"المعلومات المالية" تقدم التقرير السنوي    منصة رقمية للطلبات والسحب عند الرشد .. تفاصيل الإعانة الخاصة لليتامى    الحكومة تصادق على تعيينات جديدة في مناصب عليا    فتح تحقيق مع 8 أشخاص متورطين في المضاربة في تذاكر الكان        الأغنية الرسمية لكان المغرب-2025 "AFRICALLEZ" أنشودة الوحدة    الولايات المتحدة توافق على أول نسخة أقراص من علاج رائج لإنقاص الوزن    الصحافة الإسبانية تشيد ب"كان المغرب" وتبرز جاهزية المملكة لكأس العالم    تشجيعات المغاربة لمنتخب "الفراعنة" تحظى بإشادة كبيرة في مصر    إطلاق برنامج "كان 2025" لفائدة النزلاء    لنساهم جميعا في إنجاح العرس الإفريقي!    "أكديطال" تستحوذ على مجموعة تونسية    إحباط محاولة لتهريب المخدرات بورزازات    مهنيو النقل الطرقي للبضائع يشتكون الارتفاع المستمر لأسعار المحروقات    في عالم الخداع الشامل، يصبح قول الحقيقة فعلاً ثورياً    وزارة العدل الأميركية تنشر 8 آلاف وثيقة جديدة في قضية "إبستين"    مدرب زيمبابوي : الخسارة في الدقائق الأخيرة تترك الكثير من الحسرة    قناة كندية تصنّف المغرب ضمن "سبع وجهات الأحلام" للسياح الكنديين نهاية العام    اضطراب جوي قوي يهم عدداً من مناطق المغرب والأرصاد تدعو إلى الحذر    كأس إفريقيا للأمم فرصة ذهبية لتعزيز التنمية المندمجة    "البيجيدي" ينبه إلى الأزمة الأخلاقية والتحكمية في قطاع الصحافة ويحذر من مخاطر الاختراق الصهيوني    اليوم العالميّ للغة الضّاد    كأس إفريقيا .. برنامج مباريات الثلاثاء        قناة كندية تصنف المغرب ضمن "سبع وجهات أحلام" للسياحة    محامو الدار البيضاء يرفضون مشروع قانون المهنة    بستة أصوات مقابل خمسة.. مجلس المستشارين يمرّر مشروع قانون المجلس الوطني للصحافة وسط انتقادات لغياب البرلمانيين    لفتيت: المخطط الوطني لمواجهة موجة البرد يستهدف 833 ألف نسمة    بنسبة %52.. نمو قياسي في مرافق شحن السيارات الكهربائية بالصين        تراجع مستمر في معدلات الإصابة بسرطان عنق الرحم ببلادنا    بورصة البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الانخفاض        ارتفاع أسعار الذهب إلى مستوى قياسي    النفط يتراجع مع تقييم الأسواق للمخاطر الجيوسياسية مقابل عوامل سلبية    دراسة: ضوء النهار الطبيعي يساعد في ضبط مستويات الغلوكوز في الدم لدى مرضى السكري    دراسة صينية: تناول الجبن والقشدة يقلل من خطر الإصابة بالخرف    غضب دانماركي وأوروبي من تعيين موفد أمريكي في غرينلاند وترامب يعتبر الجزيرة "حاجة أمنية"    إسرائيل تقتل ثلاثة عناصر من حزب الله    ترامب يوجه تحذيرا جديدا إلى مادورو    كيوسك الثلاثاء | الحكومة تعالج ملفات الترقي والأقدمية والحراسة بالمستشفيات    التنسيق النقابي بقطاع الصحة يعلن مواصلة التصعيد ويطالب الحكومة بإصدار مراسيم الحركة الانتقالية وباقي نقاط اتفاق يوليوز 2024    تراجع عن الاستقالة يُشعل الجدل داخل ليكسوس العرائش لكرة السلة... وضغوط في انتظار خرجة إعلامية حاسمة    ميسور: حملة واسعة لتوزيع المساعدات الإنسانية لفائدة الأسر بالمناطقة الأكثر هشاشة بجماعة سيدي بوطيب    ماذا تريد الدولة من اعتقال الأستاذة نزهة مجدي؟    