إننا نعيش الآن في عصر الانفتاح،وعصر الابتكار، والتطور السريع، مما جعلنا نخاف على أطفالنا من مدى تأثرهم بالتطور التكنولوجي في مجال الاتصال والتواصل. فلقد ذكرت إحدى الإحصائيات أن تأثير الوالدين في تربية الأبناء قد تراجع من 70بالمئة إلى 40بالمئة فتحولوا بذلك إلى الحلقة الأضعف في التربية، بعد انتشار الإنترنت. وفي هذا الصدد أوضحت بشرى أسينا، كوتش، أن الأسباب تكمن في عدم إدراك معظم الآباء لأهمية التطور التكنولوجي وضرورة مواكبته، بالإضافة إلى افتقارهم لمهارة المرونة من قبل بعض الآباء لتغيير نمط تفكيرهم، وغياب أيضا الإطلاع على الابتكارات الجديدة، وأردفت الكوتش، أن الآباء يفتقرون للأسلوب الإيجابي في تربية الأبناء، مشيرة إلى أن الأسرة هي الحضن الأول للطفل. فكيف يمكن للأسرة أن تحافظ على دورها الفعال في تربيته ؟ أكدت الكوتش بشرى، أن أهم ركيزة في التربية هي أن تبنى علاقة صحية مع الطفل وذلك عن طريق إشباع حاجاته النفسية حتى نضمن له التوازن النفسي الذي ستنبني عليه شخصيته، وقراراته وعلاقته مع الأسرة والمجتمع، ومن أهم الاحتياجات 1- الحب اللامشروط :أي أن تحب طفلك بغض النظر عن إنجازاته أو إخفاقاته، لأن ذلك تميز بين الشخص والسلوك، كما أن الحب لا يمكن أن يحدد في جائزة أو عقاب، و لا أن تسيطر به على الطفل لتجعله في القالب الذي تريد ، وفي السياق ذاته تنصح الكوتش الآباء بالتعبير عن الحب للطفل "بعناقه" عدة مرات في اليوم، وتقبله بجميع عيوبه، وترديد كلمة "أحبك" بشكل دائم و مستمر . 2- الاهتمام : تركز الكوتش أسينا على ضرورة الاهتمام بالطفل، ومحاورته، بالنظر إلى عينيه، والاستماع إلى أحاسيسه، وقضاء أكثر وقت ممكن معه، وتحث المتحدثة ذاتها على عدم فرض رأي الوالدين على الأبناء منذ الصغر حتى لو كانت الأمور بسيطة مثل : الهواية ، الملابس ، الألوان…، بل يجب إشراكه في أنشطة صحية خارج المنزل . ومن بين احتياجات الأبناء حسب الكوتش، التقدير، وتعني به الكلمات التي تخاطب بها طفلك، إذ يجب الإشادة بإنجازاته ولو كانت بسيطة، وتشجيعه أثناء أدائه لأي عمل أو بذله لأي مجهود إيجابي، وتحفيزه بالمكافآت ، بالإضافة إلى ما سبق يجب مدح شكل الطفل وذوقه لتعزيز الثقة بالنفس لديه، لأن التقدير يضاعف الطفل من تقديره لنفسه، وينمي الجانب الإيجابي فيه، فما تركز عليه يتسع من نفس نوعه. ومن أكثر الاحتياجات التي يريدها الابن من قبل والديه، توفير الأمان، لأن وجود الوالدين في البيت وفي حياة الإبن هو مصدر أمن لا خوف ، وهذا يزرع الثقة بينهما ويسهل التواصل، "فيخبرك وهو مطمئن بكل مشاكله قبل أن يصعب حلها"، وتنهي الكوتش في معرض حديثها قائلة " لا تنهر الابن عند كل خطأ يرتكبه،بل حافظ على هدوئك، لأن العلاقة بين الأبوين يجب أن تسودها المودة والحب والسكينة ليحس بالأمن والدفء الأسري". وتؤكد الكوتش على ضرورة إشعار الطفل بأنه ينتمي لتلك الأسرة التي يعيش وسطها، وذلك من خلال الاستماع لآراءه والترحيب بها إن كانت صائبة، وتصويبها إن كانت خاطئة بكل ود و احترام. وبناءا على ما سبق تؤكد المتحدثة ذاتها، أنه كلما وفرنا للطفل هذه الاحتياجات النفسية نكون قد بنينا معه علاقة صحية يميزها الثقة المتبادلة، والتواصل الفعال مما سيجعل الأمر سهلا على الوالدين إزاء تقنين التعامل مع وسائل الاتصال والتواصل داخل البيوت . وفي سياق متصل تعطي الكوتش بشرى أسينا، بعض المفاهيم التي يجب على المربي أن يمتلكها في هذا العصر وأهمها، ضبط وسائل تكنولوجيا الاتصال والتواصل والتي جاءت لتسهل على الإنسان الوصول إلى العلم والمعرفة في شتى المجالات للصغار والكبار. إذ يجب على الآباء أن يطوروا مهاراتهم في التعامل مع هذه الوسائل مما يسهل عليهم مواكبة أبنائهم، واختيار التطبيقات التي تساهم في رفع مستوى إدراكهم وتساعدهم على الابتكار والإبداع، وفي المقابل تحث الكوتش المربيين أن يكونوا حريصين على أطفالهم في التعامل مع وسائل الاتصال والتواصل. وتتابع المتحدثة، أن الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال توصي بأنه من سن 0 إلى سنتين يبعد تماما عن جميع تلك الوسائل، ومن سنتين إلى 5سنوات يستعان بها في التعلم،التلوين والرسم ، من 6 سنوات إلى 12 سنة نعزز لديهم عادات التكنولوجيا الصحية كي يكتسبوا المهارات التي تجعلهم مؤهلين مستقبلا لكي يصبحوا أشخاصا رقميين ناجحين ، بالإضافة إلى الحرص على وصولهم إلى المحتوى المناسب لمراحلهم العمرية ، واستخدام التطبيقات التفاعلية والمحفزة للتفكير، والاستعانة أيضا بعناصر التحكم الأبوية المضمنة في أنظمة التشغيل لتقييد التطبيقات وتحديد الحدود الزمنية للاستعمال. وفي الأخير ترى الكوتش أن التكنولوجيا تجتذب الآباء والأمهات بنفس القدر الذي تجذب الأطفال، لدى يجب عليهم أن يقدموا القدوة والنموذج المثالي لأبنائهم بعدم استخدام الهاتف النقال أو أي أداة تواصل إلكتروني : *أثناء تناول الطعام . *خلال الجلسات العائلية . *خلال النزهات العائلية. *عندما ترضع الأم رضيعها . *تجنب الإنغماس في الشاشات الإلكترونية أثناء العطل . *تجنب الولوج لتطبيقات غير أخلاقية . لأن العلاقة الصحية التي نبنيها مع أبنائنا ستنعكس إيجابيا على إمكانية الاستجابة للقانون المنزلي الخاص بالاستعمال المقنن لوسائل الاتصال والتواصل والتعامل معها إيجابيا . مقالات ذات صلة * بسبب متحور "أوميكرون" دول العالم تغلق حدودها