (فيديوهات)    الأمثال العامية بتطوان... (574)    خطيب ايت ملول خطب باسم امير المؤمنين لتنتقد امير المؤمنين بحالو بحال ابو مسلم الخرساني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عيد الأضحى الأمس بالريف الشرقي: طقوس، عادات وفرجة/- قبيلة أيث بويحيي نموذج
نشر في الوجدية يوم 11 - 12 - 2008

يحتفل المسلمون عامة في العاشر من ذي الحجة من كل سنة هجرية، بعيد الأضحى أو بالعيد الكبير كما يسمونه المغاربة، او أرعيذ أمقران كما يسميه أهالي الريف
وهذا العيد متميز ومرتبط بتقديم أضحية وهنا من اللازم التذكير بقصة إبراهيم عليه السلام و إقدامه على التضحية بابنه إسماعيل عليه السلام،و الفداء الذي افتداه الله سبحانه وتعالى، والمتمثل في الكبش(1)،و في هذا يقول الله سبحانه وتعالى في سورة الصافات -101-107: "فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تومرستجدني إن شاء الله من الصابرين ،فلما اسلما وتله للجبين وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين. ان هذا لهو البلاء المبين وفديناه بذبح عظيم" - انتهى قول الله تعالى- ومع هذا التصوير القرآني لحكاية إبراهيم مع ابنه إسماعيل، ولدت فكرة التضحية،و عندئذ فقط ....و في اللحظة التي كان السكين يتهيأ لإمضاء أمره...نادى الله إبراهيم...انتهى اختياره،و فدى الله إسماعيل بذبح عظيم وصار اليوم عيدا لقوم لم يولد وأبعد، هم المسلمون، صارت هذه اللحظات عند المسلمين.... عيدا يذكرهم بمعنى الإسلام الحقيقي الذي كان عليه إبراهيم وإسماعيل،(2) واعتبار عيد الأضحى مناسبة دينية هو الذي منحه بعدها الروحي، فتعتبر بعض النصوص الدينية ان الأضحية هي رمز تضحية إبراهيم الخليل بابنه إسماعيل، ومن ثمة الارتباط المعنوي بسلالة الأنبياء، فكل طقس هو دلالة على نوع من الخضوع والطاعة، فالعيد هو نوع من الطقس اي عبارة عن نوع من التعبد و لهذا ارتبطت الأضحية بالأجر الأخروي.
وهي نوع من القربان الذي يهدف الى التقرب الى الله، وعادة تقديم القربان والاضاحي ضاربة جذورها في اعماق تاريخ البشرية، إذ ارتبطت في الأول بمعتقدات وثنية وفيما بعده بالمعتقدات السماوية، وبالخصوص الذبائح ومن بينها الكبش الذي أله عند بعض الشعوب وقُدس عند شعوب أخرى، واعتبر أضحية شعائرية في كل مناطق العالم قديما بل وحديثا،(3) لان إنبات الأرض واستنزال المطر واستمرار فصل الخصب وعودته مرهون بإراقة الدماء وتقديم الأضاحي، ومادام مجال حديثنا سيكون عن عيد الأضحى طقوسا.
وعادات وفرجة احتفالية بالريف الشرقي و بالخصوص لدى قبيلة آيث بويحيي، فإننا لا بد لنا أن نستحضر الحمولة الروحية والاجتماعية والانتربولوجية التي يكتسيها هذا العيد، وهذا لن يتأتى إلا بالاقتراب من تلك
الطقوس والتقاليد والعادات المتباينة تبعا لتعدد وثراء المرجعية الثقافية لكل مكونات قبائل الريف الشرقي، والتي تصب كلها في عمق الثقافي المتجذر والاصيل لمكون من مكونات ثقافة الشعب المغربي، وحيث ان الطقوس والعادات والتقاليد والعادات المصاحبة للاحتفال بمناسبة عيد الأضحى التي تشهدها مختلف فضاءات ومجالات قبائل الريف الشرقي، تلتقي في بعض الطقوس وتتباعد في أخرى، والمتميزة بتعددها وتنوعها وتلاوينها المختلفة،فانه من الصعب على الباحث أن يلم بها كلها، ولهذا تجدنا نحصر محاولتنا هذه بالحديث عن عيد الأضحى لدى قبيلة ايث بويحييو حيث أنها تزخر في عيد الأضحى بالعديد من التقاليد والطقوس والسلوكيات وأشكال الفرجة المرتبطة بالمناسبة، بدءا بأول لحظة انتقاء أضحية العيد إلى حين ذبحها وتقطيعها واستهلاكها والتعامل مع مخلفاتها من لحم و أطراف وعظام ودماء، إلى لحظة الاحتفال والفرجة والترويح عن النفس. وللوقوف على هذه الطقوس والعادات قمنا برصدها من خلال الاستعانة ببعض الكتابات التي عالجت الموضوع رغم قلتها وندرتها، واعتمدنا اساسا على الروايات الشفوية مع تطعيمها بالصور والتمثلات التي تختزنها ذاكرة الطفولة، وهكذا سنعالج ذلك في المباحث التالية: المبحث الاول: الاستعدادات لاستقبال عيد الأضحى، المبحث الثاني: طقوس ذبح الأضحية، المبحث الثالث: طقوس وعادات التعامل مع الأضحية وأعضائها، المبحث الرابع: شكل الفرجة المرتبط بعيد الأضحى وفي الختام سنتطرق لأحداث تاريخية وطبيعية وشمت الذاكرة الجماعية للقبيلة والتي تزامنت مع حلول أيام عيد الأضحى في السنوات الخوالي.
