ضعف خدمات “أحداث الحياة” وسجل التقرير أن توفير الخدمات الأساسية على الإنترنيت التي تخص عينة مكونة من ستة أحداث تهم حياة المواطن، من قبيل فقدان العمل والبحث عنه، والشروع في مسطرة شكاية، وحيازة وسياقة سيارة، ومتابعة الدراسة في مؤسسة للتعليم العالي، وتأسيس شركة والقيام بأولى الإجراءات، والقيام بالعمليات الاعتيادية لشركة، والتي اعتمد فيها المجلس من أجل تقييم مستواها على الدراسة المقارنة الأوروبية، مضيفا أن عدد من هذه الخدمات لا تزال غير متوفرة على الإنترنيت في المغرب، بينما هي متوفرة بنسب مرتفعة بين الدول الأوربية. ولاحظ التقرير أن الخدمات الأساسية غير المتوفرة فيما يخص حدث فقدان العمل أو البحث عن عمل تتمثل في خدمة التسجيل من أجل الاستفادة من التعويض عن فقدان العمل، وكذا في خدمة تقديم معلومات حول الإجراءات المتبعة من أجل التعرض على رفض تمكين مواطن من الاستفادة من مساعدة اجتماعية، في حين أن من بين الخدمات التكميلية الأكثر شيوعا في أوربا والتي لم تتم بعد إتاحتها على الإنترنيت في المغرب، تتمثل في خدمة التسجيل في ورشات لها علاقة بالمشوار المهني (التواصل، صياغة السيرة الذاتية، إلخ)وكذا خدمة استقبال التنبيهات حول عروض العمل، حيث إن هذه الأخيرة، يضيف التقرير، متوفرة فقط بالنسبة لعروض التشغيل في الوظيفة العمومية عبر الموقع public.ma-www.emploi، أما موقع الوكالة الوطنية لإنعاش الشغل والكفاءات (وهي مؤسسة عمومية من بين مهامها خلق علاقة تواصل بين العرض والطلب على التشغيل)، فهو لا يوفر هذه الخدمة. أما بالنسبة لبدء إجراءات شكاية عادية، فقد خلص مجلس جطو في هذا الصدد، إلى عدم توفر أي خدمة أساسية على الإنترنيت، بالمقابل توجد خدمتان تكميليتان يمكن الحصول عليهما وهما الحصول على معلومات حول التشريعات، وتتبع الملفات، وذلك في الوقت الذي تتيح فيه الدول الأوربية الأكثر تقدما من حيث عرض الخدمات على الإنترنيت للمواطن إمكانية القيام بالإجراءات الأساسية عبر الأنترنت المتمثلة في فتح مسطرة شكاية، وتقديم إثباتات ووثائق مدعمة للشكاية، والحصول على نسخة الحكم، واستئناف حكم المحكمة. ولاحظ قضاة المجلس بالنسبة لحدث حيازة وسياقة سيارة أن خمس خدمات أساسية غير متوفرة على الإنترنيت، تتعلق بتسجيل السيارات، وتسجيل السيارات المستوردة، والحصول على رخصة ركن السيارة في مرآب، وطلب استبدال البطاقة الرمادية (في حالة ضياعها)، والإبلاغ عن سرقة سيارة. ورصد التقرير وجود خدمتان متاحتان على الإنترنيت في المغرب بخصوص متابعة الدراسة في مؤسسة للتعليم العالي، وهما طلب الحصول على منحة دراسية، وكذا التسجيل الأولي في الجامعة (préinscription)، بينما الخدمة الأساسية الثالثة والتي تتعلق بطلب الحصول على الخدمات الاجتماعية، فهي غير متوفرة على الإنترنيت، حيث تكتفي الوزارة المكلفة بالقطاع بإعطاء معلومات حول الإجراءات الواجب اتباعها للاستفادة منها، بينما تبقى خدمتان تكميليتان متوفرتان على الإنترنيت، متوفرة في أغلبية الدول الأوربية، ليست كذلك بالنسبة للمغرب، ويتعلق الأمر بخدمة توفير صفحة على الأنترنت لكل طالب قصد الولوج إلى بياناته الشخصية والحصول على معلومات حول الدروس ونقاط الامتحانات، بالإضافة إلى الخدمة المتعلقة بالحصول على معلومات حول المسار المهني وفرص التدريب. وفيما يخص الإجراءات المتعلقة بإحداث مقاولة بالمغرب وإنجاز أولى عملياتها، فقد أحصى المجلس الأعلى للحسابات 23 تفاعلا بين المقاولة والإدارة في المغرب، منقسمة إلى 18 خدمة أساسية و5 خدمات تكميلية، مشيرا إلى من بين هاته الخدمات الأساسية، 5 