لماذا اختار حزب العدالة والتنمية المصباح التقليدي شعارا له؟ هل هو نكاية في طوماس أديسون مخترع المصباح الكهربائي؟ أم أنه يوحي بأن الأصل هو حياة البداوة؟ وقبل أن يلبس بنكيران الوزرة العصرية وربطة العنق، المحرمة في الفقه الوهابي، كان يلبس القميص وفي البرد الجلابة. لقد كان بين الإخوان (وليس الإخوة) في الجماعة الإسلامية ومظاهر العصرنة بون شاسع. كانوا يعتبرونها من مظاهر الاستيلاب والتغريب. أما اليوم فإن بنكيران والمستوزرين معه فإنهم ينافسون "العصرانيين" في مظاهر الغرب. غير أن بنكيران لم ينتبه إلى أنه لم يعد يلبس القميص والجلابة حتى في الأعراس والحفلات. بل إنه في المآتم والجنازات وصلاة الاستسقاء يحرص بنكيران على ارتداء الوزرة العصرية "الكومبلي". وما زال شعار الحزب هو المصباح التقليدي. ربما تيمنا بمصباح علاء الدين. كان ياماكان في قديم الزمان شاب اسمه علاء الدين، وكان هذا الشاب من عائلة فقيرة، وكان عم علاء الدين شخصا أنانيا ولا يحب إلا نفسه، وفي يوم من الأيام ذهب علاء الدين مع عمه للبحث عن كنز في مغارة، وطلب عمه منه أن ينزل إلى المغارة ويحضر الكنوز التي بداخلها، كان علاء الدين خائفاً جداً وفجأة أقفل باب المغارة، وحاول عم علاء الدين فتح الباب ولكنه لم يستطع، فتركه ولم يهتم لأمره. علاء الدين حبس بالمغارة، وهو يتمشى بين الكنوز لفت انتباهه مصباح قديم جداً، فمسكه ومسح عنه الغبار فاذا بالمصباح يهتز ويخرج منه مارد كبير وضخم، وشكر المارد علاء الدين لأنه أخرجه من هذا المصباح، وقال لعلاء الدين: ماذا تريد أن أفعل لك لأشكرك لإخراجي من المصباح؟ فقال له علاء الدين أريد أن تخرجني من هذه المغارة. وبالفعل خرج علاء الدين من المغارة. خرج بنكيران من مغارة الدعوة بفضل المارد الكبير الذي كان يبحث عن فاعل جديد في السياسة. خرج إلى السياسة ومعه كنوز الدنيا. خرج ومعه بلديات يسيرها أتباعه. خرج ومعه فريق برلماني كبير يملأ الدنيا ضجيجا وصفيرا وتصفيقا وكل المحرمات حسب كتاب الكبائر لشمس الدين الذهبي الأثير على نفس بنكيران. خرج ومعه رئاسة الحكومة ومعه وزارات وعينه على اختراق كل الإدارات. وقصة العم مع عبد الإله الشاب الرباطي معروفة فهو من قدمه لمن يهمه الأمر وفتح له الأبواب على مصراعيها حتى عرف كيف يصل إلى رئاسة الحكومة التي لم يتسم بها أحد غيره سوى المرحوم عبد الله إبراهيم وعباس الفاسي عطفا على أنه وزير أول بعد تغيير الدستور. بفضل المصباح التقليدي وصل بنكيران إلى قلوب شعب أنهكته السياسة ونكران السياسيين لوعودهم. غير أن المصباح التقليدي تحول إلى مصباح سحري. فبدل الحديث عن البرنامج وتحقيق الأهداف بدأ بنكيران في الحديث عن العفاريت التي لا يمكن طردها إلا بالسحر. قافلة المصباح التي ينظمها فريق العدالة والتنمية ستجوب المغرب. ماذا ستقول للناخبين؟ هل بمقدور أحد من هؤلاء أن يقول للشعب: لقد خدعناكم.