في ندوة وطنية بأزمور لمختبر السرديات: الخطاب والمرجع في النقد المغربي    ريدوان يطلق أولى أغاني ألبوم كأس أمم إفريقيا "ACHKID"    خطر صحي في البيوت.. أجهزة في مطبخك تهاجم رئتيك    نهائيات كأس إفريقيا للأمم تعيد خلط أوراق العرض السينمائي بالمغرب    تيسة تحتضن إقامة فنية في الكتابة الدرامية والأداء لتعزيز الإبداع المسرحي لدى الشباب    تفاصيل جديدة بشأن "مجزرة بونداي"    وفاة الممثل الأمريكي جيمس رانسون انتحارا عن 46 عاما    مشروبات الطاقة تحت المجهر الطبي: تحذير من مضاعفات دماغية خطيرة    السعودية تمنع التصوير داخل الحرمين خلال الحج    من هم "الحشاشون" وما صحة الروايات التاريخية عنهم؟    استمرار إغلاق مسجد الحسن الثاني بالجديدة بقرار من المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية وسط دعوات الساكنة عامل الإقليم للتدخل    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفائز بنوبل للاقتصاد: تحالف السلطة والمال يقوض الديموقراطية ويزيد حالات الاكتئاب والانتحار
نشر في تيزبريس يوم 02 - 10 - 2016

يرى عالم الاقتصاد أنغيس ديتون، الفائز بجائزة نوبل للاقتصاد للعام 2015، في هذا الحوار، أن مراكمة أقلية صغيرة من المجتمع للثروات الطائلة بطرق ملتوية، كالضغط على الحكومات ومراكمة الامتيازات وتحقيق مصالحها الخاصة، يهدد الديمقراطية ويقوض النمو ويفقر الطبقات المتوسطة، منتجا واقعا يقود أفراد هذه الطبقات، بفعل الضغط واليأس والألم، إلى مآلات صعبة كالإدمان أو الاكتئاب أو الانتحار..
كان المؤرخ السياسي الفرنسي ألكسيس دو طوكفيل يرى أن الفرنسيين "يحبون المساواة" عكس ما يبدو عليه الحال في أمريكا..
من الواضح أننا لا نتقاسم مع الفرنسيين هذا الحب. كنت مؤخرا في ندوة شارك فيها العضو المرموق بمجلس الشيوخ الأمريكي غراهام بيل. كنت أتحدث عن مشكلة اللامساواة حين تدخل معترضا على كلامي بالقول "إن العدالة تقتضي اللامساواة". أختلف مع هذا الطرح طبعا، لكني أرصد لدى الأشخاص المحسوبين على اليمين في الولايات المتحدة قناعة بأنه لابد من ترك الناس أحرارا في استثمار مواهبهم، حتى ولو أنتج ذلك فوارق صارخة. وكأن شعارهم هو "الحرية والأخوة والفوارق"!
رغم ذلك فقضية تنامي الفوارق بين طبقات المجتمع في الولايات المتحدة توجد في قلب النقاش العام..
وجود الفوارق، كما يؤكد ذلك فلاسفة كثر، ليس سيئا في حد ذاته. لا توجد حجج تبرهن على أني سأتضرر إذا ما راكم الآخر مزيدا من المال، إلا في حال استعمل ذلك الآخر ماله للتأثير في مصيري. هذا الاستثناء هو الحجة الأساسية. وهي حجة قوية بالنظر إلى أن الفوارق تخلف أضرارا بالفعل. فلابد من التساؤل حول السبب الذي يجعل أعدادا كثيرة من الناس تساند الملياردير دونالد ترامب، الذي لا يتوقف عن التبجح بثرائه، ويعتبر تجسيدا واقعيا لفكرة اللامساواة ذاتها. الجواب يكمن في أن ما يزعج الناس حقيقة ليس هو تحقيق الثراء، وإنما استعمال طرق ملتوية ووسائل ضغط ولوبيات وأساليب ريعية من أجل التأثير على السلطة ومراكمة الامتيازات. وهي ممارسات سلبيه تقلص النمو والمداخيل. وإلى اليوم لازال الأمريكيون غاضبين من أصحاب البنوك الذين تسببوا في الأزمة المالية.
