سعر الذهب يتأثر باتفاق تجاري جديد    أوروبا تكشف بضائع أمريكا المعاقبة    الوداد والجيش ينتصران في الدوري    أكاديمية المملكة تتأمل آلة القانون بين الجذور المشرقية والامتدادات المغربية    المغرب يرسم ملامح إفريقيا الأطلسية: رؤية ملكية لنهضة الجنوب    اتحاد طنجة يهزم الكوديم ويؤمن بقاءه في قسم الكبار    أكادير.. توقيف شخصين بشبهتي حيازة وترويج المخدرات    كيف شقّت باكستان طريقها نحو السلاح النووي    الشعر الحساني النسائي حاضر في فعاليات الدورة ال18 لموسم طانطان 2025    خبراء: انضمام المغرب ل"بريكس" غير مستبعد    إنزكان : الجمارك تحجز أزيد من 12 طنا من الأكياس البلاستيكية    في عيد ميلاده الثاني والعشرين: تهانينا الحارة للأمير مولاي الحسن    وزير الأوقاف المغربي يقيم مأدبة غداء تكريما لوزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بالمملكة    مجلس تزطوطين يستقبل مسؤولي التطهير السائل ويصادق على جدول أعمال دورة ماي    المستشارون يدعون إلى تعديل خريطة الاختصاصات بين المركز والجهات    انتخاب الكاردينال الأمريكي بريفوست بابا جديدًا للفاتيكان    "غياب المساءلة صادم".. "أطباء بلا حدود" لا تجد الكلمات لوصف "الإزهاق اليومي للأرواح" بغزة    وزير التشغيل والكفاءات يكشف إجراءات تفعيل العمل عن بعد بالمغرب    تأجيل ملف ناشطين في "حراك فجيج"    تحقيق لمجلس المنافسة يكشف تواطؤا احتكاريا في سوق توريد السردين الصناعي استمر 20 عاما    بعد إسقاط باكستان لرافال الفرنسية.. واشنطن تراقب أداء الطائرات الصينية المستعملة في الحرب مع الهند    خرق قانوني في جماعة تارودانت.. دورة ماي خارج الإطار الزمني المحدد في القانون 113.14    مكتب السياحة يسعى للحصول على تصنيف "China Ready" لاستقطاب السياح الصينيين    انتخاب الكاردينال الأمريكي بريفوست بابا جديدًا للفاتيكان    كرة القدم داخل القاعة لأقل من 19 سنة.. المنتخب المغربي يتعادل مع نظيره الإسباني (6-6)    المحكمة تغرّم جماعة الدار البيضاء 5 ملايين بسبب هجوم كلاب ضالة على مواطنة    لقاء شي جينبينغ وبوتين يعكس عمق الشراكة الصينية الروسية    "الأحمر" ينهي تداولات بورصة البيضاء    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الدوري الأوروبي .. مانشستر يونايتد وبلباو في معركة حاسمة وتوتنهام يخشى مفاجآت بودو        أتاي مهاجر".. سفير الشاي المغربي يواصل تألقه في "معرض ميلانو" ويعتلي عرش الضيافة الأصيلة    الأميرة للا حسناء تقيم بباكو حفل شاي على شرف شخصيات نسائية أذربيجانية من عالم الثقافة والفنون    «أول مرة»… مصطفى عليوة يطلق عرضه الكوميدي الأول ويعد الجمهور بليلة استثنائية من الضحك    صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء تقيم بباكو حفل شاي على شرف شخصيات نسائية أذربيجانية من عالم الثقافة والفنون    محكمة الاستئناف بالرباط تُخفض عقوبة النقيب محمد زيان    مصرع شخص في حادثة سير بين مراكش وورزازات    البرلمان يناقش رئيس الحكومة حول إصلاح وتطوير المنظومة التعليمية    أشرف حكيمي يدوّن اسمه في التاريخ ويصبح المدافع الأكثر تأثيرًا هجوميًا بدوري الأبطال    وداديون يحتفون بحلول الذكرى ال88 لتأسيس النادي    أبريل 2025 ثاني أكثر الشهور حرارة عالميا    منصات المخزون والاحتياطات الأولية.. بنيات جهوية موجهة للنشر السريع للإغاثة في حال وقوع كوارث    الصين توقف استيراد