المبحث الاول: الاستعدادات لاستقبال عيد الأضحى
يبدأ التهييىء والاستعداد لاستقبال عيد الأضحى، مباشرة بعد دخول شهر ذي الحجة من كل سنة هجرية، وبعودة الى الماضي القريب، فان الاستعداد لهذه المناسبة بقبيلة آيث بويحيي كان يميزه الحركة غير العادية والنشاط الزائد لربات الأسر اللائي كن يبذلن جهودا جبارة للاعتناء بالخيمة ولوازمها عبر تنظيفها وغسلها وهذا كان أثناء فترة الترحال، أما بعد مرحلة الاستقرار ومعرفة العمران والبناء القار وبالخصوص أثناء فترة الحماية الاسبانية وبعدها، فان نفس النشاط ونفس الحركة كانت تتميز به النساء البويحياويات،و التي تتجلى في تنظيف مرافق المنزل وتبييض واجهته وغرفه وفنائه وتبليط أرضيته بروث البهائم الممزوج بالطين والتبن، وغسل مؤن وأدوات الطبخ والأفرشة التي كانت تأخذ غالبا إلى الأنهار الجارية لتنظيفها وعرضها•
على جوانب ضفافها لتجفيفها (وواد تياوت نموذجا ببلدة العروي) وبعد هذه الأشغال الشاقة يتفرغن لتنقية الحبوب (الشعير و القمح..) من الشوائب المعلقة بها و كذا غسلها و تعريضها لأشعة الشمس حتى تتخلص وتزول منها الرطوبة المتبقية بها، وتحضيرها في أكياس لطحنها داخل المنزل بالمطحنة التقليدية المعروفة محليا ب: "ثسيرات اوفوس"(4) أو نقلها من طرف رب الأسرة إلى المطحنة العصرية ان وجدت بالقرية،و كل ذلك للحصول على طحين جيد لإعداد رغائف الخبز وأطباق الكسكس التي تتطلبها مناسبة عيد الأضحى.(5)، ومما لا زال عالقا وساكنا في ثنايا ذاكرتنا الطفولية والذي له علاقة وطيدة بهذه الاستعدادات والأنشطة المرافقة لها هو أصوات كانت تحدثها دقات المهراز التي تشنف آذان المارة والجيران، والناتجة عن دق/طحن التوابل داخل المهراز بطريقة تقليدية تجيدها ربات البيوت، وعملية الطحن هذه يسبقها مراحل عديدة من بينها تنقية التوابل من الشوائب وعرضها لأشعة الشمس -خاصة في أوقات الظهيرة- حتى تزول منها آثار الرطوبة، ويحرصن كل الحرص على إتقان هذه العمليات/المراحل للحصول على توابل ذات جودة عالية ونكهة خاصة تليق بمناسبة العيد ووجباته العديدة والمتنوعة، ودائما في إطار الاستعدادات، كان هناك من العائلات/الأسر من يستعد لهذه المناسبة بشهور قبل حلولها، وبالخصوص من كانت منها تتعاطى لتربية الماشية،و التي تشكل غالبية الأسر المنتمية لقبيلة آيث بويحيي، بحكم نمط الإنتاج السائد لديها وهو تربية الماشية بالدرجة الأولى ولزارعة الحبوب بدرجة ثانية. إذ أنها كانت تعمد إلى انتقاء حمل من وسط القطيع الذي تملكه وتعلمه بعلامة بارزة ومميزة،لكي يكون الأضحية الخاصة بعيد الأضحى المقبل. وعند اقتراب المناسبة نجدها تقوم بعزله على القطيع ويكون محل عناية خاصة سواء من حيث إغداق العلف أو الاهتمام به من حيث النظافة.
وأما أرباب الأسر فيقومون بتحضير اللوازم الخاصة بهذه المناسبة الدينية الغالية، إذ يبدؤون باقتناء الأضحية- إذا لم يكونوا متعاطين لتربية الماشية/كسابة- قبل حلول العيد بأيام عديدة تفاديا منهم للوقوع في شرك الشناقة/المتاجرين والوسطاء في بيع أكباش العيد،الذين يعمدون إلى المضاربة في أسعار الأضاحي عبر احتكارهم وتحكمهم في سوق العرض، وهكذا نجد أرباب الأسر يقومون بزيارة الأسواق الأسبوعية المنتشرة عبر أرجاء قبيلة ايث بويحيي - وغالبا ما تكون هذه الزيارات زيارات استطلاعية للتعرف على أثمان الأضحية، إذ غالبا ما يقومون باقتناء أضاحيهم من الأسواق التي توجد داخل نفوذ مراكز سكناهم، وعادة ما يقومون بزيارة رحبة البهائم الملحقة بالسوق، صحبة احد أبنائهم الكبار، محاولة منهم لإشراكهم في هذه العملية لنقل الخبرات المكتسبة لديهم لأعقابهم. ويتوجهون مباشرة إلى الاكباش التي يقع اختيارهم عليها، حيث يبدؤون في تفحصها بوضع اليد على الظهر لتحسس منطقة فقرات العمود الفقري للبهيمة،للوقوف على حالة عظامها إن كانت بارزة وفي متناول أصابع اليد بسهولة، فان ذلك يعني أن البهيمة هزيلة وإذا لم يتمكن من ملامستها، فإنها سمينة ومشحمة وهي الغاية المطلوبة، وبعد ذلك يقوم بمسك ذيلها ورفعها من مؤخرتها للتأكد من وزنها ودرجة سمنتها، خاصة وأن أرباب الأسر المنتمين لقبيلة آيث بويحيي، لهم خبرة ودراية وباع طويل في انتقاء البهائم/الأضاحي السمينة من الهزيلة بحكم تعاطيهم لتربية الماشية كما سبق لنا أن أسلفنا القول. وبعد ذلك يقوم بفتح فم البهيمة للتأكد من سنها، عبر تفحصه لأسنانها، لمعرفة إن كانت لا زالت لبنية/حليبية أم أنها خروف -ابكري /ولد العام أو -ا ثني/-و عامين او يرز/ رباعي أو يجمع/ سداسي. وحينما يتأكد من كل هذه المواصفات المطلوبة توفرها في أضحية العيد لدى أهالي قبيلة ايت بويحيي، يبتعد قليلا عن الكبش /البهيمة المنتقاة بعد عزلها عن باقي القطيع من لدن بائعها، ويتأملها جيدا من حيث وقفتها وهل تقوم باجترار ما تناولته من علف أو لا. وكل هذا الرصد والتأملات في الكبش /البهيمة تمكنه من معرفة مدى سلامتها وخلوها من الأمراض والهزال، وبالتالي فهي مقبولة لتكون أضحية العيد، لان قبول الأضحية حسب المعتقد الديني رهين بمدى سلامة ومعافاة الأضحية من الأمراض والهزال والعيوب، وبعد كل هذه التحريات تبدأ مرحلة المساومات وحول ثمن الكبش/البهيمة المختارة والذي يعرضه الكساب /البائع فان قبل المشتري الثمن رفع يده اليمنى في السماء ووضعها في يد الكساب/البائع وهناك من يلجا الى أعراف أخرى معروفة و"ذات سيادة" داخل رحبة البهائم بأسواق قبيلة بني