أعادت حادثة حضانة طنجة الأخيرة إلى الواجهة ملف الرخص وظروف اشتغال الحضانات بالمغرب، وخصوصًا مسألة دفتر التحملات الذي يُفترض أن يُؤطر هذا القطاع الحساس المتعلق بسلامة الأطفال والرضع. إن هذه الحادثة المؤلمة تُدقّ ناقوس الخطر بشأن واقع دور الحضانة وفضاءات استقبال الأطفال، وما تعرفه في عدد من المدن المغربية من اختلالات واضحة في شروط السلامة، وضعف المراقبة، وغياب التأطير القانوني الكافي في كثير من الحالات. وأمام هذه الواقعة المؤسفة، تبرز مجموعة من الإجراءات العاجلة والضرورية: – إيفاد لجان تحقيق ميدانية عاجلة من القطاعات الوصية والسلطات المحلية، للوقوف على ظروف اشتغال الحضانات بمدينة طنجة وباقي المدن، والتأكد من مدى احترامها لشروط الترخيص ودفتر التحملات. – مراجعة دفتر التحملات المعتمد حاليًا من خلال تحديث معاييره التقنية، والتربوية، والصحية، بما يضمن حماية الأطفال وجودة التأطير، مع تشديد المراقبة والمحاسبة في حال أي إخلال بالضوابط. – إلزام مؤسسات التعليم الأولي والحضانات بإشهار رخصها القانونية بشكل واضح أمام العموم، ضمانًا للشفافية، وتمكينًا للأسر من التحقق من الوضع القانوني للمؤسسة قبل تسجيل أطفالهم. – تحمّل المسؤولية القانونية والأخلاقية لكل من يثبت تقصيره أو إهماله في ما يهدد سلامة الأطفال، مع تطبيق العقوبات اللازمة على المؤسسات التي تشتغل خارج الإطار القانوني. – إطلاق حملة وطنية للتوعية والمساءلة حول واقع الحضانات بالمغرب، ودعوة السلطات والمجتمع المدني ووسائل الإعلام إلى تعبئة جماعية لحماية الطفولة المبكرة وضمان بيئة تربوية آمنة ومسؤولة. – إطلاق إصلاح شامل ومستعجل لقطاع التعليم الأولي والحضانات يرتكز على التكوين المستمر للأطر التربوية، وتأهيل البنيات التحتية، وتعزيز آليات المراقبة والمساءلة. ختامًا، فلنجعل من دموع هذه الرضيعة البريئة صرخة ضمير جماعي لإرساء حضانات آمنة، مؤطرة، ومسؤولة، تليق بأطفال هذا الوطن وتُعيد الثقة للأسر المغربية في مؤسسات الرعاية والتربية المبكرة.