حجيرة: طاقات تصديرية "غير مستغلة"    مشاركة مغربية في ندوة للجيش الإسرائيلي لاستخلاص الدروس من "حرب الإبادة" في غزة    رغم امتناع روسي صيني.. مجلس الأمن الدولي يُقر بالأغلبية مشروع قرار صاغته أمريكا يؤيد خطة ترامب للسلام في غزة    جمارك ميناء طنجة المتوسط تحبط محاولة تهريب الذهب    طنجة المتوسط.. إحباط محاولة جديدة لتهريب الذهب داخل سيارة قادمة من إيطاليا    جائزة الإعلام العربي تفتح باب المشاركة    مجلس الأمن يعتمد قرارا أميركيا يدعم خطة ترامب للسلام في غزة    بحضور الوزير بنسعيد... تتويج الفائزين بالجائزة الوطنية الكبرى للصحافة وحجب جائزة الكاريكاتير    نبيل باها: المنتخب أكثر مناعة وجاهز لتجاوز المالي في ثمن النهائي    مطارات المملكة تتزين بألوان كأس أمم إفريقيا 2025    مزور: المغرب بلغ أكثر من 50 في المائة من رقم معاملات الصناعات المتطورة    الناظور.. اعتقال شخص وحجز خمس كيلوغرامات من مخدر الهيروين و900 غراما من الكوكايين    السكوري: البطالة في تراجع .. وبرنامج التدرج المهني يدمج شباب العالم القروي    برمجة 5 ملايين هكتار للزراعات الخريفية    عودة كابوس الخطف بنيجيريا .. 25 تلميذة في قبضة مسلحين    جنوب إفريقيا تحقق في ملابسات وصول "غامض" ل 153 فلسطينيا وتحذر من أجندة لتطهير غزة    دار الشعر بمراكش .. الموسم التاسع لورشات الكتابة الشعرية للأطفال واليافعين    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها بأداء سلبي    توقعات أحوال الطقس غدا الثلاثاء    سجلماسة.. مدينة ذهبية تعود إلى الواجهة رغم لغز أطلالها الصحراوية    الهيئة المغربية لسوق الرساميل تعيد هيكلة مجلسها التأديبي    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    الموقع الهولندي المتخصص "فوتبولزون": المغرب "يهيمن" على القوائم النهائية للمرشحين ل"جوائز كاف 2025″    الجيش الملكي يعلن استقبال الأهلي المصري بملعب مولاي الحسن    سباق جهوي في رياضة الدراجات الهوائية بجرسيف    التنقل النظيف.. تعبئة أزيد من 78 مليار درهم بالمغرب في أفق 2029    انعقاد مجلس للحكومة الخميس المقبل    "الماط" ينفرد بالصدارة على حساب رجاء بني ملال وشباب المحمدية يواصل نزيف النقاط    بنكيران يتقدم باعتذار لمدينة بركان    خبير: قدرة المغرب على التوازن الاقتصادي تكمن بإدارة الأزمات وسرعة الاستجابة للصدمات الخارجية    الأعياد ‬المجيدة ‬تنبعث ‬في ‬الصيغة ‬الجديدة    قضاء بنغلادش يحكم بالإعدام على رئيسة الوزراء السابقة الشيخة حسينة    انهيار أرضي يحطم حافلة ويخلف قتلى في فيتنام    حقوقيو تيزنيت يطالبون بالتحقيق في تسمم 25 تلميذا بداخلية ثانوية الرسموكي    استغلال جنسي لشابة في وضعية إعاقة نتج عنه حمل .. هيئة تطالب بفتح تحقيق مستعجل وإرساء منظومة حماية    عائشة البصري تكتب: القرار 2797 يعيد رسم معالم نزاع الصحراء.. وتأخر نشره يزيد الغموض المحيط بصياغته    دعم الحبوب… "أرباب المخابز": تصريحات لقجع "غير دقيقة ومجانبة للصواب"    قطاع الفلاحة يتصدر جلسة مسائلة الحكومة بمجلس النواب ب13 سؤالاً    أكادير تحتضن المعرض الدولي للتصوير الفوتوغرافي    الإذاعة والتلفزة تُقرّب الجيل الصاعد من كواليس عملها في التغطية الإخبارية للأحداث الكبرى    الطالبي العلمي يترأس الوفد البرلماني في أشغال المؤتمر 47 والدورة 84 للجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني الإفريقي    تصفيات مونديال 2026.. الكونغو الديموقراطية تعبر إلى الملحق العالمي بعد التفوق على نيجيريا بركلات الترجيح (4-3)    إرسموكن : "بصحة جيدة وقميص جديد"… أملال إرسموكن لكرة القدم يُطلق موسمه ببادرة مزدوجة    عمر هلال يستعرض ركائز السياسة الخارجية للمملكة    "جمهورية نفيديا".. سباق التسلّح التكنولوجي يبدّد وهم السيادة الرقمية    تشكيلنا المغربي..    