قمة المناخ 2025: الرئيس الصيني يدعو إلى عدالة خضراء وتعاون دولي أوسع    مونديال ال(شيلي 2025) لأقل من 20 سنة .."أشبال الأطلس" يطمحون لتحقيق إنجاز عالمي جديد لكرة القدم المغربية    الأمن يفضح مزاعم سائحة بريطانية بعد ضياع جواز سفرها بمطار المنارة    توقعات أحوال الطقس غدا الجمعة    قافلة "الصمود العالمي" تحذر من هجوم إسرائيلي وشيك وتدعو لتأمين مرورها نحو غزة    مونتريال.. المغرب وروسيا يبحثان سبل تعزيز الربط بين البلدين في مجال النقل    إسبانيا وإيطاليا ترسلان دعما بحريا لمساعدة أسطول الصمود    الرئيس الصيني يشارك في احتفالات الذكرى السبعين لتأسيس منطقة شينجيانغ    الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة، مناسبة لإبراز رؤية المغرب (أخنوش)    وزارة الفلاحة تخفف قيود ذبح إناث الأغنام والماعز    المكتب الإقليمي للجامعة الوطنية للصحة بالمضيق الفنيدق يطلق بيان استنكاري حاد حول تدهور الأوضاع الصحية    توقيف متورطين في تعنيف واحتجاز قاصر داخل سيارة بقلعة السراغنة..    المغرب والإمارات يرفعان مستوى التنسيق الأمني لمواجهة الإرهاب والجريمة المنظمة    الجامعة تكشف عن تعيينات حكام الجولة الثالثة من البطولة الاحترافية        تراجع أسعار النفط بعدما سجلت أعلى مستوياتها في 7 أسابيع        القضاء الفرنسي يدين الرئيس السابق ساركوزي بالتواطؤ في قضية التمويل الليبي    بينهم 11 بمجزرة.. إسرائيل تقتل 19 فلسطينيا بقطاع غزة الخميس    جامعة أرباب محطات الوقود تقاطع اجتماع وزارة الطاقة وتلوّح بإضراب وطني    "ملف" كيش لوداية.. هيئات تعلن تأسيس لجنة تضامن وتدعو لوقفة احتجاجية بتمارة بسبب "القمع" والاعتقالات    مساءلة وزير التربية الوطنية حول "تعثرات" مشروع مدارس الريادة        حموشي يجري زيارة عمل إلى الإمارات العربية المتحدة    اجتماع يواكب مبادرة المغرب للساحل    بطولة فرنسا.. توقيف مدرب مرسيليا دي تزيربي مباراة واحدة        نيويورك.. أخنوش يتباحث مع رئيسة المفوضية الأوروبية    زيدان: السياحة المستدامة تشكل "فرصة واعدة" لبناء نموذج اقتصادي مغربي أكثر صلابة    إطلاق اتفاقية متعددة الأطراف بالرباط لمكافحة المنشطات في المجال الرياضي    إصابة نحو 50 إسرائيلياً في هجوم بطائرة بمسيّرة يمنيّة على إيلات    بابوا غينيا الجديدة تجدد تأكيد دعمها لمغربية الصحراء، ولسيادة المملكة على أقاليمها الجنوبية، وللمخطط المغربي للحكم الذاتي    قيوح يحشد لتمكين المغرب من مقعد دائم بمجلس المنظمة العالمية للطيران    زامبيا تجدد تأكيد دعمها لسيادة المغرب على صحرائه    طنجة.. أزمة الصرف الصحي ومياه الأمطار تُهدد منطقة "أوف شور بلازا" ودعوات عاجلة لوالي الجهة للتدخل            عمر عزيمان يتوج بالجائزة الدولية "ذاكرة من أجل الديمقراطية والسلم"    "لامورا..