بويحيي، والتي تنظم وتقنن ثنائية الطلب والعرض، ومن بينها حمل كمشة من تراب أرضية الرحبة ووضعها على ظهر الكبش موضوع المساومة من لدن المشتري بعد أن يكون قد استفسر البائع/الكساب عن ثمن البهيمة،و هذا التصرف يعني انه قبل بالثمن المقترح، كما أن هناك من يقوم بجز قليل من صوف ظهر الكبش بالمقص الذي يحمله دائما أثناء زياراته للأسواق، وهذه عادة غالبا ما يلجأ إليها التجار /الشناقة ويؤول ذلك السلوك -أي جز الصوف- على انه قبول للثمن الذي طلبه الكساب/البائع مقابل الموافقة على بيعه للكبش المعروض بالرحبة، وكل تلك الأعراف التي سردناها أعلاه، تعني ان الصفقة قد تمت EULCNOC EHMARC وبعد شراء الكبش يقوم رب الأسرة بإحضاره إلى منزله، حيث يستقبل أحيانا بالزغاريد التي تطلقها سيدة البيت، وبحفاوة كبيرة، وبحماس منقطع النظير يستقبله الأطفال، إذ أن الكل يسرع إلى تقديم خدماته، فالأم نظفت مسبقا المكان الذي سيأوي الكبش طيلة الأيام التي سيقضيها بها إلى أن يحل يوم العيد، والصغار يسرعون إلى إحضار العلف ومداعبة الكبش بحذر شديد اتقاء منهم لنطحاته المباغتة والمفاجئة، ويكون الكبش محط عناية خاصة من لدن ربة البيت، اذ تسهر على تنظيف مكان إيوائه يوميا عبر تجميع روثه ومخلفاته وإخراج التبن المستعمل وطرح كل ذلك أو إلقائه في مطرح تجميع النفايات العضوية المعروفة محليا ب: ثازوباشت. وإحضار العلف وغالبا ما يتكون من الشعير وتفله والتبن والماء... وإعطائه للكبش في أوقات محددة مسبقا، كما تقوم بتفريش أرضية مكان إيواء الكبش كل صباح بالتبن المجفف بعد أن تكون قد أخرجت التبن المبلل بروث وبول البهيمة. وكل ذلك للحفاظ على صحة الكبش وسلامته وللحرص أن لا تتلوث فروته بالقاذورات ومخلفاته ولتحافظ على بياضها، لأنها ستتحول بعد مرور أيام العيد إلى تذكار وتحفة تؤثث فضاءات المنزل وتدخل ضمن الافرشة التي تتوفر عليها ربة البيت، وفي الليلة ما قبل العيد يقطع عليه العلف والماء كعملية تهييئية لنحره يوم العيد. وبعد اقتناء رب الأسرة لأضحية العيد، يدخل في دوامة أخرى من الاستعدادات والمتمثلة في اقتناء الملابس الجديدة لأطفاله، إذ يقوم باصطحابهم إلى السوق ليختار لهم الألبسة المناسبة الجديدة من اقمصة وسراويل والأحذية الخاصة بكلا الجنسين... مراعيا في ذلك طاقته الشرائية وإرضاء أطفاله محاولا التوفيق بين رغبات الأطفال وإمكانياته المادية. وليلة العيد نجد الأطفال منشغلين بتحضير ملابسهم الجديدة، عبر الإلحاح على أمهاتهم ليقمن بعملية تثبيت بعض أزرار السراويل التي غالبا ما تكون غير محكمة الخياطة أو غيرها من الرتوشات التي كانت تستلزمها عادة الألبسة الجديدة، كالزيادة في مقياس السراويل أو إحداث فتح في المكان الذي تلج فيه الازرار(7)• وبعد الانتهاء من هذه العملية المضنية والتي تتطلب الكثير من الصبر والتركيز، تقوم الأمهات بتحضير طبق الحناء/ثزوظان رحني، حيث تتجمل بالحناء الصبايا والصبيان أيضا، فتعتقد النساء انه بوضعهن الحناء على اليدين والرجلين سوف يرفرف الخير عليهن طيلة السنة،خصوصا وأنهن يعتقدن أن الحناء رمز الخير والحنان وحتى يعشن سنة كلها خير وعطاء ورزق، ومما كانت تنفرد به قبيلة ايث بويحيي، فيما يخص طقوس تحضير وضع الحناء ليلة العيد، هو ان الحناء التي تحضرها النساء البويحياويات ليتزين به هن واطفالهن يزين به ايضا كبش العيد، وتوضع الحناء انطلاقا من راس الكبش وبالضبط بنقطة توجد بين القرنين وعلى امتداد طول الظهر الى غاية ذيله.(8) . وبعد التفرغ من هذه الاستعدادات المتعلقة بتنظيف الخيمة او المنزل وغسل أمتعته وتنظيف أركانه وفضاءاته، واقتناء أضحية العيد وألبسة الأطفال تبدأ طقوس أخرى وعادات من بينها ظهور مهن وحرف لا تظهر إلا مرة واحدة في السنة، والتي تؤثث مختلف فضاءات الأسواق وهي خاصة بموسم الذبح هذا، ومن بينها مهنة شحذ السكاكين والسواطير، إذ يعمد كل أرباب الأسر إلى إحضار عدة الذبح إلى حرفيين يمتهنون هذه الحرفة الموسمية، ويطلبون منهم إتقان عملية الشحذ لان السكاكين الحادة تدخل في سنن الذبح حسب المعتقد الديني وإذا لم تكن السكين حادة فان ذلك يؤدي إلى تعذيب الأضحية إثناء ذبحها، وهذا ما يتفاداه الكل وإذا حدث ذلك فان الذنوب المرتكبة من جراء تعذيب الأضحية يتحملها الذابح الذي لم يتأكد من صلاحية وفعالية أداة النحر، ولهذا نجدهم يلحون على ممتهني هذه الحرفة أن يحسنوا ويتقنوا شحذ معدات الذبح التي احضروها ويتأكد أصحاب المعدات على أن العملية تمت بإتقان ومهارة من خلال كثافة وكثرة الشظايا الحديدية المتطايرة في الهواء والناتجة عن الاحتكاكات
التي تنتج عند ملامسة السكين لآلة الشحذ، وهذه الاستعدادات والانشغال بلوازم ومتطلبات العيد، يقف عليها المرء بجولة صغيرة داخل الأسواق الأسبوعية أو ثسوقين/اسويقات-وهي أسواق صغرى تنعقد خلال الأيام المعدودة التي تسبق عيد الأضحى بمختلف مراكز الريف الشرقي - ويلاحظ بالملموس مدى انشغال المواطنين بأضحية العيد وما يستلزمه من متطلبات وتجهيزات ولوازم ضرورية لا غنى عنها تفرضها الشعائر الدينية والطقوس الاجتماعية والاحتفالية المصاحبة لهذه المناسبة السنوية، وهذا ما يجعل الأسواق تكتسي صبغة خاصة بالعيد، حيث يتم عرض كل ما له علاقة وارتباط به، من أدوات الذبح غالى معدات الطبخ إلى مختلف أنواع التوابل والزاد والفحم، إلى الملح والشب الذي يكثر عليه الطلب والإقبال لاستخدامه في معالجة فروة الأضحية..
