اعتصام إنذاري للنقابة الوطنية للعدل أمام وزارة العدل بالرباط    شقير: موقف حزب "أم كاي" يعكس أن دعم الجزائر لأطروحة الانفصال في تنافسها مع المغرب أصبح لا يخدم مصالح إفريقيا    لأول مرة.. المغرب ينال أعلى تصنيف للضمانات النووية من الوكالة الدولية للطاقة الذرية    توقعات أحوال الطقس اليوم الأربعاء    "العهر السياسي" و"الاعتقالات".. فيدرالية اليسار تندد بالهجوم على أعضاءها ومنتخبيها الجماعيين    الخدمات التجارية غير المالية.. 55 في المائة من أرباب المقاولات يتوقعون ارتفاعا للنشاط الإجمالي خلال الفصل الثاني من 2025    ماسك: تجاوزت الحدود بانتقاد ترامب    الولايات المتحدة.. محكمة الاستئناف تقرر الإبقاء على الرسوم الجمركية المفروضة من طرف الرئيس ترامب    أزمة المهاجرين تشعل شوارع أمريكا.. انتشار "المارينز" والتهديد بقانون التمرد    الوداد يستعد للموندياليتو بالسومة    ترامب يدعو أوروبا لمكافحة الهجرة    مهنيو صنف السويلكة بالجديدة يعبرون عن احتجاجهم و رفضهم لمقترح مشروع تهيئة مصايد الصيد لوزارة الصيد البحري    النائب البرلماني يوسف بيزيد يتدخل لنقل جثمان مغربي من الجزائر الى ارض الوطن    أمطار غزيرة مصحوبة بالبرد تعم عدداً من جماعات إقليم الحسيمة        تفعيل رادارات آليه ترصد المخالفات في اتجاهي السير معا    البنك الدولي يتوقع نمو الاقتصاد المغربي بنسبة 3.6% خلال 2025 و3.5% في 2026    عاصفة "دانا" الأطلسية تؤثر على اسبانيا وشمال المغرب    المنتخب المغربي يقترب من نادي العشرة الكبار في تصنيف "فيفا"    مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيطات.. الدريوش تؤكد التزام المغرب، تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك، بحماية البيئة البحرية    طقس المغرب: زخات رعدية قوية مصحوبة ببرد ورياح مرتقبة بعدد من المناطق    انطلاق عملية "مرحبا 2025" بميناء طنجة المتوسط لاستقبال المغاربة المقيمين بالخارج    متحور كورونا جديد شديد العدوى والصحة العالمية تحذر..    مؤسسة أميركية تحذّر من تنامي العلاقات بين "بوليساريو" والجماعات الجهادية الدولية    الجيش ونهضة بركان في صدام ناري ضمن ربع نهائي كأس العرش    الفنان نوردو يشارك لأول مرة في موازين ويعد جمهوره بعرض استثنائي    وداد فاس يبلغ ربع نهائي التميز    ارتفاع تكلفة كراء قاعات قصر الفنون والثقافات بطنجة والجمعيات أبرز المتضررين    خبير فرنسي: تحت قيادة الملك محمد السادس.. إفريقيا تمسك بزمام مصيرها البحري    وزير الفلاحة: سيتم تقديم دعم مباشر لمربي الماشية بقيمة 400 درهم لكل رأس من الإناث    31 قتيلا و2853 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال أسبوع    خفض توقعات النمو العالمي إلى 2,3 %    الأمن يفكك عصابة للاتجار بالمخدرات    التحقيق في مزاعم اختراق موقع قضائي    نصائح صيفية مفيدة في تفادي لدغات الحشرات    أمريكا تقيل أعضاء لجنة استشارية معنية باللقاحات    دراسة: الكافيين يحفظ الجسم والعقل مع تقدم السن    إحالة تقارير مجلس الحسابات على الشرطة القضائية ترعب رؤساء جماعات    مغني الراب مسلم يثير غضب المغاربة