لفتيت يعقد اجتماعين مع قادة الأحزاب واتفاق على تسليم مقترحاتها حول الإطار القانوني لتنظيم الانتخابات قبل نهاية غشت    عبد الحق عسال: لاعبو المنتخب المغربي على أهبة الاستعداد لمواجهة أنغولا    رسالة ترامب وتجديد الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء: صفعة قوية من واشنطن للنظام الجزائري        مدريد تتجه لإسقاط السرية عن أرشيفها.. وتوقعات بالكشف عن ملفات تاريخية حساسة مع المغرب    رسالة من ترامب إلى الملك: "الولايات المتحدة الأمريكية تعترف بسيادة المغرب على الصحراء"    ميمون رفروع يطلق أغنيته الجديدة "ثبرات" ويعيد الروح للأغنية الريفية    نادي المحامين بالمغرب ينتقد "انتهاكات قانونية جسيمة" في متابعة حكيمي    الرجاء يفتتح عهدا جديدا بالتحول إلى شركة رياضية.. ولقجع: خطوة تاريخية    حادثة سير مروعة قرب سطات تخلف ثلاثة قتلى وطفلين مصابين    3 قتلى في حادث بالطريق السيار    مقتل 21 فلسطينيا بنيران جيش إسرائيل    "حماس" ترفض نزع سلاح المقاومة        بورصة الدار البيضاء تغلق الأسبوع على ارتفاع ب0,85% في مؤشر "مازي"        خريبكة تحتفي بمونية لمكيمل في الدورة العاشرة لمهرجان الرواد    مهدي فاضيلي يزيل الستار عن "ساريني"    بطولة العالم للألعاب المائية: السباحة الأمريكية وولش تحرز ذهبية 50 متر فراشة    الداخلية تُؤكد التزامها بضمان نزاهة وشفافية الانتخابات القادمة            صادرات قطاع الطيران بالمغرب تتجاوز 14 مليار درهم    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    تقرير: الدار البيضاء تصعد إلى المرتبة 431 ضمن المدن العالمية.. ومراكش تسجل أدنى تقييم وطني في رأس المال البشري    "العدل والإحسان" تناشد "علماء المغرب" لمغادرة مقاعد الصمت وتوضيح موقفهم مما يجري في غزة ومن التطبيع مع الصهاينة    أعضاء بمجلس الشيوخ الأمريكي: المغرب الحليف العريق والشريك "الأساسي" للولايات المتحدة    صحيفة صينية: المغرب نفّذ إصلاحات منهجية موجهة نحو المستقبل بقيادة الملك محمد السادس    خبراء "نخرجو ليها ديريكت": الخطاب الملكي يعكس الرؤية الملكية الحكيمة    المغرب يعزز الأمن السيبراني لمواجهة التهديدات الرقمية المتصاعدة    فضيحة أخلاقية تهز جماعة أركمان والناظور بعد تداول فيديو صادم    بعد أشهر من الانتظار.. انطلاق أشغال الطريق المنهار بين الحسيمة وتطوان    شاطئ ميايمي ببني أنصار يلفظ جثة شاب كان يحاول العبور إلى مليلية    مجلة أجنبية تشيد بجمال وتنوع المغرب السياحي    الدار البيضاء .. نجوم العيطة يلهبون حماس عشاق الفن الشعبي    سون هيونغ مين يعلن رسميا رحيله عن توتنهام    بوريل: قادة الاتحاد الأوروبي متواطئون مع إبادة إسرائيل للفلسطينيين            كيوسك السبت | استثمار إسباني كبير لتحلية المياه والطاقة الريحية بالمغرب    نجم البحر يهدد الشعاب المرجانية في جزر كوك    نيوزيلندا تفرض رسوما على زيارة الأجانب للمواقع السياحية الأكثر شعبية    مبابي مدافعا عن حكيمي: أشرف يحترم النساء حتى وهو "سكران"    الوداد ينهزم أمام كوجالي سبور في أولى مبارياته الودية بتركيا    المغرب، بقيادة جلالة الملك، نف ذ إصلاحات منهجية موجهة نحو المستقبل (صحيفة صينية)    في رحيل زياد الرّحْباني (1956-2025) سيرةُ الابْن الذي كَسَّر النَّاي .. ومَشَى    سباق الذكاء الاصطناعي يدفع عمالقة التكنولوجيا إلى إنفاق 344 مليار دولار    بلجيكا.. اطلاق نار على مراهق في مولنبيك        دراسة: مشروب غازي "دايت" واحد يوميا يرفع خطر الإصابة بالسكري بنسبة 38%    دراسة تُظهِر أن البطاطا متحدرة من الطماطم    التوفيق: كلفة الحج مرتبطة بالخدمات    بعد فصيلة "الريف" اكتشاف فصيلة دم جديدة تُسجّل لأول مرة في العالم        ما مدة صلاحية المستحضرات الخاصة بالتجميل؟    