المبحث الثاني: طقوس ذبح الأضحية
تستيقظ النسوة يوم العيد باكرا لتهيئ الفطور الأول والذي غالبا ما يتكون من فطائر وشاي، ويستيقظ الأطفال باكرا أيضا ليلبسوا اللباس الجديد الخاص بالعيد،أما رب الأسرة فبمجرد استيقاظه من نومه يتوضأ، وبعد تفقده للأضحية، يتوجه مباشرة إلى المسجد لأداء صلاة العيد، وليتبادل التهاني مع المصلين والجيران... ويعود ليباشر الذبح بنفسه، ونحر أضحية العيد بالريف الشرقي، وبالخصوص بقبيلة ايث بويحيي-موضوع مقالنا هذا- كباقي مناطق المغرب، تواكبه طقوس تحركها معتقدات دينية وأسطورية تمتزج وتتداخل لحظة الذبح، ولا بد من احترامها والتقيد بها والإعداد لذبح الأضحية يختلف من قبيلة لأخرى، وهناك بعض الشعائر والطقوس التي تخص/ينفرد بها أهالي القبيلة يخص عملية الذبح، ومن بينها حفر حفرة صغيرة في الأرض ووضع قليل من الملح فيها، ويراعي فيها أن لا تكون في طريق المارة، والغرض منها هو تجميع بعض الدماء التي تنزف من عنق الأضحية أثناء نحرها، وبعد تمديد الأضحية على الأرض والتأكد من أن عنقها وضع جوار وقرب الحفرة، توضع حبات من الشعير ويقدر عددها بسبعة حبات وقليل من الماء وكمشة صغيرة من الملح في فمها، ويمسك احدهم بيده اليسرى قوائم /أرجل الكبش وبيده اليمنى عنق الأضحية بحيث تتقاطع يداه ويقوم آخر، وغالبا ما يكون رب الأسرة بذبح الأضحية يبدأ بقوله "بسم الله الرحمان الرحيم اللهم تقبل أضحيتي هذه كما تقبلتها من إبراهيم
الخليل إنها منك وإليك" وتقتضي التقاليد أن تسمى الذبيحة على اسم شخص قد يكون رب العائلة أو احد الأقارب الأحياء أو المتوفين، والجدير بالذكر أن عملية النحر وتدفق الدم من عنق الأضحية تصاحبه عمليات/عادات، وعادة ما تتقدم ربة البيت بوعاء به شيء من حصى ملح الطعام المعروفة محليا ب: ثمدجحت ان يبضارسن،بحيث يوضع في مواجهة عنق الأضحية لحظة نحرها حتى تغمره الدماء، وهذا التقليد انقرض ولم يعد معمولا به منذ زمن، والغرض من الملح الممزوج بدماء الأضحية هو طرد عين الحسود وباستعماله في الشتاء حين تكثر العواصف والأمطار حيث يعتقد أن الملح الذي جفت عليه دماء الأضحية في وسعه إذا ما وضع شيء منه في نار المدفأة /المجمر ساعة دوي الرعد ولمعان البرق أن يصون و يحمي البيت من نزول الصواعق(9) أما بالنسبة للدماء التي سقطت في الحفرة والتي انتشرت على الأرض، فإنها تترك إلى أن تجف، وبعدها يتم جمعها والاحتفاظ بها في المنزل في قماش ابيض، لاستخدامها في معالجة نوبات الصرع التي تعرف محليا ب: لا رياح•(10)
وعند إتمام عملية الذبح تنطلق عملية السلخ، هذه العملية تتطلب جهدا وتركيزا مكثفا، إذ أن الساهر عليها من الواجب عليه أن لا يمزق فروة الكبش وان لا يحدث بها أية ثقوب، وإلا كان محل سخرية من لدن أفراد العائلة،لان خلو الفروة من التمزقات والثقوب دليل على درايته ومهارته وخبرته في سلخ الأضاحي، ولان هذه الفروة بعد غسلها وتنظيفها ومعالجتها بالملح وتمديدها على الأرض لتعريضها لأشعة الشمس وبعد ذلك تمطيطها بأخشاب خاصة ودلكها بالشب والطحين حتى تستوي، تصبح عبارة على فراش جلدي وصوفي يستخدم في تفريش أرضية الغرف وتتباهى به ربة الأسرة بين أهلها وجيرانها خاصة وأنها يحتفظ بها كتذكار وبركة موروثة عن الأعياد الماضية، وحرصا على أن لا تلوث السقيطة بأعضائها وأحشائها الداخلية واهتداءا بخبرته في هذا المجال، نجد رب الأسرة يسرع إلى نزع المثانة من السقيطة وإلقائها بعيدا عن المكان الذي يحتضنها كما يسهر على تنظيف مؤخرة الأضحية بصب الكثير من الماء في مخرجها ليجردها من روثها والدم المتبقى داخلها، وبعد استخراج الاعضاء الضرورية لإعداد الفطور الثاني ومنه الكبد والشحم الذي يلف المعدة،يتفرغ لفك تشابك الأمعاء الرقيقة والغليظة وإخراج المعدة والرئتين والطحال والقلب والمرارة التي يقوم بعزلها عن الكبد بحذر شديد حتى لا تتمزق لان سائلها يفسد لحم السقيطة•(11)
وعند إتمام عمليتي الذبح والسلخ يجري تعليق السقيطة في مكان يتوفر على تهوية كافية، لتدخل من جديد طقوس وتقاليد كل قبيلة حول كيفية التعامل و الاحتفاظ بالسقيطة إذ أن لدى أهالي قبيلة ايث بويحيي،تعلق في مكان آمن ولا يمس منها أي شيء ما عدا الأحشاء والأجزاء /الأعضاء الداخلية،في
اليوم الأول من العيد، وتغلف بثوب ابيض يدعى محليا ب :اركتان ن رحياتي،للحفاظ عليها من التلوث الذي تنقله إليها الحشرات وبالخصوص الذباب، إذ انه إذا لمسها لوثها و يطلق عليها محليا ب: "زوزغ ن ييزان" ويعني التلوث الناتج عن الذباب، وإن لم تتوفر لدى ربة البيت قطعة القماش، فإنها تعمد إلى دهن السقيطة بزيت المائدة، لان الزيت حسب اعتقادها، يبعد الحشرات عنها ويبقيها في منأى عن التلوث. وبحلول الظلام /الليل، تقوم ربات البيوت بإيقاد شمعة أو إنارة قنديل ووضعه إلى جوار السقيطة المعلقة بالمكان الذي توجد بها طوال الليل، حيث انه في اعتقاد أهالي القبيلة، أن الوسيلة الفعالة لطرد الأشباح ودفع اذائها هو الإنارة، لان الجن-حسب نفس الاعتقاد- معروف عنها ولعها الشديد بالظلمة،و لهذا الغرض تنار الغرفة أو المكان الذي يحتضن السقيطة بالشمعة أو القنديل، ولا يمكن إطفاؤها طوال تلك الليلة،كما ترش السقيطة بالملح لان الطقسين: إنارة الغرفة ورش السقيطة بالملح يعدان من بين الطقوس الفعالة في طرد الأرواح الشريرة واللذان يحدثان رهبة لدى الجن فيدفعهم إلى إخلاء البقعة التي يوضع بها الملح وينتشر فيها النور•(13)
المبحث الثالث: طقوس التعامل مع لحم وأعضاء الأضحية وإعداد الوجبات الخاصة بالعيد
تقوم النسوة بعد مدهن بأحشاء ومعدة السقيطة، بالانهماك في تنظيفها وبالخصوص تطهير المعدة من بقايا الأكل /العلف الذي تناوله الكبش قبل نحره وتقطيع الرئتين والقلب وكل هذه الأعضاء تسخر لإعداد وجبة الغذاء التي تعرف محليا ب ث تكريشت ويقابلها في الدارجة المغربية ب: الدوارة أو التقلية وأما الكبد فانه يحضر به الفطور الثاني والذي يكون عبارة عن كبد مشوي والمغلف بالشحم الذي يلف المعدة ويطلق عليه محليا: "بولفاف" وهذه الوجبة تجعل الأسرة تجتمع بأكملها لتستمتع بأول وجبة محضرة من أعضاء الأضحية و بعد الانتهاء من تناول الوجبة اللذيذة والدسمة، تسرع النسوة من جديد في إيقاد النار لشي رأس الأضحية و قوائمه الرابعة بحرق الصوف والشعر العالق به،و تسمى هذه العملية ب: اشواط اوزادجيف. التشواط بالدارجة المغربية والأولوية دائما للقوائم اليمنى.