خدمات فقط متوفرة على الإنترنيت، مضيفا أن من بين تسع خدمات أساسية تهم هذا الحدث المتعلق بإنجاز العمليات الاعتيادية للمقاولة يمكن إنجاز أربع منها فقط على الإنترنيت، وهي التصريح بالضريبة على القيمة المضافة والضريبة على الشركات والمساهمات الاجتماعية وكذا إرسال التقارير المالية إلى السجل التجاري، في حين أن الخدمات الأساسية الأخرى غير متوفرة على الإنترنيت. ضعف مستوى الحكامة أما بخصوص حكامة الخدمات على الإنترنيت، فقد رصد قضاة المجلس الأعلى للحسابات أن وزارة إصلاح الإدارة والوظيفة لا تقوم بتتبع تنفيذ الجهات المعنية للمساطر في صيغها المبسطة، الأمر الذي لا يعطي أي ضمان بشأن احترام هذه المساطر، كما لم تقم بترتيب الأولويات في مجال التدبير اللامادي للمساطر الإدارية، استنادا إلى معايير محددة مثل درجة أهمية كل إجراء بالنسبة للمرتفق، أو الأثر المتوقع لإزالة الطابع المادي للإجراء على فعالية وكفاءة الإدارة. كما رصد المجلس في هذا السياق التأخر في اعتماد مخطط استراتيجي مفصل منذ سنة 2013 واعتماد استراتيجية رقمية مفصلة، وافتقار هيئات الحكامة للصلاحيات الكافية وعدم وضوح اختصاصاتها، وتأخر إصلاح إطار الحكامة الخاص بمجال الاقتصاد الرقمي، وكذا ضعف آليات تتبع جودة الخدمات التي تقدمها الإدارة، وضعف مستوى فتح البيانات العامة، إضافة إلى تراجع تصنيف المغرب في مجال البيانات المفتوحة، وغياب سياسة عمومية لفتح البيانات وتأخر إصلاح الإطار القانوني، وغياب مبادرات لفتح البيانات العامة على مستوى الجماعات الترابية. وضع المواطن في صلب اهتمامات المرفق العمومي إلى ذلك، أوصى المجلس الأعلى للحسابات بوضع المواطن في صلب اهتمامات المرفق العمومي والتركيز على الخدمات عبر الأنترنيت الأكثر طلبا، عبر اعتماد مقاربة ترتكز على “أحداث الحياة” وتتبع مسار المستخدم بكامله، وكذا السعي بصفة إرادية إلى تطوير الخدمات المقدمة تلقائيا وغير المشروطة بتقديم طلب مسبق من المرتفق، وتدارك التأخير المسجل في تنفيذ مشروع البوابة الحكومية “Gateway”، وكذا تحديد آجال للتحول إلى الرقمنة الكاملة”. ودعا المجلس السلطات العمومية المعنية تطوير ونشر إستراتيجية رقمية مفصلة، والعمل على إدماج المشاريع الرئيسية للخدمات على الأنترنت التي تطلقها مختلف الإدارات والمؤسسات العمومية بهدف تحقيق تناسق عام بين هذه المشاريع، إلى جانب إعادة النظر في الحكامة العامة للخدمات العمومية عبر الأنترنيت، وعلى الخصوص، العلاقة بين وكالة التنمية الرقمية ومختلف الإدارات، لاسيما الوزارة المكلفة بالوظيفة العمومية ووزارة الداخلية. كما دعا المجلس إلى تشجيع الجماعات الترابية على الانخراط في مشاريع تطوير الخدمات على الأنترنيت، وذلك من خلال آليات ملائمة للدعم المالي والتقني، مع الحرص على إدماجها في الاستراتيجيات الرقمية الوطنية، مشددا على ضرورة تحسين جودة تتبع تطور الخدمات على الأنترنيت، وذلك باعتماد مؤشرات نوعية وإجراء تقييمات منتظمة لمدى استعمال هذه الخدمات من قبل المرتفقين، وكذا أثر هذه الخدمات عليهم وعلى الإدارة وأوصى المجلس بوضع سياسة “للبيانات المفتوحة” تهدف إلى تبني هذا المفهوم بشكل مستدام، وإعطاء الأولوية للبيانات المرتبطة بالحاجيات الحقيقية للمرتفقين ونشرها بصيغ ملائمة، وبتجويد التواصل بشأن الخدمات على الأنترنيت، وخاصة من خلال البوابة الوطنية “service-public.ma” مع العمل على أن تقدم هذه البوابة محتوى شاملا وموثوقا به ومحينا بانتظام، ودراسة إمكانية تحويل هذه البوابة إلى شباك وحيد للولوج إلى جميع الخدمات العمومية المقدمة على الأنترنيت.