هل يمكن إذن اعتبار التصويت لصالح ترامب تصويتا ضد الواحد في المائة الأكثر ثراء؟
إنه تصويت ضد النخب التي يعتبر الناخبون أنها تغتني على حسابهم. تلك النخب التي تساند العولمة والهجرة ولا تلقي بالا للناخبين. دونالد ترامب يعد بأن يكسر هذه الصورة. وهو وعد بلا معنى بما أن ترامب هو أكبر مثال على الباحثين عن الريع، لكن الناس لا تعرف هذا. كان الديمقراطيون يمثلون العمال ويتحالفون مع النقابات لكن الأمور تغيرت منذ 20 أو 30 سنة. فقد احتاج الديمقراطيون لتعبئة الأموال من أجل حملاتهم الانتخابية، ما جعلهم يتقربون من أصحاب الأموال. أمام هذا الواقع، يمكن تبني إحدى مقاربتين حسب توجه كل تيار. إذا كنت يساري التوجه ستدافع من أجل أن التقنين الصارم لتمويل الحملات الانتخابية، وإذا كنت يميني التوجه ستعتبر أن الوسيلة الوحيدة لمواجهة تأثير المال هي تقليص حجم الحكومة التي تمنح بطبيعتها امتيازات عديدة.
ما رأيك أنت؟
أميل أكثر لفكرة تقليص السلطة، لكن هذا الرأي يؤدي إلى التخلي عن القضايا الاجتماعية، كالمسائل المتعلقة بالتقاعد والنظام الصحي.. أي كل ما يجعل من بلد ما متحضرا.
هناك تخوف في فرنسا من ظاهرة "تقهقر" الطبقات المتوسطة إلى أسفل الهرم الاجتماعي، الآباء يشعرون أن أبناءهم سيعيشون حياة أصعب مقارنة معهم.. هل هذا التخوف تحول إلى واقع في الولايات المتحدة؟
صحيح. نسجل تراجعا في الدخل النسبي للطبقات المتوسطة. المشكل يتمثل في أن الناس الذين يقبعون في أسفل الهرم الاجتماعي يصعب تعويضهم: تحتاج إليهم لتلبية طلباتك في المطعم، أو داخل بعض المتاجر... لكن الناس الذين يصنفون ضمن الطبقات المتوسطة يشغلون وظائف يمكن تعويضها عن طريق ترحيلها للخارج: إنهم الأكثر هشاشة أمام واقع العولمة.
هل هذا "التقهقر الطبقي" هو السبب في ما تتحدثون عنه في كتابكم من ارتفاع حالات الانتحار، وإدمان الكحول، واستهلاك الأدوية والمخدرات، وحالات الاكتئاب المسجلة لدى النساء والرجال البيض الذين تتراوح أعمارهم ما بين 45 و50 سنة؟
إنها ظاهرة أمريكية بامتياز لا نصادفها في أوربا. معدل الوفيات لدى هذه الفئة يتزايد لأسباب عديدة، منها سبب مباشر: الانتشار المهول للوصفات الطبية المضادة للآلام التي ليست في حقيقة الأمر سوى مخدر هيروين في شكل عقاقير. هذه العقاقير الأفيونية، مثل "أوكسيكونتين"، لا توصف إلا للبيض لأسباب جديرة بالبحث. وقد أغرقت الشركات الصيدلية السوق بهذه الأدوية مما جعلها تتعرض لعقوبات.
