تتجه القارة الأوروبية نحو إحداث تغيير جذري في بنيتها الأمنية الحدودية بحلول عام 2026، عبر تفعيل منظومتين رقميتين متطورتين، في خطوة تهدف إلى إنهاء عصر الإجراءات الورقية التقليدية واستبدالها بآليات "المراقبة الذكية". ومن المقرر أن تؤثر هذه الإجراءات بشكل مباشر على ملايين المسافرين، لا سيما القادمين من خارج فضاء "شنغن"، بما في ذلك المواطنون البريطانيون. في إطار هذا التحول، شرعت السلطات الأوروبية فعليا منذ أكتوبر 2025 في تطبيق نظام الدخول والخروج الجديد (EES)، الذي يلغي الحاجة إلى ختم جوازات السفر يدويا، ويعتمد النظام الجديد كليا على البيانات البيومترية؛ حيث يلزم المسافرون في زيارتهم الأولى بمسح بصمات الأصابع والتقاط صور رقمية للوجه، ليتم تخزين هذه البيانات، إلى جانب المعلومات الشخصية، في قاعدة بيانات مركزية لمدة ثلاث سنوات. ويهدف هذا الإجراء إلى تسريع وتيرة العبور في الزيارات اللاحقة، ويُطبق بصرامة على مواطني الدول غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، مع استثناءات محدودة تشمل الأطفال دون سن الثانية عشرة. وبالتوازي مع النظام البيومتري، تستعد بروكسل لإطلاق نظام معلومات وتصاريح السفر الأوروبي (ETIAS)، والذي يفرض نمطا جديدا من الرقابة المسبقة يشبه نظام "ESTA" المعمول به في الولاياتالمتحدة. وبموجب هذا النظام، سيتعين على مواطني أكثر من 60 دولة، ممن كانوا يتمتعون بامتياز الدخول إلى منطقة شنغن دون تأشيرة (بمن فيهم البريطانيون)، الحصول على تصريح إلكتروني مسبق قبل السفر. وحددت المفوضية الأوروبية رسوم استصدار هذا التصريح ب 20 يورو، مع اشتراط التقديم عبر الإنترنت. ورغم إعفاء فئات محددة مثل القصر وكبار السن من الرسوم المالية، إلا أن الإجراء يظل إلزاميا لكافة الفئات العمرية دون استثناء من تقديم الطلب. وتبرر المفوضية الأوروبية هذه الحزمة من الإجراءات بضرورة سد الثغرات الأمنية؛ إذ ستمكن الأنظمة الجديدة السلطات من رصد حالات تجاوز مدة الإقامة القانونية بدقة، ومكافحة التزوير، وتعزيز القدرة على تتبع حركة الدخول والخروج لغير الأوروبيين. ورغم الوعود الرسمية بأن تسهم "الحدود الذكية" مستقبلاً في تقليص طوابير الانتظار في المطارات والموانئ، يرى مراقبون أن المرحلة الأولى من التطبيق الشامل قد تشهد تعقيدات لوجستية وتأخيرات محتملة، ريثما يتكيف المسافرون وموظفو الحدود مع البروتوكولات الرقمية الجديدة. يذكر أن النطاق الجغرافي لتطبيق النظامين سيمتد ليشمل كافة دول منطقة شنغن، إضافة إلى سويسرا والنرويج وآيسلندا وليختنشتاين، في حين ستبقى قبرص وإيرلندا خارج نطاق نظام (EES)، مما يرسم خريطة سفر جديدة كلياً للقارة العجوز خلال السنوات المقبلة.