يكاد يجمع الجمهور المغربي على أن أحسن عمل رمضاني للفنان الكوميدي حسن الفذ هو الذي جمعه مع الفنانة المتميزة دنيا بوطازوت في سلسلة "الكوبل". هذا العمل المتميز، بكل المقاييس، جعل المشاهد المغربي يعلى من عتبة انتظاراته كل موسم رمضاني، و يعقد مقارنات بين القديم و بين الجديد ك " كبور و الحبيب " و "الموسطاش". و الظاهر أن هذا الأخير لم يرق كثيرا لا للمشاهد المغربي ولا للنقاد الفنيون. و في هذا الصدد، يرى محمد بنعزيز أن قلق هذه المقارنة نبع من ضعف النص والكتابة و ليس من ضعف الآداء. موضحا أنه في كبور والشعيبية يوجد سياق محدد هو البادية تولدت الدراما من تناقض جندري بين الرجل والمرأة في عمق البيئة الاقتصادية البدوية، من قبيل: تناقض ثنائية العمل و الكسل، و نظرة المرأة للرجل وحول تدبير الزمن والطعام. فكبور هو نسخة صغيرة من حديدان البدوي الذي يريد أن يأكل دون أن يعمل، و يأخذ مال زوجته و هو راض عن ذلك . و يشير بنعزيز إلى أن قلة الشخصيات بالسلسة جعل المشاهد لا يفقد التركيز على الموضوع الذي يتم تناوله، و بالتالي فهذا يرفع من قيمة الكوميديا في كبور و الشعيبية. معتقدا أن الكتابة في كبور و الشعيبية ليس نتاج كاتب السيناريو فقط، بل هي أيضا نتاج القدرة الارتجالية الرهيبة للفنانة دنيا بوطازوت التي أضافت الكثير لهذا الدور. كما أن لفضاء التشخيص"البادية" و الجمل الموظفة تأثير على المغاربة وكأنها تنطق باسمهم. فالحوارات كانت تكشف عن المستوى الذهني للمتحاورين و انشغالاتهم، و هو حوار أوتوماتيكي عفوي مبني على كشف اللاوعي الجماعي. و هذا الكشف هو الذي سمح للسلسلة أن تكون عميقة و مؤثرة في مغرب اليوم و تشرح مزاج المشاهد المغربي خاصة أنها أبعاد التصوير في البادية منح العمل بعدا سنيمائيا وهذا ما ساهم بشكل كبير في شد المشاهد المغربي. أما العمل الثاني "كبور و الحبيب"، فقد حقق ملايين المشاهدات في ظرف وجيز لم يتعدى الأسبوع. و في غماره، رأينا تناقضات كثيرة، مكانية: لأشخاص تربوا لوقت كبير في البادية، و اضطرا فجأة إلى الانتقال إلى المدينة، و تحديدا إلى مدينة الدارالبيضاء بالقرب من مسجد الحسن الثاني. هذه المشاهد المكثفة تكشف عن حيوية موضوع الهجرة الذي لا يتقادم و يساهم دوما في ترييف الشاشة الصغيرة بالمغرب، كما يكشف أن الهجرة الداخلية لا تقل قساوة و اغتراب من الهجرة الخارجية. هذا الاغتراب يظهر من خلال سخرية "الكزاوي من البدوي" و نعته بالبلاهة و البلادة، كما أن المعاناة تتجلى بوضوح في محاولة كبور و الحبيب فهم المنظومة الجديدة التي انتقلا إليها. و بين العملين أيضا هناك تناقض: في "كبور الشعيبية" كبور هو " مول الدار " الذي يقرر و يحكم، أما في"كبور و الحبيب" المرأة هي التي تملك المنزل، فتهينه و يتقبل الإهانات.. أما بالنسبة لسلسلة الموسطاش للموسم الرمضاني الحالي، يرى الناقد الفني أنه يفتقد للوضوح لا على مستوى الموضوع، و لا على مستوى التناقضات. فعلى مستوى الكاتبة، تبدو الجمل مرتجلة، و هذا هو السبب الرئيس وراء ضعف هذه السلسة مقارنة مع السابق. لكن، هذا لا يمنع من أن كوميديا حسن الفذ تمثل سقف الكوميديا المغربية بعيدا عن ما يُقدم في برنامج "ستانداب". فعند تأمل أعماله تجده يكتب كوميدياه بوعي سوسيولوجي .