من نوادر عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة المعين، ما هو مضحك مبكي، مضحك لأن الرجل ظريف ومبك لأنه لا يليق برجل دولة، قيد التدريب، أن يكون مثل ذلك، وقد امتنع رواة الحديث النبوي عن رواية الحديث من رجل يأكل في الشارع، فرغم أن الأكل في الشارع أمر مقبول شرعيا واجتماعيا إلا أن المحدثين يعتبرونه من خوارم المروءة، ويا كم مرة خرم بنكيران مروءته، فأصبحت روايته لأي كلام غير موثوق فيها، لأنه اجتمعت فيه جملة من خوارم المروءة. ونحن نعذر بنكيران لأنه لم يكن ينتظر هذا الانتقال الصعب، وكان يعتقد أن الأمر مزحة فقط، لكن عندما جد الجد وجد أدواته مهترئة أو كما يقول المغاربة "من اللي ناضت الأرنب مشا السلوقي يبول"، ففي يوم من الأيام قدم فريق العدالة والتنمية مقترح قانون في مجلس النواب يتعلق بالتكافل الأسري، ولأسباب غياب النواب تمت المصادقة عليه، فقال أحد كبرائهم، ويا ليت نجد فيهم كبيرا رزينا، إننا قدمناه على سبيل التحدي ولم نكن ننتظر أن يتم تمريره، لأنه بعد أن وصل إلى المجلس الدستوري قال لهم إنه مثقوب ومهتوك. بنكيران هذه الأيام يطير طيرانا، ولا نعرف هل "النط دون سروال في حمام السباحة" ناتج عن فرح طفولي أم أن الرجل يشعر أنه مذبوح من القفا من طرف زملائه الذين يعتبرونه مثل حمال أو عامل البناء الذي يضع سقف المنزل كي يتمتع به غيره؟ عرفنا بنكيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، الذي اجتمعت فيه موبقات الشبيبة الإسلامية والتأسيس الإخواني والخطيبي، شاكيا باكيا مسيلا دموع التماسيح حول الحكرة والاستهداف الذي يتعرض له من طرف الاستئصاليين، وربح اللعبة وامتلك الورقة رقم واحد في طاولة النرد يعني "دار ميسة"، واليوم نعرف بنكيران رئيس الحكومة "الحامض" الذي حول أحاديثه سواء الخاصة أو في المنتديات العامة والحزبية إلى رواية للخزعبلات التي لا يمكن أن يصدقها من خبر الدولة ودواليبها. فبنيكران ما إن وطئت قدماه القصر حتى خرج فاغرا فاه بما لا يصح، ويوزع الكلام هنا وهناك مرددا "قال لي الملك قلت للملك"، ومن له دراية بطبيعة الحكم يعرف أن بنكيران لا تصح روايته للكلام، بتعبير الصحافة إنه مصدر غير موثوق وبلغة رواة الحديث فإنه من الوضاعين الذين لا تقبل روايتهم. بنكيران يقول "سولني الملك واش ما زال مخاصم مع الهمة"، وهذا سؤال لا يطرحه آخر مهتم بالسياسة لاعتبارين، الأول لأن رئيس الحكومة المعين كان أول من هنأ الهمة على تعيينه مستشارا بالديوان الملكي، وربما كان من فرح بذلك لأسباب ستعرف بعد حين، وثانيا لأن الهمة موظف من موظفي الدولة يشغل مهمة بالمربع الملكي وهي مهمة بعيدة عن الخصومات. وقال بنكيران قال لي الملك واش عندك شي نكتة وكنت غاذي نعاود ليه شي نكتة حامضة، وهذه لا يمكن أن يصدقها أحد لأن الوقت الضيق المخصص للاستقبال غير كاف للحديث عن المهمة الرئيسية لبنكيران فبالأحرى أن يتحول إلى مجلس مسامرة. بالخزعبلات و"الحموضية" أبان بنكيران أنه ليس رجلا مستعدا ليكون رجل دولة. فعبد الرحمن اليوسفي بتاريخه النضالي الطويل ومغامراته الثورية لما استقبله الحسن الثاني عندما عين وزيرا أول خرج ولم يقل شيئا لا الأمس ولا اليوم ولا حتى للمقربين منه. إنه رجل دولة فهل يفهم هذا الرجل "الحامض" معنى رجل دولة أم سيذكرنا بنوادر أشعب وجحا؟