وصلت الأمور في الجزائر إلى حد الغموض والفوضى بشكل يعني أن وراء الأكمة ما وراءها.تارة يتم تقديم الرئيس بوتفليقة بأنه استقبل الرئيس الفلاني والمسؤول العلاني ، طبعا في غياب الدليل المتمثل في الصورة الناطقة ، خاصة أن الرئيس ظل ، طيلة ولاياته الثلاث السابقة ، حريصا على أن يسجل حضوره الدائم عبر التلفزيون ولو تعلق الأمر باجتماع أو لقاء عادي لا يتطلب وجود وتصوير الرئيس فيه.تارة أخرى ، يتم تقديم خبر حول ترشحه للرئاسيات المنتظرة، وبعد ساعات قليلة يتم نفي الخبر جملة وتفصيلا . وهكذا دواليك. وضع الرئيس بوتفليقة يشبه كثيرا وضع رجل بلغ أرذل العمر حتى أصبح لا يعلم من بعد علم شيئا ، وله أبناء ،غير صالحين، كل واحد منهم يجر إلى الجهة التي يريد. وما دام أنهم أبناؤه، فذاك يعني أنهم ورثته الشرعيون.هؤلاء الورثة لم يستطيعوا الحجر عن والدهم، لكن كل واحد منهم يعتبر نفسه الولد المرضي عنه، وبالتالي فهو المؤهل ليكون الناطق باسم إخوته والمشرف العام على كل ما يتعلق بتركة الأب.لذلك، فلا غرابة إن طلع خبر من قصر المرادية يقول إن الرئيس لم يعد قادرا على استئناف مهامه وممارسة عمله .هنا سيتفرق كل أولئك الذين ظلوا يرددون بأن بوتفليقة هو الأجدر بقيادة البلاد لولاية رابعة وما بعدها ، وتذهب ريحهم. في هذا المجال ، خرج واحد من هؤلاء "الأبناء" يعلن بالحرف:" إن دماغ بوتفليقة يعمل أفضل من جميع أدمغتنا مجتمعة." رد عليه آخر:" يظهر أن دماغ الأخ توقف عن العمل." وقال ثالث :" شيء طبيعي أن يكون دماغ بوتفليقة يعمل بشكل أفضل من جميع الأدمغة الأخرى ما دام أنه لا يقوم بأي شيء سوى التفكير في الرقم أربعة."وفي الوقت الذي اكتفى المتحدث الكبير رمطان لعمامرة بالقول أن "الرئيس بوتفليقة بخير" مفتخرا بوجود ما لا يقل عن 72 مرشح للانتخابات الرئاسية ،جاء أحدهم يعلن للملأ : "إن بوتفليقة مكسب عظيم عابر للقارات وللمريخ وزحل وعطارد والمجرة. " لكن هناك "أبناء" آخرون يعملون في صمت بعيدا عن الأضواء والإعلام .متحكمين جدا في الوضع ، حيث أنهم بمجرد رجوع بوتفليقة إلى المستشفى الباريسي ، في الآونة الأخيرة، عقدوا فيما بينهم اجتماعا عاجلا بعيدا عن أعين "الإخوة المارقين" لدراسة كافة السيناريوهات المحتملة بعد رحيل "الأب" بما في ذلك تصفية التركة . كيف ستتم تصفية التركة؟ ذاك سؤال يعرف هؤلاء "الأبناء" كيف يجيبون عنه ما دام أن جميع الخيوط بين أيديهم من خلال تحكمهم في الوضع والمسار الذي ينبغي أن تسير عليه الأمور. ولا تعوزهم التجربة، بل لهم من الخبرة ما يؤهلهم لاختيار"أخ من الإخوان" ليس من الضروري أن يكون شقيقا.أما الانتخابات فهي مجرد تمرين أمام عيون الفضوليين لإشباع رغبتهم في حب الاستطلاع قبل إشباع بطونهم بما لذ وطاب من الأكل والشراب وما جاورهما. كيفما كان الأمر بوتفليقة ما زال حيا يرزق ، ومطلوبا جدا ل"هردة" رابعة لا تجد إقبالا من طرف حتى من يروجون لها ،غدا س"يقلبون المعاطف" ويسيرون وراء عابر آخر للقارات والبحار والأرض والسماء . وفي ذلك ينافق المنافقون .