بين جذوع محترقة لا تزال شامخة رغم العطب، وتربة استعادت خضرتها تدريجيا بعد موسمين ممطرين، ترقد غابة القلة باقليمالعرائش شاهدة على صيف 2022، حين التهمت النيران ازيد من 5300 هكتار من الغطاء الغابوي، دون ان تنجح خطط التشجير المعلنة في اعادة الحياة المنظمة الى المجال بعد مرور ثلاث سنوات. في يوليوز من تلك السنة، اندلعت حرائق غير مسبوقة اجتاحت مناطق واسعة من شمال المغرب، مسجلة أرقاما قياسية من حيث حجم الاضرار واتساع البؤر. وكان اقليمالعرائش من بين المناطق الاكثر تضررا، اذ سجلت فيه السلطات اضخم خسارة، بنسبة تجاوزت نصف المساحة الاجمالية المتضررة وطنيا. ورغم المجهودات الاستثنائية التي شاركت فيها طائرات كنادير والقوات المسلحة والوقاية المدنية ومئات المتطوعين، فان الحرائق أتت على آلاف الأشجار، وأجبرت اكثر من 1300 اسرة على الاجلاء، وخلفت خسائر فادحة في الممتلكات وسلاسل الإنتاج الفلاحي المجالي. لكن بعد مرور ثلاث سنوات، لا تزال مناطق شاسعة من الغابات المتفحمة على حالها، دون اي اثر لاوراش تشجير واسعة او برامج اعادة تاهيل بيئي مفعلة. النائب البرلماني محمد حماني، عن فريق الاصالة والمعاصرة، وجه في هذا الإطار سؤالا كتابيا الى وزير الفلاحة والتنمية القروية والمياه والغابات بتاريخ 30 ابريل 2025، يسائل فيه عن مآل هذه العمليات. وفي سؤاله الذي اطلعت عليه طنجة 24، اكد حماني ان الساكنة المحلية لم تلمس بعد أي تدخل ميداني لإعادة إحياء الغطاء النباتي في المناطق المتضررة، رغم إعلان الوزارة والوكالة الوطنية للمياه والغابات عن برامج لإعادة التأهيل بعد الكارثة. ودعا النائب الى تفعيل خطة ميدانية تشاركية تراعي خصوصيات المجال الغابوي الجبلي، وتعتمد على أصناف نباتية متاقلمة، مشددا على ان غياب هذه التدخلات يشكل تهديدا للتوازن البيئي والاقتصادي في الاقليم، خاصة مع اقتراب فصل الصيف. وفي الوقت الذي تعاني فيه غابة القلة من تعليق عمليات التشجير، كشفت الوكالة الوطنية للمياه والغابات في 15 ماي الجاري عن حصيلة توصف بالايجابية لحرائق الغابات خلال سنة 2024، التي سجلت تراجعا بنسبة 86 في المئة مقارنة مع سنة 2023، اذ لم تتجاوز المساحة المتضررة 874 هكتارا، موزعة على 382 حريقا، بينما تجاوزت الخسائر في العام السابق 6400 هكتار. وبحسب المعطيات الرسمية، شكلت جهة طنجةتطوانالحسيمة اكبر ضغط من حيث عدد الحرائق، بواقع 123 بؤرة اتت على 346 هكتارا، أي ثلث عدد الحرائق المسجلة وطنيا، فيما كانت جهة فاسمكناس الأكثر تضررا من حيث المساحة. وارجعت الوكالة هذا التراجع إلى ظروف مناخية مواتية، وتفعيل استراتيجية التدخل المبكر التي مكنت من احتواء 95 في المئة من الحرائق في بدايتها، اضافة الى برامج تحسيسية استهدفت أزيد من 27 الف تلميذ ومرتاد للغابات. كما تم تخصيص غلاف مالي يناهز 160 مليون درهم لتقوية الاستعدادات لصيف 2025. وعلى المستوى الوطني، كانت سنة 2022 قد سجلت تضرر ما مجموعه 9783 هكتارا من الغطاء الغابوي، 90 في المئة منها تركزت في جهة الشمال، بما في ذلك العرائش، تطوان، شفشاون، ووزان. وفي ظل تأخر تنفيذ برامج التشجير، وفي غياب مؤشرات عن انطلاق أشغال إعادة التأهيل الميداني في غابة القلة، تتزايد التخوفات من تكرار سيناريو الحرائق في اقليمالعرائش، خاصة مع اقتراب موسم الصيف، وعودة الساكنة الى التساؤل حول أسباب الجمود الذي يطال برامج الإنعاش البيئي، رغم توفر التمويل والمخططات المعلنة.