الحب في زمن الحرب" للمخرج الراحل محمد اسماعيل يدخل سباق القاعات السينمائية    TV5MONDE تحتفي بالفرنكوفونية المغربية في سهرة ثقافية خاصة    مهرجان "عيطة بلادي" يكشف تفاصيل نسخته الأولى في الدار البيضاء    الصراع مستمر بين المغرب وإسبانيا على استضافة نهائي مونديال 2030    سناء العلوي… من تكريم وزان إلى لجنة تحكيم سلا    قراءة في مسرحية «عيشه ومش عيشه»: «الوجود الإنساني لا يفهم إلا في ضوء تناقضاته»    6 روايات عن العائلة إلى المرحلة النهائية من جائزة "بوكر"    مؤسسة الدوحة للأفلام تسلط الضوء على الأصوات الفلسطينية في مهرجان الدوحة السينمائي    منظمة الصحة العالمية: لا علاقة مؤكدة بين الباراسيتامول والتوحد        دراسة: تلوث الهواء قد يضر ببصر الأطفال    دراسة: غثيان الحمل الشديد يرفع خطر الإصابة بأمراض نفسية            المشي المنتظم يقلل خطر الإصابة بآلام الظهر المزمنة (دراسة)    بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    الرسالة الملكية في المولد النبوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ادريس هاني يتحدث عن سوريا من الداخل (الحلقة الثانية)
نشر في زابريس يوم 14 - 10 - 2011


إنّنا لا نملك أن نصدّق الجزيرة حينما نستطيع أن نكون حيث لا تكون كاميراتهايجد المرء نفسه في غنى عن الشّاشة، لمّا يقرأ الواقع بنتوءاته الواضحة لا عبر مشاهد اليوتوب الضّبابية والمصطنعة. ذلك لأنّ العين المجرّدة في لحظة المعاينة تضعك أمام استمرارية الملايين المتدفّقة من السّوريين الحالمين بغد أفضل، لكنهم الرّافضون للمؤامرة، وأمام مشهد طويل من الهدوء والاستقرار الذي ينعم به هذا البلد. أمّا اليوتوب الذي ينقل مشهد خرجات لا تتجاوز ربع ساعة ، أو كما يسمّيها أصحابها بالتظاهرات الطيّارة ، يعطيك انطباعا بأنّ سورية كل يوم هي في شأن مع انتفاضة شعبية طويلة الأمد ، ثم يأتي من يعلّق على ذلك وباسم الشعب كما لو أنّ الدّولة ستسقط غدا. مع أنّ حجم المظاهرات محدود هناك في الزمان والمكان ومع أنّ ما يخرج في بلاد العرب الأخرى أكثر مما يخرج في سوريا، إلاّ أنّ هذه الأخيرة هي محطّ انتقام إقليمي ودولي نظرا لمواقفها المشهودة على صعيد الصراع العربي الإسرائيلي. الملايين التي تدعم الرئيس السوري مستعدّة للنزول إلى الشارع كلّ حين. لكنها تمارس نزولها إلى الشّارع بكيفية أخرى رأيناها عيانا في دمشق وحماه ومدن أخرى. إنهم يكذّبون شعارات العشرات من الشباب بقوّة الحضور والمشاركة في الحياة الطبيعية للمجتمع. بينما يحرص الرئيس الأسد على أن لا يتجاوز الموقف هذا النّمط من الحضور. وإلاّ ، فقد بلغني من أطراف كثيرة من داخل الشّعب السّوري ، استعداد شرائح اجتماعية كثيرة تعيش اليوم احتقانا من نوع آخر في سوريا، ويؤديها تحرّش الفوضويين والذّبيحة بمساكنهم وأعراضهم ، وتنتظر مجرد إشارة من المسؤولين لبدء مواجهة مع دعاة الفوضى والتّدخّل الأجنبي. سياسة التهدئة الدّاخلية هو مما لا تدركه عدسات الإعلام المناوئ. تستطيع سوريا أن تسلّح مئات الآلاف من الموالين للدولة والرّافضين لشعارات التّدخّل الخارجي ليحرقوا سوريا فوق رؤوس مئات المسلّحين الذين يعيثون فسادا في أطراف المحافظات ، وحيث جزء من المدنيين أنفسهم يدعمون خيارهم ويشكّلون دروعا بشرية لحماية مخططات المسلّحين. وهذا أمر وقفت عليه وإن كان السّوريون يسكتون عليه ، وأدركته من