بنكيران: "البيجيدي" هو سبب خروج احتجاجات "جيل زد" ودعم الشباب للانتخابات كمستقلين "ريع ورشوة"    الأقاليم الجنوبية، نموذج مُلهم للتنمية المستدامة في إفريقيا (محلل سياسي سنغالي)    نبيل باها: عزيمة اللاعبين كانت مفتاح الفوز الكبير أمام كاليدونيا الجديدة    اتحاد طنجة يفوز على نهضة بركان    مجلس الشيوخ الفرنسي يحتفل بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء المظفرة    "أونسا" ترد على الإشاعات وتؤكد سلامة زيت الزيتون العائدة من بلجيكا    ست ورشات مسرحية تبهج عشرات التلاميذ بمدارس عمالة المضيق وتصالحهم مع أبو الفنون    الدار البيضاء تحتفي بالإبداع الرقمي الفرنسي في الدورة 31 للمهرجان الدولي لفن الفيديو    نصف نهائي العاب التضامن الإسلامي.. تشكيلة المنتخب الوطني لكرة القدم داخل القاعة أمام السعودية    المنتخب المغربي الرديف ..توجيه الدعوة ل29 لاعبا للدخول في تجمع مغلق استعدادا لنهائيات كأس العرب (قطر 2025)    كرة القدم ..المباراة الودية بين المنتخب المغربي ونظيره الموزمبيقى تجرى بشبابيك مغلقة (اللجنة المنظمة )    بعد فراره… مطالب حقوقية بالتحقيق مع راهب متهم بالاعتداء الجنسي على قاصرين لاجئين بالدار البيضاء    أيت بودلال يعوض أكرد في المنتخب    أسيدون يوارى الثرى بالمقبرة اليهودية.. والعلم الفلسطيني يرافقه إلى القبر    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    حصيلة ضحايا غزة تبلغ 69176 قتيلا    بأعلام فلسطين والكوفيات.. عشرات النشطاء الحقوقيين والمناهضين للتطبيع يشيعون جنازة المناضل سيون أسيدون    بين ليلة وضحاها.. المغرب يوجه لأعدائه الضربة القاضية بلغة السلام    توقيف مسؤول بمجلس جهة فاس مكناس للتحقيق في قضية الاتجار الدولي بالمخدرات    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الإثنين    مديرة مكتب التكوين المهني تشتكي عرقلة وزارة التشغيل لمشاريع مدن المهن والكفاءات التي أطلقها الملك محمد السادس    عمر هلال: اعتراف ترامب غيّر مسار قضية الصحراء، والمغرب يمد يده لمصالحة صادقة مع الجزائر    الكلمة التحليلية في زمن التوتر والاحتقان    الرئيس السوري أحمد الشرع يبدأ زيارة رسمية غير مسبوقة إلى الولايات المتحدة    أولمبيك الدشيرة يقسو على حسنية أكادير في ديربي سوس    شباب مرتيل يحتفون بالمسيرة الخضراء في نشاط وطني متميز    مقتل ثلاثة أشخاص وجرح آخرين في غارات إسرائيلية على جنوب لبنان    دراسة أمريكية: المعرفة عبر الذكاء الاصطناعي أقل عمقًا وأضعف تأثيرًا    إنفانتينو: أداء المنتخبات الوطنية المغربية هو ثمرة عمل استثنائي    "حماس" تعلن العثور على جثة غولدين    النفق البحري المغربي الإسباني.. مشروع القرن يقترب من الواقع للربط بين إفريقيا وأوروبا    درك سيدي علال التازي ينجح في حجز سيارة محملة بالمخدرات    الأمواج العاتية تودي بحياة ثلاثة أشخاص في جزيرة تينيريفي الإسبانية    فرنسا.. فتح تحقيق في تهديد إرهابي يشمل أحد المشاركين في هجمات باريس الدامية للعام 2015    لفتيت يشرف على تنصيب امحمد العطفاوي واليا لجهة الشرق    الطالبي العلمي يكشف حصيلة السنة التشريعية    ميزانية مجلس النواب لسنة 2026: كلفة النائب تتجاوز 1.59 مليون درهم سنوياً    تقرير: سباق تطوير الذكاء الاصطناعي في 2025 يصطدم بغياب "مقياس ذكاء" موثوق    