رغم افتتاحه قبل عامين باعتباره أحد أبرز المشاريع الصحية بجهة طنجةتطوانالحسيمة، لا يزال المركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس بطنجة يواجه انتقادات متزايدة من طرف عدد من المرتفقين بسبب ما يصفونه ب"اختلالات تنظيمية مزمنة"، خصوصاً على مستوى شباك الأداء الذي يعرف ازدحاما حادا يوميا، ويُعدّ نقطة توتر بالنسبة للعديد من المرضى وذويهم. ويشهد بهو الإدارة المركزية منذ الساعات الأولى من الصباح توافدا متزايدا للعشرات ثم المئات من المرتفقين، أغلبهم جاءوا لتسديد رسوم الفحوصات أو التحاليل أو العمليات الجراحية، غير أن الغالبية تصطدم بوجود شباك واحد فقط مخصص لهذه الخدمة، وسط غياب نظام رقمي أو آليات واضحة لتنظيم الطوابير أو ترتيب الأولويات حسب الحالات الصحية. وقال أحد المواطنين لجريدة طنجة 24: "وصلت مع السابعة والنصف صباحا، وكنت من بين أوائل المنتظرين. لكن مع حلول منتصف النهار، كان الشباك قد أغلق قبل أن أصل إلى دوري. الموظف أخبرنا بالعودة في اليوم الموالي". ويقول مواطنون إن طوابير الانتظار تشمل مختلف الفئات، من بينها مرضى مزمنون، كبار السن، نساء حوامل، وأشخاص في وضعيات هشّة. في المقابل، لا يوفر المركز، بحسب الشهادات، فضاءات ملائمة للانتظار، ولا أماكن للجلوس أو ممرات خاصة بذوي الاحتياجات. ويشير أحد المرافقين إلى أن "بعض المرتفقين يأتون من مدن بعيدة مثل وزان والشاون والقصر الكبير. بعد ساعات من الانتظار، يُطلب منهم العودة لاحقا دون مراعاة لمصاريف التنقل أو ظروفهم الصحية". ويعتمد المركز، وفق شهادات متطابقة، على الملفات الورقية في الخدمات الإدارية، في حين أن نظام المواعيد الإلكترونية يُطبق فقط على بعض التخصصات الطبية. ولا تزال عملية الأداء، سواء للمرتفقين المشمولين بالتغطية الصحية أو غيرهم، مرتبطة بالحضور الفعلي والانتظار الطويل أمام الشباك الوحيد. وأمام هذا الوضع، يطالب عدد من المرتفقين بفتح شبابيك إضافية خلال فترات الذروة، وتعزيز الطاقم الإداري، مع اعتماد الأداء الإلكتروني عن بُعد، وتوفير نظام يُمكّن من توزيع التذاكر أو تسجيل الأدوار حسب ترتيب الوصول أو طبيعة الحالة. وبينما تراهن وزارة الصحة والحماية الاجتماعية على هذا المركز ليكون نموذجا لمستشفيات الجيل الجديد، تبرز هذه الاختلالات كعائق أمام تحسين جودة الخدمات وتحقيق الإنصاف في الولوج إلى العلاج. ويقول مصدر نقابي بالقطاع إن "المشكل ليس في الموارد أو الإمكانيات، بل في غياب رؤية تنظيمية واضحة على مستوى تدبير الاستقبال والخدمات الإدارية". ويضيف المصدر ذاته أن الإدارة "لم تتفاعل بالشكل الكافي مع الملاحظات المتكررة للمرتفقين، ولم تبادر إلى تقييم داخلي شامل لمسار الولوج للخدمات، رغم أن الأمر يتعلق بحق أساسي من حقوق المرضى". ورغم الإشادة بالبنية التحتية والتجهيزات التقنية التي يتوفر عليها المركز، يبقى تدبير الشبابيك الإدارية، بحسب ملاحظات ميدانية، الحلقة الأضعف في منظومة الاستقبال، وهو ما يثير تساؤلات حول الحكامة الداخلية للمرفق ومدى التزامه بتوجيهات إصلاح المنظومة الصحية العمومية. ولا تزال إدارة المركز تحتفظ بصمتها تجاه هذه الملاحظات، في غياب بلاغات رسمية أو إجراءات معلنة بخصوص معالجة هذا الوضع. ويعتبر مرتفقون أن "الصمت بحد ذاته مؤشر على غياب الإرادة في الإصلاح". وإلى حين اتخاذ خطوات عملية لتحسين ظروف الانتظار وتمكين المرضى من ولوج سلس إلى الخدمات، يبقى شباك الأداء عنواناً يومياً للازدحام والارتباك، في قلب مؤسسة طبية يُفترض أن تكون واجهة نموذجية لمنظومة صحية وطنية جديدة.