في ذكرى عيد العرش: الصحراء المغربية وثلاثة ملوك    تطوان تحتفي بحافظات للقرآن الكريم    على ‬بعد ‬أمتار ‬من ‬المسجد ‬النبوي‮…‬ خيال ‬يشتغل ‬على ‬المدينة ‬الأولى‮!‬    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أوبما المهدي المنتظر الأمريكي
نشر في شبكة طنجة الإخبارية يوم 02 - 06 - 2009

مسكين بوش، رغم بياض بشرته الخالص، ها هو التاريخ يتحدَّاه فيسوَّد صفائح وجهه أمام عشرات الملايين ممَّن انتخبوه بالولايات المتحدة، والعالم كله بسواد أوباما غير الخالص في سواده. و يزيده تسويدا فردتي حذاء منتظر الزيدي بعد رشقه بهما.لم تكن بداية نهاية بوش، هي يوم وصول باراك أوباما إلى البيت الأبيض، الذي كان دوما سكنا طبيعيا لأسلاف بوش، البيض. كما أنها لم تبدأ يوم فوزه على غريمه مكين بالتخطيط المحكم والعمل الجاد المتواصلين، فقط. بل إن البداية الفعلية لنهاية الأول بداية بداية الثاني، كانت يوم وطئت قدما أول عبد أفريقي للسواحل الشرقية للولايات المتحدة الأمريكية قبل أربعة قرون، وفي اللحظة التاريخية التي رفضت فيها خيّاطة بسيطة تدعى (روزا باركس) عام 1955 ترك مقعدها في الحافلة لرجل أبيض كما جرت العادة لسنوات طويلة باعتبار المواطن الأمريكي ذي البشرة السوداء أقل من المواطنين البيض، كان تصرفها المليء بالتحدي بمثابة شرارة ساعدت في إشعال فتيل حركة الحقوق المدنية وتمهيد الطريق لمسيرة واشنطن عام حيث القى داعية الحقوق المدنية مارتن لوثر كينج خطابه الشهير "‬لدي‮ حلم‮".‬
لقد أتى أوباما في الوقت المناسب. بعد روزا باركس، وبعد مارتن لوثر كنغ، وبعد جيسي جاكسون، وبالتحديد بعد كولين باول وكوندوليزا رايس ، وكلهم من أصول زنجية. وإذا كانت روزا قد عمدت الطريق بحريتها، وكنغ عبدها بدمه نحو مساواة أكثر بالمجتمع الأميركي عامة، فإن جيسي جاكسون كان أول أسود دق باب البيت الأبيض حين ترشح للرئاسة الأمريكية.
أما باول ورايس فقد عوّدا الناخب الأميركي على قبول رؤية السود في مناصب رفيعة حين تسنما لوزارة الخارجية تباعاً بعهد بوش، وفي حضورهما الدائم في المقر الرئاسي. بعدهم جميعا لم تبق سوى الخطوة الأخيرة التي حسمها الأمريكيون البيض والسود، عندما رددوا جميعا، أثناء الحملة الانتخابية شعارهم الخالد من "روزا جلست وهكذا تمكن مارتين من السير واستطاع باراك أن يجري وها قد صار بمقدورنا نحن أن نحلق"
أتى أوباما بعد حكم جورج بوش الذي انتخبه الشعب الأميركي مرتين: الأولى صدفة والثانية عمداً ;وضدا على تفجيرات نيويورك 2001 وبنهاية حكمه تخلى الأميركيون عنه بتخليهم عن مرشحه جون ماكين لدورة 2008 بعد أن تغيرت الظروف بل باتت تتطلب تغيراً كبيراً في السياسة والأشخاص الذين برزت الحاجة لمن يبدأ منهم بنهج الأهداف الأميريكية خاصة المناسبة لمسألة العلاقة مع العالم الإسلامي التي أصابها شرخ كبير بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 والتي تتطلب إعادة النظر ونهج طرق تستطيع أن تقنع الدول المسلمة بصدقية نوايا الأمريكان، وخاصة منها الدول المسلمة، الحليف التقليدي لأميريكا لعقود مديدة.