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    إسبانيا تشارك في المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب بالدار البيضاء    "أونسا" يؤكد سلامة زيت الزيتون    "يونيسيف" ضيفا للشرف.. بنسعيد يفتتح المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب    بيليم.. بنعلي تقدم النسخة الثالثة للمساهمة المحددة وطنيا وتدعو إلى ميثاق جديد للثقة المناخية    مخاوف برلمانية من شيخوخة سكانية بعد تراجع معدل الخصوبة بالمغرب    تعليق الرحلات الجوية بمطار الشريف الإدريسي بالحسيمة بسبب تدريبات عسكرية    الداخلة ترسي دعائم قطب نموذجي في الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي    مهرجان الدوحة السينمائي يعرض إبداعات المواهب المحلية في برنامج "صُنع في قطر" من خلال عشر قصص آسرة    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    اتصالات المغرب تفعل شبكة الجيل الخامس.. رافعة أساسية للتحول الرقمي    الأحمر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    سبتة تبدأ حملة تلقيح جديدة ضد فيروس "كورونا"    فرحة كبيرة لأسامة رمزي وزوجته أميرة بعد قدوم طفلتهما الأولى    دراسة: المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    الوجبات السائلة .. عناصر غذائية وعيوب حاضرة    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الخيريات» وقصة التحول من «دكاكين للإحسان» إلى مؤسسات للتربية والإدماج
149 مؤسسة للرعاية الاجتماعية بدون ترخيص نهائي
نشر في المساء يوم 12 - 01 - 2012

رغم أن فتح «الخيريات» أصبح يتوقف على ترخيص من السلطات المختصة يستند إلى دفتر التحملات وليس إلى النوايا الحسنة، إلا أن 10 في المائة
من مؤسسات الرعاية الاجتماعية مازالت في طور البحث عن ترخيص، يحول «دكاكينها» الإحسانية إلى مرافق مؤهلة، ليس فقط للإيواء، بل للتربية والإدماج، بل إن بعض الجهات لم تهضم بعد هذا التحول من ضفة الصدقة الجارية إلى المرفق العمومي.
الروبورطاج التالي يتعقب حكاية التراخيص المسلمة والمصادرة، ويكشف عن شروط الحصول على صفة «فاعل خير مهني».
كانت «الخيرية» في السابق مرادفا للإحسان، يتسابق المحسنون إلى بنائها كما يتسابقون إلى بناء المساجد، وترميم أضرحة أولياء الله الصالحين، كانت «الخيرية» مرفقا يحكمه الوجدان أكثر مما تتحكم فيه القوانين، فهو لم يرق إلى مرتبة المرفق الاجتماعي الذي تحكمه ضوابط قانونية، لارتباطه بالصدقة، ولأن الصدقة ارتبطت ب»السترة»، فإن تدبير شأن هذه الدور ظل أسير التكتم والكتمان.
تعامل المستعمر مع «الخيرية» ك»فوريان» للآدميين، لذا اختار مداخل المدن أو ما كان يعرف بالقامرة، كمواقع استراتيجية لها، إذ كان الهاجس الأمني حاضرا في هذا الاختيار، من خلال نقط تفتيش لها صلاحية إحالة بعض النازحين إلى المدن على «الخيرية» بعد التأكد من حسن الطوية.
بنيت أول خيرية سنة 1909 بمنطقة طنجة الدولية، قبل أن تتناسل الخيريات في كبريات المدن المغربية، وكانت تسمى الجمعيات الخيرية الإسلامية للفصل بينها وبين جمعيات خيرية للمسيحيين واليهود، وهي التسمية التي صمدت حوالي قرن من الزمن قبل أن تتحول إلى مؤسسات للرعاية الاجتماعية تحكمها ضوابط قانونية، تحاول أن تنأى بها عن العمل التطوعي الذي ظل يأسرها، ولغة الأجر التي لطالما نابت عن عقدة الأهداف في تدبير شأن هذه المؤسسات.