التواصل في الفضاء العمومي    العرب في معرض فرانكفورت    باحث ياباني يطور تقنية تحول الصور الذهنية إلى نصوص بالاستعانة بالذكاء الاصطناعي    دراسة أمريكية: الشيخوخة قد توفر للجسم حماية غير متوقعة ضد السرطان    الإنعاش الميداني يجمع أطباء عسكريين‬    منظمة الصحة العالمية تعترف بالمغرب بلدًا متحكمًا في التهاب الكبد الفيروسي "ب"    دراسة: ضعف الذكاء يحد من القدرة على تمييز الكلام وسط الضوضاء    المسلم والإسلامي..    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نريد صياما حقيقيا لا صيامٍ البطن والأعضاء التناسلية
نشر في بريس تطوان يوم 06 - 05 - 2021

الهدف من الصيام ليس هو ترك الطعام والشراب وممارسة الجنس فقط، وإنما ينبغي ترك جميع الشرور والأفعال المشينة التي قد يتأذى منها الإنسان، أو الحيوان أو البيئة..فنبينا صلى الله عليه وسلم يعلمنا في رمضان أنه حتى لو شتمك أحد لا ترد عليه بل تقول له إني صائم إني صائم كما جاء في الحديث الشريف عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَصْخَبْ، فَإِنْ شَاتَمَهُ أَحَدٌ فَلْيَقُلْ: إنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ المسك.." وفي حديث آخر قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ".. ومن أهم الدروس الرمضانية التي يمكن أن يستفيد منها المسلم الصائم هو تهذيب نفسه وتطهيرها وتزكيتها مع كبح جماح الغضب فيها؛ لأن سرعة الغضب من الأمراض المهلكة للبدن والمستنفذة لقواه، لهذا جاءت مدرسة رمضان بطرق ناجعة لمكافحة الغضب والحد من تأثيره السيء على الإنسان والمجتمع والأسر والعلاقات الدولية.. فعلى المسلم أن يروض نفسه على الحلم، فبالحلم تستأصل جذور العداوات من النفس وتستل الخصومات من القلوب وقد أوتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ،كما نعلم من سيرته أوفى نصيب من الحلم وسعة الصدر وضبط النفس عند الغضب، لأن جميع الشرور من كبائر ومحرمات وجرائم وقتل النفس ترتكب من خلاله؛ لهذا القرآن الكريم يحثنا على اجتناب الفواحش والكبائر والعفو عند الغضب يقول سبحانه: "وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ " ويقول تعالى : "الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ" وقال سبحانه "وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ"وقال تعالى: "وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا" كما أن السنة النبوية الشريفة طافحة بالأحاديث الذي يخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها عن خطورة الغضب وكيفية تجنبه والتعامل معه، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم أوصني فقال : "لا تغضب فردد مراراً فقال : لا تغضب " . وعن أبي الدرداء رضي الله قال : " قلت يا رسول الله دلني على عمل يدخلني الجنة قال : لا تغضب " وقد حث رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك على كتمان الغضب فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب" . وفي ذات السياق رفع الإسلام من أجل ذلك من مرتبة الحلم ، وجعل من كظم الغيظ وسيلة إلى التقرب إلى الله عز وجل ورفع درجات صاحبه يوم القيامة، عن معاذ بن أنس الجهني رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "من كظم غيظاً وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره من الحور العين فيزوجه منها ما شاء ". أتساءل مع نفسي، هل استفاد أهل الإسلام من مدرسة رمضان ومن هذه الدروس العلمية والتربوية التي تقدمها لهم ؟ أم أن دار لقمان كما يقال مازالت على حالها، وبمجرد الانتهاء من رمضان تعود حليمة إلى عادتها القديمة وكأن شيئا لم يكن، وهذه هي الحقيقة المرة للأسف؛ ففي كل رمضان في عالمنا الإسلامي يرتفع منسوب الغضب عند الكثير من الصائمين، فترتفع وتيرة السب واللعن والشتائم في الأسواق والطرقات، كما تكثر الخصومات مع رفع دعاوى الطلاق في المحاكم الشرعية من قبل الأزواج، حتى أصبح الغضب في رمضان بمثابة الداء الذي يصيب الكثير من الصائمين، وهذا الأمر كما نقول دائما لا يتوافق مع الغاية والحكمة من الصيام، فما جعل الله الطاعة إلا لتقويم السلوك وتهذيب الأخلاق والسمو فوق نوازع النفس ودوافعها، وما فرض الله فرضا على عباده إلا ليتحقق لهم الخير من خلاله، فالصوم تدريب عملي على تربية النفس حتى تصبح لينة طيعة لا تجمح إلى الشر ولا تدنو إلا إلى الخير، والفائدة الروحية للصائم لم تجعل الصائم يمتنع عن الطعام والشراب فقط، وإنما قصدت تهذيب كل جوارحه..لهذا كم من رمضان قام كل واحد منا بصيامه وقيامه؟ فأكثر من 14 قرنا وأهل الإسلام يصومون ؛ لكن هل تغير شيء في واقع عالمنا العربي والإسلامي؟ وما هي القيم والمبادئ والأخلاق الكريمة التي ربَّانا شهر الصيام عليها؟ وما الفرق بين دولة تصوم شهر رمضان ودولة أخرى كافرة لا تصوم رمضان؟ هل يمكننا ملامسة الفرق بينهما على أرضية الواقع وخصوصا فيما يتعلق بالجوانب الإنسانسة والاجتماعية والتربوية والاقتصادية؟ وإذا كانت مدرسة رمضان نجحت في بلاد الغرب، فما قيمة صيامنا إذا لم تتحقَّق منافعه الظاهرة على مجتمعاتنا المسلمة؟ علما أن الإسلام ومقاصده النبيلة مبنية على جلب المصالح ودرء المفاسد، وأيُّما حكمٍ من الأحكام إلا ووراء القيام به مصلحَةٌ دينية ودنيوية، عاجلةٌ كانت أو آجلة، في جميع الشعائر والعبادات والطاعات والمعاملات والقيم النبيلة التي جاء القرآن داعياً إليها، ففريضة الزكاة مثلا إلى جانب كونها أحد أركان الإسلام، فهي تنمية بشرية واقتصادية تنعكس إيجابياتها على المجتمع والدولة والإنسانية عامة، كما أن والوُضوء زيادةً على كونه شرطاً جوهريا من شروط الصلاة فهو يحقق مصلحة تنظيف المتوضِّئين وحثِّهم على الطهارة، وبهذه الشعائر والعبادات استطاع المسلمون قبل قرونٍ في إسبانيا تعليم أوروبا والإنسان الغربي -الذي لم يكن يستحم إلا مرة واحدة في السنة أو مرتين كما جاء في بعض الكتب التاريخية-كيف يغسل وكيف يتنظف، بعد أن رآهم يتوضؤون خمس مراتٍ في اليوم، وهكذا كسنة السِّواك وما في حكمه من مطهِّرات فَمَويَّةٍ- إلى جانب كونه مرضاةً للرب فهو مطهرة للفم، كما جاء في الحديث ، لكن للأسف، المسلم اليوم أصبح تدينه عبارة عن طقوس يقوم بها لا تختلف اختلافا جذريا عن أي طقوس أخرى يمارسها الناس في نواديهم الرياضية! مفصولة عن مقاصدها ومصالحها ومعانيها السامية، لهذا أكرر دائما ما فائدة صلاة الجماعة أو التراويح إذا كانت تستطيع توحيد أقدام المسلمين وقلوبهم مشتَّتة، وما فائدة مليوني أو ثلاثة ملايين مسلمٍ، يصلُّون في المسجد الأقصى أو أيِّ مسجدٍ من مساجد المسلمين في العالم صفوفهم موحَّدة وكلمتهم مفرَّقة، مع أن مدرسة رمضان تأمرنا بالوحدة والاعتصام..والمؤسف حقا هو أن دروس رمضان ومدرسة الصيام على وجه التحديد استفاد منها غير المسلمين، فهاهو المهاتما غاندي الذي قادَ دولته إلى الاستقلال، في عهدٍ كانت بريطانيا تستعبد المستهلك الهنديَّ وتُقيم اقتصادها على استغلاله، فكانت تصدِّر له ألبستها وأطعمتها وتجبره على استهلاكها، لكن عندما جاء المهاتما غاندي، قاد ثورته الشهيرة تحت شعار "صائمون حتى الموت" نعم حارب الانجليز وهزمهم بالجوع والصيام، فبدل أن يلبس المهاتما غاندي ثياب الإنجليز، قال أنا سأعيش نصف عارٍ وأرتدي الخِرق والأنسجة البالية، و لكنها من صنع بلَدي، فلبس "الدوتي والشال الهنديين" وزهد في ثياب البريطانيين، وبدل أن يستورد الملح البريطاني، قام المهاتما سنة 1930م بأكل الطعام دون ملحٍ، وكان يصوم الأيام العديدة كنوع من الاحتجاج السلمي ومقاطعة منتوجات المستعمر..
وختاما، إن المسلمين اليوم في أمس الحاجة إلى صيام حقيقي لا صيامٍ البطن والأعضاء التناسلية، صيام ينعكس تأثيره على المواطن والمجتمع والدولة .

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.