في الماضي كان بإمكان الأمريكيين الذين لم يكملوا تعليمهم العالي إيجاد عمل في معمل، أو صناعة الأثاث، والاستفادة من عوائد ثمار النمو عليهم وعلى أبنائهم، وإعداد تقاعد مريح. هذا الواقع انتهى. تجد اليوم مهندسين يعملون لدى شركة "إي بي إم" يبيعون الأكلات السريعة، وبالتالي فلا عجب في كونهم يعانون من آلام الظهر، ويزورون الأطباء، ويتناولون عقاقير ثم يدمنونها. على الأقل هذا هو التفسير الملموس، الذي يتبناه اليسار، والذي سيدافع عنه جوزيف ستيغليتس (حاصل بدوره على نوبل في الاقتصاد) وهيلاري كلينتون. وإلى جانب هذا التفسير، هناك أيضر تفسير اليمين لما يقع في المجتمع الأمريكي. في هذا الإطار، يرى تشارلز موراي أن المجتمع الأمريكي يعاني من تراجع "القيم المؤسسة" (الزواج، الصدق، التدين، حب العمل) داخل المجتمع الأبيض.
وهناك نقاش كبير مطروح اليوم في أمريكا حول معدل النشاط (الذي تهاوى منذ الأزمة المالية ل2008). كثير من الأشخاص ليسوا معطلين، لكنهم توقفوا عن البحث عن عمل. ونلاحظ اليوم أن الناس أقل سعادة مما كانوا عليه في 2008 رغم أن معدل البطالة كان أكبر.
كيف تفسرون تصويت البريطانيين لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي؟
العامل المشترك هو أن الناس يشعرون بأن الحكومة لا تنصت لهم، وبصفة أكبر بروكسيل. كما أن هناك قضايا تتعلق بالهجرة، رغم أنه من الواضح أن قضيتي الهجرة والعولمة ليستا سوى علتين واهيتين في بريطانيا كما أمريكا. الأمريكيون الذين تحدثنا عنهم مهددون باختراق الآلات للوظائف أكثر مما هم مهددون بالعولمة.
ترون أن الأثرياء لا يتركون أي فرصة لبقية المجتمع في الترقي الاجتماعي...
أقول إنه تهديد محدق. لم نصل بعد لهذا الحد. بالنسبة للولايات المتحدة، أتحدث عن مصالح تتحكم في الكونغرس، لكنها لا تنطبق على الانتخابات الرئاسية مثلا. في الانتخابات السابقة كان الأثرياء يساندون ميت رومني، لكنهم خسروا.
ما يمكنني تأكيده هو أن الحلول التقنية لن تكون كافية لحل المشاكل التي تطرقنا إليها (الفوارق الاجتماعية). فهذه المشاكل ليست اقتصادية صرفة، بل لديها بعد سياسي يجب الانكباب على حله. لدينا ديمقراطية، علينا إذن أن نجعلها تعمل.
كثير من الخبراء والمفكرين بدؤوا يحذرون من أن مراكمة الثروات تهدد النمو والديمقراطية.. هل يمكن أن نتحدث عن بداية تشكل وعي بهذه المسألة؟
تقدم كبير بذل في هذا الاتجاه، لاسيما في الولايات المتحدة. في ما قبل، لم يكن هناك وجود لأي نقاش حول الفوارق، كان اليسار يثير الموضوع لكن سرعان ما يتهم من طرف اليمين بأنه يسعى لافتعال صراع بين طبقات المجتمع. الأمر تغير اليوم. وأعتبر أن المقال الذي نشره طوماس بيكيتي وإيمانويل ساز سنة 2003 لعب دورا مهما في هذا المجال. فقد كشفا استنادا لمعطيات دقيقة لم ينتبه لها أحد من قبل، حقيقة وواقع النخب فاحشة الثراء. ثم جاءت أزمة 2008 لتزيد حجم الاهتمام بالموضوع: فقد صدم الرأي العام الأمريكي وهو يرى كيف أن المسؤولين عن ذلك الانهيار المالي، أي أصحاب الأنباك، الذين أنقذتهم الدولة، يواصلون جني أجور فلكية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.