الآن، فتح «خيرية» يتوقف على ترخيص من السلطات الوصية، ويستند إلى دفتر تحملات وليس إلى حسن البصيرة والسريرة، لكن كثيرا من الجهات لم تبتلع هذا التحول من ضفة الصدقة الجارية والعاملين عليها، إلى منطق المرفق العمومي، الذي يحول العمل الخيري إلى مهنة لها ضوابطها.
من يحكم «الخيريات»
يخضع القطاع الخيري لوصاية التعاون الوطني، التابع إداريا لوزارة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن، وهو القطاع الذي أنيطت به مهمة «تقديم مختلف أنواع المعونة والإسعاف لفائدة الفئات الفقيرة والمساهمة في الإنعاش العائلي والاجتماعي»، ويملك التعاون الوطني حق مراقبة مؤسسات الإحسان التي يمنحها مساعدات مالية.
منح المشرع للتعاون الوطني صفة الاستشارة عند إحداث كل مؤسسة عمومية ذات صبغة اجتماعية أو إحسانية، و»كذا في التدابير العامة أو الخاصة، التي تهم التضامن والتعاون، ويقوم بجمع الهبات والإعانات المالية وادخارها وتوزيعها وتسليمها في نطاق المأمورية المسندة إليه».
على الورق، يملك التعاون الوطني، ومن خلاله وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن، حق المراقبة، لكن المشرع لا يلزمهما ببناء هذه المؤسسات التي ظلت مبادرات إنجازها تأخذ في الغالب طابعا إحسانيا صرفا، قبل أن تدخل مؤسسة محمد الخامس للتضامن أو المبادرة الوطنية للتنمية البشرية على الخط، بل إن السلطة وضعت يدها مبكرا على هذه المرافق التي حولتها إلى ملاحق لها، بدءا بتعيين أعضاء المكاتب المسيرة للجمعيات الخيرية، وانتهاء بحلها، مع وضع عينها، التي لا تنام، على كل صغيرة وكبيرة، بل إن بعض رجال السلطة تحولوا إلى مأجورين داخل «الخيريات» لتأمين تقاعد ختامه بر وإحسان، كما هو الحال في مؤسسة الرعاية لحي الصدري بالدار البيضاء.
الزيارة الملكية لعين الشق تكشف المستور
في اليوم الثاني من شهر أبريل من سنة 2005، قام ملك البلاد محمد السادس بزيارة لمقر الجمعية الخيرية بعين الشق، وفي لحظة حماس وهتاف باسم الملك، غير الرجل مساره وتمرد على البروتوكول، وقام باقتحام عمارة مهملة بدعوة من بعض النزلاء، الذين قادوه لاكتشاف الوجه البشع للمؤسسة الخيرية، هناك وقف على الوضع المزري لهذا المرفق، وتم بقرار ملكي فتح تحقيق قضائي حول أسباب الوضع الذي وصف حينها بالكارثي، بل إن مجموعة من النزلاء سلموا القصر شريطا يعكس الوجه البشع للخيرية، مما جعل الفرقة الوطنية للأمن ترابط بالمؤسسة وتضع تدبيرها المالي، بالخصوص، تحت المجهر، استنادا إلى خبرة المفتشية العامة التابعة لوزارة المالية، التي قامت بالبحث والتقصي في النازلة وأقرت بوجود انفلات مالي ساهم في عرض الملف على القضاء واعتقال مجموعة من المسؤولين، على رأسهم مدير المؤسسة.
