توقيف موال لتنظيم "داعش" الإرهابي بسطات    كأس أمم افريقيا للمحليين (كينيا أوغندا تنزانيا 2024):                الجبالية الشحرية .. لغة نادرة في سلطنة عمان    مكتب الأبحاث القضائية يحبط مخططا إرهابيا لشاب في ال18 من عمره    الحكومة الأسترالية: سنعترف بفلسطين    غزة.. قصف إسرائيلي يودي بحياة مراسل الجزيرة أنس الشريف وأربعة آخرين    معتقلو حراك الريف يضربون عن الطعام والماء تضامنا مع غزة والسودان    ترامب يدعو الصين إلى "شراء الصويا"    الملك على دراجته المائية يتبادل التحية مع المصطافين على شاطئ كابونيكرو    قطعة من أسطول البحرية الهندية تختتم مناورة مع "فرقاطة محمد السادس"    فيتنام توسع قائمة الإعفاء من "الفيزا السياحية"    توقيف "شاب داعشي" بإقليم سطات    عوامل تزيد التعب لدى المتعافين من السرطان    معتقلو حراك الريف يضربون عن الطعام والماء لمدة 48 ساعة تضامناً مع غزة والسودان    مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين تدين إعدام طاقم قناة الجزيرة في غزة    مقتل أربعة صحافيين من قناة الجزيرة بينهم أنس الشريف بقصف إسرائيلي قرب مستشفى الشفاء في غزة    صحيفة "غلوبال تايمز" الصينية: المغرب تحت قيادة الملك محمد السادس نموذج إفريقي رائد في التنمية والابتكار    الأرصاد تتوقع موجة حر شديدة في جنوب غرب فرنسا    حُقوقيو تيزنيت يدقّون ناقوس الخطر بشأن تعثر مشروع طريق حيويّة لسنوات بتافراوت    أشرف حكيمي: "إنه حلم أن ألعب مع المغرب خلال كأس إفريقيا للأمم"    كأس درع المجتمع: كريستال بالاس يحرز اللقب على حساب ليفربول    الإدارة الأمريكية "تحضر" لقمة ثلاثية بين ترامب وبوتين وزيلينسكي (نائب الرئيس الأمريكي)        عامل الجديدة يترأس لقاء تواصليا بمناسبة الاحتفال باليوم الوطني للمهاجر    السفير المغربي بالصين: البعثات الطبية الصينية... رمز نصف قرن من الصداقة والتضامن بين المغرب والصين    توقعات أحوال الطقس اليوم الإثنين        من أجل استقبال أكثر من 25 مليون طن سنويًا.. توسعة جديدة لميناء الجرف الأصفر    دراسة: استعمال الشاشات لوقت طويل قد يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب لدى الأطفال والمراهقين    "سان جيرمان" ينزعج من حكيمي    توقيف الناشطة لشكر بعد ارتدائها قميصاً مسيئاً للذات الإلهية    زلزال مدمر يضرب تركيا    بلال مرابط يكتب..فن التعليق على كل شيء: بين سقراط وجيل لا يهدأ        الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة تطلق الدورة الرابعة من الأبواب المفتوحة لفائدة مغاربة العالم    رسمياً وابتداء من نونبر.. إدارة الغذاء والدواء الأمريكية تعطي الضوء الأخضر لقطرة VIZZ لعلاج ضعف النظر    صرخة العرائش:قراءة في بلاغ الجسد المديني ومقاومة المعنى !    بعد مشاركتها في مهرجان المضيف .. دعاء يحياوي تحيي حفلها الأول بمهرجان صيف العرائش    التقلبات ترفع الذهب في المغرب ب"زيادة طفيفة".. وضُعف الطلب مستمر    أشرف حكيمي: اتهامي بالاغتصاب ظالم        يوليوز 2025 هو الأقل حرارة في 6 سنوات في المغرب.. لكنه "مخادع" مناخيا    خط بحري جديد لنقل الفواكه والخضروات المغربية نحو أوروبا    مداخل المرجعية الأمازيغية لبناء مغرب جديد    بعد انهيار قاتل.. منجم نحاس في تشيلي يستأنف العمل    دراسة: الفستق مفيد لصحة الأمعاء ومستويات السكر في الدم    ارتفاع ودائع الجالية في البنوك المغربية إلى 213,2 مليار درهم    دراسة تحذر.. البريغابالين قد يضاعف خطر فشل القلب لدى كبار السن    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    "رابأفريكا" ينطلق بحضور جماهيري لافت    وفاة محمد المنيع عمدة الفنانين الخليجيين    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الطريق الموحشة ليوسف خليل السباعي
نشر في تطوان نيوز يوم 30 - 10 - 2010

عادت فريدة إلى سرب الحمام بعد غياب طويل. لم تكدْ تضعُ قدميها على الأرض، بعد نزولها من سيارة أجرة صفراء، حتى اغرورقَت عيناها بالدموع. خرَّت على ركبتها اليمنى، قبصَتْ قبصة من التراب ثم استنشقت عبيرَها الطيب. انتابها شعور لا يَحُده الوصفُ.
