تتجه وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة إلى تفعيل خطوة تنظيمية تقضي بإبقاء التلاميذ داخل الفضاء المدرسي خلال الفترات الزمنية غير المبرمجة بالدروس، وذلك في إطار مقاربة وقائية تهدف إلى الحد من الانقطاع المدرسي وتعزيز الحماية التربوية داخل المؤسسات التعليمية. ويستند هذا التوجه إلى مذكرة توجيهية عمّمتها الوزارة مؤخرًا على الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، تدعو من خلالها إلى إعادة ضبط إيقاع الزمن المدرسي، خاصة في المؤسسات التي تعتمد نظام الحصتين، من خلال إلغاء إمكانية مغادرة التلاميذ للمؤسسة خلال الفترات الفارغة، لا سيما ما بين منتصف النهار والثانية بعد الزوال، أو أثناء الساعات التي لا تشمل حصصًا دراسية مبرمجة. ووفق المذكرة، فإن إبقاء التلاميذ داخل محيط المؤسسة خلال هذه الفترات يستوجب توفير بدائل بيداغوجية وتربوية، تتراوح بين فتح المكتبات المدرسية وتنشيط ورش ثقافية ورياضية، وتهيئة فضاءات متعددة الاستعمال تتيح للمتعلمين قضاء الوقت في ظروف مؤطرة وآمنة، بعيدا عن المخاطر المرتبطة بالخروج المتكرر من المدرسة، وما قد يرافقه من سلوكات غير منضبطة أو انقطاع تدريجي عن الدراسة. وتقترح الوزارة في هذا السياق تفعيل مقاربة تشاركية مع الجماعات الترابية والمصالح الأمنية والمجتمع المدني، من أجل مواكبة هذا الإجراء على المستويين التنظيمي والميداني، وذلك عبر توفير الموارد البشرية واللوجستية الضرورية لتأمين فترات الاستراحة والفراغ، وضمان بقاء التلاميذ داخل المؤسسة في أجواء مناسبة تربويًا ونفسيًا. كما تشدد الوثيقة ذاتها على أهمية تعبئة جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ، لضمان انخراط الأسر في هذا الورش التنظيمي، الذي لا يقتصر على ضبط الحضور الزمني بل يراهن أيضًا على توسيع مفهوم "الحياة المدرسية" ليشمل لحظات غير دراسية تمثل جزءًا من البناء التربوي اليومي. ويأتي هذا الإجراء في وقت تتصاعد فيه التحذيرات من تداعيات الهدر المدرسي في عدد من المناطق، خصوصًا بالمجالات القروية وشبه الحضرية، حيث تسجّل بعض المؤسسات معدلات مرتفعة لمغادرة التلاميذ في الفترات الفاصلة، إما بسبب البعد الجغرافي عن منازلهم أو لغياب بنية تحتية داعمة تُغني التلميذ عن الخروج من المدرسة بين الفترتين الصباحية والمسائية. وبينما تضع الوزارة هذا التوجه ضمن سياسة إعادة الاعتبار للمدرسة العمومية، يشير متابعون إلى أن نجاعة الإجراء تظل رهينة بمدى قدرة الفاعلين المحليين على مواكبة تنفيذه من حيث البنية والاستعدادات المادية، في ظل تفاوت الإمكانيات بين المؤسسات، وتحديات توفير موارد بشرية مخصصة لتأطير الفترات غير الدراسية.