ورغم أن أوضاع المؤسسة الخيرية لم تتحسن بعد الزيارة، لكن تدخل ملك البلاد ساهم في تحول حقيقي لهذه المرافق، التي دخلت منذ ذلك التاريخ عهد التقنين، بعد أن ظلت لسنوات تدار بمنطق «هل جزاء الإحسان إلا الإحسان».
حماس وزير أم ثأر قديم؟
كان وزير التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن سابقا، المرحوم عبد الرحيم الهروشي، متحمسا أكثر من نزلاء المؤسسة ذاتها، لسقوط حاكم «الخيرية»، المدير النقابي الذي عاش معه الوزير حين كان على رأس وزارة الصحة حروبا نقابية، في الوقت الذي كان مدير الخيرية، محمد كاسي، يشتغل حارسا عاما بالمستشفى الجامعي، قبل أن يحصل على التقاعد ويلحقه المحسن محمد السقاط، رئيس الجمعية الخيرية لعين الشق بإدارة المؤسسة، ليشغل مهمة مدير عام يشرف على تدبير ثلاثة مرافق خيرية دفعة واحدة، وهي دار الفتاة بمنطقة 2 مارس ودار الأطفال لعين الشق، ثم دار المسنين غير بعيد عن «الخيرية».
التقى الهاروشي مجددا بغريمه السابق كاسي في فضاء خيري، بعد أن أصبح الأول وزيرا للتنمية الاجتماعية، وتبين أن الحسم سيكون في ساحة الخيرية وليس مستشفى الأطفال، وحين سقط مدير الجمعية الخيرية لعين الشق في امتحان الثاني من أبريل، الذي لم يكن شهرا للكذب، احتفل الوزير بانتصاره على الرجل النقابي، وتمكن من ولوج الخيرية التي كان ممنوعا من ولوجها بقرار إداري، بل إن الهاروشي وجد الطريق سالكا لاختراق مؤسسات ظلت خارج الوصاية، من خلال إعادة تأهيل هذه المرافق.
واقعة الخيرية.. ميلاد المبادرة.. لقاء بوزنيقة
اعتمد عبد الرحيم الهاروشي على مدير التعاون الوطني والمفتش العام للقطاع من أجل إنجاز أرضية قانونية تنهي حالة العبث التي ميزت تدبير «الخيريات»، وفضلت خلية التفكير في فترة ما بعد زيارة الملك لعين الشق عدم منح المشروع لمكتب دراسات، خشية «إهدار المال العام في مشروع يرمي إلى الحفاظ على المال العام»، على حد تعبير أحد أفراد خلية التفكير.
وفي غمرة الحديث عن الملف الخيري، الذي تحول إلى مادة دسمة للإعلام الوطني، أعلن ملك البلاد في 18 ماي من نفس السنة عن إطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي وصفت حينها بالمشروع المجتمعي، الذي يهدف إلى «التأهيل الاجتماعي للبلاد من خلال تعزيز إعادة إدماج الساكنة الأكثر فقرا في النسيج الإنتاجي».
وبعد أسبوع فقط، احتضن المركز الدولي للشباب ببوزنيقة يوما دراسيا خصص لدراسة الآليات العملية الكفيلة بتأهيل المؤسسات الخيرية، وهو اللقاء الذي خيمت فيه واقعة عين الشق على أشغال ورشاته، قبل أن تظهر النواة الأولى لأرضية قانونية تخلص «الخيريات» من تدبير الأجر، كما تمخض عن اليوم الدراسي ميلاد فيدرالية وطنية للجمعيات الخيرية عُهد لرئيس مجلس المستشارين، مصطفى عكاشة، برئاستها.
