لوديي يقدم ملامح خطة وطنية لحماية الفضاء الرقمي وتعزيز الأمن السيبراني    بعد عملية "الأسد الصاعد".. خامنئي يتوعّد إسرائيل بالعبرية: "مصيركم مرير ويدنا لن ترحم"    30 درهم لمتابعة قمة الجيش ونهضة بركان في ربع نهائي كأس العرش    محمد مقروف مستشار الرئيس مكلف بالتواصل : لم يسبق للجامعة أن ودعت فريقا وحتى منتخبا وطنيا في المطارات    الحموشي يمنح ترقية استثنائية لشرطي أصيب أثناء أداء واجبه بالدار البيضاء    بركة: سياسة بناء السدود التي قادها جلالة الملك رافعة أساسية لتعزيز الصمود في تدبير الماء    مهرجان حب الملوك بمدينة صفرو يتوج ملكة جمال حب الملوك    أسماء غنائية عربية تعتلي خشبة موازين في دورته العشرين    رمزية بدون شرعية: تجاوز الرمز وخيانة المعنى في مبادرات الشباب المغاربة بإسرائيل    "الفيفا" يكشف عن قائمة الوداد الرياضي في كأس العالم للأندية    ارتفاع أسعار النفط العالمية بأكثر من 12 في المائة على خلفية العدوان الإسرائيلي على إيران    الرباط.. التأكيد على ضرورة تعزيز التعاون المغربي-الفرنسي، لاسيما في المجال البرلماني    مغرب الحضارة : إفريقيا اليوم لم تعد تنفع معها خطط الإرشاء والتحريف … ولم يعد يليق بها جلباب الاستعمار … !!!    الأخوان عبد الله وزكريا الوزان يلتحقان بنادي ريال مدريد    غوارديولا: "آسف ولكن لن أقول إن يامال مثل ميسي"    الصادرات المغربية إلى الصين تسجّل نموًا لافتًا.. وآفاق واعدة بفضل الإعفاء الجمركي الشامل    طيران الإمارات تعلق رحلاتها إلى إيران و3 دول بسبب التصعيد الإقليمي    توزيع 500 سلة غذائية على العائلات الأكثر احتياجا في قطاع غزة بمبادرة من وكالة بيت مال القدس الشريف    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء سلبي    يونايتد يكمل إجراءات انتقال ماتيوس    حسنية أكادير يتعاقد رسميا مع أمير عبدو مدربا جديدا للفريق    حركة تعيينات جديدة تعيد رسم خارطة المسؤوليات القضائية    هل تم إضعاف مكافحة الفساد؟    توقعات أحوال الطقس لليوم الجمعة    توقيف سائق متورط في سرقة موثقة عبر مواقع التواصل الاجتماعي    المجلس الوطني لحقوق الإنسان.. الرباط تحتضن استشارة وطنية مع الأطفال تتوج مسارا امتد لعام كامل    منحة الحج: عندما يتحول المال العام إلى ريع ديني مغلف بالخدمة الاجتماعية!    إسرائيل تعلن تنفيذ ضربة استباقية ضد إيران وتحذر من رد وشيك    جيش الأردن يعترض صواريخ ومسيّرات    ما أحوجنا إلى أسمائنا الحقيقية، لا إلى الألقاب!    مُحَمَّدُ الشُّوبِي... ظِلُّكَ الْبَاقِي فِينَا    ضربة إسرائيل ترفع أسعار النفط    أنباء عن اغتيال القائد العام للحرس الثوري حسين سلامي وعلماء كبار في البرنامج النووي    إسرائيل تقصف مواقع حساسة داخل إيران وطهران تتوعد بردّ قوي    المجلس الأعلى للسلطة القضائية يصادق على لائحة جديدة من التعيينات في مناصب المسؤولية القضائية    ميلاد الندوة الدولية -الدورة الأولى- مغاربة العالم وقضايا الوطن    المجموعات الغنائية بحلة أركسترالية بالبيضاء.. 