وبعد الانتهاء من تشويط الرأس والقوائم ،تقطع إلى أطراف وتنظف بالماء وتترك لتقطر. ولأن أيام العيد هي استثنائية، فان الوجبات طبعا ستكون استثنائية، فهناك من الأسر خاصة المنتمية لقبيلة ايث بويحيي تحرم على نفسها تذوق وأكل لحم الأضحية في اليوم الأول من العيد، بل تقتصر على أحشاء ومعدة السقيطة، فتتناول في وجبة الفطور الثانية الكبد المشوي وقلما يطبخ في آنية مع قليل من الزيت، ووجبة الغذاء وغالبا ما يتم تناولها متأخرة تقتصر على تكريشت -الدوارة والمتكونة من المعدة والأحشاء وبعض أعضاء الأضحية من بينها القلب والذي يمنع على الإناث تناوله - حسب الإعتقادات السائدة لدى قبيلة آيث بويحيي - لأن أكله سيعجل بموت أحد أشقائهن وأما وجبة العشاء فهي رأس الأضحية وقوائمه وغالبا ما يتم تبخيره على مرجل/ اربامث والكسكاس المصنوع من الحلفاء والذي يؤكل جافا دون مرق مصحوبا بالملح والكامون الذي يوضع في آنية خاصة ويأخذ منها حسب الأذواق، ونادرا ما نجد بعض الأسر البويحياوية تخضر الكسكس /سايسو المحضر برأس الأضحية، وفي القديم فان ايث بويحيي لم يكونوا يستهلكون ويتناولون رأس الأضحية إلا في اليوم الثالث من العيد•(14)
ومما يتميز به أهالي ايث بويحيي عن باقي قبائل الريف الشرقي، هو عادة تعاملهم مع السقيطة، اذ لا يقبلون على تقطيعها إلا في اليوم الثاني من أيام العيد، وهذه العادة /التقليد قديم جدا لديهم، وهناك طقوس معينة يجب إتباعها واحترامها أثناء عملية تقطيع السقيطة، وغالبا ما يقوم بهذه العملية رب الأسرة، وإن لم تكن له خبرة ودراية في هذا المجال، فانه يقوم باستشارة المتقدمين في السن ذوي التجربة في تقطيع إطراف
الأضاحي، لأنهم يعتقدون انه عند حدوث أخطاء أثناء التقطيع لا تقبل الأضحية من صاحبها، وعند القطع
لابد من البداية من اليمين حيث تقطع الكتف الأيمن ويطبخ لإعداد وجبة الغذاء الخاصة لذلك اليوم، ويستمر
القطع إلى أن يأتي على آخر جزء من السقيطة، وأثناء إعداد وجبات الغذاء والعشاء الخاصة بأيام العيد، غالبا
ما تقوم النساء بالاحتفاظ بقطع من اللحم مع تمليحها وتشريحها لتحضير اللحم المجفف المعروف محليا ب:
"ارقديد" القديد بالدارجة المغربية، وهو نوع من اللحم الجاف والمقطع إلى شرائح و مخلوط بالملح وببعض التوابل وينشر على الحبال ليجفف عبر تعريضه لأشعة الشمس لأيام وأيام، ومع الحرص على تغطيته بقماش ابيض، وغالبا ما ينصح باستهلاكه قبل حلول عاشوراء بأيام قليلة وإلا اعتبر ذلك أي استهلاكه بعد عاشوراء كخطيئة أو ذنب ارتكب في حق الضحية العيد التي اعد منها ذلك القديد.(15) وكان القديد المحضر بلحوم أضاحي العيد،يدخل ضمن إحدى وصفات الطب الشعبي والمتعلقة بعلاج تأخر الولادة والعقم، إذ كانت المرأة التي تعاني من ذلك، تحرص على تكليف إحدى صديقاتها من الجارات بجمع عشر قطع من القديد،عبر القيام بجولة داخل الدوار لجمعها من مختلف ربات بيوت الأسر وكل بيت لا يجمع منه إلا قطعة واحدة، والشرط الواجب توفره في المرأة التي تكرمت بقطعة القديد هو أن يكون زوجها أدى فريضة الحج و بالتالي يحمل لقب الحاج،و بعد جمعها تتطوع جارات العاقر بإقامة حفل خاص بهذه المناسبة ويكون سيد المائدة هو القطع العشر من القديد التي تم جمعها و طهيها،و يتم دعوة كل الجارات المتواجدات بالدوار
لتناول هذه الوليمة ،و تعامل المراة العاقر أثناء هذا الحفل معاملة المرأة النفيسة، تزيينها بالحناء وتكون محط رعاية خاصة،و يختم هذا الحفل بالدعاء لها بان ترزق بذرية صالحة في اقرب الآجال.
وكانت هناك بعض العادات الخاصة بولائم عيد الأضحى، وكان لها حضور قوي ببوادي قبيلة ايث بويحيي ولا زال إلى يومنا هذا مع بداية تواريها في المراكز والقرى في العقود الأخيرة والمتمثلة -أي العادة- في اجتماع رجال الدوار وبالتناوب لتناول وجبة الغذاء لدى احدهم في كل يوم من أيام العيد ولا يعفي منها احد، أي أن ولائم الغذاء توزع على كل أرباب اسر الدوار بالتناوب الذين يتكلفون باستضافة رجال الدوار لتناول الغذاء وتستمر عملية التناوب طيلة أسبوع أو يزيد.