فيدرالية الجمعيات الخيرية.. ولدت ميتة
قبل أن يغادر الحاضرون في ملتقى بوزنيقة بوابة المركز، تلقوا دعوة لحضور الجمع العام التأسيسي للفيدرالية الوطنية للجمعيات الخيرية الإسلامية، والتي وضع على رأسها مصطفى عكاشة، رئيس مجلس المستشارين حينها، بحكم رئاسته للمركب الخيري لسيدي عثمان. وشهدت لحظة الولادة حماسا بين الأعضاء، الذين وضعوا على الفور مسودة برنامج عمل استعجالي، وكشفوا عن رغبة في إنشاء تمثيليات على الصعيد الوطني، إلا أن الكيان الخيري ولد، حسب كثير من مهنيي القطاع، ميتا، نظرا للالتزامات الكثيرة لرئيسه، الذي يشغل مناصب رئاسية في جمعيات عديدة كالجمعية المهنية لأصحاب سفن الصيد بأعالي البحار، أو كنائب رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، ورئيسا للغرفة الفلاحية للدار البيضاء وسطات، ورئيسا للمركب الخيري بنمسيك سيدي عثمان، ورئيسا لجمعية رعاية مرضى القصور الكلوي ببنمسيك، إضافة إلى منصبه كنائب لرئيس جمعية «كاريان سانطرال» بالدار البيضاء، فضلا عن عضويته كقيادي في حزب التجمع الوطني للأحرار.
في ظل هذه التعددية، استعصى على بقية الأعضاء إسعاف المولود، بالرغم من بعض المبادرات الإقليمية بالخصوص، ومحاولات النائب محمد بلماحي زرع روح جديدة في الفيدرالية بعد رحيل عكاشة سنة 2008.
أسئلة البرلمان تقلق الوزيرة
لم تكن نزهة الصقلي، وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن، تهتم كثيرا بتأهيل مؤسسات الرعاية الاجتماعية، رغم أنها شغلت منصب نائبة رئيس لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب (2004 -2007 )، لكنها، حسب أطر الوزارة، كانت تحصر اهتمامها في الشأن النسائي، لأنها تشغل مهام قيادية في الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب وعضوية مركز القيادة النسائية، بل إن تدخلاتها في مجال الجمعيات الخيرية غالبا ما يحركه الوازع السياسي، لاسيما بعد خلافها مع المدير السابق للتعاون الوطني، أحمد الطالبي، مما جعلها حريصة على تعطيل الكثير من المساطر خوفا من هيمنة الاستقلاليين على القطاع.
وتقول مصادر من الوزارة إن الوزيرة السابقة تنكب على ملف مؤسسات الرعاية الاجتماعية، حين يتعلق الأمر بسؤال كتابي أو شفوي من البرلمان، وحين تنتهي حصة الأسئلة الشفوية «يعود الملف إلى دولابه».
في ظل هذه المقاربة، ظل ملف مؤسسات الرعاية تحكمه عقدة الخوف من اقتحام السياسيين للعمل الخيري، بعد أن كشف بحث ميداني عن تربع الاستقلاليين على رئاسة الجمعيات الخيرية في المغرب متبوعين بالأحرار، رغم أن الواقع يفرض هيمنة الأحزاب ذات المرجعية السياسية على المشهد الجمعوي في شقه الخيري.
دفتر التحملات ينهي البناء العشوائي
قبل أبريل 2005، كان بناء مؤسسة خيرية يتم وفق رغبات الجهة التي أنجزت المشروع، وغالبا ما تتم برمجة هذه المشاريع في إطار ميزانية الإنعاش الوطني، بأقل المقومات المعمارية المطلوبة، بل إن كثيرا من البنايات قد تحولت إلى مرافق خيرية، وفي العالم القروي تحولت إسطبلات إلى دور للطالب، لكن مع ظهور دفتر التحملات النموذجي، انسحب اسم الخيرية لما فيه من حمولة قدحية، وأصبح إنشاء مؤسسة للرعاية وتدبيرها يتوقف على مجموعة من الشروط، محددة في المادتين 6 و7 من القانون رقم 14.05 المتعلق بشروط فتح مؤسسات الرعاية الاجتماعية وتدبيرها، منها ما هو تقني في حدوده الدنيا، وما يتعلق بتجهيز المرفق، فضلا عن شروط عامة مشتركة بين جميع مؤسسات الرعاية الاجتماعية، كما يهتم بالجانب البشري من خلال تحديد الشروط الواجب توفرها في العاملين بالمؤسسة والمؤهلات والشهادات المطلوبة، والقواعد الواجب احترامها في مجال التدبير الإداري والمالي.