50 عازفا موسيقيا لأول مرة بالهواء الطلق ضمن "أرواح غيوانية"        مخرجات "اجتماع مكافحة الفساد في القطاع المالي" تقصد قطاع التأمينات    توقيع اتفاقيتين لتمويل مشروعين لتوسعة وإعادة تأهيل المعهدين المتخصصين في فنون الصناعة التقليدية بالرباط وفاس    شهادات مرضى وأسرهم..        الحكومة تصادق على مرسوم لتحسين وضعية المهندسين بوزارة العدل    عجز الميزانية ناهز 23 مليار درهم خلال 5 أشهر    كاظم الساهر يغني لجمهور "موازين"    تقرير: الدار البيضاء ضمن قائمة 40 أفضل وجهة للمواهب التكنولوجية العالمية    مشاكل الكبد .. أعراض حاضرة وعلاجات ممكنة    فاس.. "نوستالجيا عاطفة الأمس" تعيد بباب الماكينة إحياء اللحظات البارزة من تاريخ المغرب    تحطم طائرة في الهند على متنها 242 شخصا    قانون ومخطط وطني لمواجهة ظاهرة الحيوانات الضالة بالمغرب        تفشي الكلاب الضالة في الناظور: مخطط وطني لمواجهة الخطر الصحي المتزايد    إمارة المؤمنين لا يمكن تفويضها أبدا: إعفاء واليي مراكش وفاس بسبب خروقات دستورية    متحور ‬كورونا ‬الجديد ‬"NB.1.8.‬شديد ‬العدوى ‬والصحة ‬العالمية ‬تحذر    السعودية تحظر العمل تحت الشمس لمدة 3 أشهر    السعودية تحظر العمل تحت أشعة الشمس لمدة ثلاثة أشهر في جميع منشآت القطاع الخاص    كأنك تراه    انسيابية في رمي الجمرات واستعدادات مكثفة لاستقبال المتعجلين في المدينة المنورة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القضاء لا يُقام في الشوارع
نشر في برلمان يوم 12 - 06 - 2025


الخط :
إستمع للمقال
الجدل الذي تثيره علاقة الصحافة بالقضاء، ليس جديدا، ولن ينتهي. فمن جهة هناك الحق في المعلومة وضرورة إخبار الرأي العام بملابسات وتطورات القضايا المعروضة أمام العدالة، ومن جهة أخرى، هناك سرية التحقيق ومبدأ البراءة هي الأصل، وغيرها من المقتضيات القانونية، التي يسهر القضاء على احترامها لصالح كل الأطراف، سواء كانت في موقع الضحية أو في قفص الاتهام، كانت مشتكية أو مشتكى بها. تعتبر الصحافة نفسها سلطة رابعة، مخولة من طرف المجتمع لإخبار الرأي العام، وبذلك تقوم عمليا بمراقبة القضاء، بينما السلطة القضائية، تقوم بدورها، المخول لها دستوريا، لحماية المؤسسات والمجتمع، بواسطة القانون.
ليس هناك تناقض، في هذه الأدوار، رغم ما يبدو فيها من اختلاف، إذا مورست طبقا لقواعد كل مهنة من هاتين المهنتين، غير أن ما يحدث في أرض الواقع، يدعو للتفكير والتأمل، خاصة بالنسبة للصحافة، التي تتحول في بعض الأحيان، إلى محكمة، تتقمص دور القضاء، وهي تتابع بعض الملفات المعروضة عليه، فتصدر حكمها، قبل أن تقرر المحكمة في شأنها، وفي ذلك محاولة غير مقبولة للتأثير على القضاء. ويعتقد بعض الصحافيين الذين يتابعون القضايا المعروضة على القضاء أن بإمكانهم الوصول إلى الحقيقة، قبل القضاة.
