محمد العمراني : ثمان سنوات عجاف مرت كأنها عقود من الزمان، حتى كاد عاشقو كرة القدم بطنجة أن يفقدوا الأمل في استعادة الفريق الأول بعروس الشمال لموقعه في قسم الصفوة، لكن يبدو أن الأقدار أرادت لسنة 2015 أن تكون فأل خير على كرة القدم بالمدينة... تحقق حلم الصعود أخيرا... هو إنجاز يحسب لجميع مكونات الفريق، إدارة تقنية، لاعبين، ومسيرين، لكن يجب الاعتراف أن البطل الحقيقي لهذا الحدث، يبقى من دون منازع هو الجمهور، لقد أبان طيلة دورات هذا الموسم عن عشقه الجنوني للفريق، فلولاه لما تحقق الحلم... الآن وبعد أن تحقق إنجاز الصعود، يجب الانتقال إلى الرهان الأكبر، رهان بناء فريق منظم قادر على الصمود في محرقة البطولة الاحترافية... طنجة القطب الاقتصادي الصاعد بالمملكة، والمدينة ذات الصيت العالمي، لم يعد مسموحا للقائمين على تدبير شؤونها، أن يبقى فريقها الأول لكرة القدم، مجرد ناد صغير ، يتقن لعبة الصعود والاندحار، تتحكم في مصيره الأهواء والنزوات، رهينا للحسابات الضيقة... يجب التفكير بهدوء في وضع استراتيجية متكاملة، عبر إشراك الجميع، بهدف وضع أسس متينة لبناء لفريق بمواصفات احترافية... مع الأسف هناك العديد من المؤشرات القادمة من المطبخ الداخلي للفريق لا تبعث على الاطمئنان... التصريح الأخير لحميد أبرشان لم يكن موفقا بالمرة، ما معنى أن يصرح بكونه غامر بمستقبله السياسي الناجح حينما قرر تحمل مسؤولية الفريق في ظروف صعبة، ونجح في إخراج الفريق من الظلمات إلى النور؟... التصريح إياه رسالة مشفرة لمن يهمه الأمر، بكون النادي صار أصلا تجاريا مملوكا لحميد أبرشان، الذي غامر حسب تصريحه بقبوله تحمل مسؤولية رئاسة الفريق، وبالتالي لا حق لأحد في منازعته على منصب القيادة!!!... الواجب يفرض على جميع محبي الفريق الاعتراف بما أسدى السي حميد من خدمات جليلة للنادي، وبما قام به من مجهودات جبارة، له عليها واجب الشكر الجزيل. لكن لا يجب أن يتحول بأي حال من الأحوال إلى دين على رقبة الجميع، وأن يتحول النادي بمقتضاه إلى ملكية محفظة باسم حميد أبرشان، أو أي شخص أيا كان موقعه بالمكتب المسير... لسبب بسيط جدا، هو أن كل من ساهم في تحقيق هذا الإنجاز، يفترض فيه أنه قام بذلك حبا للفريق وليس منًة عليه.... نادي اتحاد طنجة على أعتاب مرحلة جديدة، وأمام مفترق طرق، وعليه أن يختار بين التأسيس لنادي محترف، أو تغليب الطموحات الشخصية والمصالح الذاتية. حينها سيندحر الفريق إلى القسم الثاني بعد سنة أو سنتين على أبعد تقدير... حب الفريق لا ينبغي أن يُقرَن بالتحكم في دواليب تسييره... ولذلك فمن يغار على الاتحاد يجب أن ينتصر للقرارات التي تخدم مصالح الفريق، والمرحلة الحالية تقتضي الفصل النهائي بين المهام الانتدابية في المؤسسات المنتخبة، وبين تحمل مسؤولية تسيير النادي... عند إعادة قراءة تاريخ نادي اتحاد طنجة على الخصوص والرياضة بعاصمة الشمال عموما، نجد ان الانتكاسات التي شهدتها الفرق الرياضية بالمدينة، ارتبطت بالتطاحنات السياسية بين شخصيات كانت لها طموحات انتخابية، وبطبيعة الحال عندما يتعلق الأمر بالصراعات السياسية، يصير كل شيئ مستباحا، ولو تعلق الأمر بافتعال الأزمات داخل النوادي الرياضية، لحرمان من يسهرون على تدبيرها من الاستثمار الانتخابي لأي إنجاز قد يتحقق، والرياضة هي من تؤدي الثمن أولا وأخيرا... من حق أعضاء المكتب المسير أن تكون لهم انتماءات سياسية، لكن حفاظا على المصالح العليا للنادي، يجب أن يبقى المنتخبون بعيدين عن التدبير المباشر لشؤون الفريق... طنجة تعج بالكفاءات القادرة على تسيير النادي وفق المعايير الاحترافية، فقط هي في حاجة إلى وضوح الرؤية، وإلى تنقية الأجواء و توفير المناخ السليم داخل محيط النادي... و حتى لا يتهم أي أحد هذا العبد الضعيف إلى كونه من دعاة قطع الصلات بين ممثلي الساكنة وبين الرياضة، فإنه على العكس من ذلك تماما، أعتبر أن دعم الرياضة يجب أن يتصدر أولويات المؤسسات المنتخبة، وهنا لا بد من فتح قوس للإشادة بالدعم المادي الكبير الذي قدمه كل من مجلس المدينة، مجلس العمالة، ومجلس الجهة، لنادي اتحاد طنجة، وهو الدعم الذي لعب دورا حساما في ما تحقق من نتائج... نادي اتحاد طنجة ملك مشترك للمدينة، ولا يحق لي أحد أن يحتكره لوحده، وعلى جميع ممثلي الساكنة أن يتنافسوا في تقديم الدعم، وتوفير الشروط لتأهيله، وجعله ناديا تنافسيا وطنيا وقاريا... من العار أن تحتضن مدينة طنجة مؤسسات مالية وصناعية عملاقة، لا تساهم في تمويل الأندية الرياضية بالمدينة، وهذا هو الدور الذي يجب أن يلعبه منتخبو المدينة، وكذلك الوالي اليعقوبي بطبيعة الحال... هم من يجب عليهم أن يشكلوا لوبيا للضغط على هاته المؤسسات لمنح الدعم للرياضة بالمدينة، وهذا في صالح الجميع، لأنه سيساهم بشكل أو بآخر في تحريك عجلة النمو الاقتصادي بالمدينة... من تابع الاحتفالات الحاشدة والعفوية لآلاف الشباب من أبناء المدينة، العاشقة لفريقها حد الجنون، يجب عليه أن يستوعب ما أصبحت تشكله كرة القدم بالنسبة لهؤلاء الشباب، الذين هم في عمر الزهور... لقد منحهم هذا الإنجاز الأمل في المستقبل... رجاء أيها المنتخبون لا تفسدوا عليهم أحلامهم في غد مشرق...