أما فيما يخص تعامل الأهالي مع أعضاء السقيطة والعظام المتبقية منها،فانه كانت تحدد في معتقدات أسطورية تتجلى في استخدامها لأغراض الطب الشعبي والطقوس السحرية،فكما سبق لنا أن ذكرنا فان دماء الأضحية يحتفظ بها بعد تجفيفها في أقمشة بيضاء اللون ليلتحف بها كل من يشكو مسا أو يبخر بها لمعالجة بعض الأمراض، وأما بالنسبة للمرارة المعروفة محليا ب: ازي، فان هذا العضو -حسب المعتقدات المتوارثة- فانه بمثابة مؤشر عن السنة الفلاحية القادمة، فإذا كان منتفخا فان الموسم الفلاحي القادم سيكون ممتازا من حيث المردودية، وأما إذا كان هزيلا فان الجفاف والقحط سيعم البلاد.و بعد تأملها للتكهن بالسنة الفلاحية القادمة،فانه يقذف بها لتلصق بأحد حيطان المنزل وتظل عالقة هناك إلى ما بعد العيد بأسابيع وأشهر إلى أن تسقط، وتوظف لطرد الأرواح الشريرة، ويحتفظ بعظم الفك الأيمن ليستخدم في علاج بعض الأمراض خاصة ما يعرف محليا ب: ابوعن-ن-الوذنينات بالدارجة المغربية والذي يصيب الأطفال بالخصوص،و أما عن عظمة الكتف الأيمن، فبعد تجفيفه يحتفظ به في قفة مملوءة بالطحين،لدرء العين الحاسدة و جلب الحظ السعيد،و هناك عادات أخرى لكنها في طريقها إلى الزوال نتيجة التطورات الاجتماعية التي طرأت على الأسرة و التي لها علاقة برأس الكبش وقوائمه حيث تطبخ أو تبخر ليلا وتأكل أثناء وجبة العشاء مع الاحتفاظ ببعض عظامها وخاصة الفك الأيمن وأسنانه التي توظف في تهدئة من روع الأطفال الذين يعانون الخوف من الكوابيس،و باقي عظامه كانت تدفن في الأرض مع الحرص الشديد على أن ترمى في المزبلة/ثازوباشت(16)• وارتباطا بطقوس وعادات التعامل مع رأس الأضحية،فان لسانها كان يدخل في إعداد وصفات الطب الشعبي، بحيث يتم جمع سبع قطع من السنة أضحيات عيد الجيران، وبعد طهيها تقدم للطفل الذي يعاني صعوبة في النطق أو تأخر في الكلام والتأتأة، كما أن الأمهات كن يحرصن على أن أول قطعة لحم تقدم للطفل الذي أكمل حوله/عامه الأول هو قطعة من لسان أضحية العيد. وبالتالي فإن الموعد الأول في حياة الطفل مع اللحم يكون مع لسان أضحية العيد.
وأما عن فروة الكبش /ايرم اهيضار،فيحتفظ بها بعد تمليحها، وبعد الانتهاء من الأشغال التي تكون كثيرة أيام العيد، تتفرغ لها النساء بغسلها وتنظيفها وتجفيفها و تدليكها بالشب الممزوج بالطحين، إلى أن يحصلن على فروة جيدة، تستخدم لعدة أغراض مثل جعلها فراشا ارضيا للجلوس عليها وتسمى آنذاك محليا ب: ثاهيدارت، وكذلك توضع تحت الرحى التقليدية اليدوية -تسيرت اوفوس- ليسقط عليها الطحين الذي يتم سحقه وطحنه بالمطحنة، كما يستخدم الفروة في صناعة أكياس لحمل الأغراض المهمة لدى المرأة، وتسمى محليا ب: ثابياعت وبالدارجة المغربية المزود، ولكنها أي جلود الأضحية كانت تتحول إلى اكسسوارات لا غنى عنها في الشكل الفرجوي المرتبط بعيد الأضحى وهو ما يعرف محليا ب: عزونة أو سونا وهذا ما سنتناوله في المبحث التالي.
المبحث الرابع: عزونة: سونا شكل فرجة مرتبط بعيد الأضحى
كانت مناسبة عيد الأضحى تستغل للترويح عن النفس و تكسير نمط الحياة العادية وما قد يطبعها من رتابة و ملل، ولهذا فان الأهالي كانوا يخلقون ويبدعون أشكال فرجوية وتحولت بمرور الزمن ظواهر /عادات تلتزم بها القبيلة، ومن بين تلك الظواهر التي آلت للانقراض بالريف الشرقي والتي كانت تمتاز بها قبيلة ايث بويحيي وبالخصوص بلدة العروي، ظاهرة عزونة أو سونا، وهي ظاهرة كانت تعج بالحركية والاحتفالية وبالفرجة، وهي لصيقة ومرتبطة بعيد الأضحى، وهي شكل فرجة تتقاسم العديد من طقوسها وتجلياتها مع ظاهرة با الشيخ بوجلود/بويلمان/بولبطاين المنتشرة عبر مختلف المناطق المغربية وبالخصوص منطقة سوس والجنوب الشرقي،و هذه الظاهرة ككل استحال على المؤرخين والانتربوبولوجيين والاثنوغرافيين تحديد تاريخ ظهورها في المغرب، رغم أنهم يربطونها بالاعتقادات "الطوطمية" والتي عرفتها العديد من الشعوب والأمم، ومن بين المقاربات التي أعطيت في هذا الجانب تلك التي تقول بان هذه الظاهرة نزحت إلى المغرب من بعض البلدان الأفريقية المجاورة، وهذا ما دفع الصحافي عبد الواحد رشيد الى القول بان هذه العادة أتت عن طريق الزنوج الأفارقة الذين دخلوا المغرب في عهد المنصور الذهبي•(17)
وتعد عزونة سونا طقسا احتفاليا ذو بعد انتربولوجي الغني بالدلالات، تؤديها مجموعة من المواطنين البسطاء وبشكل غير احترافي خلال الأيام الثلاثة الأولى لعيد الأضحى.... فسونا إذن اسم يطلق في الأصل على هذا الشكل التعبيري،(18)، ولكنه صار يطلق على الفرقة التي تمارسه، وهناك تأويلات عدة تشرح بسبب اختيار هذه التسمية "سونا" والباحث في التراث الشعبي بالمنطقة الشرقية الأستاذ مصطفى الرمضاني يرجح أن يكون الاسم مشتقا من "عزونة" وهو اسم شخصي يهودي للمرأة التي تقوم بدور عزونة
في هذه الفرحة، ومن أهم مميزات سونا -دائما حسب الأستاذ مصطفى الرمضاني-أنها فرجة يمارسها أناس شعبيون يشكل فطري ولا تخضع لتمرين منسق أو توجيه فني أو إداري أو نحو ذلك، فكل ما يقدم يخضع
للتلقائية بما في ذلك نوعية الأزياء والألوان والاكسسوارات والأقنعة وغيرها، وغالبا ما كان هؤلاء الفنانون يرتدون جلود ما يذبح من اضحيات العيد، ويتزينون بأصداف الحلزون وأطباق قديمة مصنوعة من نبات الدوم أو الحلفاء، وأواني معدنية غير صالحة حتى تحدث ضجيجا قد يزيد من تحميسهم- والوصف دائما
للأستاذ مصطفى الرمضاني - أو لجلب المزيد من المتفرجين، و قد يلبسون الثياب البالية والمثيرة إلى جانب تلك الجلود.... ويضعون على وجوههم لحي مزيفة مصنوعة من مخلفات الخرفان..... وعن الفرقة وعدد أعضائها يقول الأستاذ: مصطفى الرمضاني: تتكون الفرقة من ستة أفراد أو سبعة ينقسمون إلى طائفتين:
طائفة "اليهودي" وطائفة "باشيخ" وزوجته "عزونة" ويصحب الفرقة عازفون على المزمار، وآخرون ينقرون آلة البندير يسمون "البنادرية" وهؤلاء العازفون هم الذين يوفرون الإيقاعات المناسبة للرقص الذي يشكل فقرة أساسية ومحببة، إلى جانب الأغاني والحوارات والسكيتشات الهزلية التي غالبا ما تستمد موضوعاتها من بعض المظاهر السلبية المتفشية في المجتمع(19)، وأما عن توقيت انطلاق هذا الشكل الفرجوي، فحدده الأستاذ مصطفى الرمضاني في بعد صلاة الظهر إذ يقول: وبعد صلاة الظهر عيد الأضحى، تبدأ الفرجة بالصخب والمرح والصراخ والرقص والغناء على إيقاعات لعلاوي أو الركادة، ويشارك المتفرجون في ذلك الصخب بتعليقاتهم وترديداتهم التي لا تخلو من مرح وإثارة أو بمغازلتهم لعزونة ومعاكستها بطريقة كاريكاتورية وهي تتعمد إثارتهم واستفزازهم، رغبة منها في إشراكهم في الحفل وتحقيق اكبر قدر من الفرحة الجماعية. ويمتد الحفل ليشمل الشوارع والأحياء والمد اشر ولا يتوقف إلا عند الهزيل الأخير من الليل، ليستمر صباح الغد مع أغنية سونا بغات الكديد(20) التي يكررها أعضاء الفرقة بموازاة مع ترديد المتفرجين بشكل كرنفالي.