بعد غنائه عن الخمر    السعودية تحظر العمل تحت الشمس لمدة 3 أشهر    10 قتلى في إطلاق نار بإحدى المدارس بالنمسا    حصري من قلب إيطاليا.. صناديق مقفلة على الفراغ: استفتاء الجنسية الأصوات الغائبة عن إنقاذ وطنٍ يحتضر ببطء    تنظيم الدورة 101 لمهرجان حب الملوك بصفرو من 11 إلى 14 يونيو الجاري    تقرير مركز أمريكي مرموق بواشنطن: كيف تحولت بوليساريو من حركة انفصالية إلى أداة إرهابية تدعمها الجزائر وإيران لزعزعة الاستقرار الإقليمي    البوجدايني يقود وفدا سينمائيا رفيعا بمهرجان آنسي لتعزيز إشعاع سينما التحريك المغربية    الركراكي : أنا أفضل مدرب في تاريخ الكرة المغربية ولا أقلق من الانتقادات    مسرح رياض السلطان يستقبل الصيف بعروض فنية تجمع بين الإبداع والموسيقى والتأمل    السعودية تحظر العمل تحت أشعة الشمس لمدة ثلاثة أشهر في جميع منشآت القطاع الخاص    الركراكي: التغييرات كانت مهمة من أجل الوقوف على مستوى بعض اللاعبين    ليلى الحديوي تثير الجدل بتصريحات جريئة    إسرائيل تعلن ترحيل الناشطة غريتا تونبرغ بعد توقيفها على متن سفينة مساعدات لغزة    ريال مدريد يقرر تمديد عقد نجمه البرازيلي فينيسيوس حتى 2030    مجلة إسبانية: المغرب قطب تكنولوجي حقيقي    من روان الفرنسية إلى طنجة.. رحّالة فرنسي يقطع نحو 2200 كلم على دراجته لنشر التسامح        كأنك تراه    انسيابية في رمي الجمرات واستعدادات مكثفة لاستقبال المتعجلين في المدينة المنورة    يوميات حاج (9): بين منى ومكة .. الانعتاق من شهوات سنين الغفلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بلفقيه يكتب: "الجرائم ضد القاصرين بين النصوص القانونية والواقع الرقمي: قراءة مقارنة بين المغرب وإسبانيا"
نشر في الشمال 24 يوم 10 - 06 - 2025


الأستاذ محمد بلفقيه، محام بهيئة المحامين بتطوان
في ظل تزايد المخاطر المحدقة بالقاصرين في العصر الرقمي، لم يعد من الممكن الاكتفاء بالخطابات التربوية التقليدية لحمايتهم، بل بات من الضروري إدماج مقاربة قانونية وواقعية تأخذ بعين الاعتبار التحديات الجديدة التي يفرضها الفضاء السيبراني. فكما أبانت عدة تقارير وأحكام صادرة عن المحاكم الإسبانية في السنوات الأخيرة، فإن القاصرين أصبحوا هدفًا مباشرا لممارسات إجرامية معقدة تتراوح بين التحرش، الاستدراج الجنسي، الاستغلال، الملاحقة الرقمية، وصولاً إلى الابتزاز العاطفي والجنسي عبر شبكات التواصل الاجتماعي.
وإذا كان المشرع الإسباني قد تجاوب مع هذه الظواهر بتعديلات متكررة لقانون العقوبات وبتوسيع نطاق الحماية، فإن السياق المغربي لا يزال في حاجة إلى تطوير تشريعي ومؤسساتي مواكب للزمن الرقمي.
في إسبانيا، تمّت إدانة العديد من الأشخاص، راشدين وقاصرين، بجرائم تتعلق باعتداءات جنسية ضد الأطفال، سواء في إطار "grooming" (الاستدراج الإلكتروني) أو "sexting" و"sextorsión" (الابتزاز الجنسي الإلكتروني).
وتميزت التجربة الإسبانية بالصرامة في العقوبات، مثل الحكم بالسجن النافذ لسنوات طويلة، بل وحتى تطبيق "السجن الدائم القابل للمراجعة" في جرائم قتل القاصرين، وهو أقصى عقوبة حبسية منصوص عليها في القانون الإسباني.
