خرج آلاف الفرنسيين الأربعاء إلى شوارع باريس وعدد من المدن الكبرى الأخرى، استجابة لدعوات حركة الاحتجاج "لنغلق كل شيء"، في موجة غضب اجتماعي تعكس استياءً واسع النطاق من سياسات الرئيس إيمانويل ماكرون واقتراحات الحكومة لتقليص الإنفاق العام والحد من العجز المالي. وأعلنت وزارة الداخلية الفرنسية أن قوات الأمن قامت حتى الساعة الواحدة بعد الظهر باعتقال 295 شخصاً في مختلف أنحاء البلاد، نصفهم تقريباً في باريس وحدها، وسط تعزيزات أمنية مشددة ومواجهات متفرقة مع المحتجين. وتأتي هذه الاحتجاجات في سياق أزمة سياسية متصاعدة أعقبت تصويت البرلمان على حجب الثقة عن الحكومة السابقة برئاسة فرنسوا بايرو، ما دفعه إلى تقديم استقالته. وخلفه في المنصب سيباستيان لوكورنو، الذي تعهد بإجراء تغييرات "عميقة وليس شكلية" في الحكومة، معتبراً أن "لا طريق مستحيلاً" للتعاون مع المعارضة لإقرار ميزانية لتقليص الديون. وفي كلمته خلال مراسم تسلم السلطة، شدد لوكورنو على أهمية إيجاد "سبل أكثر ابتكاراً" لإنهاء الأزمة السياسية الحالية، مؤكداً أن حكومته الجديدة ستسعى لإصلاحات ملموسة في وقت تواجه فيه فرنسا تحديات اقتصادية واجتماعية متعددة، بما في ذلك انخفاض القدرة الشرائية وارتفاع الاستياء الشعبي. ويعكس هذا اليوم الاحتجاجي تزايد الضغوط على الحكومة الفرنسية، حيث تأتي الدعوات إلى الشارع من مختلف القطاعات، مع تأكيد النقابات والمجتمع المدني على رفض أي إجراءات تقشفية تمس الطبقات الشعبية، فيما يحاول المسؤولون استيعاب غضب الشارع دون الانزلاق نحو تصعيد أمني أوسع. تستمر فرنسا في مواجهة معضلة الموازنة بين الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي وتلبية المتطلبات المالية الصارمة، وسط متابعة دقيقة من المؤسسات الأوروبية والأسواق العالمية لمستجدات الوضع الداخلي في باريس ومدن أخرى.