قام صحافيون وأساتذة جامعيون وخبراء في الإعلام والتواصل، يمثلون مؤسسات إعلامية وأكاديمية من إفريقيا وأوروبا وآسيا وأمريكا اللاتينية، أول أمس (الخميس)، بزيارة ميدانية إلى ورش ميناء الداخلة الأطلسي، الذي يعد من أبرز المشاريع المينائية المهيكلة الجاري إنجازها على الصعيد الوطني. وشكلت هذه الزيارة، التي شارك فيها أيضا عدد من الصحافيين المغاربة، مناسبة للوفود الدولية للاطلاع المباشر على سير الأشغال بهذا المشروع البحري الضخم، والتعرف على مكوناته التقنية وأهدافه الاستراتيجية، إلى جانب استكشاف أبعاده الاقتصادية في ظل الدينامية التنموية المتسارعة التي تشهدها الأقاليم الجنوبية للمملكة. وتندرج هذه المحطة الميدانية ضمن البرنامج الموازي للندوة الدولية التي ينظمها المجلس الوطني للصحافة حول موضوع "التكامل بين صحافة الجودة والتربية على الإعلام"، والتي انطلقت أشغالها أمس الجمعة وتتواصل إلى غاية يومه السبت. وأتاح هذا النشاط الميداني للضيوف الدوليين فرصة معاينة مشروع استراتيجي يعكس الطموح المغربي في تعزيز تموقعه البحري، وتكريس انخراطه الاقتصادي في فضاء التعاون جنوب-جنوب. ومن نقطة مراقبة مرتفعة تطل مباشرة على المشروع، عاين الصحافيون والأكاديميون الورش المفتوح لميناء الداخلة الأطلسي في مشهد بانورامي لافت، أتاح لهم رؤية شاملة لمجمل الأشغال الجارية، والوقوف على الأبعاد الهندسية والبنيوية لهذا المشروع الضخم الممتد على مساحة شاسعة بمحاذاة الساحل الأطلسي. وخلال الزيارة، قدم أطر من الورش شروحات موسعة حول مكونات الميناء ومدى تقدم الأشغال فيه، فضلا عن الأدوار الاقتصادية واللوجستيكية المنتظرة منه. وبينوا أن هذا المشروع، الذي تم توقيع اتفاقيته الخاصة أمام جلالة الملك في فبراير 2016، يعد جزءا من النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية، ويجسد إرادة قوية لتحويل الداخلة إلى قطب اقتصادي مندمج، منفتح على العمق الإفريقي والساحل الأطلسي والقارة الأمريكية. ويضم هذا الورش، الذي بلغت نسبة إنجازه حتى الآن قرابة 40 في المائة، ثلاثة مكونات رئيسية تشمل ميناء تجاريا بطاقة استيعابية تصل إلى 35 مليون طن سنويا، وميناء مخصصا للصيد البحري بطاقة مليون طن، وورشا لإصلاح السفن مزودا بأحواض جافة وتجهيزات تقنية متقدمة، إلى جانب أرصفة بحرية وطريق للربط البري يمتد على مسافة سبعة كيلومترات، وجسر بحري بطول 1330 مترا. كما يتضمن المشروع منطقة للأنشطة الاقتصادية تمتد على مساحة 1650 هكتارا، تضم أقطابا صناعية ولوجستيكية، ومنصات لتثمين المنتجات البحرية، ومرافق مهنية وتجارية. ومن بين رهانات هذا المشروع الكبير، رفع مساهمة الأقاليم الجنوبية في الناتج الداخلي الخام الوطني من 1.3 إلى 2.2 في المائة، وخلق حوالي 2500 فرصة شغل مباشرة، إلى جانب آلاف فرص الشغل غير المباشرة المرتبطة بسلاسل الإنتاج واللوجستيك والتصدير. وفي تصريح لجريدة "رسالة الأمة"، اعتبر يونس مجاهد، رئيس اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر، أن الزيارة التي قام بها إعلاميون وأكاديميون دوليون إلى ورش ميناء الداخلة الأطلسي تكتسي أهمية خاصة، ليس فقط لكونها فرصة للاطلاع الميداني على مشروع بنيوي استراتيجي في الأقاليم الجنوبية، وإنما أيضا بالنظر إلى بعدها الإعلامي المهني وما تحمله من رمزية في تعزيز انخراط الصحافة الدولية في مواكبة الدينامية التنموية التي تعرفها المملكة. وأضاف مجاهد أن تنظيم هذه الندوة الدولية بجوهرة الصحراء المغربية، إلى جانب الزيارة الميدانية لمينائها، يجسد إرادة اللجنة المؤقتة في ترسيخ دور الإعلام كشريك أساسي في التنمية، من خلال فتح المجال أمام الفاعلين في القطاع الإعلامي من مختلف أنحاء العالم للاطلاع عن كثب على طبيعة التحولات الاقتصادية التي تعرفها الأقاليم الجنوبية، بما يسهم في تعزيز إشعاع النموذج التنموي المغربي على الصعيد الدولي.