في مقابل ذلك، يلاحظ أن المنظومة الجنائية المغربية، ورغم تضمينها لمقتضيات متفرقة تتعلق بحماية القاصرين (خاصة في الفصول من 471 إلى 503 من القانون الجنائي)، فإنها لم تواكب بعد بالشكل الكافي التطورات التكنولوجية التي جعلت من الهواتف الذكية وسائط للإيقاع بالقاصرين، ولم تُفرد تجريمًا صريحًا لممارسات ك "التحرش الإلكتروني"، أو "الاستدراج عبر التطبيقات"، أو "النشر غير المشروع للصور الخاصة"، باستثناء ما قد يندرج تأويلاً ضمن الجرائم الأخلاقية العامة أو خرق الخصوصية.
يتعين التنويه هنا إلى أنه في المغرب، غالبا ما تُحال القضايا المتعلقة باستغلال القاصرين رقميا على محاكم الجنح دون توصيف دقيق للواقعة، مما يؤدي في أحيان كثيرة إلى ضعف العقوبة أو غياب الردع الكافي.
كما أن الواقع القضائي يُظهر بطئا في التعامل مع الجرائم السيبرانية، نظرا لتحديات الإثبات التقني من جهة، وعدم تأهيل الموارد البشرية المتخصصة من جهة أخرى.
وتُشكل هذه الوضعية مصدر قلق حقيقي، خصوصًا إذا علمنا أن الدراسات المنجزة في المغرب تشير إلى أن ما يقارب 60% من القاصرين المتصلين بالإنترنت لا يتلقون أي نوع من التربية الرقمية، وأن نسبة هامة منهم تتعرض للمضايقة أو الابتزاز دون التبليغ خوفًا من الفضيحة أو اللوم الأسري.
في المقابل، نجد أن القانون الإسباني يفرد أقسامًا كاملة لحماية القاصرين من العنف الرقمي، ويمنح النيابة العامة والشرطة أدوات فعالة للتدخل المباشر، مثل تعقب الحسابات، إغلاق المواقع، وتتبع الآثار الرقمية. كما أن المؤسسات التربوية في إسبانيا مُلزَمة بتقديم حصص توعية رقمية، وتفعيل آليات حماية نفسية واجتماعية لصالح القاصرين.
أمام هذه الفجوة، تبرز الحاجة في المغرب إلى صياغة مدونة رقمية لحماية الطفولة، تُدمج فيها مقتضيات واضحة تجرم الممارسات الرقمية المضرة بالقاصرين، وتُحدث وحدات أمنية وقضائية متخصصة، كما يُفترض إحداث رقم أخضر موحد للتبليغ عن هذه الانتهاكات، وتفعيل دور النيابة العامة في تحريك المتابعات تلقائيًا في حال توفر القرائن.
كما ينبغي ألا نغفل الجانب الوقائي والتربوي، فالحماية القانونية تظل محدودة الأثر إن لم تُرافقها ثقافة أسرية ومجتمعية رقمية. يجب أن يُصبح الحديث مع الأبناء عن مخاطر الإنترنت جزءًا من التربية اليومية، وأن يتم تأطير استعمال الهواتف والولوج إلى الشبكات تحت رقابة ذكية ومسؤولة.
إننا اليوم في مفترق طرق: فإما أن نبادر بوضع منظومة شاملة لحماية القاصرين من التهديدات الرقمية، أو نواصل الاكتفاء بتشخيص الحالات بعد وقوع الفعل، فيما تتسع دائرة الضحايا وتتعقد طرائق الاستدراج والاستغلال.
وما يحدث في إسبانيا من تطور تشريعي وتجريمي يمكن أن يكون مرجعًا مفيدًا لصياغة تصور مغربي متوازن، يُراعي الخصوصية الثقافية، دون أن يُفرّط في حماية جوهرية هي من صميم الدولة الحديثة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.