عادت مشاهد الازدحام الخانق لتطبع معبر باب سبتة، نهاية الأسبوع الماضي، عندما اصطفت طوابير طويلة من العربات والمشاة في انتظار العبور إلى المدينةالمحتلة، في وضع يعيد نفسه مع كل مناسبة موسمية أو عطلة مدرسية، دون أن تواكبه حلول بنيوية فعالة. ورغم أن السلطات المغربية دأبت على تعزيز مواردها البشرية والتقنية كلما ارتفعت وتيرة الحركة، إلا أن تدفق المسافرين يصطدم في كل مرة بعنق زجاجة عند نقطة التفتيش الإسبانية، حيث تُسجل أكبر فترات الانتظار، وتُثار مجددا مسألة جاهزية البنية التحتية والمعالجة الجمركية في الجانب الأوروبي من المعبر. ويقول متابعون إن التوصيفات المثيرة التي تروج لها بعض المنابر المحلية في سبتة – مثل "الطوابير الجهنمية" – تخفي في طياتها جانبا من التقصير الهيكلي الإسباني في تكييف منشآت العبور مع الضغط الموسمي، رغم أن وتيرة هذه التدفقات باتت محسومة زمنيا وقابلة للتوقع المسبق. ويلاحظ أن المقطع الحدودي الخاضع للإدارة الإسبانية يعاني من بطء متكرر في معالجة الوثائق، إلى جانب نقص في عدد المسارات المخصصة للمركبات، وهو ما يؤدي إلى اكتظاظ يتحول بسرعة إلى أزمة لوجستيكية، تمتد آثارها إلى الميناء والمناطق المجاورة. وخلال عطلة عيد الفصح، اضطر عدد كبير من العابرين إلى الانتظار لأكثر من خمس ساعات قبل السماح لهم بالولوج، في وقت أبدت فيه السلطات المغربية مرونة ميدانية مكّنت من تنظيم حركة الدخول بسلاسة، عبر فتح ممرات إضافية وتعبئة عناصر الدعم الإداري والأمني. ويجمع مهنيون في قطاع النقل والتجارة على أن معبر باب سبتة، رغم خصوصيته الجيوسياسية، ما يزال يُدار وفق منطق مؤقت، في غياب استثمارات حقيقية من الجانب الإسباني لرقمنة المعالجة الجمركية، وتوسيع البوابات، وتحسين ظروف استقبال العابرين. وتكتسب هذه الإشكالية بُعدا إضافيا بالنظر إلى الطبيعة الخاصة لمعبر سبتة، الذي لا يخدم فقط ساكنة المدينةالمحتلة، بل يُعد شريانا رئيسيا لحركة بشرية وتجارية تتداخل فيها الاعتبارات الإنسانية، والاجتماعية، والأمنية. وتبقى مسألة تطوير البنية التحتية الحدودية رهينة بإرادة سياسية مزدوجة، تأخذ بعين الاعتبار مصالح الطرفين، وتبتعد عن المعالجات الظرفية التي لا تعكس حجم الواقع اليومي في واحد من أكثر المعابر نشاطاً في حوض المتوسط.