الدواجن من المغرب بعد رصد تفشي مرض نيوكاسل    السيد ماهر مقابلة نموذج رياضي مشرف للناشطين في المجال الإنساني    لجنة: زيادة مرتقبة للأطباء الداخليين    فنانون مغاربة يباركون للأمير مولاي الحسن عيد ميلاده ال22    الغربة والذياب الجائعة: بين المتوسط والشراسة    بطولة انجلترا: الإصابة تبعد ماديسون عن توتنهام حتى نهاية الموسم    لهذا السبب .. الأقراص الفوّارة غير مناسبة لمرضى ارتفاع ضغط الدم    مكناس تبدأ في بناء محطة قطار حديثة بتكلفة 177 مليون درهم    استهلك المخدرات داخل سيارتك ولن تُعاقبك الشرطة.. قرار رسمي يشعل الجدل في إسبانيا    دراسة علمية تكشف قدرة التين المغربي على الوقاية من السرطان وأمراض القلب    تشتت الانتباه لدى الأطفال…يستوجب وعيا وتشخيصا مبكرا    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التحرش الجنسي داخل الجامعات: من الابتزاز إلى القتل – بقلم سعاد لعماري
نشر في الأستاذ يوم 01 - 04 - 2010

إذا كان اليوم العالمي للمرأة مناسبة لتحريك قضايا النساء في العالم من أجل جرد المكتسبات وكشف العوائق الاقتصادية والقانونية والاجتماعية والسياسية التي تجعل آلاف النساء في العالم يعشن دون الحد الأدنى من حقوقهن لا لشيئ سوى لأنهن إناث، فإن الإخلاص للقضية النسائية في المغرب لابد أن يدفع بنا إلى مزيد من الجرأة لكشف وإدانة كل ما من شأنه تهديد المكتسبات التي حققتها المرأة المغرببة في مختلف المجالات.
إن التشريعات والقوانين التي صدرت من أجل النهوض بأوضاع المرأة تصبح غير ذات معنى إذا لم تواكبها حركية مدنية وسياسية تضمن تفعيلها وتسهر على تحقيق الأهداف التي سنت من أجلها...
وموضوع التحرش الجنسي في الجامعات من المواضيع التي استأثرت باهتمام الصحافة المغربية المكتوبة، ولعل الملف الذي أعدته الصحفية خديجة علي موسى في جريدة المساء العدد 950 قد رفع الحجاب عن الانتهاك الصارخ لحقوق الطالبات، إذ يتعرضن للابتزاز الجنسي من قبل بعض الأساتذة الذين لايتركون خيارا للطالبات، إما الاستسلام لنزواتهم أو مغادرة مدرجات الجامعة في صمت...
ولم يكن مقتل الطالبة الجامعية سناء حدثا عاديا نتوقف عنده في لحظات ذهول لكي ننساه، فسناء لم تمت في الشارع العام على يد قاطع طريق، لقد أزهقت روحها في قلب الحرم الجامعي على يد أستاذها الذي له تاريخ معروف في التحرش الجنسي. سناء فارقت الحياة وهي في مختبرها العلمي تتأبط محفظة أبحاثها العلمية في علوم البحار، وتتهيأ لتتويج أكبر انتصار يصنع الحياة لها ولمثيلاتها، فلماذا إذن قادها إلى الموت خنقا..؟
إذا كانت المادة 40 من مدونة قانون الشغل تعتبر التحرش الجنسي بالعاملة من الأخطاء الجسيمة التي يرتكبها رب العمل، بحيث يحال الأمر على القانون الجنائي فإنه في الحرم الجامعي تتضاعف فداحة الجرم، إذ يتعدى ضرره الأفراد ليمس مؤسسات الدولة وسمعتها.
فالاستغلال الجنسي للطالبات يضرب مصداقية نظامنا التعليمي الجامعي ويناهض توجهات الدولة في إصلاح التعليم، ويكفي أن نتذكر المراتب المتأخرة التي حصلت عليها الجامعات المغربية في آخر ترتيب عالمي لكي نقوم بعملية الربط والتحليل والاستنتاج...
إن الأساتذة الذين لا يفرقون بين المواخير والحرم الجامعي، لايمكن أن تحصل معهم جامعاتنا إلا على مراتب في أسفل السلم. إنهم يرفعون شعار النجاح للطالبات مقابل رشاوى جنسية. فالمرأة في نظرهم مجرد بائعة هوى، سواء خلف جدران المراقص أو خلف جدران المختبرات!