عادت فريدة إلى سرب الحمام بعد غياب طويل.
لم تكدْ تضعُ قدميها على الأرض، بعد نزولها من سيارة أجرة صفراء، حتى اغرورقَت عيناها بالدموع. خرَّت على ركبتها اليمنى، قبصَتْ قبصة من التراب ثم استنشقت عبيرَها الطيب. انتابها شعور لا يَحُده الوصفُ.
عالجت النهوضَ. شعرها الحريري الفاحم يكاد يلامس الترابَ. ألقَته على ظهرها و تابعت سيرَها ببطء. وصلت إلى السياج القصبي فأحست برعب. نظرت إلى السماء: لونها رمادي. استغربت. سرب من الحمام يحلق. تذكرت الأيامَ الخوالي... بدا شيخ في الستين خلفَ السياج القصبي. شعره ثائر، لحيته كثة، شفتاه غليظتان. يمسك قضيبا خشبيا و منجلا يلمع من وهج الشمس. نظرَ كالمترقب. الطريق خالية. شدَّها من شعرها فبدأت تصرخ.. صبية في السادسة.
قال لها بنبرة المهدد:
- إنْ أخبرت أحدا..
غابَ عن ناظريها.
يممتْ شطرَ البيت كسيرةَ الجناح. انتابها شوق قوي لطفولتها الأولى: صديقاتها، أيام الدراسة و سرب الحمام. تلقَّتها أمها سكينة لقاءً حسناً. ضمتها ضما شديدا إلى صدرها. تلألأ الدمع في عينيها كما يتلألأ اللؤلؤ. الحمام يتبع خطاها ويُسْمَعُ له هديل. نظرت إلى السماء و زرقتها. ذهب بها الخيال إلى غرناطة ، حيث تابعتْ دراستَها للموسيقى. تذكرها غرناطة- بمآثرها العربية- بإشراقة الصباح، بالقهوة اللذيذة التي كانت تحتسيها مع الجبن الأبيض وهي تتمايلُ لسماع أغنية أسمهان:
"ليالي الأنس.....". تقرأ حتى يغلبها النعاس.
ما كانت قادرة على الدفاع عن نفسها. القضاء قاهر.
الحمام بعيد. السماء رمادية والصمت يَلف الطريق. اليد الغليظة تتحسس كل جزء من جسمها البض. فكرتْ في أمها سكينة. تتذكر شفتيه والعرقَ المتصبب من جبهته العريضة الخشنة و صوتَه الذي يشبه هديرَ البحر.
قالت في نفسها: الوقت كفيل بالنسيان. لكن.. مَن يُسكتُ طنين الذباب في رأسها ؟ باتت تخاف من الحديث مع الرجال. تتحاشى الوقوفَ مع زملائها في المعهد الموسيقي. نظرات الآخرين سكاكين تنغرس في أحشائها.
غادرت فريدة بيتَ طفولتها وصباها بسرب الحمام متجهةً إلى غرناطة لاستئناف الدرس. الموسيقى ملاذها الأخير.
سلكتْ الطريقَ ذاته. مالت إلى ظل شجرة موز. يَحذو الحمامُ حذوَها. تنتظر وصول سيارة الأجرة الصفراء. رنت ببصرها إلى المقهى، دكان العم أحمد، الجبل العالي الذي يأخذ شكلَ جسد امرأة. يتدفق الماء على السهل الأخضر المنبسط. الفيلات، السياج القصبي والبيوت الفقيرة. بقيتْ تنتظر ... الطريق طويلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.