أما عن مضمون هذه الظاهرة التاريخية فلقد لخصه الأستاذ مصطفى الرمضاني في قوله: أما مضمون هذه الظاهرة، فيتمثل في قصة تحكي علاقة "باشيخ" باليهودي وجماعته كذلك، فاليهودي يخطف عزونة زوجة "باشيخ" بالقوة، لذلك يسارع باشيخ إلى استرجاعها درءا للعار، غير أن اليهودي يصر على بقائها ويلجا إلى الحيل والمراوغات حتى تظل تحت سيطرته ورحمته، وهكذا يستمر الصراع بين المجموعتين لنكتشف في الأخير، أن الهدف من اختطاف عزونة يكمن في العامل الاقتصادي وبسط النفوذ، وبما أن اليهودي يطلب فدية مقابل إرجاع عزونة، فان باشيخ يلجا إلى الجمهور والمارة، ويدق أبواب مساكن الأحياء التي تمر منها المجموعة لجمع المال أو اللحم وكانوا يجمعون أموالا كثيرة. ويلقون ترحابا كبيرا من لدن ساكنة الدواوير التي يزورونها كما أن أهالي الدواوير يشاركونهم في هذه الفرجة التي تزيد من لحمة وأواصر القرابة والدم
داخل القبيلة وممن اشتهروا باتقان هذه الفرجة المدعو افقير عمرو المنحدر من دوار أولاد شعيب المجاورة لبلدة العروي.
المبحث الخامس: أحداث تزامنت وأيام عيد الأضحى وشمت الذاكرة الجماعية لقبيلة ايث بويحيي
الذاكرة الجماعية المحلية لقبيلة ايث بويحيي، تزخر بالعديد من الأحداث والوقائع التي تزامن وقوعها مع أيام عيد الأضحى، خلال العقود الأخيرة، ولا زالت تسكن ذاكرة معمرات ومعمري القبيلة الذين عايشوها، والتي تحيل على وقائع وأحداث تاريخية وظواهر طبيعية والتي أثرت سلبا على تاريخ المنطقة، وهذا ما جعلها تستوطن الذاكرة الجماعية، والتي يمكن اختزالها في الحروب والقحط والجفاف والمجاعات التي تعاقبت على الريف وأحداث سياسية ذات بعد وطني، والحفريات التي قمنا بها في ثنايا الذاكرة المحلية، جعلتنا نقف عليها، ونظرا لكثرتها وتنوعها، فإننا سنكتفي بذكر بعضها فقط والتي لها علاقة بعيد الأضحى، وهذه العلاقة تتجلى في كون وقوعها تزامن وأيام العيد مراعيين في ذلك التسلسل الكرونولوجي في الأحداث.
عدم وجود رجال لذبح أضحية العيد: لقد كانت للحرب الأهلية الاسبانية نتائج وخيمة في شمال المغرب، وبالخصوص بمنطقة الريف،إن على المستوى الاجتماعي أو الاقتصادي بل وحتى على المستوى
الديموغرافي، حيث تكبد الريف خسائر بشرية هامة أخلت بالتوازن الديموغرافي،وهذه الخسائر تثبتها بعض الحقائق التاريخية إذ أن الذين عبروا البحر سنوات 1936-1937-1938، لم يعد منهم إلا القليل، حاملين معهم أعطاب وإعاقات جسدية شتى، وهذا النزيف الديموغرافي هو الذي جعل بعض المداشر في الريف الشرقي لم تجد رجلا بالغا يذبح أضحية عيد الأضحى المصادف للسنة الثانية من الحرب أي عام1937، وقد ورد في هدا الباب فتوى دينية من احد علماء الدين بالمنطقة يوجز بان تذبح امرأة ما أضحية العيد شريطة أن تكون محملة على ظهرها بابن بكر(21)، وهذه الفتوى شهيرة في حوليات الحرب الأهلية الاسبانية بالريف، وتكشف أن غالبية رجال المنطقة جندوا في تلك الحرب ولم يبق بها سوى النساء•(22)
أكل لحم العيد بدون خبز: ارتبط هذا الحدث بعام الجوع، وبالضبط سنة 1941، والذي تميز بطوابير الأهالي أمام مكاتب التموين التابعة للسلطات الاستعمارية المحلية، للبحث عن الدقيق الطحين لعجن الخبز، وتزامن ذلك وحلول عيد الأضحى، فقام الأهالي بنحر أضاحي العيد، إلا أنهم تناولوا وجبات الأكل من غذاء وعشاء والمتكونة أساسا من اللحم المبخر أو المطبوخ، بالملاعق الخشبية فيما يخص المرق وباليدين فيما يخص اللحم وبدون خبز. وهذا مالا يستسيغه أهالي الريف ولهذا بقي عالقا في ذاكرتهم الجماعية.
الامتناع عن نحر أضحية العيد: على اثر خلع السلطان محمد الخامس في 20 غشت 1953ونفيه إلى جزيرة مدغشقر، وبدعوة من حزب الإصلاح الوطني بالشمال بقيادة عبد الخالق الطريس، قام أهالي الريف بالامتناع عن نحر أضحية عيد الأضحى، استنكارا منهم لما أقدمت عليه القوة الاستعمارية الفرنسية وبتواطىء مكشوف من مجموعة من القواد والباشوات المغاربة ذوي السلطة الكبيرة في بعض المناطق وكذلك بعض شيوخ الزوايا ذو النفوذ المذهبي الديني في كثير من المدن والقرى من أجل عزل السلطان محمد الخامس ومبايعة محمد بن عرفة.