وحسب المادة 24 من دفتر التحملات، الذي يصفه بعض رؤساء الجمعيات الخيرية بدفتر «الأعباء»، فإن الجهة المسيرة تختلف باختلاف طبيعة المؤسسة، إلا أن هذا لا يلغي وجود قواسم مشتركة، على مستوى لجنة التدبير.

10 في المائة من دور الرعاية غير مؤهلة
لفتح مؤسسة للرعاية الاجتماعية، يجب التوفر على رخصة مسبقة من الإدارة، حيث يتم إيداع طلب الحصول على الرخصة لدى السلطة الإدارية المحلية التي توجد المؤسسة في دائرة نفوذها الترابي، مرفوقا بالوثائق الإدارية والتقنية والقانونية، كهوية المؤسس والوسائل التي ستسخر لإنجاح المشروع، ومكونات لجنة التدبير. وتقوم لجنة يترأسها العامل، مكونة من ممثلي القطاعات الاجتماعية، بالفصل في الطلب خلال أجل أقصاه شهر، ويمكن للجنة أن توافق أو ترفض أو تطلب إجراء تعديلات، قبل إرسال الملف إلى إدارة التعاون الوطني، التي تتأكد من المعطيات ومدى مطابقتها لدفتر التحملات. ويمكن أن ترفض الإدارة طلب الترخيص في حالات عديدة، أبرزها متعلق بدفتر التحملات، كما أن حالات تنافي حالت دون الحصول على الترخيص، كما هو الحال في بعض مؤسسات الرعاية الاجتماعية.
وحسب مصادر «المساء»، فإن حوالي 149 مؤسسة للرعاية لازالت بدون رخصة، وأغلبها يعمل على إيواء النزلاء والنزيلات، فيما تصل نسبة المؤسسات التي هي في وضعية قانونية سليمة إلى 90 في المائة.
وأثير موضوع الترخيص القانوني في محاكمة 48 نزيلا من أبناء خيرية عين الشق، الذين رفعت الجمعية الخيرية الإسلامية ضدهم دعوى قضائية بالإفراغ، بعد أن رفضوا تسلم مبلغ 30 ألف درهم والتوقيع على التزام بمغادرة المؤسسة بشكل نهائي، حيث طرح إشكال قانوني، لأن الجهة التي تقاضيهم (جمعية نور للرعاية الاجتماعية) لا تتوفر على الصفة القانونية التي تؤهلها لمقاضاتهم، لكونها لم تحصل بعد على رخصة التدبير وفق مقتضيات قانون 05 – 14.
من البناء إلى الحكامة الجيدة
يقول مسؤول في قطاع التعاون الوطني إن الرهان القادم هو رهان الحكامة، بعد أن «خصص وقت كبير للإسمنت والتجهيز»، وأضاف أن الإدارة الوصية، بتنسيق مع وزارة الداخلية، قد أنجزت مجموعة من دلائل المساطر الرامية إلى تعزيز مبدأ الحكامة الجيدة، ومسح الصورة القاتمة، التي لازالت عالقة في أذهان البعض، والتي كانت نتيجة حتمية لمضاعفات قضية خيرية عين الشق، وتم تسطير دلائل المساطر حسب مقتضيات الفقرة 4 من البند 24 لدفتر التحملات، الذي يحدد الشروط العامة والخاصة لفتح وتسيير مؤسسات الرعاية الاجتماعية، ووضعت رهن إشارة مجالس التدبير خمسة دلائل لمساطر التسيير على الأقل، وهي دلائل المساطر للتسيير المالي والمحاسباتي، والتسيير الإداري، والتربوي والاجتماعي، فضلا عن دليل للمراقبة والافتحاص، الغاية
منه تعزيز الشفافية في تدبير هذه المرافق.