خلال بعض الشّباب من أصحاب البناطيل نصف "مشلوحة" على مؤخّراتهم، يؤيّدون كل شيء ضد النّظام ولو بالعنف والدّم ، لكنهم لا يفكرون في كلّ شيء يمكن أن يحدث لو استجاب الواقع لرغبات "ولدنتهم". وهذا القدر من التهدئة وترك اختصاص معالجة موضوع المسلّحين للجيش ، سياسة حكيمة في بلد شديد الحساسية. ولمن لا يعرف مدى حساسية المجتمع السّوري والصّورة التي يمكن أن تكون عليها الفوضى فيما لو ترك المجتمع لحاله من دون مقاربة أمنية شديدة تجاه المسلّحين وأعوانهم من المدنيين، فلينظر إلى واحدة من الحالات التي جرت وقائعها في إحدى المناطق داخل سوريا، حيث سارت مسيرة من بضعة شباب تهتف بإسقاط النّظام وتركت على حالتها تلك ، لكنها ما أن تجاوزت المنطقة ودخلت في أخرى حتى عملت قوى الأمن على تفريقها. فما كان من أولئك إلاّ أن هربوا باتجاه ساكنة من المهجّرين ، فانتابت هؤلاء حالة من الخوف وخافوهم على أنفسهم وظنّوا أنّ الفوضى عمّت وأنّ هؤلاء قادمون لإخلائهم من بيوتهم وانتهاك حرماتهم، فحملوا هم أيضا من الحصا أجودها ومن العصيّ غليظها ، فأعملوا كلّ ألوان الضرب في صفوف أولئك المتظاهرين الفارين ، فاختلط الحابل بالنّابل. إنّنا لا نملك أن نصدّق الجزيرة حينما نستطيع أن نكون حيث لا تكون كاميراتها التي انسدت في وجهها أبواب دمشق المحروسة. بل وحيث نستطيع متابعة الأحداث من خلال شهود عيان حقيقيين نسائلهم أولا بأول فيما التبس من الأمر. ولنا في كلّ بلدة أكثر من صديق يطلعنا على زواريبها كشاهد عيان حقيقي لا شبح ولا شبّيحة. وقد أدركنا من علم الرّجال ودراية الحديث أنّ الرّواية لا تؤخذ من كذّاب، كما أدركنا من فقه القضاء أنّ هول الصّورة من دون تحقيق لا يكفي في بناء الحكم. نعم ، كان الاستبداد ولا زال قبيحا، وقبيحا جدّا. ولو جارينا هذه الحكاية لما استثني أحد من ذلك لا سيما من نصّبوا أنفسهم قادة للربّيع العربي وهم من بيئة لا تعرف معنى لفصل الرّبيع ولا لأكثر الفصول الأربعة !؟ وهل لنا أن نشملهم في بيت لمظفر : ما أوسخنا ..ما أوسخنا.. ما أوسخنا ونكابر ما أوسخنا ! الاستبداد قبيح، ويجب أن ينتهي بلا رجعة، لتحلّ محلّه المحبة والعيش المشترك في ظلّ سيادة دولة القانون وثقافة الحوار. إنّه قبيح حينما ينفذ في النسيج الجماعي والثّقافة السياسية ويغرقها في سكرته. لكن أقبح منه حينما لا نمنحه فرصة لمّا تصبح الإرادة السياسية في منتهى الاستعداد لخوض تحدّي التغيير، وحينما يصبح التّغيير وسيلة من وسائل التّدخّل الخارجي ليس من خيار أمامها سوى القبول بالحوار الوطني. وأقبح منه حينما يقود حملة التّحرر هذه إعلام فاقد للمهنية في أبسط قواعدها وشروطها ، إعلام متخم بالنفط وكيديته وثقافة سياسية تنتمي إلى ما قبل الدّولة. وحينئذ ندرك أنّ الاستبداد الحزبي هو نفسه ينتمي لأشكال الدّولة الحديثة، أمّا الاستبداد المتوحش الذي ينتمي إلى بنية ومزاج ما قبل الدّولة، فهو اليوم يواري سوءاته بالرّيش والرّشا والإذعان للعبة الأمم ككيانات وظيفية همّها التّعاون مع مخطّطات إمبريالية واضحة المعالم والأبعاد.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.