تعيش جماعة گيگو بإقليم بولمان على وقع صدمة كبيرة بعد تفجر قضية استغلال جنسي طالت أربع عشرة فتاة قاصرة، ما أسفر عن حمل بعضهن في واحدة من أبشع الجرائم التي هزت الرأي العام الوطني. وكشفت التحقيقات الأولية عن تورط ثمانية متهمين في القضية من بينهم دركي وفلاح نافذ وثلاث تلميذات، حيث بدأت فصول هذه المأساة عقب محاولة إحدى الضحايا وضع حد لحياتها بعد تعرضها للابتزاز بنشر مقطع فيديو مصور من قبل صديقتها وهو ما دفع أسرتها إلى تقديم شكاية لدى السلطات المختصة، الأمر الذي سرع تدخل النيابة العامة بميسور التي فتحت تحقيقا معمقا، أفضى إلى توقيف المشتبه بهم في انتظار استكمال الأبحاث وسط ترجيحات بارتفاع عدد المتورطين مع استمرار التحقيقات للكشف عن جميع الضحايا المحتملين وكل من له صلة بهذه الجرائم. الهيئة الديمقراطية المغربية لحقوق الإنسان تتابع هذه القضية بقلق بالغ، مستنكرة تصاعد الاعتداءات الجنسية ضد الأطفال في المغرب، وتطالب النيابة العامة بإصدار بلاغ رسمي لتوضيح حيثيات الملف وتقديم ضمانات بعدم التأثير على مسار التحقيقات كما تدعو إلى تعميق الأبحاث، بالنظر إلى وجود ضحايا أخريات لم يستطعن التبليغ عن الاعتداءات التي تعرضن لها، نتيجة عوامل أسرية واجتماعية مرتبطة بطبيعة المنطقة حيث تسود ثقافة الصمت والخوف من الفضيحة. وتشدد الهيئة على ضرورة توفير الدعم النفسي والاجتماعي للضحايا لمساعدتهن على تجاوز الصدمة خاصة في ظل التداعيات الخطيرة التي قد تترتب عن مثل هذه الجرائم على مستقبل القاصرات. في مواجهة هذه الفضيحة، تحذر الهيئة من أي محاولات للتأثير على مجريات القضية، سواء من خلال استغلال النفوذ السياسي والمالي، أو عبر تقديم تنازلات من طرف الضحايا وأسرهن تحت الضغط، مؤكدة أن الاعتقالات التي تمت تدخل ضمن ملف واحد لا ينبغي تفكيكه أو تجزئته. وترى الهيئة أن ما حدث يندرج ضمن جرائم الاتجار بالبشر، بالنظر إلى استغلال قاصرات من طرف شخصيات ذات نفوذ الأمر الذي يستدعي تطبيق أشد العقوبات الممكنة لضمان عدم إفلات المتورطين من العدالة. كما تدعو إلى اتخاذ تدابير عاجلة لحماية المؤسسات التعليمية ودور الطالبات ومحيطها من خلال تعزيز الرقابة وتوفير آليات فعالة لحماية الأطفال من كافة أشكال التحرش والاستغلال الجنسي إلى جانب التصدي لانتشار المخدرات داخل الأوساط التعليمية لما لها من تأثير مباشر في تغذية ظواهر الجريمة والانحراف. وتؤكد الهيئة الديمقراطية المغربية لحقوق الإنسان أن هذه القضية يجب أن تشكل نقطة تحول جوهرية في التعاطي مع قضايا العنف الجنسي ضد الأطفال عبر مراجعة شاملة للقوانين المعمول بها وتشديد العقوبات لضمان عدم تكرار مثل هذه الجرائم، مع تعزيز آليات التبليغ والحماية بما يضمن تحصين القاصرين من أي انتهاك لحقوقهم الأساسية. وترى أن حماية الطفولة ليست مجرد مطلب حقوقي بل مسؤولية مجتمعية تستدعي تكاتف جهود جميع الأطراف، من مؤسسات الدولة إلى المجتمع المدني من أجل ضمان بيئة آمنة تصون كرامة الأطفال وتوفر لهم الحماية الضرورية من كل أشكال الاستغلال والعنف بما يحقق العدالة ويكرس ثقافة عدم الإفلات من العقاب.