الجامعة التي من المفترض أن تسهم في تثبيت أركان مجتمع المساواة والحرية وتكافؤ الفرص بين الجنسين تصبح مرتعا لكل أشكال التمييز والعنف ضد المرأة. الإكراه والاضطهاد والمساومات التي تتعرض لها الطالبات خلال مشوارهن الدراسي يفتح المجال لإعادة إنتاج ثقافة الحريم الذي اعتقدنا أننا ودعناها، والتي تضع عقل الرجل مقابل جمال المرأة القابل للاستغلال. هذه المعادلة البدائية المتخلفة تشكل انتكاسة حقيقية ستدفع بالطالبات إلى استثمار فتنة الأنوثة لتحقيق النجاح المزيف داخل وخارج الجامعة.
لقد قطع المغرب أشواطا لمناهضة كل ما من شأنه المس بحقوق المرأة وكرامتها، لكن هؤلاء ينتهكون بوقاحة قدسية الفضاء التربوي العلمي، وبدل أن ينتجوا علما وقيما ويقودون قاطرة التنمية أصبحت عيونهم الشبقة لاتتطلع إلا إلى أجساد الطالبات لاستدراجهن إلى نخاسة من نوع جديد، هذا هو الإبداع العلمي الذي ينتظره منهم المجتمع المغربي.
عندما أثيرت في فرنسا قضية الطالبات الجامعيات اللواتي أصبحن يمارسن الدعارة لتغطية مصاريف الدراسة فتح نقاش عميق وغاضب محاسبا المسؤولين عن الشأن الجامعي، وكاد يعصف بالمستقبل السياسي لبعضهم ....تقوم الدنيا ولاتقعد لأن الطالبات يمارسن الدعارة خارج أسوار الجامعة تحت ضغط الإكراه المادي؛ فما بالك بمن يريد أن يحول مدرجات جامعاتنا إلى أو كار للدعارة..؟
لقد أصبح بعض الأساتذة ماركة مسجلة في الاستغلال الجنسي للطالبات، وحولوا سلطة المعرفة إلى سلطة قذرة، ومع ذلك يزاولون مهاههم في أمن وأمان، ولم تحرك ضدهم أي مسطرة تأديبية من قبل مجلس الجامعة، حتى لانقول مسطرة جنائية لأنهم يستحقونها بدون أدنى شك.
إن الصمت الذي يلف الموضوع خيانة للقضية الحقوقية النسائية أولا وللمشروع المجتمعي ثانيا، وعلى الجمعيات الحقوقية أن تعلن بجرأة عن تصديها لهذا الانتهاك المستمر الذي يهدد السلامة البدنية والنفسية للطالبات ضحايا الاستغلال الجنسي. على الحركات النسائية التي تضطلع بتنزيل الاستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف ضد النساء أن تفتح مراكز للاستماع للطالبت ضحايا التحرش الجنسي في الجامعات، وأن تتصدى للظاهرة، وتتحدث بكلام مسموع ومندد في وسائل الإعلام من خلال حملات تحسييسة تحمل شعار من أجل جامعات دون تحرش جنسي. إنها معركة تستحق النضال والتعبئة ضد من يريدون أن يعودوا بنا إلى الوراء لإرضاء نرجسيتهم الذكورية بعد أن قطعنا أشواطا... إننا نرسل بناتنا إلى الجامعة للولوج إلى مجتمع المعرفة الذي يضمن الكرامة للجنسين معا، وهذا هو المشروع المجتمعي الذي لايحق لأفراد مهووسين أن يتجرؤا على محاربته دون استحياء.
بسبب التحرش الجنسي لاندري كم عدد الطالبات المتفوقات اللواتي أخلين ساحة الجامعة لأن جمالهن جر عليهن المصائب، وكم عدد اللواتي استسلمن ليضيعن العلم والأخلاق والمستقبل معا: من الجامعة إلى الرصيف المظلم.. بينما وزارة التربية الوطنية ووزارة التنمية الاجتماعية تنجزان المخططات الكبيرة لضمان تأهيل المرأة المغربية انطلاقا من رحاب الفصول الدراسية ومدرجات الجامعات.. فمتى نجرؤ على الكلام أولا والفعل ثانيا لكي لا تصبح مخططاتنا الوطنية حبرا على ورق؟
سعاد لعماري
التجديد : 01 – 04 – 201


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.