وقد أعربت الكنيسة البروتستانتية في ألمانيا عن أملها في أن ينتهج الرئيس الأمريكي باراك أوباما سياسة غير مشحونة دينيا وأن يزيل التوتر القائم في العلاقة مع الإسلام. وقال الأسقف البروتستانتي مارتن شينديهوته، مسئول العلاقات الخارجية للكنيسة البروتستانتية في ألمانيا، أمس الأربعاء في مدينة بريمن شمال البلاد إن أوباما يتبع كنيسة "المسيح المتحدة" المعروفة بمواقفها المتحررة والمنفتحة "وعندما ينتخب شخص أسود يمثل مسيحية منفتحة ومتحررة فإن ذلك مؤشر على تراجع العلاقة بين الدين والسياسة في أمريكا".
و قد اتفق الجميع على أن أوباما هو أكثر المرشحين تأهبا لكسر الجليد وإعادة الثقة للعلاقات الأمريكية العربيةالإسلامية. لكونه الشخص الذي يحتل أعلى المناصب الأمريكية، وامتلاكه القدرة على مخاطبة هذه المسألة بما أظهر من كفاءة عالية في التقرب من كل الأطراف، وخاصة أنه مرشح أسود لا ينتمي لعائلة عبيد أميركا والذي يلتقي فيه الإسلام والمسيحية بإنتمائه للأصل الإسلامي من جهة والده وإتناقه المسيحية عن طرق أمه.
وقد ظهرت بوادر ذك جليا عندما اختار اوباما القاهرة كمنبر لمخاطبة وطمأنة العلمين العربي والإسلامي وحاصة المعتدل منه، ولا بأس من تقدير خطوة أوباما الجديدة هته وسعيه المتواصل لفتح صفحات جديدة من التفاهم مع العرب والمسلمين..
قد يحكم أوباما بما لا يضيف شيئاً يعتد به إلى العظمة التاريخية لهذا الحدث، لكن الكثير يعتبرون أن "التغيير" قد حصل وعلى خير وجه، وأن اوباما أدُّى مهمته ونفذ ما وعد به ووفى به حين حقق هذا الفوز العظيم/ الحلم على "غريمه" ماكين، وأخرج بوش ذليلا حقيرا. فلا يهمهم، مَنْ الذي فاز بالبيت الأبيض؟ أهو "باراك" أوباما أم "مبارك حسين" أوباما؟ المهم أن صاحب برنامج التغيير الأسود هو من سيعيد تبييض البيت الذي سوده الأبيض بوش.
الناخبون الراغبون في التغيير أدُّوا مهمتهم الموسمية على خير وجه، وانتخبوا أوباما الذي وعدهم بتغيير أحوالهم، ثمَّ قفلوا عائدين إلى بيوتهم في انتظار الموسم الانتخابي المقبل، دون الاهتمام بما يشغل به العرب أنفسهم من أسئلة لا طائل من ورائها من قبيل، َمَنْ ذا الذي فاز بالبيت الأبيض؟ أهو "باراك" أوباما أم "مبارك حسين" أوباما؟ حيث أخضع الشيعة اسم "باراك حسين أوباما" لتفسيراتهم المذهبية التي تأكّد أنَّ "مباركة الحسين" هي المعنى الحقيقي ل "باراك حسين"، وأنَّ "أوباما"، في الفارسية، يعني "إنَّه معنا". و أنَّ الحسين بن علي يبارك ويهنىء أوباما الذي إنَّما جاء وفاز ليساند الشيعة في إيران النووية. وليس الشيعة وحدهم من اهتموا بأصول أوباما، فقد اكتشف بعضٌ أهل السنة من العرب، بحكم قانون "تداعي المعاني" بأنَّ الاسم الحقيقي لشكسبير هو "الشيخ زبير بن وليم"، رحمهما الله.. وكيف لا يتوصَّلون إلى هذا الاكتشاف وهم الذين اكتشفوا أن "الفرق الجوهري والنوعي" بين الرجل والمرأة، هو أن المرأة تحيض، والرجل لا يحيض؟! فبعث أحد فقهائهم الأشاوس رسالة عبر إحدى الفضائيات يدعو فيها أوباما للرجوع إلى دينه الإسلام وإلا...
لا ريب أنَّ ما يهم الشعب الأمريكي، هو أن "أوباما" الذي نادى بالتغيير هو الذي فاز، ولا يهمهم أن يعرفوا من هو هذا ال "أوباما" أهو بارك أو مبارك الذي باركه الحسن بن علي، أم لم يباركه؟. فهم كالفرسان لا يضيرهم في شيء إذا هم امتطوا حصانا أسود أو أبيض، مباركا أو مشؤوما، فلون الحصان وطالعه ليس بالأهمية بمكان ما دام بإمكانه أن يوصلهم إلى المكان الذي يريدون. لقد تجرَّعوا "صداع الراس" مع بوش رغم بياضه، فَلِمَ لا يتمتعون بالتغيير وإن كان الثمن تحملهم سواد أوباما؟! يكفيهم أن رئيسهم من حيث اللون هو الأسود الذي بيَّضته أمه الأمريكية قليلاً ولقنته مبادئ الديمقراطية الأمريكية وتعاليم الديانة المسيحية المشبعة بالمحبة والرحمة والرأفة كما يؤكد ذلك القرآن العظيم "وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة".