فالصحافة، بطبيعتها، تبحث عن الإثارة، بينما يلتزم القضاء بواجب التحفظ، كما تريد الصحافة الضجيج، والعناوين الجذابة، والخبر الجديد، لكن القضاة يريدون الحكم في هدوء، والصحافة تريد السرعة، بينما القضاة يبتغون التروي، لأنهم يدرسون ملفات، تحتوي أحيانا على مئات الوثائق، ويستمعون لشهادات، ويقارنون بين الأحداث والوقائع، ويبحثون عن الحجج الدامغة، وهنا يظهر الاختلاف الواضح بين المهنتين. لذلك فإن وعي الصحافة بهذه الإكراهات التي هي من واجب القضاء، يجعلها أكثر نضجا واحترافية في معالجة ما يسمى بقضايا المحاكم.
وتطورت العلاقة بين القضاء والصحافة، في العديد من التجارب، حيث أصبحت المحاكم تقدم المعطيات حول الملفات الرائجة أمامها، بشكل منظم وقانوني، وعيا منها أن في ذلك خدمة للعدالة والمجتمع، لأن من حق الرأي العام أن يتابع تطورات الملفات المعروضة على القضاء. وقد تخصص بعض الصحافيين في قضايا العدالة، وهو تخصص يتطلب مستوى معين من الدراية بالقانون وبالمساطر المعمول بها، وأيضا بالمصطلحات القانونية، لكن هذا التخصص يتطلب أساسا الموضوعية والنزاهة.
لا يمكن للصحافي الذي يغطي قضية معينة، أن يعبر عن انحيازه لجهة دون أخرى، ففي ذلك ضغط على القضاء، إذ عليه أن يعرض كل المعطيات، لطرفي النزاع، بحياد منهجي، دون أن يعمل على التأثير في الجمهور، بذلك يكون وفيا لقيم مهنته. وهي نفس القيم التي من المفترض أن يحترمها الحقوقيون الذين يتابعون المحاكمات.
غير أني عاينت الانزياح عن هذه المبادئ، في بعض المحاكمات، من بينها محاكمة متهمي أحداث "اكديم أيزيك"، التي اتخذ بشأنها حقوقيون مغاربة وأجانب، وكذلك صحافيون أجانب، موقفا مسبقا، وساندوا، بدون أدنى تحفظ، المتهمين. ولم يسعوا أبدا حتى إلى الاستماع إلى الرواية الأخرى، لأنهم كانوا يصرفون موقفا سياسيا وليس حقوقيا. وكان أفراد عائلات الجنود الضحايا، من الأمهات واليتامى والأرامل، الذين قتل أبناؤهم وآباؤهم وأزواجهن، بطريقة جبانة ولاإنسانية، حاضرون في المحاكمة، لكن أصحاب الشعارات الحقوقية لم يلتفتوا إليهم.
وتكرر هذا الموقف المنحاز في محاكمة الصحافيين الذين أدينوا في تهم الاتجار بالبشر والاغتصاب، حيث اتخذ مجموعة من الحقوقيين والصحافيين، مغاربة وأجانب، موقفا سياسيا، واعتبروا أن ما يقوله المتهمون هو الحقيقة، لكنهم في نفس الوقت لم يكلفوا نفسهم عناء البحث في رواية الطرف المشتكي، في إطار منهجية البحث والتقصي، باستثناء الفيدرالية الدولية للصحافيين، التي تواصل أمينها العام، مباشرة مع كل الأطراف، حتى لا يسقط في فخ الانحياز.
إشكالية الصحافة والقضاء، مطروحة في كل البلدان، وستظل قائمة، غير أن معالجتها، تختلف حسب نضج السلطتين القضائية والصحافية، دون أن تكون هناك معالجة مثالية، لأن لكل بلد سياقه الخاص، سواء في نظامه السياسي والقضائي أو في مشهده الإعلامي، وفي بلد مثل فرنسا، التي قطعت أشواطا في الديمقراطية وفي مهنية صحافتها، قال وزير العدل السابق، إيريك موريتي، في تصريحه، يوم السابع من يوليوز 2020، أثناء تنصيبه؛ إن "القضاء لا يُقام في الشارع، ولا على منصات التواصل الاجتماعي، ولا في وسائل الإعلام. وشرف الإنسان، اليوم كما بالأمس، لا يستحق أن يُلقى للكلاب".

الوسوم
القضاء المغرب يونس مجاهد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.