عيد الأضحى يوم التضامن مع الشعب الجزائري: أثناء النكبة التي حلت بسكان مدينة الأصنام ونواحيها وبالشعب الجزائري الشقيق، حيث ضرب زلزال عنيف المدينة وخلف العديد من الضحايا والمشردين في سنة 1980 وهذا الزلزال الذي ضرب المدينة الجزائرية، سبق حلول عيد الأضحى بأيام. ولهذا قرر الملك الراحل المغفور له -الحسن الثاني- أن يتضامن الشعب المغربي مع الشعب الجزائري في محنته بتخصيص فروة العيد لضحايا الزلزال، ولهذا سهرت السلطات المحلية آنذاك على جمع هذه "البطانيات" وتكديسها في شاحنات صغيرة من نوع بوجو، والجدير بالذكر أن هناك روايات شفوية تؤكد جمع "البطانيات" لفائدة الشعب الفلسطيني خلال ستينيات القرن الماضي. ومما يجدر ذكره أن هناك مأساة إنسانية سكنت الذاكرة الجماعية لأهالي الريف وتأبى النسيان ولا زال يعاني من جروحها وآثارها العديد من المغاربة وبالخصوص
المنحدرين من الريف والناتجة عن قرار جائر ولا إنساني للنظام الجزائري آنذاك والمتمثل في طرد المئات من الآلاف من المغاربة الذين كانوا يقيمون بطرق شرعية بالديار الجزائرية وذلك سنة 1975 وتزامنت هذه المأساة/ التراجيديا مع عيد الأضحى لتلك السنة.
نساء وأطفال يحرمون من أكل لحم أضحية العيد: مما لا زال تحتفظ به الذاكرة الجماعية لقبيلة ايث بويحيي، أن العديد من أفراد الأسر كانوا يحرمون من أكل لحم أضحية العيد، وبالخصوص النسوة والأطفال نظرا للتعامل الذي يتم بالكثير من الحميمية والعطف مع كبش العيد الذي يتم تربيته داخل المنزل منذ أن كان حملا، ولهذا نرى النساء والأطفال يبكون عند نحره، وهذا ما يجعلهم يمتنعون عن أكل لحمه، اعتقادا منهم انه لحم واحد من أفراد الأسرة، وتفاديا لهذه المشاهد الدرامية، كان أرباب الأسر يقومون باستبدال الكبش الذي تربى داخل المنزل، باقتنائهم لكبش من السوق وبيع الكبش الذي ربوه، لكي لا يحرم الأطفال والنساء من أكل لحم العيد.
مواليد يحملون أسماء لها علاقة بالعيد: إن المكانة التي يحظى بها عيد الأضحى، لدى أهالي الريف، لا تتجلى في الاستعدادات والطقوس والعادات المصاحبة له، وتعظيم وتوقير أيامه فقط بل تمتد إلى أنهم كانوا يطلقون أسماء شخصية على المواليد الذين يصادف ازديادهم احتفالات عيد الأضحى. وهكذا يصبح الاسم الذي يحمله المولود الجديد ذو حمولة روحية ودينية، وحاملا لدلالات معينة مرتبطا بيوم محدد وليس كباقي
الأيام العادية ولهذا نجد في الماضي القريب عينة من الأسماء الشخصية المتداولة بالريف الشرقي ولها علاقة بالعيد مثل: عياذ- عياذة- لكبير- لكبيرة - امقران....
الخاتمة:
من الصعب على المرء أن يلم بكل طقوس وعادات وتقاليد عيد الأضحى، وأن يسبر أغوار الذاكرة الجماعية لاكتشاف ما تزخر به من صور وتمثلات حول عيد الأضحى، إذ أن كل هذه الطقوس والعادات بقيت سجينة/رهينة الذاكرة الجماعية وحبيسة الرواية الشفهية التي تتناقلها الأجيال المتعاقبة ولم يقم احد من الباحثين والمهتمين بتوثيقها وتدوينها وأضحت تتناثر وتتبدد بفعل مرور الزمن.... وأما أمر تفكيكها و فك رموزها لن يتأتى إلا بإخضاعها لقياس الانتربولوجيا وعلم المقدس والتحليل النفسي وهذا متروك لذوي الاختصاص.
المراجع:
مصطفى العشي -الكبش في المغرب-معلمة المغرب الجزء :20 ص 6736
قصص الأنبياء والرسل حلقات نشرت على صفحات-جريدة النهار المغربية ص 7 -العدد: 1374
- 6 نونبر 2008
3) مصطفى العشي نفس المرجع نفس الصفحة
4) رواية شفوية ل: حدهوم البشير السن 78
5) نفس الرواية
6) رواية شفوية ل محند الغالي السن 80
7) عبد الرحيم العلام اوراق: من ذاكرة ذالك العيد
جريدة العلم العدد: 18838-16 د جنبر 2001
8) رواية شفوية ل: حدهوم البشير سبق ذكرها
9) سعاد بوبرنوسة: عيد الاضحىة اقدم شعائر الفداء عند الليبيين 34 سلسلة حلقاء نشرت بجريدة الصحراء المغربية ع 8903 ص 9 -19 مارس 2005
10) رواية شفوية لنفس الراوية التي سبق ذكرها
11) رواية شفوية ل المختار ولد حنة السن 76 سنة
12) رواية شفوية لنفس الراوية التي سبق ذكرها اعلاه
13) المغرب بعيون اجنبية -سلسلة حلقات نشره في جريدة العلم - الحلقة4 - خاصة بالاعتقاد بالارواح والجن في المغرب- تاليف الفيلسوف Edward wester mark تعريب علوي احمد العلوي
14) رواية شفوية لمعمرة بويحياوية توشة محند مقران 92 سنة
15) رواية شفوية متداولة بكثرة بالريف الشرقي
16) رواية شفوية لتوشة محند امقران -سبق ذكرها
17) عبد الواحد رشيد-بوجلود ظاهرة ما تزال تعج بالاحتفالية والفرجة. جريدة الاحداث المغربية 21 مارس 2001 الصفحة الأخيرة.
18) ذ• مصطفى الرمضاني -ظاهرة سونا في الجهة الشرقية من المغرب. دراسة واردة في كتاب جماعي
الموسوم: الفرجة والتنوع الثقافي مقاربات متعددة الاختصاصات ص 135-136
منشورات المركز الدولي لدراسات الفرجة
- نفس صفحة 137
- نص الأغنية كما أوردها الأستاذ والباحث مصطفى الرمضاني في الكتاب المشار إليه أعلاه: ص: 139
* الأغنية:
مجموعة باشيخ
سونا بغات الكديد
والعيد مازال بعيد
سونا بغات الكديد
واعطيوها يا ودي
لهودي خطف عزونا
وخلاها مرهونة
مجموعة اليهودي
باشيخ ظل يشوش
وعزونة في العطوش
خطفنا عروس الدوار
بالعراك مع الكبار
مجموعة باشيخ
لهودي خطف عزونة
ودا لنا لعروسة
حتى نجيبو لفلوس
مكمسة في الكموس
* الجماعة:
سونا بغات الكديد
والعيد ما زال بعيد
سونا بغات الكديد
واعطيوها يا ودي
(21 الحسين بوجدادي لكي لا ننسى..... أثار وانعكاسات الحرب الأهلية الاسبانية على شمال المغرب من خلال المكتوب و الموروث الشفهي - الريف نموذجا-
جريدة العلم العدد: 20191 ص 4-7 شتنبر 2005
إدريس الكنبوري: ملف المغاربة ضحايا الحرب الأهلية الاسبانية على مكتب القاضي غارثون
جريدة المساء العدد: 640 ص الأولى- 10 أكتوبر 2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.