فليس مفاجئاً عليهم أن تطل الشاعرة الأميركية الافريقية الجذور اليزابيت الكسندر في حفلة تنصيب باراك أوباما على سدة الرئاسة الأميركية، وتقرأ قصيدة كتبتها في المناسبة. لكن مفاجئ حقا –بالنسبة لنا نحن العرب والمسلمين-هو أن تخلو القصيدة من أي مديح أو إطراء و «تفاصح»، ومن ذكر اسم الرئيس المنتخب وتعداد خصاله، كما درج عليه شعراءنا المداحون... فالشاعرة لم تكتب عن الرئيس ولا عن الدولة ولا عن الحدث نفسه، بل كتبت عن التاريخ والناس البسطاء الذين صنعوه، عن العمّال والفلاحين والبنائين والمزارعين... وإن كان عنوان القصيدة «ليتمجّد هذا اليوم» مستوحى من هذا الحدث الفريد الذي لم تشهده أميركا من قبل، فإن «التمجيد» موجّه الى الحياة التي لا يمكن أن يرسّخها إلا الحب الذي وصفته الشاعرة ب «الكلمة الأكثر جبروتاً» والذي «يعكس فضاء من نور.
لم يعش الشعب الأمريكي الانتظارية الأبدية "للمهدي" كما فعل ويفعل بعض من القائلين بظهور المهدي المنتظَر، وبالعقيدة السياسية المشتقة منها، كما هو حال بعض الإيرانيين الذين يعتقدون أن أوباما علامة على قرب ظهور المهدي الذي ينتظَرونه( والموجود في السعودية كما يدعي بعض الدعاة). فسيِّد البيت الأبيض الجديد إنَّما هو، بحسب الحديث المنسوب إلى الإمام علي، "الرجل الأسود طويل القامة الذي سيحكم الغرب، ويقود أقوى جيش على الأرض قبل ظهور المهدي المنتظَر الإمام الثاني عشر من أُمَّة آل البيت". أمَّا المرجع الذي ورد فيه هذا الحديث فهو كتاب "بحار الأنوار (أي بحار الظلمات)"، الذي ألَّفه محمد باقر المجلسي، في العهد الصفوي، القرن السابع عشر.
أتساءل والملايين مثلي، عن أصل هذا المعتقد الذي يغرق البعض في حالة من الإنتظارية لشخص المخلص، والتي لاشك أنها من أهم سلبيات الموروث الديني الذي هو بحاجة للمراجعة الناقدة المتبصرة، لما تورثه من كسل وإتكالية وخضوع للأمر الواقع الذي يقتل روح المبادرة والإبداع والتفكير العملي الجاد، والذي يجعل الشعوب تغوص في التخلف والتيه والضياع يوتَحْمِلُهم ترقُّب ظهور المهدي، وظهور من يشبهه، أو ما يشابهه، من قوى "الخلاص الأبدي" الوهمية وإن كانت مجرد أحدية! في الوقت الذي لا تنتظر الأمم المتقدمة، ولا تعتمد إلا على قدراتهم الخاصة، وعلى رأسها الشعب الأمريكي الذي يصنع مهديين على مقاسه وإن كانوا سودا شريطة أن يكون لهم سجلا طويلا في النظيفا وفي الدفاع عن حقوق الإنسان و حب الوطن و الرغبة في التضحية لتعيش الولايات المتحدة قوية في عالم‮ يحترمها ويقدرها ويحفظ لها مكانتها..
لقد ذهب الزبد الانتخابي جفاءً، ولم يبقى من بعده ضارباً جذوره عميقاً في الأرض إلاَّ ما ينفع الناس وتلك القوى والجماعات المنظَّمة تنظيماً جيدا، والتي أدت واجبها الوطني وكأنَّه أمر "ثابت". وما على الرئيس أوباما الآن إلا أن يحكم ويقرِّر في غيابهم، بما ينفعهم، وينفع قوى الضغط المؤازرة، التي يحتاج لقوَّة نفوذها وتأثيرها كل رئيس في الولايات المتحدة، لانتهاج أي سياسة وترسيخ جذورها في النظام التعليمي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي الأمريكي لكي يعلو القانون على الأفراد والقبائل وجماعات المصالح.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.