خيريات المملكة في أرقام
1490 هو العدد الحالي لمؤسسات الرعاية الاجتماعية.
933 هو عدد الخيريات قبل ميلاد المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
557 هو عدد الخيريات بعد إطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
372 هو عدد مؤسسات الرعاية الاجتماعية في جهة سوس ماسة درعة
85 هو عدد مؤسسات الرعاية الاجتماعية بجهة الدار البيضاء الكبرى.
01 هو عدد مؤسسات الرعاية الاجتماعية في إقليم أوسرد.
59 في المائة من مؤسسات الرعاية الاجتماعية تتواجد في الوسط القروي.
1140 مؤسسة للرعاية الاجتماعية تحصر مجال اشتغالها في دعم التمدرس.
350 مؤسسة للرعاية الاجتماعية تحصر مجال اشتغالها في محاربة الهشاشة.




قانون 14 05-: لا عقوبات حبسية
المادة 20
يعاقب بغرامة من 2.000 إلى 10.000 درهم كل من يقوم بفتح مؤسسة دون الحصول على الرخصة الإدارية المنصوص عليها في المادة 3 أعلاه أو يشير بشكل كاذب إلى ترخيص بفتح مؤسسة خلافا للفقرة الثانية من المادة 6 من هذا القانون.
في حالة العود، يرفع المبلغان الأدنى والأقصى للغرامة إلى الضعف. ويمكن أن يحكم على مرتكب المخالفة بسقوط حقه في فتح مؤسسة للرعاية الاجتماعية طوال مدة لا تتجاوز خمس سنوات.
المادة 21
يعاقب بغرامة من 3.000 إلى 15.000 درهم كل مؤسس أو مدير مؤسسة للرعاية الاجتماعية أدخل تغييرا على أحد العناصر التي سلمت رخصة الفتح على أساسها أو أقدم على إغلاق المؤسسة دون التصريح بذلك مسبقا لدى الإدارة.
في حالة العود، يرفع المبلغان الأدنى والأقصى للغرامة إلى الضعف. ويمكن أن يحكم على مرتكب المخالفة بسقوط حقه في فتح وتدبير مؤسسة للرعاية الاجتماعية طوال مدة لا تتجاوز خمس سنوات.
المادة 22
يعاقب بغرامة من 5.000 إلى 20.000 درهم مؤسسو أو مديرو إحدى المؤسسات الذين: لا يحترمون مقتضيات المادة 9 من هذا القانون.
لا يتقيدون بالشروط العامة والخاصة المحددة في دفتر التحملات المنصوص عليه في المادة 6 أعلاه.




بسيمة الحقاوي للمساء :«مراجعة القوانين رهان أولي كي لا تظل المؤسسات بؤرا للفساد»
«أعتقد أنه حان الوقت لمراجعة القانون المؤطر لدور الرعاية الاجتماعية. إن تلك القوانين تعتبر في نظري من أسباب تردي الوضع العام لهذه المرافق وللمشتغلين فيها، لذا سنطالب بمراجعتها وتحيينها، في البرنامج الذي سنقدمه. فالاهتمام بالفئة الأكثر هشاشة يعتبر من انشغالات وزارتنا، وأكيد أن معرفتي بالميدان من خلال زياراتي لمجموعة من المؤسسات الخيرية حين كنت على رأس لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، إضافة إلى تكويني العلمي، سيساعدني على وضع استراتيجية فعالة، لكن لحد الساعة يمكن القول إن آثار عملنا ستظهر تدريجيا بعد الاطلاع على الملفات وتفحصها بدقة، في ظل توجهنا الإصلاحي الذي يحتاج إلى عمل كبير لبلورته على أرض الواقع. إن مؤسسات الرعاية الاجتماعية لازالت للأسف تعتبر بؤرا من بؤر الفساد، ربما بسبب بعض القوانين، لذا فالمراجعة القانونية رهان أولي».




حسن البصري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.